(الإخبارية السورية).. جَلَدُ الفاجر

منذ 2012-08-11

لقد بات "الجَلَد" الذي يظهر هذا الإعلام "الفاجر" -الإخبارية السورية وأخواتها: فضائية الدنيا والفضائية السورية وجريدة البعث- داعيا لاستحضار دعاء الفاروق رضي الله عنه: "اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة".


عندما تتابع فضائية الإخبارية السورية التي لاتزال في بثها التجريبي وتقارنها بإعلامنا الإخباري في العالم العربي والإسلامي وكيفية تناوله للثورة السورية، لا يسعك إلا تذكُّر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة".


الإخبارية السورية المكرسة بالكامل لخدمة النظام ودعم توجهاته وإيهام المشاهدين بأن النظام يقاتل مجموعات مسلحة وإرهابيين، تستخدم في ذلك أحدث التقنيات والأساليب الإعلامية إلى جانب أسطول من المراسلين الموالين للنظام. وتبث القناة فواصل مرئية مصاغة بعناية وذات إخراج محترف، كلها لخدمة أهداف النظام.


والقناة تزعم في تقاريرها أنها تستطيع أن تحمل راية النزاهة والإعلام الأمين رغم "إمكاناتها المحدودة"؛ فهي عبارة عن شركة حكومية تمول من دافعي الضرائب السوريين، وتتبع إداريا وزارة الإعلام ريثما يصدر مرسوم رئاسي بإنشائها، طبقا للقانون المعمول به في سوريا.


تقول المصادر السورية إن "القناة لم تكن مهيأة للخروج إلى الفضاء الإعلامي، إلا أن اندلاع الثورة جعل المسؤولين عن الإعلام في النظام السوري يسرعون عملية إطلاقها" في محاولة لتجميل وجه النظام القبيح. وما لبثت القناة أن أصبحت مقرا أمنيا "يطبخ" الأخبار بما يلائم رواية النظام الحاكم.


وتجدر الإشارة إلى مقر الإخبارية السورية الذي تعرض لعملية تفجير الشهر الماضي يقع في بلدة الدروشة على بعد 25 كلم جنوبي دمشق، وقد عادوت البث بعد فترة قصيرة من مكان آخر. واستخدمت القناة حادثة التفجير تلك للإيحاء بأن هذا العمل يأتي ضمن استهداف الإعلام "الحر والمهني" وتكميم "أفواه الحقيقة" وغيرها من الأكاذيب والاتهامات التي تكيلها للمعارضة.


وقد لعبت تلك الفضائية دورا كبيرا في التحريض على المتظاهرين السلميين، واصفة إياهم في نشراتها الإخبارية "بالحثالة والعملاء ومتعاطي المخدرات".


كما تعتمد القناة على تمجيد "الجيش العربي السوري" باعتباره "حائط الصد" و"درع الوطن" في الدفاع عنه ضد "الجماعات المسلحة" و"التحالف الغربي الخليجي الصهيوني" ضد سوريا، وكل هذه مصطلحات لا تخلو منها برامج القناة وفواصلها البراقة.


بعض الفواصل (الفيلرز) التي تبثها القناة تباعا صيغت بعناية شديدة، مواكبة ومستغلة للأحداث الجارية. فتارة تجد القناة تستغل اشتباكات محدودة تقع في المسجد الأقصى المبارك بين جنود الاحتلال الصهاينة والشباب الفلسطيني المناضل، لتقارن المشهد بتصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي التي ينتقد فيها بشدة سفك الدماء في سوريا. وتربط القناة في تعليقها على المشهدين بأقوال على سياق أنه في الوقت الذي يتربص العدو الصهيوني بالأمة فإن أهم ما يشغل الساسة السعوديين هو محاربة النظام السوري "المناضل ضد الصهاينة"، على حد وصف القناة.


ولا تقف الخباثة عند هذا الحد، فتجد القناة تبث مقاطع فيديو لرجل يتم سحله على الأرض زاعمة أن المدنيين يتعرضون لاعتداءات الإرهابيين، بينما هو في الحقيقة تسجيل سبق أن بثه الناشطون السوريون للتدليل على همجية أتباع النظام في التعامل مع المدن المنتفضة ضد حكم بشار الأسد.


كما تشيع القناة كل الأكاذيب التي يلجأ لها النظام لتحقيق مكاسب لحظية؛ ففي معركة حلب الجارية منذ الأسبوع الماضي بين رجال الجيش السوري الحر وأقزام الجيش النظامي، تجد القناة تبث تقارير مصورة عن انسحاب الجيش الحر من المدينة، وهي أنباء سارعت قوات الجيش الحر إلى نفيها.


وبلغ حد التضليل في تلك القناة البائسة أن قالت في تغطيتها لأحداث سابقة في دمشق إن أهالي حي الميدان في دمشق لم يكونوا يتظاهرون ضد النظام، مكذبة بذلك الأنباء التي نشرتها قناة الجزيرة مصحوبة بتسجيل فيديو للتظاهرة. لكن معدو القناة وجدوا فورا المبرر لهذه التجمعات في حي الميدان؛ إنهم كانوا يتجمعون لشكر الله على نزول المطر!!


ورغم أن قناة الجزيرة القطرية تبذل جهدا مشهودا في تغطية الأحداث في سوريا بشكل موضوعي يجعلها من القنوات الثقات في نقل الأحداث، لكنها ليست مكرسة لخدمة هذه الثورة، على عكس الإخبارية السورية المكرسة بالكامل لإفشالها.


لقد بات "الجَلَد" الذي يظهر هذا الإعلام "الفاجر" -الإخبارية السورية وأخواتها: فضائية الدنيا والفضائية السورية وجريدة البعث- داعيا لاستحضار دعاء الفاروق رضي الله عنه: "اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة".


نسيبة داود - 18/9/1433 هـ