مشكلتنا الداخلية

منذ 2013-02-04

بعيداً عن تآمر دول الغرب على الشعب السوري، يجب الانتباه إلى الوضع الداخلي وتشكيل قيادة موحدة للثوار السوريين مع التنسيق مع الحراك السياسي، ففي الاتحاد قوة ...


لا نريد الحديث عن روسيا (بوتين) التي وجدت في سورية فرصة لإثبات شخصيتها، و توريد سلاحها، واستخدام سورية كورقة تريدها ثمنا كبيرا للضغط على النظام، ولا نريد الحديث عن إيران الداعم الأول للنظام، إيران التي تساهم بشكل مباشر في قتل الشعب السوري، والسبب معروف طبعا، ولكن اللافت للنظر إذا أراد الانسان أن يتعمق في فهم هذا التوحش الباطني من القتل والتدمير، فهو واجده في (وثنية) الباطنية، يفعلون ما فعله أمثالهم من التتار، بل تفوقوا عليهم في التدمير، ولا نريد الحديث عن أمريكا المنافقة التي تتظاهر بالمساعدة الكلامية، ويجب ألا نعتب فهي (أمريكا المختطفة) من اللوبي "الإسرائيلي" كما هو عنوان كتاب (جون مير شايمر).

نريد أن نتحدث عن أنفسنا، عن بعض نواحي تقصيرنا، بل هذا هو الأصل أن نبدأ بحديث الداخل قبل العتب على الخارج، ماذا ينتظر الثوار في الداخل كي يتحدوا في جبهة واحدة، لها قيادة مؤلفة من الجميع والمال واحد، والسلاح واحد، والتخطيط لجميع سورية، والاستعانة بأهل الخبرة من أي طيف كانوا، النظام يمارس حرب الإبادة بطريقة منهجية مدروسة، وماذا عن التحرك السياسي في الخارج، هل هو على المستوى المطلوب؟ هل استطاعوا إبراز القضية في كل مكان؟ وجعلها هي الأهم للشعوب العربية والإسلامية؟ وأن انتصار الثورة انتصار للجميع، وفي مصلحة الجميع، هل ذهبت الوفود إلى كل بلد غربي وعربي؟ لا لتقابل الحكومات والمسؤولين، ولكن لتقابل المثقفين والصحافيين ورؤساء الجمعيات، تقابل جماهير الناس، وتجري المناقشات والحوارات الجادة، كانت رئيسة وزراء بريطانيا (تاتشر) من ألد أعداء (نلسون مانديلا) وحركته للاستقلال وإرجاع الحق إلى أصحابه في جنوب أفريقيا، ولكن الشعوب الغربية والمثقفين اقتنعوا بعدالة قضية جنوب أفريقيا، وبشخصية مانديلا وتراجعت (تاتشر) و وقفت إلى جانب قضية جنوب أفريقيا.


قد يقال إن الائتلاف لم يعط الفرصة الكافية للقيام بالأعمال السياسية الكبيرة، وهو محاصر من الدول التي وعدته ولم تف بوعودها، قد يكون هذا صحيحا، ومع ذلك فإنه لا يمنع أبدا من جعل القضية السورية و وقف حمام الدم هو الشغل الشاغل ليلا ونهارا، وإذا لم يكن ذلك ولا يستطيع الائتلاف على هذا العمل الكبير فليصارح الشعب السوري بما هو واقع، وينضم إلى هذا الشعب البطل والاعتماد أولا وأخيرا على الله سبحانه وتعالى، من قبل ومن بعد.

أما بالنسبة للدول العربية فالواجب عليها كبير قبل أن نطالب الغرب بموقف إنساني إن بلدا عربيا كبيرا مثل مصر يجب أن يكون لها موقف أقوى مما هو عليه الآن سياسيا ومعنويا وماديا، كيف تسكت دولة عربية مثل مصر عن إبادة شعب عربي مسلم في سوريا، السياسة أخلاق ومبادئ قبل أن تكون مصالح وحكم، وكأن مصر تريد أن تقلد سياسة أحمد داوود أوغلو المشهورة بـ(صفر مشكلات) وهي سياسة تبين لاحقا أنها فاشلة، هل تكون علاقة عادية ودبلوماسية مع دولة مثل إيران وهي المشارك الأول في قتل الشعب السوري، ألا يكون للعرب مجتمعين موقف موحد من إيران لتعلم أن الأمور لا تسير على هواها، لقد اجتمع العرب في الجاهلية حمية وتضامنا مع ملك الحيرة عندما تصادم مع الفرس، ألا تجتمع الدول العربية الآن لنصرة الشعب السوري و وقف الدعم الإيراني للنظام المجرم، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الجنس من البشر وهذا القبيل من الناس فقال: «ويل للعرب ! من شر قد اقترب...» (الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - حسن صحيح)، إنه حرص من الرسول صلى الله عليه وسلم ورحمة منه لأن هذا الجنس يغلب عليه سلامة الصدر والغفلة عن تخطيط الأعداء ومكرهم {وَإِن كَانَ مَكْرُ‌هُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]، إنهم لا يُقدّرون حجم وخطر المشروع الصفوي في التسلل إلى المنطقة، وآخر ما سمعنا صلتهم القوية مع النظام في إريتريا وعلى أرضه يدربون جماعتهم من الحوثيين وعلاقتهم جيدة مع السودان للأسف الشديد.

كيف نفسر هذا التقارب مع إيران من دولة جاءت بانقلاب عسكري، و بثورة الإنقاذ التي تمثل الجبهة الإسلامية القومية، هل الإسلام يقول لهم لا تساعدوا الشعب السوري واهتموا بالإقتصاد ومشاكلكم الداخلية واطلبوا المساعدة ولو من الشيطان؟ إننا نطلب من حكومة البشير أن تراجع موقفها وتقف مع الحرية والأحرار .

ستنتصر الثورة في سورية بإذن الله، وكنا نتمنى أن يشارك الشرفاء والأحرار في دعمها، ولسنا يائسين والحمد لله فها هو ربيع سورية بدأ يزهر في بغداد والرمادي والموصل وسامراء،إنها بداية وسيكون لها نتائج في المستقبل القريب إن شاء الله، لأن معرفة الواقع وتشخيصه ومعرفة الداء هو بداية الطريق، وقد قال الشاعر :
 

لولا دمشق لم تكن طليطلة *** ولا زهت ببني العباس بغداد


 

محمد العبدة

رئيس تحرير مجلة البيان الإسلامية سابقًا وله العديد من الدراسات الشرعية والتاريخية.