غزة.. العلماء في أرض المقاومة

منذ 2012-12-13

المسجد هو مصنع البطولة، وإليه تعود، "اليهود دمروا المساجد لعلمهم أن مطلقيها هم من تربوا في تلك المساجد وتعلموا فيها"


وفد رابطة علماء المسلمين في غزة!

لله الأمر من قبل ومن بعد، وله الفضل والإحسان؛ فقد منّ الله على أهل غزة المرابطين بالنصر والتحرير برغم لأواء الحصار، وصعوبات المعيشة والاعتداءات، وأسهمت التغيرات العربية والانتصارات الغزاوية المباركة في تحقيق هذا الحلم؛ فكانت زيارة وفد رابطة علماء المسلمين برئاسة صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور الأمين الحاج، لغزة، لإبداء التضامن والمساهمة في كسر الحصار النفسي بعد المادي على أرض غزة الطيبة، والاستماع لقادة وأهل غزة، ومعرفة احتياجات القطاع المحرّر، العلمية والاجتماعية، والتواصل مع الجهات العلمية والجامعة الإسلامية بها، والتناصح وتبادل وجهات النظر، وتشجيع الوفود لاسيما العلماء والتجار على زيارة القطاع.

برنامج مثقل من الزيارات واللقاءات والمحاضرات وغيرها للوفد، لا تغيب في زحامه معانٍ لافتة.. فهاهو الجامع العمري، الذي يتذكر المسلمون اسمه كثيراً لفرط ما شيعت من محرابه جثامين الشهداء الطاهرة، يخطب فيه الأمين العام لرابطة علماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر خطبة الجمعة، -فيما خطب علماء وشيوخ من عدد من الدول العربية والإسلامية في مساجد القطاع الأخرى-؛ فتتبدى قيمة تضحيات هؤلاء بهذا التحرير، الذي أتاح للعلماء وسائر المسلمين زيارة أهلهم المرابطين في غزة، وحيث الانعتاق من ربقة الاحتلال وتلقينه دروساً في الصمود والكرامة..

وها هي بيوت الشهداء.. وهذي صواريخ الأعداء، التي حرص الوفد على مشاهدتها خلال جولتهم بالقطاع، وتلك ثمرات التحرير وملاحمه..

جميعها تحكي مسيرة المقاومة التي مضت بالقطاع إلى تعزيز استقلاله، يشهد عليه تقاطر الوفود، وانفتاح غزة على الخارج بعد عقود من الحبس والانعزال..

مسيرة على كل صعابها وأهوالها لم تطل كثيراً؛ فما بين ما كان يكتبه الأمين العام للرابطة في كتابه (رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية) مستبشراً بقرب النصر والتمكين، وبين رؤية تحرر جزء غالٍ من أرض فلسطين لم يكد يمضى سوى اثني عشر عاما حتى صارت الأحلام حقيقة، وصار كاتبه يخطب على منبر العمري بغزة ذاتها!

فالمسجد هو مصنع هذه البطولة، وإليه تعود، كما ركز فضيلة الشيخ العمر في خطبته عليه بقوله: "اليهود دمروا المساجد لعلمهم أن مطلقيها هم من تربوا في تلك المساجد وتعلموا فيها"..

إن المنتج المقاوم قد نشأ في بيئة علمية ونما في رحاب المساجد، ولابد أن يستمر على هذا المنوال حفاظاً على النصر وقياماً بالمسؤولية في تلك البقعة الطيبة.

ولذا؛ كان الاهتمام بالتذكير بأسباب هذا النصر، للحفاظ عليها وعدم إضاعته بالعجب وغيره، وكان الحرص من جانب العلماء على وضع القضايا العلمية على سُلّم أولوياته في تلك الزيارة، كما أن الوفد حرص على التمهيد والدعوة إلى تقاطر الوفود من التجار وغيرهم للتعرف عن كثب على احتياجات القطاع، بما لدى العلماء من دور في رعاية الجوانب الإغاثية والاجتماعية، كما أن الوفد أبدى استعداده على لسان أمينه العام على إصلاح ذات البين بين الفرقاء في فلسطين، والاضطلاع بهذا الواجب متى تيسرت ظروفه.


23/1/1434 هـ