عادت دولة (مبارك) فمتى تعود دولة (بن علي)؟

منذ 2013-07-29

هل يمكن لأحد عاقل أن يستسيغ هذا العبث بأي شكل من الأشكال؟! هل يمكن لمن خرج ضد الرئيس مرسي أن يقتنع بأن ما حدث ليس مؤامرة شارك فيها الجميع ضد الحاكم الذي اختاره الشعب لإفشاله وليرجع النظام القديم بفساده؟!


ما يحدث في مصر الآن ليس مجرد انقلاب عسكري فاشي يعتقل الأبرياء ويقتل المصلين ويغلق القنوات الدينية فحسب، بل إنه عودة حقيقية لعهد المخلوع مبارك بل لما هو أسوأ من عهد مبارك الذي ثار عليه الشعب حقا وبلا أدنى لبس ودون تنازع أو اللجوء لجوجل إيرث حتى نعرف أعداد المؤيدين والمعارضين.

لقد خرج الشعب المصري عن بكرة أبيه ليعلن ثورته على مبارك ورجاله والآن تعود دولة مبارك بجميع أركانها الأمنية والعسكرية والاستبدادية دون أن نسمع كلمة واحدة من المعارضة الليبرالية ولا إعلامها السفيه. لقد استولى العسكر على الحكم ووضعوا عددا من ألد خصوم التيار الإسلامي الذي فاز في جميع الانتخابات النزيهة التي أجريت بعد الثورة، وضعوهم في الحكم بعد أن فشلوا في الوصول إليه عبر الصناديق التي تعتبر الأداة الوحيدة في جميع الدول المتقدمة لمعرفة الأغلبية من الأقلية!!

لقد قام الانقلابيون بتشكيل حكومة جديدة في مصر ضمت جميع الوجوه التي ظلت طوال عام كامل تحرض ضد الرئيس المنتخب وتشعل الشوارع باحتجاجات عنيفة ضده متذرعين (بحرية الرأي والتعبير ومبادئ الديمقراطية)، ورفضوا جميع الدعوات للحوار التي أرسلها لهم الرئيس المنتخب واشترطوا تلبية مطالبهم كلها من أجل الموافقة على التحاور. الآن والكرة في ملعبهم نفس الوجوه السياسية والإعلامية ترفض المظاهرات وتتهمها بالعنف وتدين المتظاهرين وتتهمهم بالعنف وتُبرئ أجهزة الأمن (الحكيمة العادلة) من الضرب والقتل. لقد كانت قنوات التليفزيون التابعة لفلول مبارك تركز كاميراتها بالساعات على ميدان التحرير وهو يضم المئات وهم يهتفون ضد الرئيس مرسي وتشيد بالمتظاهرين الذي يحرقون مقرات الأحزاب الإسلامية من (غضبهم واستفزازهم)، وتطالب بضرور تلبية مطالبهم أما الآن وقد نزل الملايين للمطالبة بالشرعية فقد انقلبت الآية وتغير الحديث.

لقد بدأ رجال مبارك يعودون إلى مواقعهم في أجهزة الدولة المختلفة بعد عزلهم في العامين الماضيين، وتم تعيين بعضهم في الوزارة الجديدة بل تم تعيين وزير الدفاع الذي تعهد بعدم التدخل في السياسة تم تعيينه كنائب لرئيس الوزاراء وهو منصب سياسي بما يعني أنه سيتدخل في الشؤون السياسية بشكل رسمي رغم المبادئ التي يتشدق بها البرادعي وأنصاره عن مدنية الدولة وها هم يلوذون بالعسكر ويحتمون بهم ويمنحونهم المناصب السياسية. إن انهيار الثورة في مصر قد يتبعه انهيارات قريبة في تونس وليبيا واليمن خصوصا بعد ظهور التآمر الأمريكي والأوروبي وعدم تسميتهم لما حدث في مصر انقلابا عسكريا رغم وضوح ذلك طبقا للمعايير (الديمقراطية الغربية). لقد زار مساعد وزير الخارجية الأمريكي مصر وأشاد بخريطة الطريق الانقلابية وأعلن تأييده لتشكيل الحكومة الجديدة التي لا تضم وزيرا واحدا من خارج جبهة المعارضين للتيار الإسلامي رغم الانتقادات التي وجهت للرئيس مرسي من الداخل والخارج لأنه عين 5 وزاراء في أول حكومة له من الإخوان ثم رفع العدد إلى تسعة في الحكومة الثانية من 35 وزيرا.

هل يمكن لأحد عاقل أن يستسيغ هذا العبث بأي شكل من الأشكال؟! هل يمكن لمن خرج ضد الرئيس مرسي أن يقتنع بأن ما حدث ليس مؤامرة شارك فيها الجميع ضد الحاكم الذي اختاره الشعب لإفشاله وليرجع النظام القديم بفساده؟! كل يوم تتكشف حقائق جديدة عن مخطط الانقلاب ومن ساعد فيه من الداخل والخارج، وأعتقد أن الأيام القادمة ستكشف المزيد حول المتلاعبين بمصائر الشعوب والمتاجرين بآلامهم وفقرهم وحاجتهم هل هم فعلا التيارات الإسلامية كما ضحكوا على الناس في الإعلام؟ أم هم أدعياء الثورة والليبراليين والفاسدين؟


خالد مصطفى - 9/9/1434 هـ