يا أهل السنة في بلاد الشام خذوا حذركم وأجمعوا أمركم

منذ 2012-12-10

اقتضت حكمة الله البالغة أن دينه الحق لا ينتشر ولا يظهر إلا بجهد عباده المؤمنين ومدافعتهم للباطل وبذلهم وتضحياتهم ودمائهم، متسلحين في ذلك بالصبر واليقين مستعينين بالله العزيز الرحيم في صراعهم مع الباطل وأهله. ولو شاء الله لأظهر دينه بدون هذه الآلام والمعاناة والابتلاءات ولكنها حكمة أحكم الحاكمين. هذه بعض الوصايا والتحذيرات علَّ الله عزّ وجل أن ينفع أهل الشام بها وأن يخرجوا بإذن الله تعالى من محنتهم هذه ممحَّصين طيبين منصورين


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد اقتضت حكمة الله البالغة أن دينه الحق لا ينتشر ولا يظهر إلا بجهد عباده المؤمنين ومدافعتهم للباطل وبذلهم وتضحياتهم ودمائهم، متسلحين في ذلك بالصبر واليقين مستعينين بالله العزيز الرحيم في صراعهم مع الباطل وأهله. ولو شاء الله لأظهر دينه بدون هذه الآلام والمعاناة والابتلاءات ولكنها حكمة أحكم الحاكمين قال سبحانه: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ} [محمد:4]، فلو شاء الله عز وجل لمحق الكافرين والمنافقين في لمحة بصر ولكنها حكمة الابتلاء والتمحيص ليحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة وليتميز الخبيث من الطيب. كما جاء في الحديث القدسي: «إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك» [رواه مسلم].

وإن سنة الابتلاء التي اقتضتها حكمة الله عز وجل تعمّ الناس جميعاً مسلمهم وكافرهم، وهي سنة مطردة لا تتخلف ولا يُحابي الله عز وجل فيها أحداً. ولكن عاقبتها خير وتمحيص وصلاح لأوليائه الموحدين، وشر ودمار ومحق لأعدائه من الكافرين والمنافقين قال الله عزّ وجل: {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141]. وقال سبحانه: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179].

وإن ما يجري من أحداث مؤلمة في ديار المسلمين وبخاصة ما يجري على أهل السنة في بلاد الشام على أيدي النصيرية الباطنية وحلفائهم من الرافضة إنما هو للابتلاء والتمحيص، وفرز الخبيث وفضحه وظهور أمره للناس، وظهور الطيب النقي الذي يستحق أن ينصره الله عز وجل. وكم من أناس سقطوا وسيسقطون في هذه الابتلاءات، وكم من طوائف ودول افتضحت وستفتضح للناس وقليل هم الذين يثبتهم الله عز وجل ويخرجون من هذه الابتلاءات طيبين ممحصين، وهؤلاء هم الذين ينزل عليهم نصر الله ويمكن لهم في الأرض. وتضامناً مع إخواننا في بلاد الشام وما يواجهونه من عدوان وحقد دفين من الحزب النصيري الباطني وأحلافهم المجوس في إيران ولبنان والعراق وشعوراً بواجب النصح لهم، أكتب هذه الوصايا والتحذيرات علَّ الله عزّ وجل أن ينفعهم بها وأن يخرجوا بإذن الله تعالى من محنتهم هذه ممحَّصين طيبين منصورين.

الوصية الأولى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد من الآية 11].

ما أحوج المسلمين بعامة ومن تصيبه المحن منهم بخاصة إلى تدبر هذه السنة الإلهية العظيمة، لأن في تدبرها طريقاً إلى النجاة ودفعاً للبلاء. والموفّق من عباد الله عز وجل فرداً كان أو طائفة هو الذي يرده البلاء إلى ربه سبحانه ويجعله يحاسب نفسه ويراجع أحواله ويبدأ التغيير من داخله قبل أن يلقي بسبب المصيبة والبلاء على الأعداء فلعله، أتى من داخل نفسه وبسبب ذنوبه ومعاصيه وهو لا يشعر. قال الله عزّ وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِير} [الشورى: من الآية 30]، وقال عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما أصابهم من القرح في غزوة أُحد: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165].

فالواجب عند حلول المحن والمصائب محاسبة النفوس وإرجاعها إلى الله عز وجل وتفقدها من الذنوب الخاصة والعامة، فهذا أول أبواب النجاة من المحن وأهم أبواب المخارج من الفتن. والله عزّ وجل يعلمنا في هذه السنة أنه لا يغير ما بقوم من المصائب ولا يرفع عنهم البلايا حتى يغيروا ما بأنفسهم ويتخلصوا من المعاصي والذنوب التي تبعدهم عن الله عزّ وجل، وتفتح عليهم أبواب الشر والمحن. وقد بيّن الله عزّ وجل في كتابه الكريم أن أعداء المسلمين من الكفار والمنافقين لا يفتؤون يكيدون للمسلمين ويسعون جهدهم ومكرهم في إلحاق الأذى بالمسلمين ولكن إذا تحلّى المسلمون بالصبر والتقوى التي هي فعل ما أمر الله عز وجل وترك ما نهى عنه فإن كيد الأعداء لا يضرهم بل يحبطه الله عزّ وجل. قال سبحانه: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].

فالله الله يا أهل السنة في بلاد الشام خذوا حذركم فلا تؤتوا من قبل أنفسكم وعودوا إلى بارئكم وتوبوا إليه، واحفظوه يحفظكم وانصروه ينصركم. ونخص بذلك الدعاة والمصلحين فهذا يومكم في استنهاض الهمم ودعوة إخوانكم من أهل السنة إلى التوبة النصوح والرجوع إلى الله عزّ وجل، وتفقيههم في دين الله وتوظيف الاحداث في تغيير الأحوال إلى ما يُرضي الله عزّ وجل والتضرّع بين يديه سبحانه في إصلاح الأحوال وكشف الكربة. قال الله عزّ وجل: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].

الوصية الثانية: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} [النور من الآية 11].

إن من رحمة الله عزّ وجل ولطفه أن يقدر أحداثاً ظاهرها المكاره والآلام ولكن في أعطافها الخير والرحمة لأوليائه. ومن ذلك ما يجري الآن في بلاد الشام من أحداث وعدوان على أهل السنة، يتولى كبره النصيرية الباطنيون وأحلافهم المجوس في إيران والعرق ولبنان. ولقد كشفت هذه الأحداث أموراً ستكون عاقبتها خيراً إن شاء الله تعالى لأهل السنة في بلاد الشام وخارجها لم تكن لتعرف لولا أن الله عزّ وجل قدر هذه الأحداث ومن هذه الأمور ما يلي:

1- معرفة أهل السنة لواقعهم وحقيقة أحوالهم وإيقاظ الغافل منهم ومحاسبة أنفسهم في تقصيرهم في حق ربهم أو مع بعضهم أو في تفريطهم في الأخذ بأسباب المواجهة لأعدائهم المتربصين بهم. وفي هذا خير وتكفير للذنوب وتمحيص للقلوب إذا أدّى بهم ذلك إلى اليقظة والتوبة والتضرع إلى الله عزّ وجل والأخذ بأسباب الحيطة والمواجهة مع أعداء الله وأعداء أوليائه.

2- انكشاف حقيقة أحزاب الرافضة الباطنيين ومشروعهم في المنطقة وتحالفهم على ذلك وتعريتهم التامة لكل من له أدنى بصيرة وعقل من أهل السنة، حيث كشّروا عن أنيابهم وأهدافهم المبيتة في بسط الدين الرافضي المجوسي في المنطقة وانكشف ما كان مستورا وظهر ارتباطهم بالمشروع الإيراني كما انكشفت تقَّيتهم التي كانوا يكيدون بها السذّج من أهل السنة من أن سلاحهم وقتالهم إنما هو لمقاومة اليهود والمعتدين على أمن سوريا ولبنان وفلسطين، والآن هاهو سلاح المقاومة -المزعومة المكذوبة- يحصد أجساد أهل السنة ويقتل أبناءهم ونساءهم ويحرق أرضهم. وفي هذه المعرفة والفضح خير للمسلمين ليعرفوا من هو عدوهم وليأخذوا حذرهم ويعدوا العدة لمواجهتهم؛ وفي هذا خير إن شاء الله تعالى لم يكن ليتحقق لولا تقدير الله لهذه الأحداث.

3- تعرية الغرب الكافر والحكومات المهترئة في كثير من بلاد المسلمين وتبعيتهم المفضوحة للغرب. وبيان أن الحكومات التي لا تنطلق من هوية الأمة المسلمة وعقيدتها وشريعتها فإنها مخذولة مفضوحة. لقد كشفت الثورة السورية كيف يتواطأ الشرق والغرب وأذنابهم على أهل السنة كما كشفت مدى كذب تلك التصريحات المتناقضة من أقصى الأرض إلى أقصاها بأن تسليح الجيش الحر ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة فيما يغضون الطرف عن البوارج الروسية الإجرامية وسفن إيران الصفوية وشاحنات عراق المالكي الرافضي وناقلات جنود الحرب من حزب الشيطان اللبناني. إنها الثورة السورية السنية كاشفة الفضائح والدسائس والنفاق والمنافقين.

الوصية الثالثة: {خُذُواْ حِذْرَكُمْ} [النساء من الآية 71].

لقد حذر الله عزّ وجل عباده المؤمنين في القرآن من كيد الكافرين والمنافقين وجاء في أكثر من آية الأمر بأخذ الحذر من الأعداء فقال الله سبحانه عن المنافقين: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4] وقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا} [النساء: 71].

وامتثالاً لأمر الله عز وجل فإن على أهل السنة في بلاد الشام وغيرها أن يحذروا من مشاريع أعدائهم التالية:

1- المشروع الرافضي الباطني الصفوي لم يَعُدْ خافياً ما تخطط له دولة التشييع والرفض إيران من بسط نفوذها ونشر معتقداتها في المنطقة إما بشكل مباشر أو عن طريق عملائها وأوليائها في بلدان أهل السنة كما هو الحاصل في حكومة العراق الرافضية الأمريكية أو في لبنان عن طريق الابن البار لدولة الرفض حسن نصر وحزبه المغبون.

والمراقب لما تقوم به إيران في المنطقة من دعمها المفضوح لنظام الأسد واستماتتها في ذلك يشاهد ذلك عياناً جلياً مصحوباً بالسرعة والجرأة والحقد الذي لم يعد خافياً مدفوناً على أهل السنة فالواجب على أهل السنة في كل مكان وبخاصة من يواجهون مثل هذه الحرب الشرسة والإبادة المنظمة الحذر الشديد من تمكُّن هؤلاء المجوس من بسط نفوذهم بالعمل على فضح مخططاتهم للمسلمين ليأخذوا حذرهم ولا تنطلي عليهم تقية الرافضة وخداعهم وأن يقوموا بفريضة الجهاد في سبيل الله تعالى بالإثخان في هؤلاء الباطنيين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلها لله تعالى ونهيب بأغنياء المسلمين أن يجاهدوا في سبيل الله بأموالهم ويدعموا إخوانهم السنة في قتالهم ولا يخافوا في ذلك لومة لائم.

وإن من السذاجة النظر إلى أحداث سوريا بأنها محلية وشأنها داخلي فالحقيقة أنها حرب إقليمية يسعى فيها الباطنيون لبسط مشروعهم في المنطقة كما أن من السذاجة والجهل بعقيدة التوحيد والولاء والبراء الانخداع بما يرفعه الغرب والشرق وأذنابهم من أن الحرب في بلاد الشام حرب أهلية كما صرح بذلك الأخضر الإبراهيمي مبعوث هيئة الأمم والجامعة العربية. والحقيقة أنها ليست حرب أهلية ولكنها جهاد في سبيل الله بين فئتين فئة تقاتل في سبيل الله وتدافع عن دينها وأنفسها وأعراضها وفئة كافرة تقاتل في سبيل الشيطان وبسط الدين المجوسي الرافضي إن الباطنيين ليسوا من أهل الإسلام حتى يُقال إنها حرب أهلية قال الله عزّ وجل: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود:من الآية 46] .

2- المشروع الأمريكي وحلفاؤه من اليهود والحكومات العلمانية في المنطقة إن أخذ الحذر من المشروع الإيراني الباطني لا يعني الاستنامة والغفلة عن المشروع الأمريكي الغربي بعامة ومن دار في فلكة من الحكومات ذات التوجه العلماني الأمريكي أو المجالس الوطنية التي تزعم أنها تمثل المعارضة السورية ولو كانوا محسوبين على أهل السنة بل يجب الحذر من المشروع الأمريكي الذي يحاول الغرب فرضه في المنطقة بعامة مستغلاً أحداث المنطقة وثورتها وخطف ثمار النصر في تمرير مشروعه الشرق أوسطي الكبير لقد آن الأوان لنفقه اللعبة التي يلعبها الغرب في أحداث الشام ويتقاسم فيها الأدوار والمهمات لإطالة عمر الاحتلال النصيري الأسدي المجرم وحمايته من التداعي والسقوط.

فروسيا والصين يستخدمان الفيتو وأمريكا وأوروبا تتذرعان بالفيتو والكيان اليهودي ينسق بينهم والنتيجة بقاء الاحتلال الأسدي ينهش سوريا والسوريين ويبيد البلاد والعباد حتى إذا أُنهك الطرفان -الجيش النظامي والمجاهدون- كما يأملون تدخل الغرب كي لا يتمكن أهل السنة من انتزاع حرياتهم وبناء دولتهم السنية وقد حاول الأمريكان فرض مشروعهم بعد احتلالهم للعراق ولولا فضل الله عزّ وجل برفع راية الجهاد في العراق لتم له ما أراد في كل دول المنطقة ولكن الله عزّ وجل أفشل مشروعهم على أيدي المجاهدين جزاهم الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء.

وقد يقول قائل: إن أمريكا والحكومات العلمانية أهون علينا من الروافض. وهذا صحيح عند المقارنة ولكنهم كلهم أعداء لأهل السنة الصادقين ثم إنه لا يبعد أن يكون هناك تنسيق وصفقات خفية بين أصحاب المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي اليهودي يقدم فيه كل طرف تنازلات للطرف الآخر والضحية في ذلك هم أهل السنة فالحذر الحذر من هذه التواطؤات الخطيرة، ولا يغرنا ذلك العداء المعلن بين المشروعين فهما متفاهمان في السر على تقاسم الكعكة والمحرك لأمريكا هو مصالحها وليس لها صديق ثابت، وإلا فكيف نفسر ذلك الموقف الأمريكي اليهودي الهادئ إزاء ما يجري من إبادة في بلاد الشام، وتركهم لعدوهم المزعوم يصول ويجول؟! ولربما أن هناك صفقة مقايضة بين المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي تغض فيه أمريكا الطرف عن جرائم الأسد النصيري الباطني مقابل تنازلات تقدمها إيران في مشروعها التوسعي في المنطقة، وما سوى المشروع الرافضي الصفوي والمشروع الأمريكي اليهودي فإنما هي أحزاب يدور بعضها في فلك المشروع الإيراني كالأحزاب الموالية لسوريا من الأحزاب الباطنية وبعضها يدور في المشروع الأمريكي الغربي كالأحزاب النصرانية المارونية والحكومات العلمانية التابعة للغرب وغيرها وكلهم حرب على الإسلام والمسلمين والكفر ملة واحدة. ولم يبق إلا المشروع الجهادي السُنّي النقي المستقل وهو الذي ينبغي أن يلتف عليه أهل السنة كما سيأتي في الوصية الرابعة.

الوصية الرابعة: "أجمعوا أمركم وأتوا صفاً"

يا أهل السنة في بلاد الشام وغيرها من بلدان المسلمين كفى بنا غفلة عما يُراد بنا. ولنعتبر ونتعظ بما جرى لأهل السنة في تاريخهم الطويل من ويلات الباطنيين المجوس وفي واقعنا المعاصر بما جرى لإخواننا السنة في العراق على أيدي الشيعة الرافضة، ولنعتبر بما جرى ويجري الآن لأهل السنة على أيدي النصيريين الباطنين في سوريا. ماذا ننتظر؟ لكي نوحد صفوفنا!!

يا أهل السنة في بلاد الشام إن لم تجمعوا أمركم الآن وتوحدوا صفوفكم وتعدوا ما استطعتم من قوة للدفاع عن دينكم وأنفسكم وأعراضكم فمتى تجتمعون؟ ومتى تستعدون؟

إنه لا منقذ لكم بعد الله عز وجل إلا اجتماعكم وتناسي خلافاتكم وأن تجمعوا أمركم على جهاد العدو الصائل وعلى الدفاع عن السنة وأهلها. ووالله لن تنفعكم هيئة الأمم بشيء فهي من ألد أعدائكم الكفرة ولن تنفعكم جامعة الدول العربية الذليلة بشيء لأن (الشوك لا يجنى منه العنب)، كيف وأكثرهم ذنب للغرب أو الشرق!! لنرتفع عن ذواتنا ولنحذر الدنيا وزينتها ومناصبها وليكن جهادنا في سبيل الله عز وجل ولإعلاء كلمته.

وهنا مسألة مهمة ينبغي التنبيه عليها وهي أنه قد يرى من بعض المجاهدين المتصدين لهذا العدو الغاشم بعض الملحوظات العقدية أو السلوكية فيما دون الكفر فلا يجوز أن تكون هذه الملحوظات في هذا الوقت بالذات سبباً في الافتراق والمنابذة بين المجاهدين لأن هذا مما يتقوى به العدو الغاشم الذي يأكل الأخضر واليابس. وإن مما يتفق مع مقاصد الشرع وقواعد الترجيح عند التعارض أن يُؤجل أهل القبلة خلافاتهم في مثل هذه الظروف ويوحدوا صفوفهم وأن يجيشيوا الأمة بمختلف طوائفها لمواجهة العدو الكاسح الحاقد الذي نرى الآن بعض حقده فيما يجري لإخواننا السنة في سوريا. إن الفقه في دين الله عزّ وجل والفِقه بأصول الشريعة وبفقه الموازنات يقتضي أن نرص صفوفنا وأن ينصح بعضنا بعضاً. وأن نحذر من التفرق ومن توجيه سهامنا لبعضنا ففي هذا شماتة الأعداء وغلبتهم قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي جيّش الأمة في عصره بمختلف طوائفها -حتى المبتدعين الذين كان يجاهدهم بالرد والبيان- عندما حاول التتار المغولي اجتياح بلاد الشام فرد الله العدو بما وفّق الله به شيخ الإسلام لجمع كلمة الأمة وتحريضها على جهاد عدوها. ومثله ما حصل في قتال الدولة العبيدية الباطنية في مصر فقد خرج كثير من علماء أهل السنة مع أبي يزيد الخارجي كما ذكر ذلك الإمام الذهبي في السير حيث قال: "وخرج أبو إسحاق الفقيه مع أبي يزيد الخارجي وقال هم أهل القبلة -يعني الخوارج- وأولئك -يعني العبيدين- ليسوا أهل قبلة هم بنوا عدو الله فإن ظفرنا بهم لم ندخل طاعة أبي يزيد لأنه خارجي" انتهى [من السير 15/154].

وهذا لا يعني المجاملة في الحق وإقرار أهل البدع على بدعهم بل يجب بيان الحق ومناصحة المفارقين له دون منابذة وافتراق معهم في مثل هذه الأوقات الحرجة وذلك من باب ارتكاب أهون المفسدتين عند التعارض. فإن العاقل من يعرف خير الخيرين فيأخذه وشر الشرين فيتركه.

يا أهل السنة في بلاد الشام إنه لا خيار لكم وأنتم تنأون عن المشروع الباطني والمشروع الأمريكي إلا أن توحدوا صفوفكم ويكون لكم مشروعكم الجهادي المتماسك المستقل والحذر الحذر من أن يجُرٌّكم أحد المشروعين الكافرين إلى صفه لمقاتلة المشروع الآخر فإنما هي رايات عمية وفتنة جاهلية فاحذروها واستقلوا برايتكم النظيفة التي تجاهد في سبيل الله عز وجل وعلى مثلها ينزل نصر الله وتأييده. اسأل الله عزّ وجل أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن ينجينا من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله ربّ العالمين.


عبدالعزيز الناصر - 12/1/1434 هـ