الفخ الصهيوـ أمريكي في السودان
منذ 2012-04-28
كما كان متوقعًا ووفقًا لتحذيرات العديد من المصادر الاستراتيجية أصبح جنوب السودان خنجرًا ليس فقط في ظهر السودان بل في ظهر الامة العربية جميعها..
كما كان متوقعًا ووفقًا لتحذيرات العديد من المصادر الاستراتيجية أصبح جنوب السودان خنجرًا ليس فقط في ظهر السودان بل في ظهر الامة العربية جميعها.
عندما بدأت الخطوات الأولى لفصل الجنوب وضح أن الموضوع لا يرتبط فقط بحل أزمة لمجموعة من السكان أصحاب القومية والديانة المختلفة ـكما زعموا وقتهاـ، ولكنه بدا كمخطط ضخم لتفتيت البلاد المترامية الأطراف والتي تعد مدخلاً للعالم العربي والإسلامي لقلب أفريقيا صاحبة الكنوز والثروات التي تثير لعاب الطامعين طوال تاريخها، والتي تعد وحتى هذه اللحظة مصدرًا للاستغلال الغربي حيث يعتمد عليها لتكريس حياة الرفاهية لأبنائه عن طريق امتصاص دماء هذه الشعوب الفقيرة ببيع الاسلحة في الحروب والصراعات الداخلية التي يقف الغرب وراء تفجيرها، أو نهب الثروات المعدنية النادرة بواسطة الشركات العملاقة أو اللصوص والعصابات الدولية.
السودان مع عمر البشير ومع تصاعد المد الإسلامي في البلاد منذ سنوات طويلة أصبح عصيًّا على المخطط الصهيو أمريكي، ولم يعد معبرًا لتهريب اليهود أو لتهريب الثروات ووقف حجر عثرة أمام الكثير من المخططات الدنيئة التي يريدها محور الشر الحقيقي في المنطقة، لذا دعم وبقوة فصل الجنوب، ماديًا بالسلاح والمال، ومعنويًا في المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية والإعلام الموجه، واستخدم التهديد والوعيد مع دول الجوار لكي يُحكم الحلقة على النظام السوداني الذي لم يجد مخرجًا سوى التسليم بالانفصال رغم ما فيه من مخاطر، في مسعى لإنقاذ ما يمكن انقاذه، ولكن المخطط لم يكن ليقف عند هذا الحد وإن كانت الاوضاع التي يمر بها العالم العربي الآن عجلت به بعض الشيء فدول الجوار تعيش مرحلة مخاض صعبة بعد الثورات التي اجتاحتها وبقية الدول العربية تركز اهتمامها في المأساة التي يعيشها الشعب السوري وهنا ضربت "إسرائيل" وأمريكا ضربتهما في السودان عن طريق تحريك الجيش الشعبي الموالي لهما ليحتل منطقة سودانية غنية بالنفط لاستفزاز السودان ودفعه لحرب شاملة تأتي على البقية الباقية من ثرواته، وتضغط على اقتصاده بشدة. وفي هذه الحالة إما أن يتحرك الشعب لإسقاط البشير أو يسلم البشير للشروط الامريكية الجديدة للاختراق والتفتيت.
قبل التصعيد الاخير كانت هناك مناوشات ومحاولات لتوريط السودان، ومزاعم عن انتهاك لمناطق متنازع عليها، واعتداء على القوات الدولية، وتشريد سكان، ثم تم الاتفاق على عقد لقاء بين الرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب ووافق البشير على زيارة جوبا ولقاء سلفاكير وفي ظل هذه التهدئة شن الجنوب هجومه على أراضي السودان.
المدهش أن عبارات الاستنكار والذم في الخطاب الدولي تتركز على الطرف المعتدى عليه و هو السودان، حيث يطالبونه بضبط النفس ووقف إطلاق النار والتهدئة دون إدانة أو شجب لما فعله الجنوب، وكأن المراد هو تثبيت الوضع الجديد على أرض الواقع كما حدث في فلسطين. الموقف السوداني كان حاسمًا وصارمًا وأكد على أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها، ورفض جميع المطالب بالحوار قبل الانسحاب بينما أصرت جوبا على استمرار احتلالها للأراضي السودانية معتمدة في ذلك على الدعم الغربي والموقف الدولي المائع.
حتى الآن يتعامل العالم العربي مع هذه القضية بشكل دعائي دون موقف مؤثر، رغم أن سقوط السودان في الفخ الصهيو أمريكي لا يقل خطورة عن المخطط الإيراني في الخليج. قد تهدأ القضية في السودان لفترة من الوقت ولكن هذا لا يعني زوال الخطر، فما حدث يعني أن الخنجر الجنوبي بدأ في التحرك في جسد الضحية ساعيًا لإنهاكها حتى يصل إلى قلبها فيخترقه ممزقًا. فهل يستيقظ العالم العربي قبل فوات الأوان أم سيسلم السودان لأعدائه كما سلم العراق من قبل؟
خالد مصطفى - 26/5/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر: