الفوائد (12)- تفسير الآية {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً}

ابن قيم الجوزية

  • التصنيفات: الزهد والرقائق - أعمال القلوب -

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولًا منقادة للوطء عليها وحفرها وشقّها والبناء عليها، ولم يجعلها مستصعبة ممتنعة على من أراد ذلك منها. وأخبر سبحانه أنه جعلها مهادًا وفراشًا وبساطًا وقرارًا وكفاتًا. وأخبر أنه دحاها وطحاها وأخرج منها ماءها ومرعاها، وثبّتها بالجبال، ونهج فيها الفجاج والطرق، وأجرى فيها الأنهار والعيون، وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها، ومن بركتها أن الحيوانات كلها وأرزاقها وأقواتها تخرج منها. ثم نبّه بقوله {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} على أنّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين بل دخلناه عابري سبيل فلا يحسن أن نتخذه وطنا ومستقرّا، وإنما دخلناه لنتزوّد منه إلى دار القرار، فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر، لا وطن مستقر.