حكم المعاش الناتج عن العمل في بنك ربوي
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات - الربا والفوائد -
كان والدي يعمل موظفًا في بنك تجاري حكومي، ثمَّ خرج على المعاش وحصل على مكافأة نهاية الخدمة، هو الآن على المعاش وقام بوضْع مبلغ المكافأة في البنك، وهو الآن العائل الوحيد للأسرة، ويقوم بالإنفاق على الأسرة من مجموع ما يَحصل عليه من المعاش، إضافة إلى الفوائد التي يأخُذها على المبلغ المَوْضوع في البنك (مبلغ المكافأة).
والسؤال: ما هو الحُكْم في هذا الأمر؟ علمًا بأنَّني أبلغ من العمر 32 عامًا، ولَم أتزوَّج، ولا أملِك شيئًا، فأنا عامل بسيط لا يتعدَّى راتبي 600 جنيه لا غير.
فما هو حُكْم المال - مال المعاش - كل على حِدة؟ هل لنا أن نستفيد من مال المعاش ومن مال المكافأة؟ وكيف لي أن أستقلَّ بطعامي وشرابي، علمًا أني أسكن مع أبي في نفس المنزل؟ وكيف أخبر والدي بالأمر؟ أرْجو سرعة الرَّدِّ.
وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد تقدَّم في فتاوى سابقة حُكْمُ العمل في البنوك الرِّبويَّة، وذكرنا أنَّه لا يجوز العمَلُ فيها، وأنَّ المال المكتسَب منها مالٌ محرَّم؛ لأنها إجارة على منفعة محرمة شرعًا، ولمعرفة التفصيل؛ راجع الفتاوى: "حكم العمل في البنوك"، "حكم العمل كمبرمج في البنك".
وعليه؛ فلا يَجوز انتِفاع والدِك بالمعاش النَّاتِج عن هذا العمل؛ فالمعاش له نفس حكم الراتب الذي كان يتقاضاه من البنك، فلا يجوز أخذه؛ لأنه - في حقيقة الأمر - استقطاع من مرتبه طيلة عمله في البنك؛ إلا أن يكون المعاش هبة من الدولة.
وكذلِك الحكم في باقي المستحقات المالية التي تدفع للموظف؛ كمكافأة نِهاية الخدمة، فضلاً عن الانتِفاع بفوائدها، والَّتي هي عين ربا الدُّيون المجمَع على تحريمه؛ فكلُّ ذلك مال حرام، والواجِبُ عليْه الآن: هو أن يُنْفِقه في وجوه الخير؛ كإعْطائِه للفُقَراء والمساكين ونحو ذلك؛ تخلُّصًا منه.
ولمزيد فائدةٍ راجع: "اختلاط المال الحرام بالحلال"، "شروط التوبة من أكل المال الحرام"، "حكم المال الحرام".
وننبِّه السَّائل الكريم ووالِدَه إلى أنَّ مَن ترك شيئًا لله، عوَّضه الله خيرًا منْه، وأنَّه من يتَّق الله يَجعل له مخرجًا، ويرْزُقه من حيثُ لا يَحتسب، ومن يتوكَّل على الله فهُو حسبه؛ فالرِّزْق بيد الله - عزَّ وجلَّ - فمَن قام بعبوديَّة الله على أكْمل وجْه، كفاه الله الرِّزْق.
كما عليْك أن تنصح لوالدِك، وتبيِّن له برِفْقٍ ولين حُرْمةَ الرِّبا وقبحَه، وأنَّ الأموال الناتجة عنْه خبيثة، ولتحرص على تخيُّر الأوْقات والمواقف المناسبة، والتي يُرجى فيها سرعة الاستِجابة، ولتسْتَعن بِمن له تأثير عليه، ولتحاوِل إطْلاعَه على بعض الفتاوى والأبْحاث التي تتكلَّم عن الرِّبا، وخطورته على الشَّخص والمجتمع، وسوء عاقبةِ فاعلِه، وغير ذلك، ونسأل الله أن يشْرَح صدْرَه، وأن يلْهِمه رُشْده، ويعيذَه من شرِّ نفسِه.
وراجع: "حكم الفوائد المصرفية"، "زوْجي يتعامَل بِالرِّبا"، "المتعامل بالربا من المرابين سواء كان الآخذ أو المعطي".
هذا؛ ولا يَجوز لك الأكلُ ولا الشُّرب من المال الحرام، ما دمتَ غير مضطر، ومُستطيعًا للإنفاق على نفسِك، فلا يحلُّ لك أن تأْكُل من مال حرام، ولا أن تنتفِع منه بأي وجهٍ من وجوه الانتِفاع،،
والله أعلم.