ما للنساء في بلاد الحرمين وعضوية مجلس الشورى، والترشح والتصويت في المجالس البلدية.

منذ 2013-02-24

"أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة -الذين هم فلذات أكبادهن، وأمل المستقبل- إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق، ونسين واجباتهن الخُلُقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا -والله- ليس هذا (التمدن) في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحدًا من عائلته، أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي، هذه طريق شائكة تدفع بالأمة إلى هوَّة الدمار، ولا يقبل السير عليها إلاَّ رجل خارج عن دينه، خارج من عقله، خارج من تربيته"


الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، نبينا محمد الذي دلَّ أمته على كل خير وحذرها من كل شر، وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهديه، أما بعد:  

فهذه كلمة ناصحة لنفسي وللرعاة والرعية في بلاد الحرمين، كتبتها بمناسبة قراري خادم الحرمين في مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضوًا، وفي المجالس البلدية ترشحًا وتصويتًا للمرشحين، وذلك بتاريخ: 27/10/1432هـ.

فأقول:
1ـ إن مشاركة النساء في هذه المجالس لا يتم إلا بسفورهن واختلاطهن بالرجال، وذلك مخالف للنصوص الشرعية، فإن الله قد شرع الحجاب لأمهات المؤمنين بقوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]. وبيَّن حكمة ذلك بقوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]. وقد حباهن الله بكونهن القمة في الطهر والعفاف والبعد عن كل ريبة، فغيرهن من النساء أشد حاجة إلى الحجاب ليظفرن بالطهر والسلامة من كل ريبة، ووجوب الحجاب عليهن من باب أولى. يوضح ذلك أن نساء المؤمنين عطفن على نسائه صلى الله عليه وسلم وبناته في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].

ويدل لتغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبراً» فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن! قال: «فيرخينه ذراعًا لا يزدن عليه» (رواه أهل السنن وغيرهم، وقال الترمذي (1731): هذا حديث حسن صحيح). فإن مجيء الشريعة بتغطية النساء أقدامهن يدل دلالة واضحة على أن تغطية الوجه واجب، لأنه موضع الفتنة والجمال من المرأة، وتغطيته أولى من تغطية الرِّجلين.

وحديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك، وفيه قولها: "وكان صفوانُ بن المعطَّل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي" (رواه البخاري: 4750، ومسلم: 7020). وأثر عائشة -رضي الله عنها- بإسناد صحيح على شرط البخاري، ومسلم في سنن سعيد بن منصور، كما في فتح الباري (3/406) قالت: "تسدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها". وله شاهد صحيح أخرجه: مالك في الموطأ (1/328) عن فاطمة بنت المنذر قالت: "كنّا نخمِّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق". وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/454) عن أسماء رضي الله عنها قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). ووافقه الذهبي.

قال ابن المنذر كما في فتح الباري (3/406): "أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال" وقد نقل الإجماع على ذلك أيضًا ابن عبد البر في التمهيد (15/108). وقد استمرت النساء في مختلف العصور على ستر وجوههن عن الرجال الأجانب في الإحرام وفي غير الإحرام إلى أن بدأ السفور في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/324): "ولم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا يسترن وجوههن عن الأجانب".

وقد اشتهر أن أول امرأة مصرية أزالت الحجاب عن وجهها (هدى شعراوي) وكان ذلك في القرن الماضي، وذكر الشيخ علي الطنطاوي في ذكرياته (5/226): "أن أول امرأة مسلمة كشفت وجهها في بلاد الشام وكيلة مدرسة ثانوية وأنها عوقبت على ذلك". وبعد هذه البداية من هاتين المرأتين في مصر والشام آل الأمر إلى ما هو مشاهد معاين، فيهما من كشف الرؤوس والأعناق، والصدور وشيء من الظهور، والأعضاد والسيقان وشيء من الفخذين، والأساس الذي بني عليه هذا الانفلات من النساء في البلاد العربية والإسلامية هو: التقليد لنساء الغرب، ولم يبق على جادة السلامة والاستقامة إلا بلاد الحرمين التي بقيت النساء فيها محافظة على الحشمة وستر الوجوه والبعد عن الاختلاط بالرجال.

وفي الآونة الأخيرة وقبل عدة سنوات نشط المستغربون التغريبيون، المتبعون الشهوات بالسعي لأن تميل هذه البلاد ميلًا عظيمًا، فتتبع النساء فيها غيرهن في الانفلات، وكان الواجب السعي لأن يكون غيرهن تابعًا لهن في الحشمة والاحتجاب، والبعد عن مخالطة الرجال، وهو الذي كان موجودًا في البلاد الأخرى قبل القرن الماضي، وأما ترك اختلاط النساء بالرجال فقد كان في الأمم السابقة، كما قال الله عز وجل عن موسى عليه الصلاة والسلام: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَا} [القصص: 23]. ففي هذه القصة أن هاتين المرأتين احتاجتا إلى سقي غنمهما وانتظرتا حتى ينتهي الرجال من سقي أغنامهم، واعتذرتا لموسى عليه الصلاة والسلام بأن أباهما شيخ كبير، لا يتمكن من الحضور لسقي الغنم مع الرجال، فسقى لهما موسى عليه الصلاة والسلام.

وجاء في السنّة في فضل تباعد النساء عن الرجال إذا حضرن المساجد قوله صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» (رواه مسلم: 985). وإذا صلين مع الرجال انصرفن قبلهم ومكث الرجال في أماكنهم في المسجد قليلًا حتى لا يختلطوا بهن، فقد روى البخاري: (870) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مُقامه يسيرًا قبل أن يقوم" قال: نرى ـوالله أعلم- أنَّ ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال".

ورواه النسائي (1333) ولفظه: "أنَّ النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنَّ إذا سلّمن من الصلاة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال". وكلام العلماء قديمًا وحديثًا في التحذير من اختلاط الجنسين، وبيان أضراره كثير، ومن ذلك قول ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية (ص280): "ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفُرَج ومجامع الرجال". وقال (ص:281): "ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة". وقال: "فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية -قبل الدين- لكانوا أشد شيء منعاً لذلك".

وللملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية -رحمه الله- كلام بليغ رصين في مفاسد الاختلاط بين الجنسين، أوردته بتمامه في رسالة: (لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟). ورسالة: (وجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها). نقلا عن كتاب: (المصحف والسيف: مجموعة من خطابات وكلمات ومذكرات، وأحاديث جلالة الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- جمع وإعداد محي الدين القابسي ص322).

وهذا نصُّه:
"أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة -الذين هم فلذات أكبادهن، وأمل المستقبل- إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق، ونسين واجباتهن الخُلُقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا -والله- ليس هذا (التمدن) في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحدًا من عائلته، أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي، هذه طريق شائكة تدفع بالأمة إلى هوَّة الدمار، ولا يقبل السير عليها إلاَّ رجل خارج عن دينه، خارج من عقله، خارج من تربيته.

فالعائلة هي الركن الركين في بناء الأمم، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها، إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف والتجبر في أمر النساء، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقًا يتمتعن بها، لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة، وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي إذا وجَّهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثير من الأوروبيين من أرباب الحصانة والإنصاف، ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين، وسمعناهم يشكون مرَّ الشكوى من تفكك الأخلاق، وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد، وهم يقدِّرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا، وما جاء به نبينا من التعاليم التي تقود البشرية إلى طريق الهدى وساحل السلامة، ويودون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه، التي يتشاءمون منها وتنذر مُلكهم بالخراب والدمار والحروب الجائرة، وهؤلاء نوابغ كتَّابهم ومفكريهم قد علموا حق العلم هذه الهوة السحيقة التي أمامهم، والمنقادين إليها بحكم الحالة الراهنة، وهم لا يفتئون في تنبيه شعوبهم بالكتب والنشرات والجرائد على عدم الاندفاع في هذه الطريق، التي يعتقدونها سبب الدمار والخراب.

إنَّني لأعجب أكبر العجب ممن يدّعي النور والعلم وحب الرقي لبلاده، من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها ما نوَّهنا عنه من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كلِّ أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة وهدى لنا ولسائر البشر، فالواجب على كل مسلم وعربي فخور بدينه مُعتزٍّ بعربيته، ألاّ يخالف مبادئه الدينية، وما أمر به الله تعالى بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه، فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة، والعلم الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة وكل ما من شأنه أن يمس الدينَ والسمتَ العربي والمروءةَ، والتقليدِ الأعمى، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة التي تحث على عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه، ومعنى الإسلام وعظمته، وما جاء به نبينا، ذلك البطل الكريم والعظيم صلى الله عليه وسلم، من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين، وتُعَلِّمُه أن العزّة لله وللمؤمنين، وأن يقوم بأود عائلته، ويصلح من شأنها، ويتذوق ثمرة عمله الشريف، فإذا عمل فقد قام بواجبه وخدم وطنه وبلاده".

وأما الملك فهد -رحمه الله- وقد دامت ولايته ربع قرن تقريبًا فله في منع الاختلاط ثلاثة تعاميم آخرها برقم: (759/8) وتاريخ: (5/10/1421هـ) وفيه الإشارة إلى التعميمين السابقين، وهو موجَّه أصلًا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله- إبان ولايته للعهد، وقد أعطي منه نسخة لكل وزارة ومصلحة حكومية، أو مؤسسة عامة للاعتماد، وقد أوردته في كلمة: (دعاة تغريب المرأة ومتبعو الأهواء والشهوات، هم الذين وراء بدء انفلات بعض النساء أخيرًا في بلاد الحرمين). نشرت في: (18/2/1430هـ).

وهذا نصه: (تعميم)
صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني.
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

"نشير إلى الأمر التعميمي رقم: (11651 في 16/5/1403هـ) المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة، أو الخاصة أو الشركات، أو المهن ونحوها، أمر غير ممكن سواء كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرّم شرعًا ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها، أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه، المؤكد عليه بالأمر رقم: (2966/م في 19/9/1404هـ) وحيث رفع لنا سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بخطابه رقم: (46/س/2 في 28/4/ 1421هـ) حول ما تقوم به النساء من عمل لا يتناسب مع الدين والخلق، وهو توظيفهن مندوبات للتسويق لدى عدد من التجار، والمؤسسات الخاصة، والشركات، وأن الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفاد سماحته بأن ذلك صحيح وواقع، وما أشار إليه سماحته من أن هذا منكر ظاهر يجب منعه حماية لنساء المسلمين مما لا تحمد عقباه عليهن وعلى المجتمع. وأنه قد صدر من هيئة كبار العلماء القرار رقم: (172) في 2/8/1412هـ) بمنع تولي النساء للأعمال والوظائف التي تتنافى مع الحياء والحشمة، مما فيه اختلاط بالرجال وشغل النساء عن أعمالهن اللائقة بهن، والتي لا يقوم بها غيرهن مما يفوت على المجتمع مرفقًا هامًا، وأشار سماحته إلى الأمرين سالفي الذكر وطلب تجديد الأمر بالتقيد بموجبه والتأكيد على ذلك، ومحاسبة من يخالفه حفاظًا على كرامة الأمة وإبعادًا لها عن أسباب الفتن والشرور، ونرغب إليكم التأكيد على المسئولين لديكم بالتقيد بما قضى به الأمران المشار إليهما، فأكملوا ما يلزم بموجبه".

رئيس مجلس الوزراء: نسخة لكل وزارة ومصلحة حكومية، أو مؤسسة عامة للاعتماد.


2ـ ومشورة أم سلمة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية جاءت في صحيح البخاري (2731، 2732) في حديث طويل، وفيه: "فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا» قال: فوالله ما قام منهم رجل! حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: "يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدنك، وتدعو حالقك فيحلقك" فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك: نحر بُدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا". وإنما لم يبادر الصحابة رضي الله عنهم إلى امتثال ما أمروا به مؤمِّلين أن يحصل نسخٌ يتمكنون معه من الإتيان بعمرتهم، التي قدموا من أجلها، فلما حصل النحر والحلق والتحلل من العمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بادروا إلى متابعته صلى الله عليه وسلم -ورضي الله عنهم- وتدل مشورة أم سلمة رضي الله عنها على ذكائها وفطنتها وثاقب رأيها.

وهذه المشورة يدندن حولها بعض الكتَّاب والمثقفين والتغريبيين في هذا الزمان، للزج بالمرأة في مجالات تختلط فيها بالرجال وتحادثهم، تتنافى مع حشمتها وتمسكها بحجابها، ومشورتها في واد وما يريدونه من المرأة في واد آخر، وليس في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم استشارها، بل دخل عليها في مقر إقامتها متأثِّرًا، فأشارت عليه بهذا الرأي الصَّائب، وليس فيه أنها خرجت من منزلها لتختلط بالرجال وتبدي رأيها. وأما ترشح النساء في المجالس البلدية وتصويتهن للمرشحين فهو أشد بعدًا من المشورة، بما فيه من ولاية المرأة وتوليتها لغيرها، وليس هذا من شأن النساء، وسقيفة بني ساعدة التي بويع فيها أبو بكر رضي الله عنه لم يدخلها امرأة واحدة، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (14/13): "لا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يولِّ النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من خلفائه، ولا مَن بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخلُ منه جميع الزمان غالبًا". وكانت وفاة ابن قدامة سنة (620هـ) وبلاد الغرب التي هي قدوة المستغربين التغريبيين لا فرق فيها بين الرجال والنساء في الولاية والتولية الخاصة والعامة.

3ـ لما أُعلن نبأ إشراك النساء في مجلس الشورى والمجالس البلدية، بادر إلى الترحيب به من الخارج الغربيون وفي مقدمتهم الأمريكيون والبريطانيون، وهم لا يرحبون بشيء يهدي إليه الإسلام، الذي وصف الله كتابه بأنه يهدي للتي هي أقوم، ومع كون هذا التنازل الذي سعى إليه التغريبيون يعجب الغربيين فإنه لا يكفيهم ولا يرضيهم، إلا شيء واحد أخبر به الذي خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم، في قوله: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]. وبادر إلى الترحيب به من الداخل المستغربون التغريبيون المتبعون الشهوات، ومنهم الذين تحروا تغييرًا في هذه البلاد عندما حصلت أحداث واضطرابات في بعض البلاد العربية، لأن من مطالبهم تمكين النساء من المشاركة المطلقة للرجال، وهو وإن كان غنيمة باردة فرح بها التغريبيون فإن ذلك لا يكفيهم، لأن من مطالب هواة التغيير أن تكون الدولة على النظام البريطاني، السلطة فيها لرئيس الوزراء، والملك أو الملكة شيء صوري، وفي شبكة المعلومات (الانترنت) أبدت إحدى اللاهثات وراء قيادة المرأة السيارة اغتباطها بهذا النبأ وأنه كان حلمهن قيادة السيارة والآن سيقدن بلدًا!

وفي الشبكة أيضا أن رئيس تحرير صحيفة الوطن سابقًا أكد أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- بالسماح للمرأة بالترشح لمجلس الشورى، سيدفع السعوديات إلى المطالبة بأكثر من ذلك، سواء في العمل أو في قيادة السيارة، وحتى الزواج دون موافقة ولي الأمر إذا كانت المرأة أرملة أو مطلقة، قائلا: "حان الوقت للتيار المحافظ بقبول قيادة المرأة للسيارة". وبيَّن خلال مداخلة له بقناة العربية تعليقًا على خطاب الملك في مجلس الشورى: "أن خادم الحرمين هو أول من استخدم مصطلح تمكين المرأة، مبينًا أن التمكين يكون بإلغاء القيود، وكاشفًا أن القرار مهم، وما سيأتي بعده سيكون الأهم". والتغريبيون الذين فرحوا بهذا النبأ هم قلّة قليلة من الشعب السعودي، أما الغالبية العظمى فهم الحريصون على بقاء النساء في هذه الدولة على الحشمة والانضباط، الذي كانت عليه النساء فيها مدّةً تزيد على مائة عام.

4ـ سبق هذه الكلمة ست وعشرون كلمة، أولها بعنوان: (دعاة تغريب المرأة ومتبعو الأهواء والشهوات، هم الذين وراء بدء انفلات بعض النساء أخيرًا في بلاد الحرمين). نشرت في: (18/2/1430هـ) وآخرها بعنوان: (من آخر المظاهر الجديدة للسفور والاختلاط، إقحام النساء في الأندية الأدبية) نشرت في: (27/10/1432هـ) ومن هذه الكلمات عشر بالعناوين التالية: (لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال) نشرت في: (2/3/1430هـ). (في القول بإباحة الاختلاط المذموم في بلاد الحرمين غش للراعي والرعية) نشرت في: (26/1/1431هـ). (نحب لدولتنا السعودية دوام عزها ونبغض التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها) نشرت في: (20/8/1431هـ). (الغرفة التجارية الصناعية في جدة رائدة الغرف التجارية في انفلات النساء) نشرت في: (30/9/1431هـ). (المرأة في بلاد الحرمين بين أنصارها حقاً وأدعياء نصرة حقوقها) نشرت في: (23/12/1431هـ). (لا يليق اتخاذ اسم: خديجة بنت خويلد) عنوانًا لانفلات النساء) نشرت في: (30/12/1431هـ). (لا يليق بأهل المجد أن يكونوا مستندًا للتغريبيين الماكرين بمجدهم) نشرت في: (7/2/1432هـ). (الأحداث الأخيرة أظهرت لولاة بلاد الحرمين الناصح والماكر والعدو والصديق) نشرت في: (30/6/1432هـ). (تحريم قيادة المرأة السيارة وبيان خطرها وضررها على بلاد الحرمين) نشرت في: ( 5/7/1432هـ). (بيع النساء في الأسواق ما يحل منه وما يحرم) نشرت في: (10/7/1432هـ).

5ـ من ألوان التغريب الجديدة على هذه البلاد إحداث مجلس التعليم العالي كليات للحقوق وللشريعة والقانون في بعض الجامعات، وقد أوضحت ذلك في كلمة بعنوان: (أفي بلاد الحرمين يُنشأ كليات للحقوق وللشريعة والقانون؟! واعجبًا وأسفاً!) نشرت في: (13/2/1432هـ) ومما قلته فيها: "ومع عناية المجلس في هذه القرارات بإحداث هذه الكليات الخمس الوضعية عمل في تلك القرارات على إضعاف تخصصات الجامعة الإسلامية بالمدينة، بمزاحمتها بإنشاء خمس كليات دنيوية هي: (كلية العلوم وكلية الهندسة، وكلية الحاسب الآلي ونظم المعلومات، وكلية الطب وكلية الصيدلة) ومعهد البحوث والدراسات الاستشارية بعد أن ظلت خمسين سنة كاملة ليس فيها إلا كليات خمس هي: (كلية الشريعة وكلية الدعوة وأصول الدين، وكلية القرآن الكريم، وكلية الحديث الشريف، وكلية اللغة العربية).

ومن التغريب الجديد موافقة مجلس التعليم العالي على توصيات اللجنة، المشكلة لدراسة موضوع الاستفادة من كراسي اليونسكو العلمية في الجامعات السعودية، وموافقته على اثني عشر كرسيًا تحت مظلة اليونسكو! ومنها كرسي اليونسكو للحوار بين الأديان والثقافات، وكرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي، وكرسي اليونسكو للجودة في التعليم العالي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكرسي اليونسكو في مجال التعليم من أجل التطوير المستدام في المملكة العربية السعودية بجامعة الملك سعود! وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسئولين في الدولة، وعلى رأسهم خادم الحرمين الملك عبد الله حفظه الله لتخليص هذه البلاد من فتن التغريب في الدين والأخلاق وغير ذلك، وأسأله تعالى أن يحفظ بلاد الحرمين حكومةً وشعبًا من كل شر وأن يوفقها لكل خير، وأن تبقى دولتها على الأسس التي قامت عليها وأن يقيها مكر الماكرين بها، إنه سميع مجيب".

ومن أوسع أبواب تغريب الشباب والشابات اتجاه وزارة التعليم العالي إلى التوسع في الابتعاث حتى بلغ المبتعثون في السنوات القليلة الماضية أعداد كثيرة جدًا، وقد كتبت كلمة بعنوان: (خطر التوسع في الابتعاث على بلاد الحرمين) نشرت في: (18/7/1431هـ). ذكرت فيها اختيار الوزارة امرأة ملحقًا بإحدى سفارات المملكة بالدول الغربية من أعمالها الإشراف على المبتعثين، وذكرت فيها أن امرأة كتبت في صحيفة الوطن في تاريخ: (27/4/1431هـ) مهوِّنة من شأن تنصر بعض المبتعثين، فقالت: "اختلف الفقهاء في حكم المرتد عن الإسلام والآراء الأقوى هي التي تترك -كذا- للإنسان حرية الاختيار حتى لو ولد من أبوين مسلمين، وما دام لا يقوم بأية خيانة للجماعة المسلمة فليس عليه أية عقوبة". وقلت فيها: "ومن اهتم بالابتعاث وسعى إلى التوسع فيه واقترح له اسم مشروع خادم الحرمين للابتعاث، للتقوِّي بهذه التسمية والتوسع في الابتعاث بسببها، فإن مسئوليته عند الله عظيمة ومصيبته كبيرة، ومن الخير لكل مسلم ناصح لنفسه ولغيره أن لا يكون سببًا في أعمال تعود آثارها السيئة عليه وعلى غيره في القبر وما بعده".

وقد كتبت هذه الكلمة إبرءًا للذمة ونصحًا للأمة رعاة ورعية وأسأل الله عز وجل أن يوفق هذه البلاد حكومة وشعبًا لكل خير، وأن يحفظها من كل شر، وأن يوفق ولاة الأمر فيها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -حفظه الله- لما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة، وأن يصلح لهم البطانة ويصرف عنهم بطانة السوء، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
5/11/1432هـ
 

عبد المحسن بن حمد العباد البدر

المحدث الفقيه والمدرس بالمسجد النبوي الشريف، ومدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً