من وراء محاولة إسقاط "(مرسي).. ولماذا؟

منذ 2013-01-07

لقد جاءت الإشاعات إفلاس الدولة عقب إقرار الدستور مباشرة وبعد تدهور سريع في سعر الجنيه -الذي لم يتأثر في خضم أحداث الثورة- مما يثير العديد من التساؤلات عن تزامن ذلك مع فوز الإسلاميين في معركة الدستور التي أشعلتها المعارضة العلمانية بتصريحاتها العنترية..


الرئيس المصري

وصول رجل ينتمي للتيار الإسلامي إلى سدة الحكم في واحدة من أكبر البلاد العربية وأكثرها تأثيراً وأهمية إستراتيجية ليس بالأمر الهين على الإطلاق ولم يكن أحد من أكثر المتفائلين يتوقع حدوثه في هذا التوقيت الذي تتصاعد فيه حدة العداء للإسلاميين ورميهم بأبشع الاتهامات مهما كانوا معتدلين؛ لذلك كان وصول الدكتور محمد مرسي لرئاسة مصر مفاجأة مدهشة لجميع القوى الخارجية والداخلية.

صحيح أن هناك تمهيداً قد حدث بعد ثورات الربيع العربي وفوز الإسلاميين بأغلبية مقاعد البرلمان لكن وصولهم للرئاسة ظل يحمل الكثير من المعاني والدلالات؛ فالنظام المصري تولى لفترة طويلة قيادة الحرب على الإسلاميين في المنطقة وامتلأت سجونه بالآلاف من أعضاء الحركات الإسلامية وأصبح صاحب اللحية أو المعتاد على الصلاة في المسجد من المشبوهين عند مباحث أمن الدولة التي كانت تتعقبهم وتكتب عنهم التقارير الأمنية وتقوم بتلفيق القضايا لهم أو إلقائهم خلف القضبان لفترات طويلة دون محاكمة مستغلة قانون الطوارئ الذي ظل معمولاً به لعشرات السنين فقط من أجل البطش بهم.

مفاجأة وصول مرسي للحكم جاءت بشكل "دراماتيكي" عندما حاول البعض في الخارج التدخل لإنجاح أحمد شفيق المرشح المنافس المحسوب على نظام مبارك وراهن عليه بقوة وأغدق عليه بالأموال كما حاول البعض في الداخل إسقاط مرسي للحفاظ على نظام مبارك وتحجيم الثورة وإبعاد الإسلاميين عن الحكم والعودة لعصر التنكيل بهم، ولكن الخوف من ردة فعل الجماهير الغاضبة أفشل المخطط وظهرت النتيجة الحقيقية التي تابعها الشعب على جميع الفضائيات لحظة بلحظة.

ولكن المخطط لم ينته عند هذا الحد بل ظل قائماً بعد تولي الرئيس مرسي للمنصب وتمثل ذلك في مؤامرات حثيثة لإفشاله من الداخل والخارج وتلخصت الخطة في شن حرب إعلامية ضد الرئيس وجماعته والتيار الإسلامي وَوصمه بأبشع الصفات والتركيز على الأخطاء وتلفيقها إذا اقتضى الأمر واللعب على مشاعر الناس الذين يريدون الاستقرار وتحسين أوضاعهم سريعاً بعد فترة انتقالية طويلة فشل المجلس العسكري في إدارتها.

وكشف أحد الصحفيين البارزين عن لقاءات عقدها عدد من رموز المعارضة العلمانية مع رجال أعمال تابعين لنظام مبارك أحدهم قبطي معادي للإسلاميين بشدة، وأشار إلى حصولهم على دعم مالي من زوجة مبارك من أجل تنفيذ المخطط الذي ينص على إشعال التوتر في الشارع من خلال اعتصامات مظاهرات تصطدم بالشرطة وتحرق مقرات للأحزاب الإسلامية وتعتدي على منشآت حيوية تحت ستار رفض مشروع الدستور الجديد...

وعندما فشل هذا المخطط بعد إقرار الدستور بأغلبية كبيرة بدأ المخطط يأخذ منحى آخر حيث تركز على إشاعة أنباء عن إفلاس البلاد اقتصادياً لإخافة السياح والمستثمرين ومن ثم تحدث ثورة شعبية للإطاحة بالرئيس مرسي.

لقد جاءت الإشاعات عقب إقرار الدستور مباشرة وبعد تدهور سريع في سعر الجنيه -الذي لم يتأثر في خضم أحداث الثورة- مما يثير العديد من التساؤلات عن تزامن ذلك مع فوز الإسلاميين في معركة الدستور التي أشعلتها المعارضة العلمانية بتصريحاتها العنترية..

لا يخفى على أحد استفادة عدد كبير من رجال الأعمال أصحاب المليارات من نظام مبارك وكراهيتهم للإسلاميين الذين أكدوا بشكل واضح على تحيزهم للفقراء ومحاربتهم للفساد والرشوة كما لا يخفى على أحد وجود مليارات مهربة في الخارج تم نهبها عن طريق حاشية مبارك وهي جاهزة من أجل محاربة النظام الجديد.

في نفس الوقت البعض في الجوار عنده حساسية مبالغ فيها حتى اللحظة تجاه وصول الجماعات الإسلامية للحكم رغم إعلان هذه الجماعات نبذها للعنف وأنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وأنها تسعى للتعاون مع الآخرين.

كل هذا وغيره يصب في النهاية ضد الاستقرار المنشود في مصر التي تعيش تجربة فريدة في هذا العصر يخشى الكثيرون من نجاحها وهو ما يحمل التيار الإسلامي المزيد من العبء والمسؤولية.


خالد مصطفى