اقتباس من محاضرة: وصيتي لكل محزون 1

العبودية الحقة تقتضي أن نرضى بما رضي الله  به لنا، فلا يكون للعبد اعتراضٌ على الله، وعلى أقدار الله، وإنما يكون راضياً بما رضي له به مولاه. [اقتباس من محاضرة: وصيتي لكل محزون]

 

معيار العبودية

الرجاء والخوف هما معيار العبودية، والناس عبيد لمن خافوا ورجوا.

الفوائد (38)- جرى على العبد مقدور يكرهه

إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستّة مشاهد:

الأوّل: مشهد التوحيد، وأن الله هو الذي قدّره وشاءه وخلقه، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: مشهد العدل، وأنه ماض فيه حكمه، عدل فيه قضاؤه.
الثالث: مشهد الرحمة، وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه، ورحمته حشوه أي ظاهره بلاء وباطنه رحمة.
الرابع: مشهد الحكمة، وأن حكمته سبحانه اقتضت ذلك، لم يقدّره سدى ولا قضاه عبثًا.
الخامس: مشهد الحمد، وأن له سبحانه الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه.
السادس: مشهد العبوديّة، وأنه عبد محض من كل وجه تجري عليه أحكام سيّده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده، فيصرفه تحت أحكامه القدريّة كما يصرفه تحت أحكامه الدينيّة، فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه.

الفوائد (20)- العبودية

ومتى شهد العبد أن ناصيته ونواصي العباد كلها بيد الله وحده يصرفهم كيف يشاء، لم يخفهم بعد ذلك، ولم يرجهم، ولم ينزلهم منزلة المالكين بل منزلة عبيد مقهورين مربوبين، المتصرف فيهم سواهم والمدبر لهم غيرهم، فمن شهد نفسه بهذا المشهد، صار فقره وضرورته إلى ربه وصفًا لازمًا له، ومتى شهد الناس كذلك لم يفتقر إليهم، ولم يعلق أمله ورجاءه بهم، فاستقام توحيده، وتوكله وعبوديته. ولهذا قال هود لقومه {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود:56].

الفوائد (19)- حديث يزيل الهم والغم!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب عبدا هم ولا حزن، فقال اللهم: إني عبدك، وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي وغمي، إلا أذهب الله همّه وغمّه، وأبدله مكانه فرحًا»، قالوا: "يا رسول الله أفلا نتعلمهن؟"، قال: «بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن». فتضمّن هذا الحديث العظيم أمورًا من المعرفة والتوحيد والعبودية. منها أن الداعي به صدّر سؤاله بقوله: "إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك" وفي ذلك تملّق له واعتراف بأنه مملوكه وآبائه مماليكه، فتحت هذا الاعتراف: أني لا أغنى بي عنك طرفة عين، وليس لي من أعوذ به وألوذ به غير سيّدي الذي أنا عبده، وفي ضمن ذلك الاعتراف بأنه مربوب مدبّر مأمور منهي، إنما يتصرّف بحكم العبودية لا بحكم الاختيار لنفسه. فليس هذا في شأن العبد بل شأن الملوك والأحرار. 

الفوائد (17)- الفاتحة وما تضمنته (5)

فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة. وحظ العبد من النعمة على قدر حظّه من الهداية، وحظّه منها على قدر حظّه من الرحمة، فعاد الأمر كلّه إلى نعمته ورحمته. والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيّته، فلا يكون إلا رحيمًا منعمًا وذلك من موجبات إلهيّته، فهو الإله الحق، وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون. فمن تحقّق بمعاني الفاتحة علمًا ومعرفة وعملًا وحالًا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديّته عبوديّة الخاصّة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبّدين، والله المستعان.

بين المخلوق والخالق

ليس بين المخلوق والخالق نسب إلا محض العبودية والافتقار من العبد، ومحض الجود والإحسان من الرب عز وجل (مجموع الفتاوى [15/25])

أعظم استكباراً

كلما كان الرجل أعظم استكباراً عن عبادة الله، كان أعظم إشراكاً بالله (العبودية ص[114]). 

أسرار الصلاة (43)- فقيل له مسلم!

ولما كان العبد بين أمرين من ربه عز وجل:
أحدهما: حكم الرب عليه في أحواله كلها ظاهراً وباطناً، واقتضاؤه من القيام بعبودية حكمه، فإن لكلّ حكم عبودية تخصه، أعني الحكم الكوني القدري، والثاني: فعل، يفعله العبد عبودية لربه، وهو موجب حكمه الديني الأمري.

وكلا الأمرين يوجبان بتسليم النفس إلى الله سبحانه، ولهذا اشتق له اسم الإسلام من التسليم، فإنه لما سلّم لحكم ربه الديني الأمري، ولحكمه الكوني القدري، بقيامه بعبودية ربه فيه لا باسترساله معه في الهوى، والشهوات، والمعاصي، ويقول: قدَّر عليّ استحق اسم الإسلام فقيل له: مسلم.

أسرار الصلاة (21)- ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

{ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} [الفاتحة:3]؛​ عبودية تخصه سبحانه، وهي شهود العبد عموم رحمته. وشمولها لكلّ شيء، وسعتها لكلِّ مخلوق وأخذ كلّ موجود بنصيبه منها، ولاسيما الرحمة الخاصَّة بالعبد وهي التي أقامته بين يدي ربه: أقم فلاناً، ففي بعض الآثار أن جبرائيل يقول كل ليلة أقم فلاناً، وأنم فلاناً فبرحمته للعبد أقامه في خدمته يناجيه بكلامه، ويتملقه ويسترحمه ويدعوه ويستعطفه ويسأله  هدايته ورحمته، وتمام نعمته عليه دنياه وأخراه فهذا من رحمته بعبده، فرحمته وسعت كل شيء، كما أن حمده وسع كل شيء، وعلمه وسع كل شيء، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْءٍۢ رَّحْمَةًۭ وَعِلْمًۭا} [غافر من الآية:7]، وغيره مطرود محروم قد فاتته هذه الرحمة الخاصَّة فهو منفي عنها.

أسرار الصلاة (20)- فلا ربَّ غيره

{رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الفاتحة من الآية:2]؛ من العبودية شهود تفرّده سبحانه بالربوبية وحده، وأنَّه كما أنه رب العالمين، وخالقهم، ورازقهم، ومدبِّر أمورهم، وموجدهم، ومغنيهم، فهو أيضاً وحده إلههم، ومعبودهم، وملجأهم ومفزعهم عند النوائب، فلا ربَّ غيره، ولا إله سواه.

أسرار الصلاة (12)- عبودية الاستفتاح

فإذا قال: "سبحانك اللهم و بحمدك" وأثنى على الله تعالى بما هو أهله، فقد خرج بذلك عن الغفلة وأهلها، فإن الغفلة حجاب بينه وبين الله. وأتى بالتحية والثناء الذي يُخاطب به الملك عند الدخول عليه تعظيماً له و تمهيداً، وكان ذلك تمجيداً ومقدمة بين يدي حاجته. فكان في الثناء من آداب العبودية، و تعظيم المعبود ما يستجلب به إقباله عليه، ورضاه عنه، وإسعافه بفضله حوائجه.

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً