خطاب الغياب عن الوعي

منذ 2013-01-08

ألقى الرئيس السوري بشار الأسد اليوم خطابا بعد فترة طويلة من الانقطاع والابتعاد عن الإعلام، مع اقتراب المعارضة بشدة من قصره الجمهوري واستهدافها له بشكل مباشر، وإحاطتها بالعاصمة دمشق إحاطة السوار بالمعصم إثر سيطرتها على العديد من المواقع الإسترتيجية قرب العاصمة.....


ألقى الرئيس السوري بشار الأسد اليوم خطابا بعد فترة طويلة من الانقطاع والابتعاد عن الإعلام، مع اقتراب المعارضة بشدة من قصره الجمهوري واستهدافها له بشكل مباشر، وإحاطتها بالعاصمة دمشق إحاطة السوار بالمعصم إثر سيطرتها على العديد من المواقع الإسترتيجية قرب العاصمة، وشل حركة مليشيات الأسد في معظم المدن واقتحامها العديد من المطارات، واستيلائها على معدات عسكرية ضخمة، أضف إلى ذلك الانشقاقات الضخمة التي شهدها الجيش التابع للأسد والتي شملت مناصب رفيعة، وكان من المتوقع أن يعرض الأسد حلولا أكثر واقعية تتناسب مع مجريات الأمور على الارض، وتراجع قواته والضغوط الإقليمية والدولية المتصاعدة عليه، إلا أنه فاجأ الجميع بخطاب يبث غيابا كاملا عن الوعي! وهو الغياب الذي أصاب من قبله الرؤساء الذين تم خلعهم في مصر وليبيا وتونس.

بريق كرسي السلطة في الدول المستبدة التي لا تعرف على مدار عشرات السنين من تاريخها سوى الفراعنة والطغاة، لا يمكن تخيله؛ فكل ما يقوله (الزعيم الملهم) أمر واجب التنفيذ، وأحلامه هي خطط للمستقبل مهما كانت سذاجتها وسطحيتها، لذلك لا يمكن أن يتخلى عن السلطة سوى بالقوة، وعندما يشعر أن رقبته أصبحت تحت المقصلة ولا مفر من الرحيل لإنقاذها، ويبدو أن المقربين من الأسد قليل الخبرة يصورون له أن بإمكانه ذبح الشعب بالكامل والبقاء بشكل طبيعي في مكانه! مع إجراء تحاور مع بعض المعارضين المستأنسين الذين يدورون في فلك السلطة.

الأسد تجاهل تماما المعارضة التي تقاتله واستطاعت أن تسلبه العديد من المدن والمواقع العسكرية والتف حولها الملايين، وانهال عليها بالاتهامات بالإرهاب والإجرام، ووجه حديثه للمعارضة الداخلية –اللطيفة- التي لا تعكر عليه صفو نزهاته ومشترياته باهظة الثمن هو وزوجته من أسواق أوروبا بأموال الشعب المسكين، الذي يعاني من الفقر والجوع والآن أضيف لهما الموت.

أنكر الأسد في تبجح بالغ أن تكون هناك ثورة في بلاده، وزعم أن الثورة تحتاج إلى مفكر وقائد، رغم أنه أشاد وبارك ثورة مصر ولم يكن لها من قائد أو مفكر، ولكنها جاءت على هواه وعلى هوى أوليائه في إيران، وظنوا أنها ستخلصهم من نظام مناهض لهم، وتأتي بنظام تابع يمكن ترويضه وضمه لتحالف الشر الشيعي الذي يسعى لبسط سيطرته على المنطقة، وعندما فوجئوا بالعكس أصيبوا بصدمة بالغة لم يستيقظوا منها حتى اللحظة.

خطاب الأسد أكد على أنه لا حل يحقن الدماء يمكن التوصل إليه في سوريا، وأن الفترة القادمة ستشهد المزيد من المذابح المروعة التي اعتاد نظام الأسد على ارتكابها بعد كل خطاب أو حديث للإعلام، حيث يمهد الأسد لمثل هذه الممارسات بكلماته عن (الإرهاب، والدعم الخارجي، والمجرمين..) إلى آخر مثل هذه الألفاظ التحريضية.

إن مسؤولية المجتمع الدولي تزداد اليوم تجاه الشعب السوري أكثر من أي وقت مضى، فلقد أعلنها الأسد صريحة بأنه لن يقبل لحل مع المعارضة التي يسميها: "الإرهابية"، وبالتالي لا فائدة من زيارات الإبراهيمي الإعلامية والتي أصبحت أفضل غطاء لجرائم الأسد.

وعلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة ويرفعوا الحظر عن السلاح؛ لكي يتمكن الجيش الحر من الدفاع عن الشعب الأعزل، خصوصا أن السلاح يتدفق على الأسد بغزارة من إيران، وروسيا..

المعارضة السورية من جهتها رفضت تخاربف الأسد، وأكدت على أنها مستمرة في جهادها حتى إسقاطه هو وحاشيته، وطالبه الاتحاد الأوروبي بالتنحي لإفساح الطريق أمام حل سياسي، كما سخرت تركيا من الخطاب واعتبرته تكرارا للوعود الجوفاء.

الشعب السوري أمام منعطف حرج يحتاج لتضافر الجهود والوقوف وراء المجاهدين بقوة حتى يتحقق النصر، كما أن على الدول العربية والإسلامية مد يد المساعدة للشعب الذي يعاني الأمرين من النظام الفاشي.


خالد مصطفى- 23/2/1434هـ