من طرق الصوفية: التيجانية..

منذ 2012-04-29

التيجانية: فرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية، ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم، مقابلة مادية، واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا...



التعريف:
التيجانية: فرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية، ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي (*) صلى الله عليه وسلم، مقابلة مادية، واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصهم بصلاة (الفاتح لما أُغلق) التي تحتل لديهم مكانة عظيمة.

التأسيس وأبرز الشخصيات:
المؤسس هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وقد عاش مابين (1150، 1230هـ، 1737، 1815م) وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حاليًّا، حفظ القرآن الكريم ودرس شيئًا من الخليل، درس العلوم الشرعية، وارتحل متنقلاً بين فاس وتلمسان وتونس والقاهرة ومكة والمدينة ووهران، أنشأ طريقته عام ( 1196هـ) في قرية أبي سمغون وصارت فاس المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها تخرج الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة، أبرز آثاره التي خلَّفها لمن بعده زاويته التيجانية في فاس، وكتابه جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني، الذي قام بجمعه تلميذه علي حرازم.

من مشاهيرهم بعد المؤسس:
علي حرازم أبو الحسن بن العربي برادة المغربي الفاسي وقد توفي في المدينة النبوية، محمد بن المشري الحسني السابحي السباعي (ت1224هـ) صاحب كتاب الجامع لما افترق من العلوم وكتاب نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء، أحمد سكيرج العياشي 1295، 1363هـ ولد بفاس، ودرس في مسجد القرويين وعين مدرسًا فيه، تولى القضاء وزار عددًا من مدن المغرب، وله كتاب الكوكب الوهاج وكتاب كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب.

عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي ولد سنة 1797م في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حاليًّا، تلقى علومه في الأزهر بمصر، ولما رجع إلى بلاده أخذ ينشر علومه بين الوثنيين (*) وكانت له جهود طيبة في مقاومة الفرنسيين، وقد كانت وفاته سنة 1283هـ، وخلفه من بعده اثنان من أتباعه، وأهم مؤلفاته رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الذي كتبه سنة 1261، 1845م، محمد عبد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الشريف الحسني التيجاني المصري 1315، 1398هـ وهو رائد التيجانية في مصر، وقد خلف مكتبة موجودة الآن في الزاوية التيجانية بالقاهرة وله كتاب الحق والخلق، وله الحد الأوسط بين من أفرط ومن فرط، وشروط الطريقة التيجانية كما أسس مجلة طريق الحق سنة 1370، 1950م.

الأفكار والمعتقدات:
• من حيث الأصل هم مؤمنون بالله سبحانه وتعالى إيمانًا يداخله كثير من الشركيات.
• ينطبق عليهم ما ينطبق على الصوفية بعامة من حيث التمسك بمعتقدات المتصوفة وفكرهم وفلسفتهم، ومن ذلك إيمانهم بوحدة الوجود (انظر جواهر المعاني1/259). وإيمانهم بالفناء (*) الذي يطلقون عليه اسم (وحدة الشهود) (*) (انظر كذلك جواهر المعاني 1/191).

• يقسمون الغيب إلى قسمين: غيب مطلق استأثر الله بعلمه، وغيب مقيد وهو ما غاب عن بعض المخلوقين دون بعض، ورغم أن هذا في عمومه قد يشاركهم فيه غيرهم من المسلمين إلا أنهم يتوسعون في نسبة علم الغيب إلى مشايخهم، يزعمون بأن مشايخهم يكشفون (*) عن بصائرهم، فهم يقولون عن شيخهم أحمد التيجاني: "ومن كماله -رضي الله عنه- نفوذ بصيرته الربانية وفراسته النورانية، التي ظهر بمقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها إظهار المضمرات وإخبار بمغيبات، وعلم بعواقب الحاجات وما يترتب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات" (انظر الجواهر 1/63).

• يدعي زعيمهم أحمد التيجاني بأنه قد التقى بالنبي (*) صلى الله عليه وسلم لقاءً حسيًّا ماديًّا وأنه قد كلمه مشافهة، وأنه تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم صلاة (الفتح لما أغلق). صيغة هذه الصلاة: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم" ولهم في هذه الصلاة اعتقادات نسوق منها ما يلي:

ـ أن الرسول (*) صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المرة الواحدة منها تعدل قراءة القرآن ست مرات.
ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبره مرة ثانية بأن المرة الواحدة منها تعدل من كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير، ومن قراءة القرآن ستة آلاف مرة، لأنه كان من الأذكار (انظر الجواهر 1/136).
ـ أن الفضل لا يحصل بها إلا بشرط أن يكون صاحبها مأذوناً بتلاوتها، وهذا يعني تسلسل نسب الإذن حتى يصل إلى أحمد التيجاني، الذي تلقاه عن رسول الله -كما يزعم- أن هذه الصلاة هي من كلام الله تعالى بمنزلة الأحاديث القدسية (انظر الدرة الفريدة 4/128).

ـ أن من تلا صلاة الفاتح عشر مرات كان أكثر ثواباً من العارف الذي لم يذكرها، ولو عاش ألف ألف سنة.
ـ من قرأها مرة كُفِّرت بها ذنوبه، ووزنت له ستة آلاف من كل تسبيح ودعاء وذكر وقع في الكون.. إلخ (انظر كتاب مشتهى الخارف الجاني 299 ـ 300).

• يلاحظ عليهم شدة تهويلهم للأمور الصغيرة، وتصغيرهم للأمور العظيمة، على حسب هواهم، مما أدى إلى أن يفشو التكاسل بينهم والتقاعس في أداء العبادات والتهاون فيها، وذلك لما يشاع بينهم من الأجر والثواب العظيمين على أقل عمل يقوم به الواحد منهم.

• يقولون: "بأن لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين يوم القيامة" ومن ذلك:
ـ أن تخفف عنهم سكرات الموت، أن يظلهم الله في ظل عرشه، أن لهم برزخًا يستظلون به وحدهم، أنهم يكونون مع الآمنين عند باب الجنة حتى يدخلوها في الزمرة الأولى مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقربين.

• يقولون: "بأن النبي (*) صلى الله عليه وسلم قد نهى أحمد التيجاني عن التوجه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق، وهذا مخالف لصريح الآية الكريمة: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]. يقولون: "بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أحمد التيجاني بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق، وأنه لم يأمر بها أحدًا قبله" وفي ذلك افتراء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم عن الأمة المسلمة شيئًا مما أوحي إليه من ربه، وقد ادخره حتى حان وقت إظهاره حيث باح به لشيخهم أحمد التيجاني.

• هم كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله الصالحين، ويستمدون منه، ومنهم ومن الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومن أحمد التيجاني ذاته، وهذا مما نهى عنه شرع الله الحكيم.
• تتردد في كتبهم كثير من ألقاب الصوفية كالنجباء (*) والنقباء (*) والأبدال (*) والأوتاد (*). وتترادف لديهم كلمتا الغوث (*) والقطب (*) (الذي يقولون عنه: "بأنه ذلك الإنسان الكامل الذي يحفظ الله به نظام الوجود!".

• يقولون: "بأن أحمد التيجاني هو خاتم الأولياء (*) مثلما أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء".
• يقول أحمد التيجاني: "من رآني دخل الجنة". ويزعم: "أن من حصل له النظر إليه يومي الجمعة والاثنين دخل الجنة". ويؤكد على أتباعه: "بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذاته قد ضمن له ولهم الجنة يدخلونها بغير حساب ولا عقاب".

• ينقلون عن أحمد التيجاني قوله: "إن كل ما أعطيه كل عارف بالله أعطي لي".
• وكذلك قوله: "إن طائفة من أصحابه لو وزنت أقطاب (*) أمة محمد ما وزنوا شعرة فرد من أفرادهم، فكيف به هو!".

• وقوله: "إن قَدَميَّ هاتين على رقبة كل ولي من لدن خلق الله آدم إلى النفخ في الصور".
• لهم ورد يقرؤونه صباحًا ومساءً، ووظيفته تقرأ في اليوم مرة صباحًا أو مساءً، وذكر ينعقد بعد العصر من يوم الجمعة على أن يكون متصلاً بالغروب، والأخيران الوظيفة والذكر يحتاجان إلى طهارة مائية، وهناك العديد من الأوراد الأخرى لمناسبات مختلفة.
• من أخذ وردًا فقد ألم نفسه به ولا يجوز له أن يتخلى عنه وإلا هلك وحلت به العقوبة العظمى!

• نصَّب أحمد التيجاني نفسه في مقام النبوة (*) يوم القيامة إذ قال: "يوضع لي منبر من نور يوم القيامة، وينادي مناد حتى يسمعه كل من في الموقف: يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم" (انظر الإفادة الأحمدية ص 74).

الجذور الفكرية والعقائدية:
• مما لا شك فيه بأنه قد استمد معظم آرائه من الفكر الصوفي، وزاد عليها شيئًا من أفكاره.
• وقد نهل من كتب عبد القادر الجيلاني وابن عربي والحلاج وغيرهم من أعلام المتصوفة.
• وخلال فترة تشكله قبل تأسيس الطريقة قابل عددًا من مشايخ الصوفية وأخذ إذناً وأورادًا عنهم، وأبرز تلك الطرق (القادرية والخلوتية).

• واستفاد من كتاب المقصد الأحمد في التعريف بسيدي أبي عبد الله أحمد، تأليف أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني، والمطبوع بفارس سنة 1351هـ.
• كان لانتشار الجهل أثر كبير في ذيوع طريقته بين الناس.

الانتشار ومواقع النفوذ:
• بدأت هذه الحركة (*) من فاس وما زالت تنتشر حتى صار لها أتباع كثيرون في بلاد المغرب والسودان الغربي (السنغال) ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان وغيرها من أفريقيا.
• صاحب كتاب التيجانية علي بن محمد الدخيل الله يقدر في عام 1401هـ ـ 1981م عدد التيجانيين في نيجيريا وحدها بما يزيد على عشرة ملايين نسمة.

ويتضح مما سبق:
أن التيجانيين مبتدعون في عباداتهم وكل بدعة (*) ضلالة، لأنهم ذهبوا إلى تخصيص أدعية بذاتها غير واردة في الشرع، وألزموا الناس بعبادات معينة في أوقات مخصوصة لا تستند إلى أساس، فضلاً عن أن لهم معتقدات تخرج بمن يعتنقها عن الملة (*) كالقول بالحلول (*) والاتحاد.


مراجع للتوسع:
ـ الهداية الهادية إلى الطائفة التيجانية، الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ـ دار الطباعة الحديثة بالدار البيضاء، ط. 2. 1397هـ ـ 1977م.

ـ كتاب مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التيجاني الجاني، محمد الخضر ابن سيدي عبد الله بن مايابي الجكني الشنقطي ـ طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر.ـ التيجانية، علي بن محمد الدخيل الله، نشر وتوزيع دار طيبة ـ الرياض ـ دار مصر للطباعة 1401 هـ ـ 1981م.

ـ الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية، عبد الرحمن بن يوسف الأفريقي ـ ط. 4، توزيع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 1396هـ ـ 1976م.

ـ جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس، التيجاني، وبهامشه رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم، قام بجمعه علي حرازم (وهو في جزأين) مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1380هـ، 1961م.

ـ المقتصد الأحمد في التعريف بسيدنا أبي عبد الله أحمد، أبو محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني ـ المطبعة الحجرية بفاس ـ طبع سنة 1351هـ.

ـ الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة، محمد بن عبد الواحد السوسي النظيفي، طبعة 1398هـ ـ 1978م.ـ بغية المستفيد بشرح منية المريد، محمد العربي السائح ـ دار العلوم للجميع ـ 1393هـ ـ 1973م.

ـ أقوى الأدلة والبراهين على أن أحمد التيجاني خاتم الأقطاب المحمديين بيقين، جمعه حسين حسن الطائي التيجاني، دار الطباعة المحمدية ـ القاهرة.

ـ أعداد مجلة طريق الحق، وهي خاصة بالطريقة التيجانية ـ تصدر بالقاهرة.ـ الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، عبد الرحمن عبد الخالق، الطبعة الثانية ـ مكتبة ابن تيمية، الكويت.
 

المصدر: الندوة العالمية للشباب الإسلامي