أين العدالة ؟!
منذ 2005-09-16
ترى.. ماذا لو كانت تلك الفكرة انطلقت بإطارها الإسلامي ومرجعها الأخلاقي؟! ماذا لو حقق الدعاة تقدماً في تلك الفكرة، ولو عُلّقوا على المشانق من أجل انتصار الحريات وتحقيق العدالة؟
17/4/1426 هـ
25/05/2005 م
إن المجتمعات التي يُضرب فيها بالعدل عُرض الحائط يصبح الناس فيها إما ظالماً أو مظلوماً، ويغدو التوسط ضرباً من الجنون. وإنها لنتيجة طبيعية حين يشيع الظلم في البيت الصغير وفي القصر الكبير، ويتحوّل الناس في آن واحد إلى مظلومين وظالمين؛ إذ لا سبيل إلى حقوقهم إلا بظلم، يستعيدون بعضها ولو على رقاب الآخرين.
لقد كانت فكرة الحرية وحقوق الإنسان التي قامت عليه حضارة الغرب اليوم فكرة رائعة، لا يشك عاقل أن كل منتجات الحضارة المعاصرة تولّدت من تلك الحريات والعدل النسبي في رعاية حقوق الإنسان داخل دولهم.
ترى.. ماذا لو كانت تلك الفكرة انطلقت بإطارها الإسلامي ومرجعها الأخلاقي؟!
ماذا لو حقق الدعاة تقدماً في تلك الفكرة، ولو عُلّقوا على المشانق من أجل انتصار الحريات وتحقيق العدالة؟
ماذا لو كان درس التوحيد ومحاضرة العقيدة تُُعلم للناس على منهج عملي ينقلهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؟
إن ما حققته الحضارة الغربية من "معجزات تقنية " وهي التي انفكت عن القيود الأخلاقية لا تعجز عنه الفلسفة الإسلامية لو كان لهذا الدين رجال!
وإن مشاهد الظلم المتكررة تنبئ عن فشل في ترتيب الأولى، وتقديم الأهم لدى مجمل حراك الإسلاميين في الساحة.
فقد غلب الطابع السجالي في البناء الفكري والتربوي، وأضيف إليه هاجس الترقب والخوف والحذر وكثرة الألوان والخطوط الحمراء حتى تحوّل الشاب إلى "دمية ناطقة" وهذا البناء الضعيف لا يزال يردّد قضاياه ويستعيدها بنَفَسِها وقالبها تاركاً خلفه أهم وأعظم وأخطر مكون حضاري للأمم والمجتمعات!!
إن الانتصار في قضايا حقوق الإنسان ودعم الحريات هو علامة النهوض الحقيقي للتنمية والصناعة والتطور؛ فالشعور بالحرية هو في الحقيقة إطلاق لقدرات الإنسان، والمساس بهذه الحرية يحوّله إلى كائن يأكل ويرعى ثم ينام في المأوى منتظراً دوره في سلم المقابر.
إن قوانين الظلم تحول الحياة إلى "اللاحياة"، وتجعل من الضحية مجرماً، والمجرم مستشاراً برتبة منفذ! وإن كافة معاناتنا اليوم إنما تولّدت لأن المجرم موجود والضحية في السجن، ولك أن تلحظ أن كافة أمور حياتنا تُدار وفق اعتبارات ظالمة تتحكم في حركة المجتمع، وإن أتت في بعضها صورة من صور العدل، فمعايير اختيار الأكفاء في إدارة شؤون الناس لا تحتكم إلى العدل، وإنما تخضع إلى مقاييس الولاء والقدرة على تحمل التجاوزات، فلم يعد الظلم شيئاً عارضاً بل هو في صميم قوانين الإدارة داخل الدولة.
وبهذا الظلم المقنن يدفع الناس الثمن باهظاً إن أرادوا العدل أو بعض العدل؛ لأن آليات كسب الحقوق القانونية لا تمكنك من حقك إلا بنوع من العنت والتشتت والملل لتتنازل في نهاية أمرك عن معظمه "وعساك تسلم".
والملاحظ أن طبقات المجتمع كلها تعاني معاناة شديدة من الجور والتسلط والاستبداد والإحباط؛ فنحن ما بين فقير يشكو ظلم توزيع الثروة، وتاجر يشكو صعوبة الإجراءات وقهر الأنظمة، ومساهم قد يئس من تكرار الوعود والمماطلة.
وأخيراً، فمهما قيل عن الفساد الأخلاقي وفتح دور المراقص والبغاء.. فيبقى الظلم (في نظري) أشد وأنكى.
وعذراً لكل السادة على هذه المقارنة! لكنها ضرورة "نثرية" فلقد اعتدنا على المقارنات التي تجعلنا شعرة بيضاء في جلد الثور الأسود.
25/05/2005 م
إن المجتمعات التي يُضرب فيها بالعدل عُرض الحائط يصبح الناس فيها إما ظالماً أو مظلوماً، ويغدو التوسط ضرباً من الجنون. وإنها لنتيجة طبيعية حين يشيع الظلم في البيت الصغير وفي القصر الكبير، ويتحوّل الناس في آن واحد إلى مظلومين وظالمين؛ إذ لا سبيل إلى حقوقهم إلا بظلم، يستعيدون بعضها ولو على رقاب الآخرين.
لقد كانت فكرة الحرية وحقوق الإنسان التي قامت عليه حضارة الغرب اليوم فكرة رائعة، لا يشك عاقل أن كل منتجات الحضارة المعاصرة تولّدت من تلك الحريات والعدل النسبي في رعاية حقوق الإنسان داخل دولهم.
ترى.. ماذا لو كانت تلك الفكرة انطلقت بإطارها الإسلامي ومرجعها الأخلاقي؟!
ماذا لو حقق الدعاة تقدماً في تلك الفكرة، ولو عُلّقوا على المشانق من أجل انتصار الحريات وتحقيق العدالة؟
ماذا لو كان درس التوحيد ومحاضرة العقيدة تُُعلم للناس على منهج عملي ينقلهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؟
إن ما حققته الحضارة الغربية من "معجزات تقنية " وهي التي انفكت عن القيود الأخلاقية لا تعجز عنه الفلسفة الإسلامية لو كان لهذا الدين رجال!
وإن مشاهد الظلم المتكررة تنبئ عن فشل في ترتيب الأولى، وتقديم الأهم لدى مجمل حراك الإسلاميين في الساحة.
فقد غلب الطابع السجالي في البناء الفكري والتربوي، وأضيف إليه هاجس الترقب والخوف والحذر وكثرة الألوان والخطوط الحمراء حتى تحوّل الشاب إلى "دمية ناطقة" وهذا البناء الضعيف لا يزال يردّد قضاياه ويستعيدها بنَفَسِها وقالبها تاركاً خلفه أهم وأعظم وأخطر مكون حضاري للأمم والمجتمعات!!
إن الانتصار في قضايا حقوق الإنسان ودعم الحريات هو علامة النهوض الحقيقي للتنمية والصناعة والتطور؛ فالشعور بالحرية هو في الحقيقة إطلاق لقدرات الإنسان، والمساس بهذه الحرية يحوّله إلى كائن يأكل ويرعى ثم ينام في المأوى منتظراً دوره في سلم المقابر.
إن قوانين الظلم تحول الحياة إلى "اللاحياة"، وتجعل من الضحية مجرماً، والمجرم مستشاراً برتبة منفذ! وإن كافة معاناتنا اليوم إنما تولّدت لأن المجرم موجود والضحية في السجن، ولك أن تلحظ أن كافة أمور حياتنا تُدار وفق اعتبارات ظالمة تتحكم في حركة المجتمع، وإن أتت في بعضها صورة من صور العدل، فمعايير اختيار الأكفاء في إدارة شؤون الناس لا تحتكم إلى العدل، وإنما تخضع إلى مقاييس الولاء والقدرة على تحمل التجاوزات، فلم يعد الظلم شيئاً عارضاً بل هو في صميم قوانين الإدارة داخل الدولة.
وبهذا الظلم المقنن يدفع الناس الثمن باهظاً إن أرادوا العدل أو بعض العدل؛ لأن آليات كسب الحقوق القانونية لا تمكنك من حقك إلا بنوع من العنت والتشتت والملل لتتنازل في نهاية أمرك عن معظمه "وعساك تسلم".
والملاحظ أن طبقات المجتمع كلها تعاني معاناة شديدة من الجور والتسلط والاستبداد والإحباط؛ فنحن ما بين فقير يشكو ظلم توزيع الثروة، وتاجر يشكو صعوبة الإجراءات وقهر الأنظمة، ومساهم قد يئس من تكرار الوعود والمماطلة.
وأخيراً، فمهما قيل عن الفساد الأخلاقي وفتح دور المراقص والبغاء.. فيبقى الظلم (في نظري) أشد وأنكى.
وعذراً لكل السادة على هذه المقارنة! لكنها ضرورة "نثرية" فلقد اعتدنا على المقارنات التي تجعلنا شعرة بيضاء في جلد الثور الأسود.
المصدر: موقع الإسلام اليوم
محمد عبد الكريم
قارئ متقن و ذو صوت عذب، من أصل سوداني
- التصنيف: