رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (62)- في الطريق إلى الثقافة (3)

محمود محمد شاكر

  • التصنيفات: اللغة العربية - الشعر والأدب -

ولذلك، فكل ما يتلقاه الوليد الناشئ في مجتمع ما، من لغة ومعرفة يمتزج امتواجًا واحدًا في إناءٍ واحدٍ، ركيزته أو نواته دين أبويه ولغتهما، وأبلغهما أثرًا هو الدين. فالوليد في نشأته يكون كل ما هو لغة أو معرفة أو دين متقبلًا في نفسه تقبل الدين، أي يتلقاه بالطاعة والتسليم والاعتقاد الجازم بصحته وسلامته. ويظل حال الناشئ يتدرج على ذلك، لا يكاد يتفصى شيء من معارفه من شيء حتى يقارب حد الإدراك والإستبانة، ولكنه لا يكاد يبلغ هذا الحد حتى تكون لغته ومعارفه جميعًا قد غمست في الدين وصبغت به. وعلى قدر شمول الدين لشؤون حياة الإنسان، وعلى قدر ما يحصل منه الناشئ، يكون أثره بالغ العمق في لغته التي يفكر بها، وفي معارفه التي ينبني عليها مل ما يوجبه عمل العقل من التفكير والنظر والاستدلال.