لماذا ترفض واشنطن الحرب على الإسلاميين في مالي؟!
منذ 2013-01-14
يشير المراقبون إلى أن ردود فعل الإسلاميين لن تكون محصورة في منطقة الساحل وشمال مالي، بالنظر للارتباطات الواسعة التي ينسجها إسلاميو "قاعدة بلاد المغرب الإسلامي" مع مختلف تشكيلات "القاعدة" في العالم..
أعادت الولايات المتحدة تكرار موقف وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون الرافض للحرب على الجماعات الإسلامية التي أخذت في إتمام سيطرتها على مدن كبيرة في شمال مالي، هذا ما جاء على لسان الجنرال "كارتر هام" القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" الأحد الماضي من الجزائر. وفيما تزداد الأزمة بالنسبة للحكومة المحلية في مالي يمنح ذلك الإسلاميين متسعاً لتنظيم صفوفهم وتكوين قاعدة بشرية و عسكرية قوية في حدود المناطق التي يسيطرون عليها.
وبينما تريد فرنسا تدخلاً عسكرياً ينهي الوجود الإسلامي فإن ما يمنع الولايات المتحدة من ذلك ليس إلا صعوبة الوضع في هذه المنطقة بالنسبة لها ولحلفائها الذين يرون أن التدخل العسكري البري قد يعتبر بمثابة العبث في "عش الدبابير"، و يجعل منطقة شمال إفريقيا مركزًا لعمليات الجماعات الإسلامية المسلحة ضد الولايات المتحدة وحلفائها مثلما يحدث في الصومال حاليًا.
وتمضي الحركات الثلاث المسيطرة على الجزء الشمالي من البلاد، وهي جماعة "أنصار الدين" و"حركة التوحيد والجهاد" المتحالفتان مع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، في تقوية ذاتها في ظل غياب أي حل سياسي أو عسكري يعيد سيطرة الدولة المالية على كل أجزاء البلاد.
ويمضي الموقف الأمريكي في مسار معاكس لما كانت تنتظره الحكومة المالية في الجنوب ولما عوّلت عليه باريس من حشد الدعم الدولي الكافي لإنهاء حكم الإسلاميين في شمال مالي. وقال الجنرال كارتر هام في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالجزائر إن "الوضع في شمال مالي لا يمكن معالجته إلا في شكل دبلوماسي وسياسي، وهناك مكون سيكون جزءًا من كل وسيؤدي دورًا محدداً في حل النزاع".
من جانبه نقل موقع "فرانس24" عن حسيني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالمين العربي والمتوسطي في جنيف تصريحات فسر فيها الموقف الأمريكي من التدخل العسكري في مالي بالاختلاف الظاهر بين التصورين الأمريكي والفرنسي في طرق التعامل مع الوضع في مالي. فالموقف الأمريكي، يقول عبيدي، قريب من موقف دول الجوار كالجزائر وموريتانيا، حيث يحبذ العمل السياسي عن التدخل العسكري.
ويؤكد عبيدي أن الموقف الأمريكي يمكن اعتباره انتكاسة لفرنسا، أولاً لأنه يسير في اتجاه معاكس لما أبدته باريس من حماس في مطالبتها بالتدخل العسكري في المنطقة، مع شروعها في تعبئة دول المنطقة لذلك، وثانياً لأن الموقف الأمريكي المعلن يجعل من فرص حصول الأطراف الراغبة في الحل العسكري في مالي على قرار مجلس الأمن فرصاً صعبة.
ويشير الباحث إلى أن تدخل عسكري في المنطقة دون دعم الولايات المتحدة سيكون تدخلاً ناقصاً، بالنظر لقوة واشنطن وتواجدها في المنطقة من خلال قواعدها العسكرية المتحركة.
ويرى عبيدي بأن أبرز الصعوبات التي يمكن أن تصادفها الولايات المتحدة، الضعف الجلي للجيش والدولة في مالي، مقابل القدرات الميدانية التي تتمتع بها المجموعات "الجهادية" المتحالفة في الشمال ومختلف أشكال الدعم المالي والمادي الذي تتلقاه. ويجد ضعف الجيش النظامي المالي أسبابه في طبيعة هذا الجيش، التي تتوزعه فئات غير متجانسة، ذات ولاءات مشتتة بين الانقلابيين والزعماء السياسيين في "دولة الجنوب".
ويضيف بأن الذي يزيد من صعوبة التدخل العسكري ما يمكن أن يعتبر تخوفاً لدى دول الجوار، من أن يسفر التدخل العسكري على ردود فعل واسعة النطاق للإسلاميين في منطقة الساحل، والتي يمكن أن تهدد أمن الجزائر وموريتانيا ودول المنطقة.
ويشير المراقبون إلى أن ردود فعل الإسلاميين لن تكون محصورة في منطقة الساحل وشمال مالي، بالنظر للارتباطات الواسعة التي ينسجها إسلاميو "قاعدة بلاد المغرب الإسلامي" مع مختلف تشكيلات "القاعدة" في العالم.
ولم يغلق الجنرال الأمريكي الباب أمام عمل عسكري محدود في مالي، يتم بواسطة طائرات بدون طيار تستهدف المجموعات المتمركزة في الشمال. فواشنطن أعلنت رفضها لعمل عسكري واسع، يستوجب وجود قوات أمريكية وأفريقية على الأرض، غير أنه لم يعارض أن يعيد تجربة اليمن في اصطياد قادة تنظيم "القاعدة" من السماء.
6 - 10 - 2012 م
المصدر: مجلة البيان
- التصنيف: