إشكاليّة "غائية الزواج" وعلاقتها بالتبرّج واتخاذ الأخدان وتأخر الزواج ونبذ المطلقات لمّا خلق ...

إشكاليّة "غائية الزواج"
وعلاقتها بالتبرّج واتخاذ الأخدان وتأخر الزواج ونبذ المطلقات

لمّا خلق الله تعالى آدم عليه السلام لعبادته، شاء الله جلَّ ثناؤه أن يجعل له وسيلة تًعينه علي عناء الحياة
ألا وهي الزواج من نفس خلقت منه ليسكن إليها فيضع عندها ما أثقل ظهره خارج البيت، تمسح عنه علائق الدنيا الكئيبة، وتسمو به في فضاء الحب بينهما، فيأخذ عُدَّته لمواجهة يوم آخر في هذه الدنيا المقيتة لولا عبادة الله...
وهكذا كان الأولون حتى وصلنا إلي آخر الزمان حين انقلب كل شئ وصارت الوسيلة غاية والغاية وسيلة
وإنا لله وإنا إليه راجعون

الكلام عن غائية الزواج طويل الذيل جدًا
ولكن الأهم هنا هو تسليط الضوء علي هذه الإشكالية ومدى تأثريها علي ظاهرة التبرج واتخاذ الأخدان وتأخر الزواج ونبذ المطلقات في المجتمع
والله المستعان...

لو تكلّمنا عن أسباب تحول الزواج من وسيلة شرعية للوصول للغاية وهي رضا الله تعالى عن طريق إحصان النفس وتربية النشأ وعمارة الأرض،
إلي غاية عند الناس وعند النساء أي الأمهات خاصة
فمن الممكن أن نقول أن أحد أهم الأسباب لذلك هو قلّة الوعي الديني بأولويات الإنسان في هذا الكون،
وظن كثير من الناس أنه ما جاء لهذه الحياة إلا ليتعلم لكي يعمل في وظيفة لكي يتزوج ثم ينجب ثم يعمل لإطعامهم فقط ثم يموت، وهكذا أولاده من بعده،
وبالتالي الزواج غاية لتمام هذه الدورة المادّيَّة المقيتة لحياة الإنسان المعاصر

إذن ما علاقة غائية الزواج باتخاذ الأخدان؟
اعتقاد الإنسان الخاطئ أن الزواج بالنسبة له غاية فبالتالي يجتهد في البحث عن خِدن للوصول لهذه الغاية
فتجد البنت في مرحلة الثانوية أو قبلها تريد أن يصاحبها شاب لماذا؟
أولا لأنها تظن أن إشباعها عاطفيًّا هذا هدف من أهداف الحياة أصلًا
ثم من سيصاحبها هذا تظن -جهلًا- أنه سيتزوجها في النهاية فبالتالي تكون وصلت للغاية من حياتها كما تظن

وبالتالي يتم التعامل مع من لم تصاحب أنها غريبة لأنها لا ترنو إلي غايتها من الحياة كما صار يظن المجتمع

فبالتالي لابد عند معالجة أو تحصين البنات الصغيرات من اتخاذ الأخدان هو تغيير نظر الفتاة عن الغاية من خلقها ومجيئها إلي هذه الحياة والذي هو ليس قطعًا الزواج بل عبادة ربها تعالى شأنه والذي حرّم عليها اتخاذ الأخدان وأن زوجها قد كُتب لها من يوم خُلقت في رحم أمها فلا داعي لأن تستنفز روحها مع الأخدان وهي لن تتزوج إلا من كتب لها.

حسنًا ما علاقة غائية الزواج بظاهرة تبرج النساء السافر؟
تلك الفتاة التي لم تجد من ينظر إليها عندما كانت في الثانوية فيصاحبها
فبالتالي هي لم تحقق الغاية من حياتها بعد،
فتبدأ في سباق جذب الانتباه أكثر بإظهار مفاتنها الجسدية باللباس الضيق أو بالمكياج الكثيف لماذا؟
لأنها لابد أن تتزوج لأنها وصلت لسِن يعيّرها به أمها أو خالتها أو أم سميرة جارتها
فبالتالي لابد من الوصول للغاية من حياتها كما وصلت إليها سميرة جارتها
لكن سميرة جميلة وتسارع الخطاب إليها
إذن فلنأت بمن يحقق لنا هذه الغاية ولو علي حساب الدين
لأن الزواج هو غاية تلك الفتاة من الحياة
فهنا تظهر الميكافيلية الشخصية وتكون الغاية مبررة للوسيلة
فلابد لأن تتبرج وتذهب للأفراح لعرض نفسها علي الذكور لعل أحدهم يحقق لها الغاية من حياتها
لذلك لابد عند معالجة ظاهرة التبرّج تصحيح وجهة نظر الفتاة للزواج وأنه وسيلة إلي ربها وليس الغاية
فإذا جاء كان بها، وإلا فهي سائرة إلي ربها جلَّ ثناؤه وليس في الجنة أعزب

جميل
ما علاقة غائية الزواج بتأخر الزواج في وسط الرجال -بحكم أنهم من يأخذون الخطوة الأولى في الزواج-؟
اعتقاد الشاب أن الزواج بالنسبة له هو الغاية من حياته، فلقد تعلّم وبحث عن عمل لأجل الزواج فقط، يجعله ذلك علي خوف شديد من الاختيار
يعني يخاف أن يختار امرأة لا تصلح له فيضطر لتطليقها وبالتالي فقد فشل في الغاية من حياته وهذا إحساس فعلا مرعب
وهو أن يظن الإنسان أنه سيخسر الغاية من خلقه بسبب قرار خاطئ
والناظر في حال الناس قديمًا يجده يتزوج ويطلق وهو في هذا لا يتعامل مع الزواج أنه غاية، بل هو وسيلة يتبلّغ بها إلي الجنة
فإذا أخطأ الاختيار أو لم يتوافق مع زوجته وكلاهما صالح فلا بأس، يتفرقا ويُغني الله كُلًا من سعته جلَّ ثناؤه
لذلك تجده عند الاختيار لا يتشنج كثيرًا ويُفوّت علي نفسه فرصًا كثيرة مناسبة خشية الفشل فتضيع منه غايته
وهذا كثير في سير الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم رضي الله عنهم

أما نبذ المطلقات في المجتمع فلا إخاله إلا بسبب اعتقاد الناس بغائية الزواج
عندما زوّجها أهلها كانوا يظنون أنها بهذا قد وصلت للغاية من وجودها في هذه الحياة فلما طُلقت كانت كأنها أخطأت وِجهتها وفشلت في الغاية من خلقها فلا تستحق إلا النبذ

وحتى إذا فكر أحد في الزواج منها أعاد النظر كثيرًا في الزواج من امرأة فشلت في الغاية من حياتها في زواجها الأول
لذلك قد تُعاير المطلقة من أمها وأخوتها لأجل أنها مطلقة
لماذا؟
لأنها كانت قد وصلت للغاية من حياتها في زواجها الأول
فلما انتكست عن غايتها فما فائدة وجودها
هي كغيرها من الأثاث في البيت بعد ذلك
قد انطفأت جذوة روحها إذ فشلت في تجربتها الوحيدة فلا تستحق الإكمال فلتعش كئيبة تعيسة حتى تموت،
بل وتصبح عبرة لغيرها فَيُقَالُ لا تكوني كفلانة فشلت في الغاية من زواجها
وكذلك في حالة بعض الأرامل ولكن علي اختلاف أن هذه خسرت الغاية من حياتها رغما عنها والمطلقة تركت حبل غايتها بنفسها
هذا وقد كانت الفاضلات من نساء الصحابة تُطلق المرأة منهن ثم تتزوج وتكمل حياتها والسير إلي الغاية من حياتها وهي الجنة رضي الله عنهن
وحسبُنا أن غالب أمهاتنا أمهات المؤمنين لسن أبكارًا إما مطلقات أو أرامل رضي الله عنهن
ولم يكن في المجتمع المسلم آنذاك هذا التشنج في التعامل مع الطلاق والمطلقات هذا لأن المسلمين إذّاك كانوا يتعاملون مع الزواج أنه وسيلة وليس غاية
وهذا والكلام عن الزواج وتشوهاته في المجتمع ذو شجون

والله المستعان علي ما أحدث الناس من عادات جاهلية أفسدوا به خَلقًا كثيرًا