هل تراجع الأمريكيون عن مشروع الشرق الأوسط الكبير؟؟
منذ 2005-08-05
20/4/1426 هـ
28/05/2005 م
في خطوة تشي بالتراجع أمام الأنظمة العتيدة، يبدو فتور الأمريكان عن مشروعهم (الشرق الوسط الكبير) واضحًا جليًا خصوصًا في جانب الإصلاح السياسي؛ إذ لم تبدِ الإدارة الأمريكية أي استنكار حقيقي للإعلانات الإصلاحية الصورية من قبل بعض الرؤساء العرب الذين قاموا بما سمّوه إصلاحات، وهي عبارة عن محاولات صورية غير حقيقية في سبيل الإصلاح السياسي.
وهذا السكوت الذي فُهم منه التأييد، يدفع للتساؤل عن السبب الذي حمل الأمريكان على طرح مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشّروا به العالم، وجعلوه من أولويات أجندة القمم السياسية، وما الذي حملهم على التراجع وإعلان الاستسلام للأنظمة التي كانوا يطالبونها بالإصلاح، وهل كانت فكرة المشروع مجرّد نزوة طارئة ورأياً لم يُدرس ولم ينضج، وإنما كان ردّ فعل على أحداث سبتمبر تبين أنها ردة فعل غير مدروسة، أم أن الأنظمة المعنية في المنطقة استطاعت التأثير على عتاة السياسة الأمريكية والتغلب على قناعاتهم وإقناعهم بخطئهم في محاولة فرض الإصلاح والحرية؟!
أم أن غزو العراق وأفغانستان واستمرار الاحتلال والمقاومة أعطى الإدارة الأمريكية نوعًا من الاطمئنان على الأمن القومي الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وأنها تستطيع فرض ما تريد بالقوة العسكرية، وبالتالي فلا حاجة لهذا المشروع؟
إذا نظرنا لمسوغات إعلان المشروع فهي كما جاء في مقدمته:
"وطالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة. إن الإحصائيات التي تصف الوضع الحالي في "الشرق الأوسط الكبير" مروّعة.
وتعكس هذه الإحصائيات أن المنطقة تقف عند مفترق طرق، ويمكن للشرق الأوسط الكبير أن يستمر على المسار ذاته، ليضيف كل عام المزيد من الشباب المفتقرين إلى مستويات لائقة من العمل والتعليم والمحرومين من حقوقهم السياسية، وسيمثل ذلك تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثماني".
وهذا يؤكّد إدراك الولايات المتحدة خطورة سياساتها السابقة في دعم الأنظمة القائمة على حرمان شعوبها من الحقوق السياسية، وإن هذه السياسة أدّت إلى سخط شعبي عام على الأنظمة والدول الكبرى الداعمة لها خصوصًا الولايات المتحدة.
وجاء هذا المشروع معبرًا عن رغبة في تلافي أسباب الانفجار في تلك المنطقة والانقلاب على مصالح الدول الكبرى. غير أن الشيء غير المفهوم هو أن الدولة المبتدئة بالمشروع والمتحمسة له ما لبثت أن تراخت عن أهم بنوده، وأكبر أسبابه، وهو الإصلاح السياسي لتلافي الحرمان الذي تشعر به شعوب المنطقة.
ويؤكد هذا التراخي تأييد الولايات المتحدة لقانون الانتخاب الرئاسي في مصر، وسكوتها عن بقاء الرئيس العسكري الباكستاني برويز مشرف الذي انقلب على الديموقراطية، إلى حد الحرب على قبائل بلاده إرضاء للإدارة الأمريكية.
إن المتأمل في أحوال المنطقة يجد أنه من الحكمة ومن المصلحة المشتركة لشعوب المنطقة، ولغيرهم ممن لهم مصالح مهمة فيها، أن تكون الأوضاع مستقرة غير مهددة بالثورات والقلاقل، وإن استمرار شعور الشعوب بالحرمان من حقوقها سيؤدي إلى مزيد من القلاقل والفتن، وإن الإصلاح السياسي سبيل مهم لاستقرار المنطقة، ولذلك فإن التراجع عن محاولات الإصلاح يُعدّ تأييدًا لاستمرار أوضاعِ منطقةٍٍ مهددةٍٍ غيرِ مستقرة. وبالتالي استمرار ما تخوّف منه واضعو المشروع على مصالحهم ومصالح العالم.
وأضاف الأمريكيون خطأ آخر إضافة إلى خطئهم في دعم استمرار الوضع السياسي المتأزم، وهو مقايضة الأنظمة بأن تقوم -مقابل السكوت عنها- بتغييرات تشريعية وثقافية واجتماعية ودينية تخدم الولايات المتحدة في سعيها للتأثير الثقافي والاجتماعي، وتضعف الهوية الإسلامية والعربية تتمثل في فرض تغييرات على أوضاع الأسرة المسلمة، ووضع المرأة، والتشريعات والأنظمة النابعة من الشريعة الإسلامية.
وقد سايرت بعض تلك الأنظمة المطالب الأمريكية وتحمّست لفرضها على نحو يؤجج مزيداً من الكره لتلك الأنظمة وللولايات المتحدة التي تفرض عليها هذه التغييرات المرفوضة شعبيًا، مقابل تجاهل التغييرات الإيجابية المطلوبة من تلك الشعوب.
