بارك الله في الجلطات
كانت الجلطة المباركة تُعدّ للطاغية الأكبر، ومهندس الفساد في
الأرض، ورأس الكفر شارون، كانت تُعدّ له مصيره الأسود في مزرعته، التي
اشتراها بأموال السحت والرشى، وسقاها من دماء وأشلاء الشعب الفلسطيني،
كانت على موعد ربّاني معه، لتُهيئ له مصيره الملعون، بينما كان يجمع
مكره الجديد، لإلغاء خدعة خارطة الطريق التي استُهلكت، فلم يعد لها
معنى، ولاختراع خدعاً جديدة، يبحث فيها عن خونة جدد، يشرب معهم كؤوس
الدم الفسلطيني، وليوسع مستوطنات، ويضيف أخرى، ويغتصب مزيداً من أرض
القدس، ويمّهد بهذا المكر اليهودي، مقترباً من هدم المسجد
الأقصى.
كانت الجلطة المباركة أحد ثمار جهاد الانتفاضة المبارك، الجهاد الذي
فجّر دماغ هذا المجرم، ذلك الدماغ الذي كان ينبوع كيد السوء، ومجمع
الخباثة العالمية، وعش الغل والأحقاد.
فليبارك الله تعالى تلك الجلطات التي تقضي على أحلام الطغاة وتريحينا
منهم، ونسأل الله أن يمُدّ لهم منها مداً..
وليبارك الله الجلطة الشارونية التي رسمت نهاية مطافه، في تلك الغرفة
البائسة في مستشفى صهيوني بائس، حيث ينتظره هناك ملائكة العذاب، إلى
سجن جهنم الأبدي..
حيث القصاص العادل الذي لن يدع له قطرة دم سفكها من دماء المسلمين،
ولا لحظة زمن من آنّات الحرية سلبها من الشعب الفلسطيني، ولا قطرة
دموع حرمان تحدرت من عين امرأة فلسطينية ثكلى على ابنها أو ابنتها، أو
قريبة، أو قريب لها، شهيد، أو معتقل.. ولا حسرة في قلب شيخ أو طفل،
على فقد حبيب، إلاّ ويُعذّب عليها أشد ما يعذب الله الفجرة الظالمين،
أبد الآبدين مع جنود إبليس أجمعين..
وسيُلحق الله به أعوانه وأولياءه من طواغيت العالم، بوش وبلير
وزمرتهما الخبيثة، إلى ثمّ، حيث يقبع فرعون..
يَقْدُمُون أتباعهم يوم القيامة، يردُون بهم النار، وبئس الورد
المورود.. ويردفهم أذنابهم من طواغيت العرب، تلك الدمى أذناب
الإمبريالية الصهيوصليبة، وبئس الرفد المرفود..
شارون هذا الذي رضع النذالة والقذارة، عوضاً عن ثدي أمه، أو رضعها من
ثدي أمه نفسه، وامتلأ كبده سموماً لايكاد يبرأ من عقابيلها، حتى تُعاد
جذعة، تلتف أُخراها لتلحق أُوُلاها أبداً حتى هلك، التحق بمنظمة
الهاغاناه الإجرامية وعمره 14 عاماً -فلا عار ولا حرج في عند اليهود
أن يجنّدوا أطفالهم لقتل المسلمين وليسوا إرهابيين مهما فعلوا! ومنذ
ذلك العمر الذي لاحت فيه مخايل نزعته الإجرامية، أوّل ما لاحت، ففرح
به أساتذته من شياطين الصهيونية، الذي درّبوه على شرب دماء المسلمين،
فكأنك تسمع فحيحهم المنكر، يقلبون أعينهم القبيحة في صنيعتهم متعجبين،
فرحين بها.
منذ ذلك الحين، وهو يتقلّب في مسيرة الإجرام؛ فاستهلّ تاريخه الإجرامي
في مذبحة قبية في خريف 1953م، والتي راح ضحيّتها 70 من المدنيين، وكان
قائد الوحدة 101 للمهام الخاصة في الجيش الصهيوني.
ثم اشتد عوده واستوى، لما هندس مجزرة بشعة في اللدّ عام 1948م، إذ حصد
أرواح 426 فلسطيني، بعد أن اعتقلهم داخل المساجد، و قدّم لهم أكواب
البول بدل الماء، ثم نسف المسجد بمن فيه، و أمر الفلسطينيات بخلع
ملابسهن ثم فتح عليهن النار!
ثم لم يزل يملأ جوفه العفن، بالدماء والأشلاء، حتى توّج مسيرته
الإجراميّة بمجزرة صبرا وشاتيلا، حيث رعى وأشرف بنفسه على المجزرة
التي ارتكبها إخوانه الصليبيون من حزب الكتائب الصليبي
اللبناني.
ففي الخامسة من مساء السادس عشر من سبتمبر، عام 1982م، دخلت ثلاث فرق
من السفاحين الصليبين إلى المخيم، كل فرقة تتكون من خمسين منهم، ثم
أحاطت تلك الفرق بسكان المخيم، وأعملوا في أهله، من المدنيين
والأبرياء، قتلاً وتعذيباً.. فلا تسأل عن هول ما ترى، فقد وُجد
الأطفال في سن الثالثة والرابعة غرقى في دمائهم..
وقد عُثر على حواملَ بُقرت بطونهن، ونساء اغتصبن ثم ذبحن
ذبحاً..
وشيوخ قد ذُبحوا ومُثّل بهم بعد تعذيبهم..
وكان المجرم شارون بجيش الصهاينة خارج المخيم، يلتذّ بما يرى، ويُعيد
كلّ من يحاول الهرب من ذلك الجحيم إلى داخل المذبحة.
ومضى يومان من القتل والتعذيب والاغتصاب، والجيش الصهيوني بقيادة
شارون، يُنير المخيم بنيران القنابل المضيئة، وقد أحكم إغلاق كلّ
المنافذ، فلم تدخل وسائل الإعلام، ولم يقدر أحد أن ينجو من تلك
المجازر المهولة.
حتى إذا دخل الناس بعد أن ارتوى السفاح من دماء الأبرياء، رأَوْا ما
تشيب له رؤوس الولدان، وتُسقط الحوامل ما في بطنها هولاً
وفزعاً..
جثثاً منبتّة الرؤوس، ووجوها مقلوعة الأعين، وأخرى مهشّمة، أشلاء
مقطعة، ودماء مهراقة تجري في الطرقات كالجداول، وأكثر من 3000 جثة، ما
بين طفل وامرأة ورجل، بين فلسطيني ولبناني من المسلمين.
ثمّ إنّه لم يُشبع ظمأه إلى الدماء، فقد أقسم أن يُنهي الإنتفاضة
الثانية المباركة في مائة يوم، فلمّا كذّب المجاهدون والمجاهدات ظنّه
-لاسيما الاستشهاديين والاستشهاديات- ولمّا رأى نار انتفاضة الجهاد،
يزيد اضطرامها كلّما حاربها، وتتمادى في علوّ، كلما ظنّ أنه اقترب من
القضاء عليها، طار عقله، وجنّ جنونه، فلم يرحل إلى لعنته الأبدية حتى
خلّف وراءه:
ممن نحسبهم عند الله شهداء من الشعب الفلسطيني، الذين سقطوا برصاص جيش
الاحتلال، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 29/9/2000م، وحتى قبل ثلاثة
أشهر من اليوم -تقريباً -: 4124 شهيداً، فيما بلغ عدد الجرحى 45398،
بالإضافة إلى 8435 جريحاً تلقوا علاجاً ميدانياً.
وذكرت الإحصائيات أن عدد الشهداء من الأطفال أقل من 18 عاماً، بلغ 765
شهيداً، أما الضحايا جراء القصف الإسرائيلي فبلغ عددهم 732 شهيداً..
وثمّة 267 شهيدة من الإناث، و344 شهيداً في صفوف الأمن الفلسطيني،
و842 طالباً ومعلماً قتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت الإحصائيات أن عدد شهداء الاغتيالات والتصفية الجسدية"، 343
شهيداً، كما بلغ عدد الشهداء من المرضى جراء الإعاقة على الحواجز
الإسرائيلية 136 شهيداً، ما بين طفل وسيدة وشيخ مسن من مرضى القلب
والكلى والسرطان، و59 شخصاً قضوا جراء اعتداءات المستوطنين على
فلسطينيين، و36 شهيداً من أفراد الأطقم الطبية والدفاع المدني، و9 من
الضحايا الإعلاميين والصحفيين، و220 ضحية من الوسط الرياضي.
أما إجمالي عدد الجرحى، فقد أفاد التقرير عن إصابة 45398 مواطناً،
بالإضافة إلى 8435 مواطن تلقوا علاجاً ميدانياً.
وبلغ عدد الطلبة والطالبات والموظفين الذين أصيبوا برصاص الاحتلال
4800، كما بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الذين ما زالوا في سجون الاحتلال
8500 أسيراً، منهم 590 أسيراً معتقلين منذ ما قبل الانتفاضة، فيما بلغ
عدد المعتقلين من طلبة المدارس والجامعات 1389 طالباً وطالبة، منهم
306 من الأطفال رهن الاعتقال، و205 معتقلاً من المعلمين والموظفين
التابعين لوزارة التربية والتعليم العالي، و1000 أسيراً يعانون من
أمراض مزمنة، و110 أسيرة، منهن 42 أسيرة محكومة، 69 أسيرة موقوفة و5
أسيرات موقوفات توقيف إداري.
وأشارت الإحصائيات أن إجمالي عدد المنازل التي تضررت بشكل كلي وجزئي،
بلغ 71470 منزلاً، منها 7628 تضررت بشكل كلي، 4785 منها في قطاع غزة،
أما عدد المنازل التي تضررت بشكل جزئي، فبلغ 63842 منزلاً، منها 23622
في قطاع غزة. هذا وقد بلغ عدد المباني العامة والمباني والمنشآت
الأمنية التي تضررت بشكل كلي وجزئي، و645 مقراً عاماً ومنشأة أمنية.
(المصدر القدس برس).
أضف على ذلك جرائمه إلى أن أرسل الله تعالى إليه الجلطة يوم أمس، فهلك
أو يكاد، إلى لعنة الله.
هذا هو حصاد حياة هذا المجرم الذي كان يقتات عل دماء البشر:
جرائم لايبلغ عشر معشارها ما يفعله المجاهدون المسلمون -دفاعاً عن
حقوق المسلمين- في كلّ عملياتهم التي يطلقون عليها ( إرهابية )!
ثم تعالوا لنقارن بين هذه الحياة المليئة بالإجرام، شركاؤه فيها كلّ
من يأتمر بأمره، ومن يظاهره، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية
وبريطانيا وفرنسا، وما يقوله عنه رؤوس الإجرام العالمي:
فالإعلام الغربي لايكاد يذكر شيئاً من تاريخه الإجرامي، اللهمّ إلاّ
بعض الأصوات النشاز التي يكون وراءها عرب، أو من يتعاطف معهم في
الغرب..
والاتحاد الأوربي يتعامل معه على أنه رجل دولة يستحق الاحترام، وينظر
إلى إنجازاته على أنه إنجازات قائد شعب عظيم، يدافع عن شعبه..
وأما عند الولايات المتحدة الصليبية، فشارون هو بطل السلام، وقائد
الحرية، والمبشّر بالديمقراطية، والمثال العظيم الوحيد لحقوق الإنسان
في ( الشرق الأوسط )!!
أما خونة العرب وزنادقتهم ممن تسلطوا على رقاب هذه الأمة، فلولا
خشيتهم من الفضيحة لبكوه علناً، كما تبكى الثكالى أحبابها، ولاجرم،
أليسوا هم حماة كيانه، ورعاة حدود حظيرته اليهودية النتنة، من خارجها،
وهم من أعانه ويعينه على تحقيق كل أهداف الصهيونية في بلاد
الإسلام!!
غير أننا نقول، فرحين مستبشرين وحُقّ لنا:
( الحمد لله الذي بارك في هذه الجلطات التي تريحنا من الطواغيت، ونسأل
الله أن يزيد منها، ويرسلها الواحدة تلو الأخرى على أعداءنا، لتستريح
البلاد، ويرتاح العباد، والبر، والبحر، والجو، من ظلمهم
وطغيانهم.
والله أكبر، ولله الحمد..
له الحمد سبحانه أن جعل موت أبطالنا في ميادين القتال، أعزّة شرفاء،
كما استشهد شيخ المجاهدين أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسي، ويحى
عياش، صلاح شحاته، إسماعيل أبو شنب، إبراهيم مقادمة، محمود أبو هنود،
أيمن حلاوة، جمال منصور، جمال سليم، عماد عقل، وغيرهم كثير.. عشرات بل
مئات من كواكب الشهداء الأبطال، الذي سطّروا بدماءهم الشريفة أروع
المفاخر والبطولات، على تربة الأرض المقدسة.
وجعل موت كبير الإجرام، ورأس الكفر، كموت الخنازير النافقة في حظائر
العذرة..
وقد كان قبل ذلك مقتولا كلّ لحظة منذ اندلاع جهاد الانتفاضة..
مقتولاً بكلّ عملية استشهادية نفذها أبطال الجهاد الفسلطيني، رجالا
ونساء..
ومقتولاً بكل صاروخ قسامي انطلق ليفجر شرياناً في دماغه العفن..
ومقتولاً بكل مولود فلسطيني مبارك تلده أم فلسطينية عظيمة، ليحمل في
قلبه عزائم الأبطال، وإصرار الأحرار..
كان مقتولا كلّ لحظة بالرعب الذي ينصر الله به من يجاهد تحت راية محمد
صلى الله عليه وسلم..
وكان مقتولاً يوم انسحب ذليلاً من غزة..
وكان مقتولا يوم رأى استعراض الأبطال المجاهدين بسلاحهم ذلك
اليوم..
كان مقتولا إذ سمع من جوف كبده الأسود هاتفاً يصرخ في ضميره المتلبّد
بالحقد، هاتفاً كصيء العقارب: كم قتلت من هذا الشعب فلم أصنع
شيئاً..
فكم يلد من رجال أعظم عزيمة ممن مضوا، وأشدّ ساعداً في الحرب، وأطول
قامةً في المجد، وأرفع رأساً في العزّ.
ألا يا رجال الأقصى، وليوث الأرض المقدسة المرابطين هناك على أعظم
ثغور الإسلام..
امضوا نحو النصر:
امضوا فُدِيتُم ثائرين على الطغاة
وتقلّدوا في العزّ أعظم منصب
لا تيأسوا فالحرّ يبقى شامخاً
متعالياً بالمجد فوق الكوكب
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف: