الجيل السادس: تمكين أم تفكيك؟
الجيل السادس الإخواني الآن في مفترق طرق، بين نعيم الدنيا مجازفين بالتفكيك أو التمكين كأسرة عربية ملكية حاكمة بالوراثة ودائرة في مصالح أمريكا، وإما الصبر والتحمل على المجهول المقدر بين يدي الله، ومصيرهم في أيدي القادة الحاليين.
تعتبر مؤسسة (راند) البحثية في الولايات المتحدة مثالاً واضحاً على ضرورة (مأسسة الشورى) في الدول الإسلامية، وعدم جدوى الأسلوب القديم لها عن طريق أفراد لكل منهم رأي شخصي بحت.
فالمؤسسة تقوم بعمل أبحاث دراسية جادة و تقدم توصيات هامة مستمرة لصناع القرار السياسي بجوار عدة مؤسسات بحثية أخرى. فصانع القرار الأمريكي يمتلك معرفة عميقة بطبيعة المنطقة والتنظيم الذي سيتم اتخاذ القرار بشأنه، وبالتالي فهو (مؤسسة) تقوم بعمل أحد أهم روافد (الشورى) قبل اتخاذ القرارات المصيرية؛ بينما البعض منا (مؤيد أو معارض) يصر على رؤية الشورى في الإسلام على هيئة رجال بطرابيش و معاطف جالسين في بلاط الملك (التصور القديم لأهل الحل والعقد). والحقيقة أن هذا الأمر جارٍ بالفعل في أمريكا بصورة مؤسسية جادة و محترمة.
لذا فتقارير مؤسسة (راند) خطيرة جداً، وإن كان يجب النظر إليها لا على أنها صادرة من صناع القرار واجبة النفاذ -ولا نفاذ لكلام أحد أصلاً إلا بقدر الله- وإنما يجب النظر إليها على أنها رأي أحد كبار مستشاري صناع القرار الأمريكي.
كما أن مجال البحث يوضح بصورة خفية مجال الاهتمام الأمريكي مستقبلاً، فتقرير راند 2007 الشهير جداً وضح رغبة أمريكا في البحث عن بدائل للأنظمة الديكتاتورية بعدما خرجت يائسة من تجربتها معهم. وترافق هذا مع إحباط أمريكي داخلي من نتائج حربي العراق وأفغانستان، وفشل سياسة (المحافظين الجدد) السافرة العداء في حسم أي شيء، مما دفع فوكوياما مثلاً لجعل عنوان كتابه وقتها: (أمريكا على مفترق الطرق).
و قد اختارت أمريكا طريق العداء الخفي، طريق التعامل مع المنظمات الإسلامية لتفكيكها من الداخل وعقد شراكة معها.
لكن التقرير الجديد الذي صدر منذ أشهر قليلة يتعامل مع واقع جديد؛ إنه يتعامل مع ما بعد وصول الإخوان للحكم وسيطرتهم بالفعل كحزب أوحد على مؤسسة الرئاسة الهامة التي تتولى كثير من ملفات الشئون الخارجية. لذا فهناك بحث جاد يبدأ من عند (راند) علناً ولن يتوقف، لكيفية تفكيك الإخوان وإذابتهم تماماً في النظام العالمي الخاضع لأمريكا، خاصة أن لهجة التقرير فيها نفور من القيادات الحالية وعدم ثقة.
هنا يضئ وجود حزب كالتيار المصري فكرة في عقل صناع التقرير، لهذا يهتمون به وبدراسته بصورة شبه تفصيلية طوال صفحاته: لماذا لا نستخدم الشباب في عملية الربط بالنظام العالمي وفي نفس الوقت نُكون منهم جماعة وظيفية تنشر مستقبلاً مفاهيم (المابعد إسلامية) وتفتيت الإخوان؟
هكذا يمكن قراءة التقرير ما دام في عقلك خلفية مناسبة عن مراحل تطور النظام العالمي، فقد تطور الاستعمار البريطاني والأوروبي بشكل عام عبر ثلاث مراحل حتى منتصف القرن العشرين وذبول النظام العالمي القديم:
1) مرحلة الثلاثة سي 3Cs: وهي نشر المسيحية، نشر التجارة الإمبريالية ونشر الحضارة الأوروبية. واضح جداً من الشعارات وترتيب أهميتها عند الانجليز وأوروبا بشكل عام الأهداف المطلوبة من هذه المرحلة:
Christianity, commerce and civilization.
2) تطورت هذه المرحلة إلى مرحلة (عبء الرجل الأبيض) في منتصف القرن التاسع عشر وهي نفس الممارسات تقريباً لكنها ازدادت مناورة واستخفاءً وأوجدت جانب أخلاقي فيما يفعلونه من استعمار بعد ظهور الداروينية: أن الرجال البيض (الأسمى) يقومون بحمل عبء نقل المسيحية والتجارة والتحضر إلى الأمم الأخرى المتخلفة:
white man's burden.
3) المرحلة الأخيرة (بداية من القرن العشرين) كانت (التفويض الثنائي dual mandate) أو (الحكم اللامباشر Indirect rule) وهو خلاصة ما كان قد توصل له العقل البريطاني بشكل خاص والمنسوب للورد فريدريك لوجارد حاكم نيجريا الكولونيالي كوسيلة لحكم أفريقيا. ويعني خلق نخبة من الشعب المُستعمَر تقوم بقيادته وتسكينه لقبول الاستعمار الخفي، هذه النخبة مُفوضة من أوروبا للحكم في هذه البلاد. ومن غير المقبول أن تخرق هذا التفويض لأن هذا الأمر ليس من سلطتها.
لهذا كان التعليم في أعلى قائمة أولويات الاستعمار الأوروبي؛ لأن مسألة (تخليق) القادة المحليين الذين سيأخذون التفويض في العقد الاستعماري الثنائي أمر شديد الحساسية والحرج. ولهذا طوال مرحلة (التفويض الثنائي) في القرن العشرين ازداد التعليم تشعباً وزادت سنواته بصورة مستمرة كي يواجه بصورة متجددة محاولات الشباب الإفلات من قبضته الحديدية. فما كان تعليماً ابتدائياً أُضيف له مرحلة إعدادية، فثانوية، فجامعة يقضي فيهم المُستعمَر أغلب طفولته وشبابه فلا يقدر على الإفلات من التنميط والقولبة، ليصبح بعد ذلك قائداً مناسباً للمشاركة في (التفويض الثنائي).
لكن الاستعمار الأمريكي الحديث أصبح أكثر تطوراً وأكثر خفاءً، فالأمر لم يعد بحاجة لوضع قوات عسكرية في بلدك بهذا الشكل المستفز إلا في حالات الضرورة القصوى، يكفي أن يكون تسليحك كله قادم من جهة متفوقة عليك بعدة أجيال ويحظر عليك تطوير نفسك في هذا الجانب، ثم يصبح نمط القولبة الذي يتم مع العسكريين الذين يقودون هذا السلاح أكثر من كاف ليعرف هؤلاء العسكريون أن لا فائدة من مواجهة النظام الأمريكي ومن الأفضل الدوران في فلكه، أو بتعبير (شومسكي) عن أمريكا اللاتينية الشبيهة في بعض الأوجه بحالتنا: "تتحالف أمريكا مع العسكريين أقل الجماعات السياسية معاداة للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية لكي يمكن الاعتماد عليهم لسحق أي جماعة وطنية تفلت من قبضة اليد". فهل نحن بعيدون عن هذا التشبيه؟
لكن بعد ثورة يناير جاء نظام سياسي جديد ليس له خلفية عسكرية تقبل الرضوخ والاندماج بسهولة مع النظام العالمي، وكان هذا النظام ذو خلفية إسلامية كذلك مما زاد الأمر صعوبة لأنه لم يتأثر كثيراً بمرحلة التعليم العلماني التي قاموا بهندستها لصناعة النخب، لذا فكان لا بد من وضع خطط مستقبلية بديلة لتشريب مبادئ الأمريكان بصورة سريعة قدر الإمكان، لا للنخبة الحاكمة حالياً، وإنما لـ(قادة المستقبل) من شباب الإخوان كما وصفهم التقرير بنفسه!
(قادة المستقبل) هؤلاء هم من اصطلحت على تسميتهم بالجيل السادس.
لماذا الجيل السادس؟
هناك ثلاثة أجيال شهيرة في الإخوان (جيل الرعيل الأول- جيل المحنة- جيل الجماعة الإسلامية). لكن باحث مثل خليل عناني يقوم بتقسيمهم إلى أربعة أجيال في الجماعة هم: جيل الستينيات، جيل السبعينيات، جيل الثمانينات والتسعينيات، ثم أخيراً جيل المدونين.
وبرغم أن عناني سيقوم بوضع كثير من الصفات العامة الصادقة على أبناء كل جيل، مثل الحذر الشديد والتصورات المحافظة لدى أبناء جيل الستينيات، والميل للأفعال السياسية المباشرة والانفتاح الليبرالي الاجتماعي لدى جيل السبعينيات، بينما أن الجيل الثالث (الثمانينات والتسعينيات) أكثر تأثراً بالحرس القديم من حيث التصورات المتحفظة وأكثر تمسكاً بالمسائل التنظيمية الداخلية في الجماعة، وأخيراً جيل المدونين- فالحقيقة أنه تجاهل مرحلة هامة في هذه التقسيمة مثل (جيل الرعيل الأول) ربما لأنه كان يريد رصد الموجودين في أرض الواقع.
لكن بشكل عام يمكن تقسيم أجيال الإخوان إلى تقسيمة أخرى سأقوم بوضعها وتوضيحها ليست بعيدة تماماً عن صفات تقسيمته المتميزة:
1) جيل البنائين: رفاق البنا وبناة الجماعة، وهذا جيل تراثي تبدو إشكاليته الكبرى أن شخصياته الرئيسية رحلت منذ زمن بعيد جداً في صمت دون أن تترك لنا الكثير، لهذا فتصور غير الإخوان (بل والإخوان أنفسهم) مضطرب حول هذا الجيل.
2) جيل المحنة: الخمسينيات والستينيات و القهر المرعب من عبد الناصر ضد الجماعة وهو ما ليس له مثيل في تاريخها على الإطلاق. ويمكن الجدل كثيراً أن المحنة بدأت منذ نهاية الأربعينيات ووفاة البنا ثم الشقاق الداخلي المخيف الذي حدث بين النظام الخاص والنظام المعلن مما بدأ المحنة وسهل الأمور على قامعيهم.
و جيل المحنة مكانه الآن في الجماعة هو في مكتب الإرشاد (قيادات تاريخية) يبدو أقل سيطرة على الجانب التنظيمي وصاحب وجود شرفي متمسك بكثير من مفاهيم ورؤى العهد القديم.
3) جيل الجامعة والجماعة: السبعينيات بالذات، يعتبره البعض جيل الوسط، وهو الجيل الذي بدأ من الجامعات تحت مسمى الجماعة الإسلامية قبل أن ينضم للإخوان، وهذا الجيل مر بمحنة اعتقال القيادات هو الآخر فيما بعد لكن بصورة مخففة بجوار المحنة المرعبة السابقة، كما أن هذا الجيل أكثر نشاطاً وانفتاحاً سواء اجتماعياً (داخلياً) أو غربياً.
مكان جيل (الجامعة والجماعة) حالياً في المراكز التنفيذية الكبرى في الدولة المصرية والجماعة و الحزب، بل وحتى في بعض المعارضة الإخوانية المنشقة.
4) جيل الصحوة الثانية: الثمانينات والتسعينات، كما لاحظ عناني بعبقرية، هذا الجيل أكثر تمسكاً بالمعاني الإسلامية الأصلية لجيل البنائين وأكثر تشبثاً ببناء التنظيم المتماسك والحفاظ عليه بصرامة، و يعتبر هذا الجيل هو جسد الكيان الحقيقي الذي وصل به جيل (الجامعة والجماعة) إلى السلطة في مصر، حيث أفادت صرامته التنظيمية في الحفاظ عليه من ضربات الأمن القاصمة طوال العقد الأول من الألفية الجديدة.
هذا الجيل منتشر في أعضاء البرلمانات والوزراء، ومن المتوقع استمرار توغله في المحليات والسلطات التي لا توجد فيها قيادة رئيسية.
5) جيل الثورة: لم يذكره عناني لأن تقريره كان قبلها، و يمكن تقسيم هذا الجيل إلى جزء نشيط جداً رحل بعض أبرز العقول فيه بعد الثورة بسبب أزمة التيار المصري والتناقضات التي سرت في مواقف الإخوان المتلاعبة، وجزء آخر صمد مع الجماعة لكنه غير بارز بشكل عام منتظراً مستقبل أفضل في الإطار التنظيمي الذي يبدو الآن أكثر تهلهلاً من السابق لغياب السبب الرئيسي (المشكلة الأمنية).
ينتشر هذا الجيل في الفعاليات الشبابية والتنظيمية لكنه بشكل عام بعيد فعلاً عن (الدعوة) على عكس ما كان الجيل السابق له.
6) جيل المتمكنين: جيل أبناء القيادات الرئيسية الكبرى! وهذا الجيل الشاب بدأ ينتشر بصورة خفية بعد الوصول للحكم لمعاونة قيادات الجيلين الثالث والرابع لتخوفهم من عدم وجود مساندة حقيقية مستمرة في الأزمات والضربات المتتالية. وفي رأيي يعتبر هذا الجيل بالذات هو المقصود بالتقرير لا جيل شباب الجماعة بكل طبقاتها.
إذن فحسب التقسيمة الجديدة يصبح الجيل السادس هو المستهدف بالتفكيك والإسالة في النظام العالمي وحلقة الوصل بين أمريكا والإخوان، بسبب أن النظام العالمي لا يثق إطلاقاً في كافة الأجيال السابقة حتى وإن تعاون معها حالياً. كما أن الأجيال السابقة للجيل السادس صعب جداً تشريبهم مفهوم (المابعد إسلامية) المطلوب.
إذن ما هو مفهوم (المابعد إسلامية)؟ وما خطورته؟
فلنترك التقرير يقوم بالتعريف أولاً:
[ما بعد الإسلامية post-Islamism هو مفهوم صاغه آصف بيات في إيران، ويصف به الحركات الإصلاحية التي ظهرت في إيران بعد عام 1990. وهي محاولة جاهدة لمزج التدين والحقوق، والإيمان والحرية، والإسلام والتحرير. إنها محاولة لقلب النظريات الأساسية في الإسلام رأساً على عقب بتأكيد الحقوق بدلاً من الواجبات، والتعددية مقابل وجود سلطة واحدة، والصفة التاريخية (للدين) بدلاً من (الاعتماد) على النصوص الثابتة، والمستقبل بدلاً من الماضي].
جميل؟
إذن تابع القادم:
[أوليفير روي وجيليس كيبل أضافا أيضاً لهذا التعريف مفاهيم أخرى:
ظهور مجموعات معتدلة ذات عقلية إصلاحية يؤشر على فشل المشروع الإسلامي التقليدي، حيث فكرة إعادة إنشاء (دولة إسلامية). دراستهم ركزت خاصة على دور (المابعد إسلاميين) في تهميش تلك الجماعات المطالبة بعودة الخلافة أو استخدام القوة لتحقيق هدفهم.
كذلك أكد روي وكيبل أن (المابعد إسلاميين) يعانون من (الوعي الزائف)، لأنهم عن غير قصد يطورون أجندة علمانية عن طريق زحزحة الدين إلى الجانب الخاص/ الشخصي فقط].
فأي حزب مصري يا ترى رأى فيه التقرير أفضل مثال لنظرية (المابعد إسلامية)؟
نعم! إنه التيار المصري.
والتيار المصري حزب شيق بالنسبة لهم يدور عليه التقرير كله، فأعضائه كانوا من شباب الإخوان (وهي الشريحة المطلوب استخدامها و قولبتها في التقرير) وأطروحتهم تقول بتجاوز الأيدولوجيات وترفض خلط الدين بالسياسة وعشرات الأفكار العلمانية، كما أنه [حتى اسم حزب التيار المصري نفسه مشتق من اسم كتاب (نحو تيار أساسي للأمة) للمفكر الإسلامي طارق البشري، الذي وصف المجتمع المصري بأنه: متدين (بطبعه) لكنه غير مذهبي]. وهو الكتاب الذي دار حول فكرة إسقاط الحواجز بين الجميع وصنع توافق بين كافة الأديان والأفكار الموجودة على أرض مصر للنهوض بها. بتعبير آخر: هذا الكتاب هو أصل نظرية (التوافق) التي دار في فلكها الشعب المصري بعد الثورة.
و يخلط التقرير خلطاً متعمداً في عدة مواطن بين شباب أبو الفتوح وحزب التيار المصري لأنه:
[هناك تداخل بين وجهات نظر التيار المصري وأبو الفتوح، وكذلك فقد كان منسق حملة أبو الفتوح الرئاسية في الصعيد هو محمد جمال، وقد كان هو في نفس الوقت مرشح التيار المصري للبرلمان في المنيا، كما أن محمد عباس، القيادي البارز بالتيار المصري، كان مشتركاً في فريق حملة أبو الفتوح الرئيسي].
ولو طبقنا معايير آصف بيات: فهذه الأحزاب المنشقة تميل للأطروحات العلمانية بلا جدال، أما إن طبقنا معايير أوليفيير روي وجيليس القاسية (والواقعية)، فهذه الأحزاب علمانية جداً لكنها فاقدة الوعي!
هذه المابعد إسلامية هي أحد أهم مطلوبات المرحلة القادمة لشباب الإخوان. لكن هل يصلح كلاً من الوسط والتيار المصري وحملة أبو الفتوح وغيرهم، للعب الدور الرئيسي سواء في تفكيك أطروحة الإخوان أو ربطهم بالنظام العالمي؟
بالتأكيد لا!
لأنه: [بينما الأحزاب المنشقة عن الإخوان أقرب إلى التصرفات الغربية في التعامل مع الحرية الدينية والديمقراطية و(تحرير/ تمكين) المرأة، فإن قدرتهم على أن يصبحوا شريكاً لعملية (الارتباط) محدود بعقبتين رئيستين:
1) لإمكانية وجود حساسية في هذه المجموعات من فقدان شرعية سبب ارتباطهم بالغرب.
2) ولأن تأثيرهم السياسي يبدو بالياً إذا قورن بتأثير هؤلاء الذين من حزب الحرية والعدالة].
ثم يمضي التقرير في التدليل على الشعبية المتدنية بصورة مثيرة للسخرية لأي حزب منشق بجوار حزب الحرية والعدالة معتمداً على نتائج انتخابات برلمان 2011.
نلاحظ هنا أن الناس لا يرغبون في إضاعة وقتهم، صحيح أن أحزاب الوسط وأبو الفتوح يمثلون أملاً كبيراً لقربهم الشديد من مفهوم (التيار المصري) الذي يعتبره التقرير الهدف الأسمى: (ما بعد الإسلامية)؛ إلا أن هذه الأحزاب لا فائدة من استخدامها كأداة ربط واتصال في (العقد المزدوج) العالمي بين أمريكا والنظام الإخواني المصري، لأنه سيكون من المبرر خروج عشرات الشباب والقيادات من جماعة الإخوان للمشاركة في مؤسسات عالمية وأمريكية كجزء من النظام يؤثر فيه فعلاً ولا معنى لانعزاله عن المحيط العالمي، لكن ما هو مبرر الارتباط الغربي المباشر الذي سيقدمه شباب الوسط أو أبو الفتوح أو التيار المصري لارتباط أمريكي وثيق ومباشر وهم خارج السلطة؟
كما أن النقطة الثانية أكثر حسماً: ما وزن هؤلاء وما تأثيرهم في مصر؟ إنهم خارج السلطة ومن شبه المستحيل تقليل الفارق الجبار مع الإخوان... فلماذا يتم استخدامهم في مشروع الربط؟
منطق نفعي وعملي للغاية: إن المشاريع السابقة يعترف الغرب أنها قريبة جداً منه فكرياً وتحقق النمط العقائدي المطلوب لديهم، لكنها للأسف مشاريع فاشلة على أرض الواقع من حيث الشعبية والشرعية، فبرغم المجهود الذي سيتم بذله مع شباب الإخوان، إلا أنه سيثمر مستقبلاً بالتأكيد لأنه:
[جناح الشباب لن يكون فقط طريقاً هاماً لتوسعة عملية (ارتباط) الولايات المتحدة مع الإخوان، لكن لأن أعضاء الجماعة سيصبحون في النهاية قادة منظمة قوية في دولة محورية بالنسبة لاهتمامات الولايات المتحدة الإستراتيجية].
هكذا بكل صراحة يوضح التقرير أحد أهم الأسباب لكتابته: انظروا لشباب الإخوان، هؤلاء هم قادة مصر مستقبلاً، المجهود المبذول معهم لقبول نمط (المابعد إسلامية) سيثمر حتماً لأنه سيتزامن مع عملية الربط (العقد المزدوج) بين الولايات المتحدة والإخوان... وهي عملية ربط ستكون مغطاة تماماً وغير واضحة لأنها ستصبح بين أنظمة حاكمة من الطبيعي أن تتحاور وتتبادل الخبرات الشبابية والمسئولين، لا بين مجموعة خارج المشهد تماماً لا عذر لها في اللقاء مع الأمريكان أو كما يذكر التقرير: "بمجرد انتقال جماعة الإخوان من المعارضة إلى الحكم، الارتباط مع الولايات المتحدة أصبح حقيقة من حقائق الحياة"!
فما هو إذن السبب الحقيقي الرئيسي لعدم قبول القادة الحاليين مستقبلاً؟
حماس!
نعم... تنظيم حماس هو السبب الرئيسي في هذا القلق الأمريكي الدائم من احتمالية فساد علاقتها مع الإخوان في أي وقت.
إن جماعة الإخوان تبدي تلهفاً لاحظه الأمريكان جداً على الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي وتساهلاً كبيراً في قبول قرض صندوق النقد الدولي؛ [لم تبده باقي الأحزاب المشاركة في العملية السياسية]، وبالتأكيد في عقل الإخوان ذلك التصور الخاطئ الذي يؤمنون به أن في مقدورهم بسهولة تكرار التجربة التركية في مصر، متجاهلين ما لا يمكن لأمريكا وإسرائيل تجاهله: (دور حماس كجماعة إرهابية يدعمها الإخوان) وهو أمر لا يوجد في المعادلة التركية أساساً.
لأردوغان الحق أن يهاجم إسرائيل كلامياً بلا أفعال بينما جيشه يتعاون معها، لكن ماذا عن دعم الإخوان الملموس لحماس خاصة بعد فقدان الأخيرة لمركزها في سوريا؟
لا يمكن فصل الجماعة المصرية عن حماس أو إيقاف تقديمها الدعم العسكري اللوجيستي لها، وأمريكا تتفهم هذا للغاية، لذا فقد استغلت أن [قادتها المشاركين في الاجتماعات المصرية الأمريكية لاحظوا أن مسألة الاقتصاد المصري هي الطاغية بصورة كاسحة على نقاشات الإخوان]، فيبدوا أنهم يلاعبونهم بهذه النقطة مقابل تعديل فكر (حماس) كما لاحظ أحد المحللين: [إما أن حماس ستجعل جماعة الإخوان راديكالية أصولية، وإما الإخوان سيجعلون حماس معتدلة، خاصة أن الأخيرة تدرك أن هذه فرصة سانحة لا مثيل لها للإخوان في المنطقة].
إذن فهم قلقون من الإخوان لهذا السبب الرئيسي، ويدركون صعوبة تغيير مسألة دعم الإخوان لحماس، وهذا يزيد من إحباطهم المستقبلي من هؤلاء القادة الحاليين لعدة أسئلة مثل: [ماذا لو قامت حرب بين حماس وإسرائيل ودعم الإخوان حماس بالكلام؟ ألن يجعل هذا إسرائيل تتأفف وتشكو؟ ماذا لو انتقلت مكاتب حماس إلى القاهرة؟].
هذه الأسئلة إجاباتها معروفة مع القيادات الحالية، لذا فالأمل في الشباب!
إنهم يتفهمون رضوخ الإخوان وتخوفهم من ضغط جهتين داخليتين هما (الجيش والسلفيين) لدرجة أنهم يتأثرون بهاتين الجهتين أكثر من النقاشات مع أميركا وهو ما يجعل أمريكا متفهمة إلى حد كبير المشاكل التي يواجهها الإخوان في المسائل الاجتماعية التي اعتبرتها كلينتون خطاً أحمر وهي (المرأة والحرية الدينية للأقليات) أي أن أمريكا يمكنها أن تغضب من تباطؤهم لكنها تتفهم كذلك عدم قدرة الإخوان على تقديم الكثير في هذين المجالين بالذات طالما تواجد السلفيين في المشهد السياسي.
لكن ما تخاف منه حقاً وهو في قمة أولوياتها (أمن اسرائيل) يقتضي تفكيك حماس كجناح مسلح، وهو ما لا يبدو ممكناً مع الجيل الحالي. لهذا يظل الأمل في الجيل السادس.
لكن... هل هي شراكة حقيقية أم تفكيك؟
إن تفحُص لهجة المقال الدراسية المتلهفة لتجميع قدر معقول من المعلومات عن (مفاصل) جماعة الإخوان من أجل مزيد من البحث الاستخباراتي مستقبلاً قد يعني أمراً خطيراً:
أن أمريكا بصدد تفكيك جماعة الإخوان المسلمين المصرية بالذات!
تأمل مثلاً -بعد وضع سياسة فَرّق تَسُد التي يؤمنون بها في الاعتبار- محاولاتهم الجادة للتعرف على كل مواطن التقسيم الممكنة، تقسيم الأجيال والصراع بينهم، تقسيم الإخوان الريفيين عن إخوان المدن الكبرى خاصة (القاهرة والإسكندرية) والاهتمام بملحوظة القائد الإخواني الذي ذكر صعوبة السيطرة على إخوان المدن الكبرى مقارنة بإخوان المحافظات ذات الطابع الريفي، لاحظ هذا العنوان الفرعي الموحي مثلاً: [العوامل التي تؤدي إلى انقسامات الأجيال خلال التنظيم] وكيف أن [القيادات زادت من حواراتها مع الشباب عارضين عليهم جزرة الإصلاح الداخلي مقابل عصا الطرد الانتقائي]، وصفحات عديدة ناقشت كيف يتعامل التنظيم مع المنشقين وأسباب انشقاقهم.
لكن التقرير عندما يصل إلى قرب النهاية يذكر الغرض الخفي التفكيكي صراحة قائلاً: [لقد وضح في هذا التقرير أن انقسامات الأجيال واختلاف وجهات النظر في أمور السياسات الاجتماعية والحكومية ليس من المحتمل أن يفتت (fracture) جماعة الإخوان أو يتحدى الشكل الهرمي التسلسلي فيها خلال المدى المنظور]؛ لهذا فالبحث يهتم بالجيل السادس الشاب بالذات كمحاولة منهم لـفهم ذلك الجانب الشاب من التنظيم الذي يمكن أن يصبح لاعباً مؤثراً في رسم مستقبل التنظيم!
و لماذا يقومون بتغيير هذا التماسك الصعب تفتيته حالياً عن طريق الشباب؟
نعم! لتفكيك الجماعة مستقبلاً!
إن ما يبدو شراكة حالية بين القيادات الأمريكية وقيادات الإخوان، لا يجعل أمريكا واثقة فيهم إطلاقاً للعمل بشكل (أوتوماتيكي) بعيداً عنها وعن تدخلاتها، أو بتعبير آخر [(السؤال هو) كيف لصناع القرار السياسي (الأمريكان) أن يقوموا بربط هذا اللاعب المحوري (جماعة الإخوان) للاتصال في النقاط الحساسة التي تقلق الولايات المتحدة (من غير إسرائيل والجهاديين؟) وكذلك فهم الطبيعة التركيبية لهذه المنظمة؟].
إن التقرير مهتم بفهم التنظيم داخلياً، مهتم بفهم تركيبته وصراعاته ومفاصل التفكيك التي يمكن الدخول منها، ففي النهاية مصلحة أمريكا تقتضي تفكيك (أو بلغة التقرير: تفتيت/ تكسير) التنظيم الحالي على المدى البعيد، لكن هل ترى جماعة الإخوان خطورة ما تفعله الولايات المتحدة أو تبدي رفضاً للتعاون معها؟
أبداً! بل على العكس!
فهذا التقرير البسيط مثلاً، والذي جمع بطريقة علنية بحثية عادية للغاية لا وسائل استخباراتية معقدة، قام باحثيه بمقابلة [14 شاب إخواني سابق أو حالي] كما أن لقاءات مع القيادات الحالية أو السابقة تمت للتعرف التفصيلي على التنظيم وتاريخه!
تخيل مثلاً المزيد والمزيد من البحث فيما هو قادم والذي سيقدم فيه الإخوان طواعية المزيد من التفسير، وتخيل حجم المعلومات التي سيحصل عليها الأمريكان بطرقهم السرية، لتعرف حجم الدراسات الخفية التي تُعد الآن عن هذه الجماعة وبالتالي الطرق المتنوعة لتفكيكها أو (تفتيتها)!
إن مرحلة الدراسة أساسية ولا استغناء عنها ولا توجد دولة إمبريالية لا تقوم بها مع الدول الواقعة تحت نفوذها كبداية لتفكيك التنظيمات والمؤسسات القوية المتماسكة الموجودة فيها.
فهل جماعة الإخوان الحالية راضية بهذا التفكيك القادم؟ صحيح أن التفكيك سيترافق مع المزيد من (السيولة) الدولية و(الاندماج) في مؤسسات النظام العالمي المالية والاقتصادية والسياسية بكل ما يقدمه ذلك لهم ولأبنائهم من منافع دنيوية. لكن ماذا سيكون الفارق إذن وقتها بينهم وبين من كان قبلهم؟ ألن يصبح هذا تخلياً عن شعاراتهم و مبادئهم التاريخية في صنع قوة إسلامية أستاذية للعالم؟ فأي قوى ترجوها وأنت تنغمس مع عدو يقوم بتفكيكك؟!
ثم يجيء السؤل الأخطر إن نظرنا للتقرير من اتجاه آخر:
ماذا لو لم يكن الغرض هو (التفكيك)؟
إذن تصبح هذه الدراسة هي مجرد فحص لمتانة مفاصل (الأسرة الحاكمة) المصرية الجديدة!
هكذا يصبح الأمر أشد خطورة وكارثية!
وبالفعل قراءة التقرير بهذا التصور يجعلك تفاجأ بأن أحد أهم مظاهر خطورة نوايا التقرير ولهجته التي ستتغير في هذه الحالة أنه يتعامل مع جماعة الإخوان كأنها الأسرة الملكية التي ستحكم مصر طوال الزمن القادم!
إنه لا يتعامل معهم على أساس أنهم حزب قد يرحل بعد سنوات قليلة بلا رجعة، بل يتعامل كأسرة ملكية من الواجب تنميط أبنائها في مدارس العولمة كي يقوموا بواجباتهم القادمة عندما يصبحون قيادات (ويتسلمون السلطة)؟!!
و الخطر في هذا التعامل والرؤية من جانب أمريكا، انها ستتسرب إلى الإخوان لا محالة وسيعززون مواقعهم في المناصب العليا للطبقة الأرستقراطية الحاكمة في الإخوان (أبناء جيل المحنة والجامعة) وقد يصبح من الصعوبة بمكان محاولة منافستهم بشراسة أو خلعهم من أماكنهم هذه خاصة أنهم سينظرون للأمر أنه تهديد بفقدان أكبر جائزة للجماعة في تاريخها العالمي: (ملك مصر) وهذا الفقدان سينظر له بالتالي بنظرة تراثية إخوانية بحتة ستعتبر هذا تهديداً لفقدان أهم حلقة في حلقات بناء الإمبراطورية الإسلامية المنشودة و(أستاذية العالم) مما سيجعله أمراً غير مقبول على الإطلاق ونكسة كبرى لمشروعهم التاريخي!!
إن التقرير أوضح أهتمام أمريكا اللامحدود بـهذه (الأسرة الملكية الحاكمة الجديدة)!
فهو يرى أن من أهم الأسباب الاتصال مع منظمة لها مثل هذه الشعبية يمسح الانطباع السيء المنتشر في العالم العربي عن أمريكا بسبب احتلالها للعراق وكذلك الإخوان يمثلون فرصة للربط والدعم مع الجماعات المعتدلة الرافضة لاستخدام القوة كي يجابهوا الحركات الأصولية التي تبدو أنها تغزو المنطقة.
وهو ما يعني أن أمريكا ستزيد من توريط الأسرة الحاكمة معها بالضغط عليها مستقبلاً لمجابهة أي تنظيم أصولي، والأصولية عندهم لا ترتبط ضرورة باستخدام العنف، فحازم وأتباعه مثلاً لن يتم وصفهم إلا بالأصوليين المتشددين، مما يزيد من خطورة الصدام العنيف بين الجيل السادس وقياداته مع الأجيال الإسلامية الأخرى الناشئة ذات الشعبية الكبيرة.
أخيراً... هذا مختصر للنصائح المُقدمة للتعامل مع المشهد الحالي والجيل السادس بشكل خاص:
1) [فلنفهم الانقسامات الإخوانية، لكن لا نلعب بها]!
فليست هناك فائدة مرجوة من هؤلاء المنشقين الذين لن يلعبوا دوراً في المشهد السياسي، كما أن هؤلاء المعترضين على الجماعة لأسباب اجتماعية (لا إسلامية) أو (تحرير المرأة وحرية الأديان) لا فائدة حقيقية منهم في الحقول السياسية المهمة والخطيرة لأمريكا! فلا تعامل جدي معهم برغم كونهم متحدثين لبقين، ولا محاولة لإظهار الاهتمام بشخص دون آخر في الجماعة، بل لا بد أن يحذر المسئولون الأمريكيون في هذه المسألة بالذات والتعامل مع الجميع بعدم اهتمام (تمييزي).
كذلك فتعامل قائد سياسي مصري صراحة مع أمريكا من الممكن أن يقوض مصداقيته لدى شعبه الحذر جداً، والذي سيعتبر ذلك التعاون دلالة على تكوينها لطبقة نخبة عميلة جديدة.
فالحذر من اللعب أو السعادة بهذه الانشقاقات، فقد تتحول إلى طلقات نارية مرتدة في صدورنا تهدم خططنا المتقدمة.
2) [حولوا لقاءات (الدمج) بين الإخوان والأمريكان، وخاصة لقاءات أعضاء الكونجرس والبرلمانيين الإخوان، إلى أمر منظم وروتيني، لتقليل تسييس هذه اللقاءات].
[فكلما زاد تطبيع هذه اللقاءات والاتصالات، كلما قل تهديد الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها، وسينظر لها على أنها لقاءات دبلوماسية عادية].
[إدارة أوباما وصلت إلى أعلى درجات الاتصال، فمن المفيد الفترة القادمة أن يزيد لقاء أعضاء الكونجرس مباشرة بأعضاء جماعة الإخوان، خاصة إن قمنا بعمل برنامج تبادل برلماني بيننا وبينهم يزيد من إثبات الصدق والبراءة]!
3) [وسعوا درجات الاتصال إلى المستويات الشعبية، واستهدفوا قادة الشباب ونشطاء اتحادات الطلبة ممن هم خارج المدن الكبرى].
[برغم أن اللقاءات مع الشخصيات الرئيسية لقيادات الإخوان كانت متعددة منذ 2011، إلا أن النزول لدرجة قادة الشباب الواسعة والعريضة لا زال أقل من المطلوب].
[السفارة الأمريكية في القاهرة قامت ببعث موظفين لكافة أرجاء مصر (خارج القاهرة والإسكندرية) وقامت فعلاً بتوسعة الربط مع مؤسسات دينية، لكن كما لاحظ أحد المحللين: إننا بحاجة إلى الربط مع الشباب الناشطين والصاعدين من الإخوان الذين هم غير ظاهرين حالياً في برنامج الربط الجاري مع الولايات المتحدة].
[المستهدفون من المجموعات (الإخوان) هم قادة الطلبة والتلاميذ والنشطاء الشبان الذين يساعدون في تنظيم الانتخابات المحلية].
[الطريق الأسهل للاتصال دون معارضة (إخوانية) يكون عن طريق لجنة الشئون الخارجية في جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجسد الرئيسي لمجموعة من الشباب خريجي جامعات تتحدث الإنجليزية، يتم اختيارهم على أساس كفائتهم في استخدام الإنجليزية، وتآلفهم مع الثقافة الغربية، وارتياحهم للجمهور الغربي... وهذه بداية جيدة لكنها غير كافية].
[شباب الإخوان والحرية والعدالة منخرطين في عمل الشارع والجامعات، لذا فلا بد من التأثير على قادتهم المشهورين بحسن الخطابة والنقاش، للتأثير في كافة الشباب لقبول سياسات عملية الدمج (الإخواني- الأمريكي)].
و... يكفي هذا من هذه النقطة!
4) [صناع القرار السياسي في أمريكا عليهم عدم صنع برامج جديدة تستهدف شباب الإخوان فقط بوضوح كيلا يظهر تفضيل أمريكا للاعب واحد في المشهد السياسي المصري. بدلاً من ذلك عليهم استخدام برامج التوعية الحالية القادرة على الوصول لشباب الإخوان].
[مثلاً: البرامج الحالية لإعداد القادة يمكنها المساعدة في التعرف على قادة الإخوان المستقبليين من الشباب الحالي وإعطائهم برامج خارجية في الولايات المتحدة خاصة عن طريق مؤسسات مثل MEPI التي تملك برنامج لقادة الطلبة كمثال].
[قادة الإخوان كان لديهم اهتمام بتعلم كيفية مخاطبة الجمهور الغربي بصورة أفضل، وهذا سبب للاعتقاد بأنهم سيكونون متجاوبين لفرص دراسة شباب الإخوان في الولايات المتحدة].
[مرسي وقنديل نفسيهما أخذا شهاداتهما من جامعات أمريكية].
ويمضي التقرير في شرح برامج أخرى قائمة بالفعل يمكن إدخال شباب الإخوان منها للذهاب إلى أمريكا (للتنميط).
5) [لا بد من بناء الثقة مع قادة الإخوان وزرعها في نفوسهم لقبول (حصولنا على شبابهم)؛ فالتنظيم الهرمي للجماعة لا يسمح للشباب والقيادات الصغرى بالتحرك إلا بإذن من القيادات الكبرى...].
هكذا تنتهي النصائح وينتهي التقرير، و هذا هو المُعلن، فما بالك بالتقارير الاستخباراتية السرية التي تقدم توصيات أكبر للتعامل مع الجماعة؟
إن هذا التقرير المعلن في الغالب هو قمة جبل جليد ظاهرة فوق الماء قد يحسبها قادة الإخوان وشبابها أنها مجرد بقعة ثلجية يمكن لسفينتهم التغلب عليها أو تجاهلها، لكن الأمر يتعدى مرحلة الخطر بالنسبة للإخوان... إنهم على رأس دولة (محورية) لا غنى للعالم الغربي عن خضوعها. فإما أن يكفوا عن الاندماج مع أمريكا بهذه القوة ليتحملوا تبعات هذا التي مهما كانت مؤلمة لن تزيد عما قاساه (جيل المحنة) فيوقفون تفكيك أطروحات الجماعة وتراثها، وإما يقبلون الذوبان في النظام العالمي الذي بدأ فعلاً في وضع خطط خطف شبابهم منهم.
الجيل السادس الإخواني الآن في مفترق طرق، بين نعيم الدنيا مجازفين بالتفكيك أو التمكين كأسرة عربية ملكية حاكمة بالوراثة ودائرة في مصالح أمريكا، وإما الصبر والتحمل على المجهول المقدر بين يدي الله، ومصيرهم في أيدي القادة الحاليين.
عمرو عبد العزيز
- التصنيف: