إيران وتقسيم العراق بعد سقوط الأسد

منذ 2013-01-11

إن ما يجري اليوم في العراق، وخاصة في عملياته المخابراتية، وفي حكومة العملاء وتشكيلاتها ومؤسساتها، هو المشروع الصفوي التفريسي بكل عمقه وشموله، ينفذه الائتلاف الصفوي بقيادة حزب الدعوة وزعيمه المالكي منذ أكثر من 7 سنوات.


عراقيون يحتجون

مع قرب سقوط النظام القمعي في سوريا، يبدو أن إيران تخطط لسيناريو جديد لتوسعة دولتها الشيعية في مدن العراق التي تشهد تظاهرات ضخمة في مدن كبيرة وجديدة ضد العميل لطهران نوري المالكي.

ولعل أبرز من كشف عن هذا المخطط هو مصدر رفيع في حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي التركي الذي يترأسه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لصحيفة "السياسة" الكويتية، حيث قال إن القيادة الإيرانية اقترحت على التحالف الشيعي الذي يقود الحكومة العراقية برئاسة المالكي إقامة دولة شيعية كبيرة تضم محافظات، النجف وكربلاء وميسان وذي قار والديوانية وَواسط والبصرة وبابل والقادسية وقسم الرصافة من العاصمة بغداد بعد سقوط الأسد.

وبحسب المصدر التركي فإن المالكي يدعم مشروع الدولة الشيعية، لأنه يعتقد أن سقوط الأسد سيُؤدي إلى قيام تحالف إقليمي قوي يضم تركيا ومصر ودول الخليج العربي والأردن، والحكم الجديد في سوريا، لدعم السنة في العراق والعمل على إطاحته.

لذلك فهو على قناعة أنه يجب القيام بخطوة استباقية وبالتالي التصعيد ضد السنة من خلال اعتقال أكثر من 200 عنصر من فوج حماية وزير المالية رافع العيساوي.

كما تعتبر القيادة الإيرانية وفي مقدمها المرشد الاعلى علي خامنئي، أن قيام دولة شيعية قوية في العراق أفضل بكثير من حكم شيعي ضعيف، بعد سقوط الأسد الذي سيؤدي إلى تقوية شوكة سنة العراق وإضعاف حكم الشيعة في بغداد، ولذلك من الأفضل للشيعة ولإيران "تقسيم العراق".

وَوفقاً للمصدر التركي فإن أهم أهداف طهران من تقسيم العراق وقيام دولة شيعية قوية، أن تحصل هذه الدولة على أكثر من 70 في المئة من الثروة النفطية في العراق، وهو ما يعني أنها إلى جانب إيران ستشكلان خزاناً نفطياً ومحوراً بارزاً لتصدير الطاقة في العالم.

وتفكر القيادة الإيرانية بهذه الطريقة منذ سنوات، من أجل هيمنة شيعية مطلقة بزعامة المالكي على العراق، بعدها يتم إقامة هلال شيعي اقليمي يضم العراق وسوريا وإيران بقيادة طهران، غير أن تطورات الثورة في سوريا، دفعت إلى تغيير هذه الخطة والسعي لإقامة دولة شيعية في العراق لتحصين طهران مما تُسميه "المد الإسلامي السُنّي" في المنطقة الذي أسّسه الربيع العربي.

كما تخشى إيران من وصول هذا المد إلى مناطق الأحواز التي تسكنها غالبية من العرب السنة في إيران.

الأمر ذاته جاء على لسان عِزّة إبراهيم الدوري، النائب السابق للرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، الذي اتهم المالكي، بتنفيذ مشروع صفوي فارسي لتقسيم العراق إلى دويلات منذ 7 سنوات.

وقال الدوري، في تسجيل مصور خاص لـ"العربية" الفضائية، "من محافظة بابل العراقية بمناسبة عيد تأسيس الجيش العراقي"، الذي يوافق 6 يناير من كل عام: "إن ما يجري اليوم في العراق، وخاصة في عملياته المخابراتية، وفي حكومة العملاء وتشكيلاتها ومؤسساتها، هو المشروع الصفوي التفريسي بكل عمقه وشموله، ينفذه الائتلاف الصفوي بقيادة حزب الدعوة وزعيمه المالكي منذ أكثر من 7 سنوات"، مؤكداً أن "المقاومة الوطنية ستتصدى لهؤلاء".

كما دعا الجيش العراقي الامتناع مطلقاً عن إطلاق أي رصاصة على أبناء شعبهم عرباً كانوا أو أكراداً أو تركماناً أو أقليات أخرى، شيعة كانوا أم سنة، مسيحيين كانوا أم مسلمين أو أديان أخرى، بل أن يصوبوا إلى الجواسيس والعملاء والخونة.

ويخشى المالكي -بحسب المحللين- من تكرار ما حدث في سوريا والتنسيق بين المحتجين العراقيين والثوار في سوريا، فبعد أسبوع من احتجاجات الأنبار، تم تشكيل "تنسيقيات" في عدد من مدن المحافظة التي تعتبر مركز الثقل السنّي في العراق، وبدأت تسميات أيام الجُمَع لتكون البداية مثل سوريا مع جمعة العِزّ والكرامة للمطالبة بإصلاح الخدمات العامة المتهالكة وإلغاء قوانين مكافحة الإرهاب.

وقد نشرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تفسيراً للأحداث في الأنبار متفقاً مع قراءة معسكر المالكي لها، حيث قالت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية الرسمية بعد يوم على "جمعة العِزّة والكرامة" أن ما يحدث يدل على أن الفتنة بين الشيعة والسنّة بدأت تدشن فصولها "القاتمة" في العراق.

وزعم التقرير الإيراني أن أهالي هذه المحافظات السنّية الذين تحمل غالبيتهم "توجهات بعثية ومعادية للشيعة"، يتوجهون إلى التمهيد لـ"انقلاب عسكري" ضد الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة عبر التمرّد والاعتصامات!

ومن العراق إلى لبنان فإن سقوط النظام السوري الوشيك سيُؤثر بدوره على استراتيجية "حزب الله" المتعلقة مباشرة بالمشروع الإيراني التوسعي المعروف حيث إن الحزب قد يتخلى مرحلياً عن تدخله في السياسات الإقليمية، والانكفاء عن دوره التخريبي المعهود، لاسيما في البحرين وفلسطين والعراق ومصر واليمن وسواها من البلدان، إلى حين يُؤسّس لمرحلة جديدة في لبنان تكون أرضية صلبة له لانطلاقة إقليمية متجددة.

وبمعنى آخر فقد يكون التركيز على التمكن من الداخل اللبناني هي الوسيلة الوحيدة المتاحة اليوم أمام "حزب الله" للخروج من مأزق سقوط الأسد الحليف الاستراتيجي الأول، وهو ما تجلى في خطب نصر الله الأخيرة المتسمة بطابع الاعتدال والهدوء انتظاراً للضوء الأخضر من إيران قبل المضي بأي مشروع قتالي.


إيمان الشرقاوي