اليساريون الجدد في الإعلام، وكيف يفكرون ... وماذا يريدون

منذ 2012-07-26

يرجع أصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب التغيير الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول إلى النظام الجمهوري والعلمانية. ولا يزال ترتيب الجلوس نفسه متبعًا في البرلمان الفرنسي..


تعريف اليسارية:

اليسارية واليسار عبارة عن مصطلح يمثل تيارًا فكريًا وسياسيًا يسعى لتغيير المجتمع إلى حالة أكثر مساواة بين أفراده، طبعًا من الناحية الظاهرية فقط أما الحقيقة عكس ذلك تمامًا. والدليل العملي :

- فشل الحركات اليسارية في تطبيقها للديمقراطية عند استلامها مقاليد الحكم في الاتحاد السوفيتي والصين وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط.

- بالرغم من مطالبة اليسار بتحسين ظروف العمل والضمان الاجتماعي فإن الأنظمة اليسارية باستثناء بعض الدول الأوروبية وخاصة الإسكندنافية لم تتمكن من توفير ضمانات قدمها اليمين للعمال والفقراء والغير قادرين على العمل.

- توجه اليسار نحو الوسط أو في بعض الأحيان نحو اليمين وخاصة في مرحلة ما بعد الحداثة هو دليل على فشل اليسار نظرية وتطبيقًا.

- اعتماد الفكر اليساري على الانتقائية أو التعتيم على وجهات النظر المخالفة وتشويه الأفكار المغايرة وخصوصًا ذات المرجعية الدينية، كوسيلة لنشر أفكارهم.


يرجع أصل مصطلح اليسارية إلى الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب التغيير الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول إلى النظام الجمهوري والعلمانية. ولا يزال ترتيب الجلوس نفسه متبعًا في البرلمان الفرنسي.

بمرور الوقت تغير وتشعب استعمال مصطلح اليسارية بحيث أصبح يغطي طيفًا واسعًا من الآراء لوصف التيارات المختلفة المتجمعة تحت مظلة اليسارية، فاليسارية في الغرب تشير إلى الاشتراكية أو الديمقراطية الاشتراكية أو الليبرالية الاجتماعية في أوروبا والولايات المتحدة، من جهة أُخرى تدخل تحت المصطلح العام لليسارية حركة يطلق عليها (اللاسلطوية) والتي يمكن اعتبارها بأقصى اليسار أو اليسارية الراديكالية.

ونتيجة لهذا التنوع في استخدام المصطلح هناك اختلاف بين اليساريين أنفسهم حول من يشمله اللفظ، فمثلًا يؤكد الليبراليون الاجتماعيون على الحريات، والديمقراطيون الاشتراكيون على التزامهم بالديمقراطية ورفض الثورية التي يتبناها الشيوعيون الذين يرون الاشتراكية الثورية التي ترفض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الممثل الحقيقي لليسار.

وبصورة عامة يختلف اليسار السياسي عن اليمين بتبنيه العدالة الاجتماعية والعلمانية، وفي معظم دول الشرق الأوسط تأتي اليسارية مرادفة للعلمانية علمًا ان بعض الحركات اليسارية التاريخية كانت تتبنى المعتقدات الدينية ومن أبرزها حركة إنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة على يد القس مارتن لوثر كنج. فلا يوجد لها مبدأ ثابت فهي تتلون حسب الواقع.


اليسارية والدين:

لكون اليسار قد نشأ كرد فعل على هيمنة الكنيسة على صنع القرار السياسي في القرون الوسطى في أوروبا فقد كان اليسار منذ بداياته معارضًا لتدخل الدين في الشؤون السياسية بل على المستوى الاجتماعي والثقافي، وعندما برزت نظريات تشارلز داروين على السطح قام اليسار بدعمها بقوة، بل كان البعض مقتنعًا بان قانون الانتقاء الطبيعي في علم الأحياء والوراثة يمكن تطبيقه حرفيًا على المجتمعات وعلم الاجتماع (نظريات الإلحاد)، فصراع التيارات الفكرية المختلفة يحسمه القوة العددية للمؤمنين بالفكرة، وإن الأقوياء في المجتمع يعتبرون الطبقات الفقيرة عالة وعقبة في الطريق، مما يؤدي إلى استغلال وقمع أكثر، وإن قانون البقاء للأصلح يستعمل حرفيًا من قبل بعض الأعراق التي تعتبر نفسها فوق مستوى أعراق أخرى، مما يؤدي إلى إباحة العبودية والظلم الاجتماعي.

من القضايا المثيرة للجدل والتي لها أبعاد دينية ولا تزال محل خلاف بين اليمين واليسار السياسي على سبيل المثال هي قضايا عقوبة الإعدام ومبدأ العين بالعين التي يعارضها اليسار بشدة بينما يعتبره اليمين مقبولًا، وقضية الإجهاض التي يرفضها اليمين رفضًا قاطعًا بينما يعتبره اليسار مقبولًا.


واجه هذه النظرة التقليدية إلى دور الدين والتوجه نحو العلمانية عقبات شديدة في كل البلدان العربية من دون استثناء، ويرجع السبب الى أن الدين والعقيدة تلعب دورًا محوريًا في حياة وروح وثقافات وأذهان الشعوب العربية. فقاومت الثقافة العربية هذه الاتجاهات الفكرية المريضة. ولم تستطع تلك الأفكار التمكن من الغزو الفكري لشعوب المنطقة برغم محاولاتها المستمرة عبر العصور، وبرغم أدواتها وإمكاناتها وتمكنها في بعض البلدان من التربع على وسائل الإعلام والصحافة المرئية والمسموعة، بل حتى نجاحها في غزو المؤسسات الثقافية كوزارات الثقافة والتعليم والشباب والرياضة وغيرها. ويورد البعض حالات نجاح نادرة للتيارات اليسارية في العالم العربي كما حدث مع الحزب الشيوعي العراقي في الخمسينيات والستينيات والحزب الشيوعي السوداني، وحسب الاعتقاد السائد أن السبب الرئيسي في شعبية تلك الأحزاب في السابق كان محاولاتها على احترام مشاعر الجماهير الدينية وعدم التعالي على مناسباتها ومعتقداتها وثقافاتها الدينية ومحاولتها الاقتراب من مشاعر الناس وأمزجتها الدينية... كنوع من أنواع الخداع، والمواءمة.


وبعد هذا المدخل المختصر عن الفكر اليساري ...
دعونا نرى على خلفية أسس هذا المنهج الفاسد المخادع ما يحدث في مصر من حالة هياج إعلامي و صحفي في مصر، ولا سيما بعد ثورة يناير وتقدم التيار الإسلامي ذو المرجعية الإسلامية للمناصب القيادية في البلاد، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين، فبطبيعة الحال المراقب للإعلام المصري منذ ثورة يوليو الى الآن سيجد أن التيار اليساري استلم المنابر الاعلامية والصحفية (تسليم مفتاح)، ومنها الصحف القومية وغير القومية بدءًا بروز اليوسف، وليس انتهاءًا بجريدة الفجر برئاسة عادل حمودة الوريث النجيب لمدام روزاليوسف يهودية الديانة يسارية الفكر الممثلة والأرتست. ومؤسسة روزاليوسف حاضنة الفكر اليساري في مصر، مرورًا بصلاح عيسى وعادل كمال ووائل الإبراشي، وإبراهيم عيسى، ومنى الشاذلي، ومجدي الجلاد وغيرهم الكثير.


وهذه الصفقة التاريخية بين أنظمة الحكم وبين اليساريين جاءت على أساس واحد وثابت عبر الزمان، وهذا الأساس هو مقاومة المد الإسلامي في المجتمع المصري بأي وسيلة، فها هو عبد الناصر قد أسّس وأصّل هذا الاتفاق التاريخي بدعم عالمي أمريكي وأوروبي وحتى روسي بعد انقلابه على جماعة الإخوان المسلمين آنذاك وبعد زيادة شعبية جماعة الاخوان بين صفوف المثقفين والشباب. واستمالة حتى الصفوة وبعض قادة الجيش، مما أرعب أمريكا والغرب من ثورة إخوانية تطيح بمجلس الثورة الذى رأى فيه الغرب إمكانية للتفاهم افضل من جماعة الإخوان (وهذا الأمر تم التعرض له في مقال آخر تعليقًا عما كتبه مايلز كوبلاند في كتابه لعبة الأمم عن هذه الفترة)، الأمر الذي دفع عبد الناصر الى اجتماع تاريخي مع قادة الفكر اليساري لعقد تلك الصفقة المشبوهة بتسليمهم مفتاح الصحافة والاعلام، لإعادة صياغة العقل الجمعي المصري وتشويه الفكر الديني، ومن ثم تشويه جماعة الإخوان ودعم مجلس قيادة الثورة والترويج بالكذب للمنجزات وخلافه. واستمر الحال متوارث كلما يأتي نظام يجد في هذا الإعلام صمام أمان لعدم أسلمة المجتمع، ولأن اليساريين غير مقبولين في الشارع على عكس الإسلاميين، أصبحت المعادلة: لهم الشارع ولنا الإعلام. وهذا ما يفسر بعدهم التام من الشارع، وكثيرًا ما تسمع وسائل إعلامهم نفسها تنتقد بأن خطأهم أنهم لم يعملوا في الشارع واكتفوا ببرامج التوك شو، هم يعترفون بذلك ولكن الأمر ليس على هذا النحو لأنهم يدركون أنهم غير مقبولين.


وعمومًا تفسير ما يقوم به الإبراشي من حالة هياج هو وإخوته إبراهيم عيسى وعادل حمودة والباقين .. يأتي في سياق ردة فعل أول هزيمة ساحقة تاريخية لهم منذ اتفاق ثورة يوليو التاريخي، فكان دورهم الأساسي والذى يتقاضون من أجله الأموال الطائلة ويتم تلميعهم برغم ضحالة ثقافتهم وفكرهم -تجدهم لا يكادون ينطقون كلمة واحدة سليمة لغويًا او حتى في المعنى- دورهم هو عدم تمكن وصول الإسلاميين الى سدّة الحكم، وتغييب الدين من السياسة ومن المجتمع من حيث الأساس والتشويه المستمر لفكرة الأديان بغض النظر عن حاملها إذا كان إخوانيًا أو سلفيًا أو أي مصري لا ينتمى الى أي تيار ولكنه يحب دينه ويدافع عن عقيدته. ولكن الأمر الذى لم يعرفه هؤلاء إلى الآن هو أن خلال الفترات الماضية لم يكن تغييب الإسلاميين بسببهم، بل كان بسبب أمن الدولة وهم كانوا يعملون في كنف تلك المؤسسة الفاسدة وهذا ما أثبتته المستندات التي سربت بعد الثورة، فبمجرد سقوط تلك المؤسسة تعرى هؤلاء الخونة ولم يعد لهم أي متكأ يستطيعون الارتكاز عليه، فالذي يحدث الآن ما هو إلا حلاوة روح سرعان ما ستنتهي وسيتم فضحهم على رؤوس الأشهاد.


وأخيرا أرجو التنويه الى مسألة هامة جدًا أن الإبراشي وحمودة وعيسى وجميع أحفاد الست روز اليوسف، ينتمون الى التيار اليساري المتطرف الذى تم الإشارة إليه في بداية المقال بأقصى اليسار أو اليسارية الراديكالية، أو اللاسلطوية ومبدأهم الرئيسي هو هدم كافة مؤسسات الدولة وكسر الهيبة المركزية على العموم لتخريب المجتمع، وهم علمانيين حتى النخاع، وهذا ما يفسر نشاطهم في العهد الماضي الفاسد فالبعض قد يرى أنهم كانوا أبطال ولكن الحقيقة هم ضد أي أركان راسخة لأي دولة فاسدة كانت او صالحة، ولا يعيشون إلا في فوضى عارمة وتخبط وعدم استقرار في المجتمع.

أما باقي الإعلاميين والصحفيين كأمثال لميس الحديدي وزوجها وخيري رمضان وعماد الدين أديب وخالد صلاح وعكاشة وغيرهم فهؤلاء لا ينتمون إلى أي أيدلوجية، فقط مرتزقة باعوا دينهم ووطنهم وشرفهم من أجل المال والشهوة.

وللحديث بقية بإذن الله.

م / خالد غريب
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام