التردُّد وعدم الثبات
"فَمِن العواقب الوخيمة لِدُنوِّ الهمِّة: التردُّد وعدم الثَّبات، فمن دنَتْ هِمَّته اتَّسم بصفة سوء التقدير، وفَقد القدرة على رؤية الأمور بالشكل الصحيح، فيمشي بتخبُّطٍ دون وعي أو إدراك، فقد سُلب منه الهمَّة التي تنير له طريقه".
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
وبعد:
"فَمِن العواقب الوخيمة لِدُنوِّ الهمِّة: التردُّد وعدم الثَّبات، فمن دنَتْ هِمَّته اتَّسم بصفة سوء التقدير، وفَقد القدرة على رؤية الأمور بالشكل الصحيح، فيمشي بتخبُّطٍ دون وعي أو إدراك، فقد سُلب منه الهمَّة التي تنير له طريقه".
"من ظواهر قوَّة الإرادة: البَتُّ في الأمور بِحَزمٍ عند ظهور الوجه الأصلح فيها، وعدم الاستسلام للتردُّد والحيرة النفسيَّة التي تنتاب ضُعَفاء الإرادة، وتنتاب الذين يتخوَّفون من النتائج ومسئولياتها المادِّية أو الأدبية" (انظر: الأخلاق الإسلامية؛ للميداني [2/ 143]).
ولقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعزم والمُبادرة بهِمَّة وإقدامٍ على العمل، وبدون بطءٍ أو تردُّد أو تقلُّب؛ لئلاَّ تفوت الفرصة، أو يَسأم من الأمر قبل الشُّروع فيه، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].
ولا بدَّ أن نعلم أن صفة التردُّد وعدم الثبات إنَّما هي صفة من صفات المُنافقين، فمَن رأى في نفسه هذه الصِّفة فلا بدَّ أن يعلم أنه على خطر، وكثيرٌ من آيات القرآن الكريم جاءت تَصِف المنافقين بأنَّهم دائمو التردُّد والتذبذب، وما اتَّصفوا بهذه الصفة إلا لدنوِّ همتهم وانحطاطها، فهُم رضوا بالدُّون.
قال الله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة:87].
يَذْكر الإمام السعديُّ في تفسيره لقولِه تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}: "أيْ كيف رَضُوا لأنفسهم أن يكونوا مع النِّساء المتخلِّفات عن الجهاد، هل معَهم فقه أو عقلٌ دلَّهم على ذلك؟ أم طبَع الله على قلوبهم فلا تعي الخير، ولا يكون فيها إرادةٌ لفعلٍ ما، فيه الخير والفلاح؟ فهم لا يَفْقهون مَصالِحَهم، فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضَوْا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطُّهم عن منازل الرِّجال" (تفسير السعدي ص [347]).
إنَّ صاحب الهمَّة الدَّنيئة قد يُظهر خلاف ما يُبطن؛ فقد يُخفي في نفسه الكُرْه والفِسْق، ولولا دُنوُّ هِمَّته لَما كان حاله على هذه الحال. قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ . أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ . وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:76-78].
إنَّ مثل هذه الذَّبذبة تكون من الأُمَم في طَوْر الضَّعف، ولا سيَّما ضعف الإرادة والعلم، ولو كان لأولئك القومِ إرادةٌ قويَّة، لثَبتوا ظاهِرًا على ما يعتقدونه باطنًا، ولَم يُصانعوا مُخالفيهم من أهل الملَّة الأولى، أو الملَّة الآخرة، وقد وبَّخهم الله تعالى، وأنكر عليهم هذا التلوُّن والدِّهان في الدين، ولقاء كلِّ فريق بوجهٍ يُظهرون له ما يُسِرُّون من أمر الآخَر، فقال: {أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة:77]؛ يعني: أيَقول اللاَّئمون أو المنافقون كلُّهم ما قالوا، ويكتمون من صفات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما كتموا، ويحرِّفون من كتابهم ما حرَّفوا، ولا يعلمون أنَّ الله يعلم ما يُسِرُّون من كفر وكيد، وما يعلنون من إظهار إيمانٍ ووُدٍّ، فإن كانوا مؤمنين بإحاطة علمه تعالى فلِمَ لا يحفلون باطِّلاعه على ظواهرهم، وإحاطته بما يجول في أَطْواء ضمائرهم، وبما يترتَّب على علمه من خزي في الدُّنيا، وعذابٍ في الآخرة.
قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:78].
قال محمد رشيد رضا: "ذلك الذي تقدَّم هو شأن عُلمائهم، يُحرِّفون كتاب الله، ويخرجون مِن حُكمه بالتأويل، وهذا هو شأن عامَّتِهم، لا علم لهم بشيءٍ من الكتاب، ولا معرفة لهم بالأحكام، وما عندهم من الدِّين، فهو أمانِيُّ يتمنَّونها، وتجول صُوَرها في خيالاتهم، وهذه الصُّور هي كل ما عندهم من العلم بدينهم، وما هم على بيِّنة منها، وإنَّما هي ظنون يلهون بها، وهذا هو محلُّ الذمِّ لا مجرد كونهم أُميِّين، فإنَّ الأُمِّي قد يتلقَّى العلم عن العلماء الثِّقات، ويعقله عنهم بدليله، فيكون علمه صحيحًا، وهؤلاء لم يكونوا كذلك".
فإن قيل: لِم سُمِّي ما كانوا عليه من الأماني ظنًّا، مع أنَّهم أخذوه عن رؤساء دينهم الموثوق بهم عندهم، وسلَّموه تسليمًا، فلم يكن في نفوسهم ما يُخالفه، ومثل هذا يُسمَّى اعتقادًا، وعلمًا؟
نقول: إنَّما العلم بالدليل، ولا يُسمّى مثل ذلك علمًا إلاَّ مَن لا يعرف معنى العلم؛ على أنَّه لم يكن راجحًا ومُسلَّمًا إلاَّ لأنَّ مقابله لم يخطر ببالهم، ولو أرد عليهم لتزلزَل ما عندهم ثم زال، أو ظهر فيه الشكُّ، وتطرَّق إليه الاحتمال، ويصحُّ أن يُقال في مثل هؤلاء: إن الظنَّ أو التردُّد كان نائمًا في نفوسهم، وهو عُرْضة لأنْ يوقظه نقيضُه، ويذهب به متى طرأ، ونوم الظنِّ لا يصح أن يُسمَّى اعتقادًا.
قال الأستاذ الإمام: "هذه الأمانِيُّ توجد في كلِّ الأمم في حال الضعف والانْحِطاط، يفتخرون بما بين أيديهم من الشَّريعة، وبِسَلَفِهم الذين كانوا مهتدين بها، وبِما لهم من الآثار التي كانت ثمرة تلك الهداية، وتُسوِّل لهم الأمانيُّ أنَّ ذلك كافٍ في نجاتهم، وسعادتهم، وفضْلِهم على سائر الناس، هكذا كان اليهود في زمن التَّنْزيل، وقد اتبعنا سنَنهم، وتلونا تلوهم" (تفسير المنار [1/ 297]).
لا بدَّ أن نُشير هنا إلى أنَّ الجهل هو أهمُّ العوامل التي قد تؤثِّر على همة العبد، ومَن جهل فإنه يصبح كثير الخطأ والخَلْط؛ فإنَّه يفقد النُّور الذي يضيء له طرقاته، ويمشي كالأعمى تائهًا دون هدى، فلا يعرف بأيِّ طريق سيمشي، فنراه يسير مترنِّحًا مترددًا دون ثبات.
وصفة التردُّد إنَّما هي صفةٌ اتَّصف بها أصحاب الهمم الدَّنيئة من الأزل البعيد، وقد وصف الله فرعونَ بهذه الصِّفة، فقال تعالى واصفًا حال فرعون ومن اتَّبعه من أصحاب الهمم الدنيئة: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:130-131].
إنَّ الله قد عاقب فرعون وقومه بالجَدْب والقحط وضِيق المعيشة، وبِنَقص ثَمرات الزُّروع والأشجار؛ رجاءَ أن ينتبهوا إلى ضعفهم وعجز مَلِكِهم الجبَّار أمام قوة الله، فيتَّعِظوا ويرجعوا عن ظُلْمِهم لبنى إسرائيل، ويستجيبوا لدعوة موسى عليه السَّلام فإنَّ شأن الشدائد أن تَمنع الغرور، وتُهذِّب الطِّباع، وتوجِّه الأنفس إلى قبول الحقِّ، وإرضاء ربِّ العالمين، والتضرُّع إليه دون غيره.
بيد أنَّ دأب فرعون وأعوانه عدم الثَّبات على الحقِّ، فسرعان ما يعودون إلى الغَدْر والمعصية، فهم متقلِّبون؛ فإذا جاءهم الخصب والرَّخاء -وكثيرًا ما يكون ذلك- قالوا: نحن المستحِقُّون له؛ لِما لنا من الامتياز على الناس، وإن أصابهم ما يسوؤهم -كجدبٍ، أو جائحة، أو مصيبة في الأبدان والأرزاق- يرون أنَّهم أُصيبوا بِشُؤم موسى ومن معه، ويغفلون عن أنَّ ظُلْمهم وفجورهم هو الذي أدَّى بهم إلى ما نالهم، ألاَ فلْيَعلموا أنَّ علم شؤمهم عند الله، فهو الذي أصابهم بسبب أعمالهم القبيحة، فهي التي ساقت إليهم ما يسوؤهم، وليس موسى ومن معه، ولكن أكثرهم لا يدري هذه الحقيقة التي لا شكَّ فيها (انظر: تفسير المنتخب [1/ 264]).
قال تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف:186].
إنَّ كتاب الله هو أكمَلُ كتب الله بيانًا، وأقواها برهانًا، وأقهرها سلطانًا، فمن لم يؤمن به فلا مَطْمع في إيمانه بغيره، ومن لم يروِ ظمأَه الماءُ النُّقاخ (النُّقاخ -بالضَّم-: الماء العَذْب الذي ينقخ الفؤاد بِبَرده؛ (انظر: مختار الصحاح للرازي، ص [675]) المبرد، فأيُّ شيء يرويه؟ ومن لم يبصر في نور النَّهار ففي أيِّ نور يبصر؟
ثم قال تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ}، هذا استئنافٌ بيانِيٌّ مقرِّر لجملة هذا السِّياق، ومعنى الجملةِ المرادُ: أنَّ الله تعالى قد جعل هذا القرآن أعظم أسباب الهداية، وإنَّما جعله هدًى للمتقين لا للجاحدين المعاندين، وجعل الرَّسول المبلِّغ له أكمل الرُّسل، وأقواهم برهانًا في حاله وعقله وأخلاقه، وكونه أميًّا، فمَن فقد الاستعداد للإيمان والهدى بهذا الكتاب -على ظهور آياته وقوَّة بيِّناته، وبهذا الرسول المتحدَّى به- فهو الذي أضلَّه الله؛ أيْ: قضَتْ سُنَّته في نظام خلق الإنسان، وارتباط المسبَّبات في أعماله بالأسباب، بأن يكون ضالاًّ راسخًا في الضلال، وإذا كان ضلاله بمقتضى سنن الله، فمَن يهديه من بعد الله؟ ولا قدرة لأحدٍ من خلقه على تغيير سننه، ولا تبديلها.
إنَّ الله تعالى يترك هؤلاء الضالِّين في طغيانهم، كالشيء المُلْقى الذي لا يُبالَى به، حالة كونهم يعمهون فيه؛ أي: يتردَّدون تردُّدَ الحيرة والغمَّة، لا يستطيعون حيلةً، ولا يهتدون سبيلاً، وفي هذا بيانٌ لسبب ضلالهم من كسبهم، وهو الطُّغيان؛ أي: تجاوز الحدِّ في الباطل والشر من الكفر، والظُّلم والفجور الذي ينتهي بالعمى، وهو التردُّد في الحيرة، والارتِكاس (الرَّكْسُ: رد الشيء مقلوبًا، وبابه نصَر، وأرْكَسَهُ مثله، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء من الآية:88]؛ أيْ: ردَّهم إلى كفرهم، والرِّكْسُ بالكسر الرجس، (انظر: مختار الصحاح [1/ 287])، ( في الغُمَّة، وقد رُوعي في إفراد الضَّمير أولاً لفظ {مَنْ يُضْلِلْ}، وفي جمعِه آخِرًا معناها، وهو الجمع، ونظائره كثيرة.
"وقد عُلِم مما قرَّرناه أنَّ إسناد الإضلال إلى الله تعالى ليس معناه أنه أجبَرهم على الضلال إجبارًا، وأعجزهم بقدرته عن الهُدَى، فكان ضلالهم اضطرارًا لا اختيارًا، بل معناه أنَّهم مارسوا الكفر والضَّلال، وأسرفوا فيهما حتى وصلوا إلى حدِّ العمى في الطُّغيان، ففقدوا بهذه الأعمال الاختيارية ما يضادها من الهدى والإيمان" (تفسير المنار [9/ 384]).
إن أوَّل ما يُخالف يكون عنده تردُّد، ويكون عنده نوعٌ من عدم الثبات ما هو عليه، حتى يستَمْرِئ المخالفة ويستمرئ التفرُّق، فيُعاقبه الله جلَّ وعلا بفرحه بما عليه حتَّى يكون من أهل التفرُّق والاختلاف والعياذ بالله.
قال عزَّ مِن قائل: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم:60].
"البيان الإلهيُّ يَأمر كلَّ مؤمنٍ بالصبر والوثوق بِنَصر الله تعالى؛ فإنَّ الذين يستخِفُّون بالمؤمنين هم أناسٌ لا يعقلون، وهذا يدلُّ على أن كلَّ مؤمن موقنٍ رزينِ العقل يسهل عليه الصَّبر، وكل ضعيفِ اليقين ضعيفُ العقل، فالأوَّل بِمَنْزلة اللُّب، والآخر بمنْزلة القشور"، فالله المستعان (انظر: تيسير الكريم الرحمن، ص [654]).
وقال عزَّ من قائل: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:45].
"إنَّ الجملة ها هنا مستأنَفة استئنافًا بيانيًّا، نشأ عن تبرئة المؤمنين من أن يستأذنوا في الجهاد: ببيان الذين شأنُهم الاستئذان في هذا الشَّأن، وأنَّهم الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخِر في باطن أمرهم؛ لأنَّ انتفاء إيمانهم ينفي رجاءهم في ثواب الجهاد؛ فلذلك لا يعرضون أنفسهم له" (انظر: التحرير والتنوير [10/ 212]).
- التصنيف:
- المصدر: