فرنسا تقود "الدفاع الجماعي" الغربي في مالي!

منذ 2013-01-13

وانتشرت القوات الفرنسية الجمعة بعد أن فقد الجيش المالي السيطرة على إحدى المدن الأستراتيجة المهمة وسط البلاد وهي مدينة كونا، فيما واصل الجيش الفرنسي غاراته الجوية ضد المسلحين من حركتي أنصار الدين والتوحيد والجهاد المسلحتين.


مسلحون في مالي:

بعد أشهر من السكون، باغتت فرنسا شمال مالي بغارات جوية وتدخل عسكري في مستعمرتها السابقة بحجة الاستجابة لطلب باماكو بوقف زحف الحركات الإسلامية المسلحة، التي بدأت تتجه إلى الوسط في تحرك يخفي وراءه أهداف أخرى من جانب أوروبا والولايات المتحدة.

وانتشرت القوات الفرنسية الجمعة بعد أن فقد الجيش المالي السيطرة على إحدى المدن الأستراتيجة المهمة وسط البلاد وهي مدينة كونا، فيما واصل الجيش الفرنسي غاراته الجوية ضد المسلحين من حركتي أنصار الدين والتوحيد والجهاد المسلحتين.

وأعلنت الحكومة المالية أن قواتها استعادت السيطرة على مدينة كونا بعد ضربات جوية، وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ـ إيف لودريان إن وحدات من الجيش الفرنسي هاجمت رتلا من المسلحين كان متجها إلى مدينة موبتي وسط البلاد، مشيرا إلى مقتل طيار فرنسي في اشتباكات الجمعة.

وبحسب لودريان فإن مئات من العسكريين الفرنسيين شاركوا في تنفيذ العملية العسكرية في مالي، زاعما أن "باريس تصرفت بسرعة لإيقاف هجوم المسلحين الإسلاميين الذين يهددون بـتكوين دولة إرهابية على مقربة من فرنسا وأوروبا"!

وخلافا لما هو متعارف عليه من أنه لا يمكن لدولة اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في دولة أخرى دون الرجوع لمنظمة دولية مثل الأمم المتحدة، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند "إن التدخل ينسجم مع القانون الدولي وقد تم بالاتفاق مع الرئيس المالي المؤقت ديوكونادا تراوري".

وأعلن الرئيس المالي حالة الطوارئ في عموم البلاد، قائلا إنها ستظل لمدة أولية تتواصل 10 ايام، داعيا في خطاب متلفز الماليين إلى الوحدة و"تحرير كل بوصة" في البلاد.

وقالت مجموعة بلدان غرب إفريقيا "إيكواس" إنها أجازت نشر سريع لقوات عسكرية في مالي "لمساعدة الجيش المالي للدفاع عن وحدة أراضيه الأقليمية".

ووافقت الأمم المتحدة في وقت سابق على خطط لإرسال نحو 3000 جندي أفريقي إلى مالي لإعادة السيطرة على شمال البلاد في حالة عدم التوصل إلى حل سياسي، دون تحديد موعد لذلك.

وقال متحدث باسم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إنه يعتبر العملية الفرنسية "تدخلا صليبيا" وخاطب الفرنسيين قائلا إنهم "سيحفرون قبور أبنائهم" إذا استمرت العملية العسكرية، حسبما أفاد موقع صحراء ميديا في موريتانيا.

واعتبر محللون سياسيون إعلان فرنسا التدخل العسكري فى مالي، بداية التطبيق العملي لسياسية "الباب المفتوح" التي اتفق عليها أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" في قمة لشبونة عام 2009.

وتتضمن سياسة "الباب المفتوح" تنظيم عملية الدفاع الجماعي للناتو عن أعضائه أو مصالحهم في العالم، وذلك بتوزيع أعباء التدخل في منطقة النزاع على جميع الأعضاء، بحيث تتصدر الدولة الأقرب لتلك المنطقة المشهد فيما تدعمها بقية الدول عسكريا ولوجستيا واستخباراتيا، فبالنسبة لفرنسا، المستعمر السابق لمالي، فهي الأقرب جغرافيا وتاريخيا ونفوذا لإفريقيا.

و"الدفاع الجماعي" هو ملخص للمفهوم الأستراتيجي الجديد لأعضاء حلف الناتو، ملخصه التأكيد من جديد على الالتزام بالدفاع عن بعضها البعض ضد أي هجوم، وهو الأساس الذي يرتكز عليه الأمن الأوروبي الأطلسي.

وتأكيا لذلك أعلن البيت الابيض أن الولايات المتحدة تتقاسم مع فرنسا الأهداف نفسها في مالي في ما أسمته "منع الإرهابيين من الاستفادة من ملاذ لهم في المنطقة". وأعلن مسئولون أمريكيون أن "الجيش الأمريكي يدرس إمكانية تزويد القوات الفرنسية في مالي بمعلومات استخباراتية وتموين في الجو وأشكال أخرى من الدعم، وهذا يتطلب طائرات أمريكية بدون طيار للمراقبة". وأوضحوا أن القوات الأمريكية تملك قواعد جوية في إيطاليا وأسبانيا يمكن استخدامها في تموين الطائرات الفرنسية عند الحاجة.

ووفق محللين فإن أمريكا تعتبر الوجود العسكري الفرنسي هناك حماية لمصالحها والمصالح الغربية بوجه عام في مالي والنيجر وغيرها من الدول الأفريقية التي تشكل أهمية كبيرة من حيث المعادن الأستراتيجية مثل: اليورانيوم والثمينة مثل: الذهب والماس، فضلا عن الخوف من تهديد المصالح الغربية في الدول المجاورة والأنظمة الحاكمة الموالية للغرب فيما إذا سيطر الإسلاميون في مالي.

وبدوره، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أن بلاده "تدعم القرار الفرنسي بتقديم مساعدة إلى الحكومة المالية في مواجهة المسلحين، لكن مصدر بريطاني قال إن الأمر يتعلق "فقط بدعم سياسي"، و"ليس هناك دعم عسكري، ولا طلب بدعم عسكري، ولا خطة لدعم عسكري، ولا دعم مادي من جانب المملكة المتحدة".

في المقابل هددت جماعة أنصار الدين باستهداف المواطنين الفرنسيين أينما وجدوا في العالم الإسلامي بمن فيهم الرهائن. ويحتجز تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحلفاؤه ثمانية مواطنين فرنسيين في منطقة الساحل التي يقطنها عدد قليل من السكان عقب سلسلة من عمليات الخطف. ونصحت وزارة الخارجية الفرنسية المواطنين الفرنسيين المقيمين في مالي وعددهم 6000 بمغادرة البلاد.

ومن غير المستبعد أن يكون التدخل العسكري الفرنسي والأمريكي في مالي يستهدف ثروات دول القارة السمراء والحفاظ على أنظمة الحكم الموالية لها في تلك الدول لضمان استمرار عمليات النهب التي تجري على يد الشركات المتعددة الجنسيات التي تستخرج الفحم والبترول واليورانيوم والذهب والماس وغيرها من الثروات الأستراتيجية الموجودة بوفرة في إفريقيا.


إيمان الشرقاوي