سوق الجنة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف النبيبن، وخاتم المرسلين ورحمة الله ...

سوق الجنة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف النبيبن، وخاتم المرسلين ورحمة الله للعالمين ،وبعد:
سوق الجنة: أعلموا عباد الله أن في الجنة سوقا وسوق الجنة ليس كسوق الدنيا؛ فلا بيع فيه ولا شراء، ولا منازعة ولا غش،
وإنما هو موضع اجتماع أهل الجنة، يتنعمون فيه بزيادة الحسن والجمال، ويتلاقون على الألفة والسرور والمودة .
وهذا ثابت في الحديث الصحيح حديث أنس بن مالك أنه قال
قال رسول الله ﷺ:
«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ، فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا»
رواه مسلم (2833)

شرح ألفاظ الحديث
«سوقًا»
أي مكان اجتماع، وليس موضع تجارة.
وكلمة «كل جمعة»
ليس المقصود أيام الدنيا،
بل مقدار زمني يقدّره الله لأهل الجنة، فيه اجتماع دوري.
«ريح الشمال» هي ريح طيبة من الجنة،
تحمل من آثار النعيم ما يزيد الجمال والنور وغير ذلك مما هو في علم الله عزوجل.
«تحثو في وجوههم وثيابهم»
أي تُلقي عليهم من آثار النعيم،
من غير تعب ولا كلفة.
وأما تفسير العلماء لسوق الجنة
فقد قال الإمام النووي رحمه الله:
"هذا السوق ليس فيه بيع ولا شراء، وإنما هو اجتماع لأهل الجنة، فيرون ما أعد الله لهم من أنواع الكرامات."
(شرح صحيح مسلم)
وقال القاضي عياض رحمه الله:
"وفيه دليل على أن نعيم الجنة متجدد غير منقطع، وأن أهلها في زيادة دائمة."
وقال ابن القيم رحمه الله:
"سوق الجنة مجمع الزيادة في النعيم، كما أن رؤية الله أعظم نعيم الجنة."
(حادي الأرواح)
ويقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله
"إطلاق السوق هنا مجاز، والمراد به اجتماع أهل الجنة وتلاقيهم، لا حقيقة المعاملة." (فتح الباري)
ويقول القرطبي رحمه الله
"سوق الجنة موضع تُعرض فيه الكرامات، لا موضع أثمان ولا أموال." (التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة)
وهنا سؤال ؛هل في سوق الجنة بيع أو شراء؟
والجواب أنه لا بيع ولا شراء فب سوق الجنة.
ولا ثمن ولا مساومة ولا شيء مما في أسواق الدنيا إلا التنعم والتجمل والتزين.
فكل ما فيه عطاء وفضل وكرم ورحمه وخير.
قال العلماء:
ما يتمناه العبد هناك يجده حاضرًا، بلا مقابل ولا انتظار.
ولعل الحكمة من سوق الجنة والله أعلم هي زيادة النعيم بعد كماله، ودوام التجدد ،وعدم الملل،
وإكرام أهل الجنة بالاجتماع، وتأكيد أن نعيم الجنة معنوي وحسي.
كذلك إظهار فضل الله وكرمه وجوده فإن الجنة فيها ما لا عين رأت وأذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر.

سوق الجنة صورة من صور كرم الله المطلق، حيث لا يُقاس العطاء بالعمل،
بل بالفضل والرحمة.
اللهم اجعلنا من أهل الجنة، واجعل لنا نصيبًا من سوقها ونعيمها.