قصيدة : كرة الهدم (ليست القدم) المباراة تنتهي بتصفيرة الحكم ــــــ و الفريق للخصم مودع و ...

قصيدة : كرة الهدم (ليست القدم)

المباراة تنتهي بتصفيرة الحكم ــــــ و الفريق للخصم مودع و محترم
الفائز محتفــــل في المستودع ــــــ و المنهزم تراه بأدائه مقتنــــــع
يخرج الفريقان بالتهاني و التسليم ــــــ مُسَلِّمان على طاقم التحكيم
و الجمهور بين السب و الشتم ــــــ يتبادلون القـــذف و لعــــــن الأم
بـــل شــر من ذلك لعن الدين ــــــ كلمات أشد من طعن السكيــــــن
رُب كلمة تحسبها خفيفة ــــــ تهوي بك في النار سبعين خريفــــــا
أعجب لرحمة الرحيم القدوس ــــــ إذ لم ينزل السقف على الرؤوس
المقاهي تعمــــر بــــلا إعلان ــــــ و المساجد فارغة رغم الأذان
يغفل عن صلةٍ بعلام الغيوب ــــــ وعند سماع "يوزععع" تهتز القلوب
المساجد تشكي فراغها للإله ــــــ و المقاهي تـــــتعوذ من اللعن بالله
تسوية الصفوف من يقولها ــــــ الأئمة في الصلاة ؟ أم الندل أولى بها
في المساجد الصفوف منفوشة ــــــ و في المقاهي مستوية كأنها منقوشة
كل شيء في الكون لله يسبــح ــــــ و البشـــر بعضهم بعضا يقبــــــح
عجبا لأمة تنتظر النصر بالتمني ــــــ ما سمعت بأمة انتصرت بالتغني
يرجون النصر في كرة القدم ــــــ تاركين العلوم و مجالات التقــــــدم
شعارات تكررها حتى النساءْ ــــــ كأنها من أذكار الصباح و المســــاءْ
عباد الرحمان بالكعبة يطوفون ــــــ و نحن حول الشاشة مصتفــــــون
المدرجات تمتلئ قبلُ بساعات ــــــ و المساجد تعمر فقط في الجمعات
و لو كانت مباراة ساعة الخطبة ــــــ لتركوها بدعوى أن الله يقبل التوبة
بدعوى التعب نـــــنام الفجــــر ــــــ و بدعـــــوى القيلولة نترك الظهـــر
و بالحر نترك الصلاة الوسطى ــــــ و المغرب بدعوى الشاي و القهوى
و نترك العشاء بمباراة أو فجور ــــــ و نغفل عن الضحى بدعوى الفطور
و مــــــنا من ترك الخمس زورْ ــــــ بدعــــــوى أن الله رحيم غفــــــورْ
الجنة مفتوحة للأمة إلا من أبى ــــــ فعد إلى الله و دع الجلوس في المقهى
فلا نـــادٍ أو لاعب ينجيك من النار ــــــ و إن أفدوك بقيمة نوادي الأقطار
يظن أن ناديه خاسر منتكــــــس ــــــ بل منهزم و أنت الخاسر المفلــــــس
الفوز الحق رضا رب الأربـــاب ــــــ و إن فــــاز ناديك بكل الألقــــــاب
فناديك المتبع هو الثلاثة القرون ــــــ و الخــــــير و الفلاح بإتباعهم مقرون
همهم العصمة من فتنة الدجــــــال ــــــ و همنا الفوز بعصبة الأبطــــــال
عند الانتهاء يتصافح الغــــــرب ــــــ و يتشاتم و يتهــــــاجر العــــــرب
عندهم وسيــــــلة يتسلوا بها ــــــ و عندنا ســــــلاح نقتــــــتل بــــــها
عندهم لعبة تجــــــمع الأحبة ــــــ و عندنا شيطــــــان يفرق الإخــــوة
عندهم مصدر رزق و سعــــــي ــــــ و عندنا مصدر حقـــد و غــــــي
هذا منشغل بالسب و ذاك باللوم ــــــ و المقاهي تحصي أرباح ذاك اليوم
كلٌ يولد من بطن أمه محلـــــل ــــــ مُجِيد لنصرة ناديه بالأشعار مهلــــل
يقول نحن فزنا و احرزنا بالعزم ــــــ فهُم الذين فازوا و ما لك من سهـــم
فمن الذي أدخلك في نون الجمع؟ ــــــ فإذا أردت صورة أروك أنواع القمع
فلا هم أعطوك خبزا و لا عمـــلا ــــــ تبرر إخفاقك في الدنيا و الكســــلا
فما لك نصيب من مالهم و لا فلسا ــــــ و لا قُفة مؤونة و لا حتى حبة عدسا
فلا دين و لا متاع دنيا به فزت ــــــ أين الصحة و الفراغ اللذان فيهما غُبِنت ؟
تمر بالمقهى و صراخهم قد طغى ــــــ جيش بلا لواء كأنها ســــــاحة الوغى
لو سمع العدو هــــــذا الصيـــاح ــــــ لتركوا القدس بلا حرب و لا حمل سلاح
لكنه لا يخاف ذا الجيش و لا يبالي ــــــ لأن قائده اللواء الدراجي أو الشوالي.

عبدالقادر حيضر البنوري الدكالي