28/05/2005 م
في خطوة تشي بالتراجع أمام الأنظمة العتيدة، يبدو فتور الأمريكان عن مشروعهم (الشرق الوسط الكبير) واضحًا جليًا خصوصًا في جانب الإصلاح السياسي؛ إذ لم تبدِ الإدارة الأمريكية أي استنكار حقيقي للإعلانات الإصلاحية الصورية من قبل بعض الرؤساء العرب الذين قاموا بما سمّوه إصلاحات، وهي عبارة عن محاولات صورية غير حقيقية في سبيل الإصلاح السياسي.
وهذا السكوت الذي فُهم منه التأييد، يدفع للتساؤل عن السبب الذي حمل الأمريكان على طرح مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشّروا به العالم، وجعلوه من أولويات أجندة القمم السياسية، وما الذي حملهم على التراجع وإعلان الاستسلام للأنظمة التي كانوا يطالبونها بالإصلاح، وهل كانت فكرة المشروع مجرّد نزوة طارئة ورأياً لم يُدرس ولم ينضج، وإنما كان ردّ فعل على أحداث سبتمبر تبين أنها ردة فعل غير مدروسة، أم أن الأنظمة المعنية في المنطقة استطاعت التأثير على عتاة السياسة الأمريكية والتغلب على قناعاتهم وإقناعهم بخطئهم في محاولة فرض الإصلاح والحرية؟!
أم أن غزو العراق وأفغانستان واستمرار الاحتلال والمقاومة أعطى الإدارة الأمريكية نوعًا من الاطمئنان على الأمن القومي الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وأنها تستطيع فرض ما تريد بالقوة العسكرية، وبالتالي فلا حاجة لهذا المشروع؟
إذا نظرنا لمسوغات إعلان المشروع فهي كما جاء في مقدمته:
"وطالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة. إن الإحصائيات التي تصف الوضع الحالي في "الشرق الأوسط الكبير" مروّعة.
وتعكس هذه الإحصائيات أن المنطقة تقف عند مفترق طرق، ويمكن للشرق الأوسط الكبير أن يستمر على المسار ذاته، ليضيف كل عام المزيد من الشباب المفتقرين إلى مستويات لائقة من العمل والتعليم والمحرومين من حقوقهم السياسية، وسيمثل ذلك تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثماني".
وهذا يؤكّد إدراك الولايات المتحدة خطورة سياساتها السابقة في دعم الأنظمة القائمة على حرمان شعوبها من الحقوق السياسية، وإن هذه السياسة أدّت إلى سخط شعبي عام على الأنظمة والدول الكبرى الداعمة لها خصوصًا الولايات المتحدة.
وجاء هذا المشروع معبرًا عن رغبة في تلافي أسباب الانفجار في تلك المنطقة والانقلاب على مصالح الدول الكبرى. غير أن الشيء غير المفهوم هو أن الدولة المبتدئة بالمشروع والمتحمسة له ما لبثت أن تراخت عن أهم بنوده، وأكبر أسبابه، وهو الإصلاح السياسي لتلافي الحرمان الذي تشعر به شعوب المنطقة.
ويؤكد هذا التراخي تأييد الولايات المتحدة لقانون الانتخاب الرئاسي في مصر، وسكوتها عن بقاء الرئيس العسكري الباكستاني برويز مشرف الذي انقلب على الديموقراطية، إلى حد الحرب على قبائل بلاده إرضاء للإدارة الأمريكية.
إن المتأمل في أحوال المنطقة يجد أنه من الحكمة ومن المصلحة المشتركة لشعوب المنطقة، ولغيرهم ممن لهم مصالح مهمة فيها، أن تكون الأوضاع مستقرة غير مهددة بالثورات والقلاقل، وإن استمرار شعور الشعوب بالحرمان من حقوقها سيؤدي إلى مزيد من القلاقل والفتن، وإن الإصلاح السياسي سبيل مهم لاستقرار المنطقة، ولذلك فإن التراجع عن محاولات الإصلاح يُعدّ تأييدًا لاستمرار أوضاعِ منطقةٍٍ مهددةٍٍ غيرِ مستقرة. وبالتالي استمرار ما تخوّف منه واضعو المشروع على مصالحهم ومصالح العالم.
وأضاف الأمريكيون خطأ آخر إضافة إلى خطئهم في دعم استمرار الوضع السياسي المتأزم، وهو مقايضة الأنظمة بأن تقوم -مقابل السكوت عنها- بتغييرات تشريعية وثقافية واجتماعية ودينية تخدم الولايات المتحدة في سعيها للتأثير الثقافي والاجتماعي، وتضعف الهوية الإسلامية والعربية تتمثل في فرض تغييرات على أوضاع الأسرة المسلمة، ووضع المرأة، والتشريعات والأنظمة النابعة من الشريعة الإسلامية.
وقد سايرت بعض تلك الأنظمة المطالب الأمريكية وتحمّست لفرضها على نحو يؤجج مزيداً من الكره لتلك الأنظمة وللولايات المتحدة التي تفرض عليها هذه التغييرات المرفوضة شعبيًا، مقابل تجاهل التغييرات الإيجابية المطلوبة من تلك الشعوب.
المصدر: موقع الإسلام اليوم
- التصنيف: