الثلج وأحلام الثورة

منذ 2013-02-15

أحلامٌ قتلها البرد في مخيمات النزوح، وبقايا البيوت المهدمة، فصارت أمنية أصحابها: سقفٌ حديدي يمنع الثلج من أن يلتهمها.. وبين صورة وأخرى تلقاك صورة طفلة نسيت أنها حافية، والثلج إلى نصف ساقيها.. فرفعت إصبعيها الصغيرتين، مُعلِنة للدنيا، بأن النصر قاب قوسين أو أدنى، وأن الثلج سيذوب قريباً، ويبدو المرْج الأخضر، فوقه علم النصر..


الثلج في بلاد الشام له قصص وحكايات، له قصة قديمة نسجناها من خيوط ذكرياتنا الدافئة، ومن صور خبأناها في دروج أفئدتنا، نخرجها حيناً بعد حين، فنقلبها ونعيش لحظاتها لحظة لحظة. فصورة للمدينة العامرة، غطاها بياض مرِحٌ، فغدت قطعة من الجنان.

وأخرى لأطفال يتراكضون في الحدائق، يتراشقون بكُرات الثلج التي حاكت قلوبهم صفاء، ونقاءً، وثالثةً لأسرة تجمّعت حول مدفئتها الحطبية تتسلى بالكستناء عند المساء... لا يروعها من الحياة إلا أن يذوب الثلج عند الصباح.. فرحة بلادنا بالثلج عند الصباح، وتَسابق الأطفال لإيقاظ الأهل حاملين البشرى بسقوط الثلج بعد طول الغياب، غدت هي الأخرى صورة من الصور التي دفناها من زمن... وهل حياتنا إلى صور ندفنها، ونخبؤها؟!

أما ثلج اليوم فله قصة أخرى، ستُصبح يوماً صورة نخبؤها في درج آخر..  فطفل تهدم منزله، فحمل بطانيته التي لا يملك غيرها في القطعة القماشية البالية التي جادت عليه بها أمم ممزقة.. يحملها ويفرُّ بها إلى سقفٍ عارٍ يتقي الموت بقدمين عاريتين.. وأمٌّ تضم رضيعها ذي الشهرين إلى صدرها، ولو تستطيع خبأته بين طيات قلبها.. تُقبِّله ترفعه حيناً ليلتقط أنفاسه، وتضمه أحياناً إشفاقاً على جسمه الطريِّ مما يكاد يُمزِّق جلدها..

أحلامٌ قتلها البرد في مخيمات النزوح، وبقايا البيوت المهدمة، فصارت أمنية أصحابها: سقفٌ حديدي يمنع الثلج من أن يلتهمها..  وبين صورة وأخرى تلقاك صورة طفلة نسيت أنها حافية، والثلج إلى نصف ساقيها.. فرفعت إصبعيها الصغيرتين، مُعلِنة للدنيا، بأن النصر قاب قوسين أو أدنى، وأن الثلج سيذوب قريباً، ويبدو المرْج الأخضر، فوقه علم النصر..

اللهم كن لإخواننا المشرَّدين، وانصر إخواننا المجاهدين في سبيلك يا سميع يا قريب..
 


أحمد خناق الستاتي