شبيحة العوامية
ما حصل ربما منطقي، لكنه داعٍ إلى القلق بكل تأكيد؛ فوجود ميليشيات بدأت تنشط، وشبيحة (مناهضون للدولة بخلاف الدول الأخرى!) بدؤوا يقومون بمحاولة لنشر الرعب والفزع شيئاً فشيئاً أمر يدعو إلى الانتباه والحذر والحزم.
ما إن تم الإعلان عن مقتل الجندي أول حسين بواح علي زباني _ تغمده الله بواسع رحمته وتقبله في الشهداء _ وإصابة الجندي أول سعد متعب محمد الشمري ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم في بلدة العوامية بمحافظة القطيف، حتى تعززت الشكوك بوجود مخطط متعدد الأوجه لإثارة الفتنة في المنطقة الشرقية بالسعودية لحساب إيران وسوريا.
فتعرض هذين العنصرين الأمنيين لإطلاق نار كثيف من قبل خلايا مسلحة بدأت تنشط في القطيف وتستهدف رجال الأمن سواء من الشرطة أو الجيش وتستخدم الدراجات النارية في أعمالها الإرهابية على غرار عناصر الباسيج الإيرانيين (كما في الصورة الملتقطة في إيران)، يدل بوضوح على أن المحرك الرئيس لهذه الخلايا هي الجهة التي تستشعر الغضب بسبب مواقف المملكة السعودية المساندة لانعتاق الشعب السوري من نظام القمع الفاشي الأسدي.
وغير مفاجئ في حقيقة الأمر أن يحصل الحادثان الأخيران، وهما محاولة اغتيال الملازم حاتم الذيابي على أيدي نحو عشرين من مستقلي الدراجات النارية، وحرق سيارته، وهذا الحادث الذي أسفر عن مقتل الشمري وإصابة رفيقه على أيدي أربعة من "شبيحة العوامية" الجدد، في أعقاب موقفين بارزين للسعودية، هما الإعلان عن تلقي الحملة السعودية لنصرة الشعب السوري نحو نصف مليار ريال من أهل الخير، وتبني الرياض لقرار الأمم المتحدة بشأن "الانتقال السلمي للسلطة في سوريا"؛ فالارتباط صار بيّنا لكل ذي عينين بين محاولات التسخين في قرى القطيف، والمأزق الذي يعيشه نظام بشار الأسد في كافة أرجاء ومناطق سوريا..
وقد حاول هذا النظام السوري تصدير أزمته الداخلية الخانقة للخارج؛ فناوش الأتراك، واشتبك عبر الحدود مع الأردن، ويسعى حليفه الإيراني إلى التصعيد في السعودية والبحرين، بحيث لا يبقى من حدود وعلاقاته مع جيرانه سوى العراق التي يحكمها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وفلسطين التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني، فهما الجبهتان الحدوديتان الآمنتان لحد الآن! بل إن ما لا يمكن تصوره ألا تحاول طهران ودمشق استخدام كافة بيادقها وخلاياها في الخليج في هذا الظرف الدقيق الذي تشعر فيها العاصمتان بالمأزق الشديد الذي جره عليهما حماقة النظام السوري في قمع شعبه على نحو غير مسبوق وبالغ الفظاعة والبشاعة، ويسعيان من ثم إلى تصدير أزمتهما للجيران.
ما حصل ربما منطقي، لكنه داعٍ إلى القلق بكل تأكيد؛ فوجود ميليشيات بدأت تنشط، وشبيحة (مناهضون للدولة بخلاف الدول الأخرى!) بدؤوا يقومون بمحاولة لنشر الرعب والفزع شيئاً فشيئاً أمر يدعو إلى الانتباه والحذر والحزم من جهة، وهذا ما نظنه معتبراً من رجال الأمن ويسعون للقيام به، ومن جهة أخرى ملاحظة ما يرنو إليه هؤلاء من محاولة إظهار إرهابهم على أنه عمل سلمي مناهض لما يزعم أنها مظالم توجه إليهم بشكل انتقائي، والعمل على توضيح الصورة على وجهها الصحيح المعروف في الداخل لئلا يسهم تجاهله في تفاقمه وتسويق شائعات غير صحيحة عن الأحداث، وهذا ما نأمله من الجهات المعنية من جهة، وكذلك من كل فعاليات المجتمع وتياراته..
وهذا ما نأمله، لاسيما أننا نلحظ تجاهلاً معتاداً من تيارات فكرية متغربة ووسائل إعلامية كذلك، ينبغي في تلك اللحظات ألا تقف موقف الحياد، وإلا تسلل الشك إلى النفوس عن مدى ولائها لهوية هذه البلاد وجهدها في الحفاظ على تماسكها ولحمتها الداخلية.
15/9/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر: