أركان الصوم و شروطه

منذ 2013-07-10

الصيام في حقيقته مركب من ركنين أساسيين: النية والإمساك عنعن المفطرات من طعام، وشراب، وجماع، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس..


رَكَنَ إلى الأمر: مال إليه وسكن، قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود من الآية:113] أي: لا تميلوا وتسكنوا إلى الظالمين، ورُكْنُ الشيء: جانبه الأقوى، قال تعالى على لسانه نبيه لوط عليه السلام: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود من الآية:80].

و(الركن) في اصطلاح الأصوليين: ما يتوقف عليه وجود الشيء وعدمه، ويعبرون عن ذلك بقولهم: ما يتوقف على وجوده الوجود، وعلى عدمه العدم؛ وكثيرًا ما يعبر الفقهاء عن الركن بالشرط، ويريدون منه، ما لا بد منه.

والصيام في حقيقته مركب من ركنين أساسيين، لا يتصور حصوله بدونهما:

- الركن الأول: النية، ومعناها القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه من غير تردد، والمراد بها هنا قصد الصوم، والدليل على أن النية ركن لصحة الصيام، قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (رواه البخاري ومسلم)، وهو يعم كل عمل، وقوله في حديث حفصة رضي الله عنها: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (رواه أحمد وأصحاب السنن).

ومحل النية القلب؛ لأنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه، وحقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله تعالى، وطلباً لثوابه، ولا يشرع التلفظ بها، وهو خلاف السُّنَّة، ويشترط في النية لصوم رمضان التبييت، وهو: إيقاع النية ليلاً، لحديث حفصة المتقدم، وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، وينبغي على العبد أن يبتعد عن وسواس الشيطان في النية، فإن النية لا تحتاج إلى تكلف، فمن عقد قلبه ليلاً أنه صائم غداً فقد نوى، ومثله ما لو تسحر بنية الصوم غداً.

وبعض الفقهاء يعد النية شرطاً لصحة الصيام لا ركناً من أركانه، والمقصود أنه لا بد منها لصحة الصوم سواء عددناها ركناً أم شرطاً.

- الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات من طعام، وشراب، وجماع، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة من الآية:187]، والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود، بياض النهار وسواد الليل، وذلك يحصل بطلوع الفجر الثاني أو الفجر الصادق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق» (رواه الترمذي). وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم» (رواه البخاري ومسلم)، وقد أجمع أهل العلم على أن من فعل شيئاً من ذلك متعمداً فقد بطل صومه.

وهناك شروط ذكرها أهل العلم لا بد من توفرها حتى يجب الصوم على العبد، وهي أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً مقيماً قادراً خالياً من الموانع الشرعية.

فلا يصح الصوم من الكافر، فإن أسلم في أثناء الشهر، صام الباقي، ولا يلزمه قضاء ما سبق حال الكفر.

ولا يجب الصوم على الصغير غير البالغ لعدم التكليف، ولكنه يصح منه، ويكون في حقه نافلة، ولو أفطر في أثناء النهار فلا شيء عليه، ويستحب تدريبه على الصوم ليعتاد عليه، ولئلا يجد صعوبة فيه حال البلوغ، فقد ثبت في الصحيح من حديث الرُبيِّع بنت معوِّذ رضي الله عنها أنها قالت في صيام عاشوراء لما فُرض: "كنا نُصَوِّمُ صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْنِ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار" (رواه البخاري ومسلم).

ولا يجب الصوم على مجنون، ولو صام حال جنونه، لم يصح منه، لعدم النية، وفي الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: «رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» (رواه أبو داود وغيره).

ولا يجب الصوم على غير القادر لمرض أو كبر أو نحوه، ولا على المسافر، ولكنهما يقضيانه حال زوال عذر المرض أو السفر لقوله الله جل وعلا: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة من الآية:184].

ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء؛ بل يحرم عليهما ولا يصح منهما، لوجود المانع الشرعي، ولو جاءها الحيض أو النفاس أثناء الصوم بطل صوم ذلك اليوم، ويجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان.

والطهارة ليست شرطاً لصحة الصوم، فإذا تسحر الجنب، وشرع في الصوم ولم يغتسل صح صومه، وكذلك لو طهرت المرأة من الحيض في الليل ولم تغتسل، وصامت يومها التالي صح الصوم منها.

هذه هي أهم أركان الصوم وشروطه، وللعلماء مزيد تفصيل وبيان فيها، يمكن الرجوع إليها في مظانها، والله أعلم.