خواطر_رمضانية_5 منابرنا تشتكي . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إتفق الفقهاء من ...
خواطر_رمضانية_5
منابرنا تشتكي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة على أن الخطبة شرط لصحة صلاة الجمعة ، فهي من ذكر الله الذي أمر الله تعالى بالسعي إليه في قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) سورة الجمعة (9) وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها مواظبة تامة ، بل جاء عن بعض الصحابة أن الخطبة هي بدل الركعتين من صلاة الظهر ، كل ذلك يدل على اشتراط الخطبة لصحة صلاة الجمعة وأهميتها فلابد أن تكون الخطبة ما تحصل منه الفائدة وأما ما يصنعه الجهلة عندنا من إقتصار الخطبتين بخمسة دقائق أو أقل فلا تصح أصلا إذ لا توفي غرض الخطبة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت ، بل لا بد من مسمى الخطبة عرفا ، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود " انتهى .
فمنابرنا تشتكي من غالب الخطباء فيها فترى في حالنا اليوم خطيب يخطب في صلاة الجمعة في مسجد لا يتجاوز أفراد المصلين فيه ثلاثون فردا فيقرأ عليهم ما يقارب عشرين صفحة من أوراق صورها من كتاب أو سحبها من النت ، أقرب ما تكون إلى مقامات الحريري من السجع والتكلف والتعسف والتمطيط مع الشهيق والزفير وإخراج الحرف من الجوف وآخر الحلق , فتأتي خطبته باردة مثلجة سخيفة سامجة طويلة هزيلة ، ميتة ، لأنها بلا روح ولا تأثير ، وبعد الخطبة يحول التلاوة في المسجد إلى نواح طفل صغير ، ويصرخ في الميكرفون صراخا لو سمعته الحامل لأسقطت جنينها ولأوضعت حملها ، ويجعل التلاوة مثل مقامات المصريين ، حتى ينام الناس وهم وقوف .
ومنهم من يقص على الحاضرين أساطير الأوليين وقصص السالفين ويخرج الخطبة من معناها الأصلي والروحي فيغلب عليه روح الدعابة والضحك كأنه ممثل لفيلم كوميدي ويرتل السماجة والسخافة على الحاضرين ويظنّ نفسه أحد الخطباء البارعين وإذا قيل له إتق الله واشفق علينا أخذته العزة بالإثم ورد عليهم جوابا يفهم منه أن من لم يعجبه أن يصلي معه فليصل في مسجد آخر!
ومنهم من يخطب في قرية صغيرة أو حي فيورد مفاسد العوملة ويصرخ بمقاطعته للتطبيع مع إسرائيل ويفصل القول بالقضايا السياسية العالمية ويهجم على دول وتيارات ويصرخ في وجه من قال له ما هكذا تورد الإبل يا خطيبنا !!
ومنهم من يبدأ بخطبته التطبيل والتبريك للأمراء والسلاطبن ويسرد محاسنهم من يوم ولدته أمه إلى لحظته ذاك ويشبههم بالصحابة والتابعين وينتهي بالدعاء لهم ويوصي الناس بمحبتهم والسمع والطاعة لهم ويلعن في المنبر خصمهم ويشبههم بخصوم الصحابة رضوان الله عليهم علّه أن ينال منهم فضلا أو يكون له عندهم مرتبة أيبتغون عندهم العزة فإنّ العزة لله جميعا وهذا من البدع والحوادث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الإمام النووي رحمه الله ( يكره في الخطبة أمور ابتدعها الجهله منها المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم . وأما أصل الدعاء للسلطان ، فقد ذكر صاحب (المهذب ) وغيره : أنه مكروه . والاختيار : أنه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه ، ولا نحو ذلك ، فإنه يستحب الدعاء بصلاح ولاة الأمر ) .
ومنهم من غلب عليه اليأس والقنوط ويورد مآسي الأمة الإسلامية وويلات الشعوب من الظلمة ويختم بخطبته الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون بشارة للأمة ويثبط الناس ويجعلهم رعاعا وغثاء كغثاء السيل نسأل الله العافية .
وما أحسنه من خطيب ذاك الذي فهم واقع المخطوبين ووعى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليتجوز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة» (متفق عليه)، وغضب صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل، لما طول بالناس في الصلاة، وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟» ثلاثا، (أخرجه الشيخان).
كتبه الشيخ :
شـــــرماركي محمد عيـــــــــــــــسى (بخاري )
هرجيـــــــــــــسيــــــــــا 5/ رمضان /1440 هـــــ
أبــــــــو الأثيـــــــــــــــــــر الصــــــــــــــــومالي .
منابرنا تشتكي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة على أن الخطبة شرط لصحة صلاة الجمعة ، فهي من ذكر الله الذي أمر الله تعالى بالسعي إليه في قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) سورة الجمعة (9) وقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليها مواظبة تامة ، بل جاء عن بعض الصحابة أن الخطبة هي بدل الركعتين من صلاة الظهر ، كل ذلك يدل على اشتراط الخطبة لصحة صلاة الجمعة وأهميتها فلابد أن تكون الخطبة ما تحصل منه الفائدة وأما ما يصنعه الجهلة عندنا من إقتصار الخطبتين بخمسة دقائق أو أقل فلا تصح أصلا إذ لا توفي غرض الخطبة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت ، بل لا بد من مسمى الخطبة عرفا ، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود " انتهى .
فمنابرنا تشتكي من غالب الخطباء فيها فترى في حالنا اليوم خطيب يخطب في صلاة الجمعة في مسجد لا يتجاوز أفراد المصلين فيه ثلاثون فردا فيقرأ عليهم ما يقارب عشرين صفحة من أوراق صورها من كتاب أو سحبها من النت ، أقرب ما تكون إلى مقامات الحريري من السجع والتكلف والتعسف والتمطيط مع الشهيق والزفير وإخراج الحرف من الجوف وآخر الحلق , فتأتي خطبته باردة مثلجة سخيفة سامجة طويلة هزيلة ، ميتة ، لأنها بلا روح ولا تأثير ، وبعد الخطبة يحول التلاوة في المسجد إلى نواح طفل صغير ، ويصرخ في الميكرفون صراخا لو سمعته الحامل لأسقطت جنينها ولأوضعت حملها ، ويجعل التلاوة مثل مقامات المصريين ، حتى ينام الناس وهم وقوف .
ومنهم من يقص على الحاضرين أساطير الأوليين وقصص السالفين ويخرج الخطبة من معناها الأصلي والروحي فيغلب عليه روح الدعابة والضحك كأنه ممثل لفيلم كوميدي ويرتل السماجة والسخافة على الحاضرين ويظنّ نفسه أحد الخطباء البارعين وإذا قيل له إتق الله واشفق علينا أخذته العزة بالإثم ورد عليهم جوابا يفهم منه أن من لم يعجبه أن يصلي معه فليصل في مسجد آخر!
ومنهم من يخطب في قرية صغيرة أو حي فيورد مفاسد العوملة ويصرخ بمقاطعته للتطبيع مع إسرائيل ويفصل القول بالقضايا السياسية العالمية ويهجم على دول وتيارات ويصرخ في وجه من قال له ما هكذا تورد الإبل يا خطيبنا !!
ومنهم من يبدأ بخطبته التطبيل والتبريك للأمراء والسلاطبن ويسرد محاسنهم من يوم ولدته أمه إلى لحظته ذاك ويشبههم بالصحابة والتابعين وينتهي بالدعاء لهم ويوصي الناس بمحبتهم والسمع والطاعة لهم ويلعن في المنبر خصمهم ويشبههم بخصوم الصحابة رضوان الله عليهم علّه أن ينال منهم فضلا أو يكون له عندهم مرتبة أيبتغون عندهم العزة فإنّ العزة لله جميعا وهذا من البدع والحوادث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الإمام النووي رحمه الله ( يكره في الخطبة أمور ابتدعها الجهله منها المجازفة في أوصاف السلاطين في الدعاء لهم . وأما أصل الدعاء للسلطان ، فقد ذكر صاحب (المهذب ) وغيره : أنه مكروه . والاختيار : أنه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه ، ولا نحو ذلك ، فإنه يستحب الدعاء بصلاح ولاة الأمر ) .
ومنهم من غلب عليه اليأس والقنوط ويورد مآسي الأمة الإسلامية وويلات الشعوب من الظلمة ويختم بخطبته الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم بدون بشارة للأمة ويثبط الناس ويجعلهم رعاعا وغثاء كغثاء السيل نسأل الله العافية .
وما أحسنه من خطيب ذاك الذي فهم واقع المخطوبين ووعى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليتجوز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة» (متفق عليه)، وغضب صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل، لما طول بالناس في الصلاة، وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟» ثلاثا، (أخرجه الشيخان).
كتبه الشيخ :
شـــــرماركي محمد عيـــــــــــــــسى (بخاري )
هرجيـــــــــــــسيــــــــــا 5/ رمضان /1440 هـــــ
أبــــــــو الأثيـــــــــــــــــــر الصــــــــــــــــومالي .