الوالغون في دماء العدوية..

منذ 2013-08-17

أخيرا فعلها السيسي وجيشه المغوار، بعد ما فكر وقدّر، وعبس وبسر، وتأمل ونظر، وأقبل وأدبر، وتردد وتحيَّر، وأخيرا طوَّعت له نفسه قتل شعبه فقتله.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أخيرا فعلها السيسي وجيشه المغوار، بعد ما فكر وقدّر، وعبس وبسر، وتأمل ونظر، وأقبل وأدبر، وتردد وتحيَّر، وأخيرا طوَّعت له نفسه قتل شعبه فقتله. أصبح العالم على أصداء مجزرة مريعة ومحرقة شنيعة سحق فيها الشعب الوادع الهاجع في منامه وخيامه؛ أحرقت عليه خيامه فشوي داخلها شيّا حتى تفسّخت عظامه (كفؤ يا بطل لا العبور)، وأهلٌ يا جيش القناة يا أجناد الكنانة (يا محطمي خط بارليف).

أما قائدك المظفر ورئيسك المنتظر (المسيوسيسي) خائن العهد، كاذب الوعد، حانث اليمين، مغتصب السلطة، سارق الدولة، قاتل الركع السجود فحق له أن ينام الليلة نومة العريس ناعم البال، هانئ الروح بين رفات الأشلاء وفرات الدماء، والموعد الله والقصاص في الدنيا قبل الآخرة، أبشر يا سيسي أنت وأركاناتك وقطيعك الأعمى بالنكد والحسرة والهم والغم وكل قاتل نفس ولو مجتهدا لا بد له من هذا الهم والغم {فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30]، {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ} [طه: 40]، فكيف بقاتل شعبٍ بعجائزه وأطفاله وكرائمه ورجاله وعبّاده وسجاده وصوامه وقوامه ظلما وبغيا وعدوانا.

أما وقد فعلها القتلة وولغوا في دماء الأبرار والأطهار واستحقوا اللعنة والخزي وعذاب النار فإني ذاكر من ولغ معهم في دماء الأبرياء واشترك معهم في الإثم والويل لمن أعان قاتلا ولو بشطر كلمة.

1- الإعلام المحرض المؤجج للفتنة، الموقد لنارها، المضرم لأوارها من قنوات مصرية وخليجية وصحف ومواقع شخصية {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]. ولقد والله اقشعر جلدي حين قرأت نهيقا يسمونه تغريدا لبجيح من رماد نار إمام دعوة، ونهيقا لعير عميل من سلالة خيل أصيل، وآخرين من دونهم من ضحايا أخلاف وهشيم زرع أعلاف كلهم يستعجلون الجيش بحماسٍ بالغٍ لسحق الشعب الموجوع المفجوع برئيسه وخياره الانتخابي،ٍ ومصادرة إرادته وثمرة عرقه بعد وقوفه تحت لاهب الشمس ساعات، وتعطيله لعمله ينتظر دوره للإدلاء بصوته لاختيار رئيسه وممثله ودستوره، ومن هؤلاء من رصد مكافأة سنيّة، وجائزة سخيّة لمن يبشره باستئصالهم وهلاكهم (ذلك مبلغهم من الديموقراطية) فيا راصد البشارة أبشر بما يبشر به بطلك السيسي.

شَلّت يمينك إنْ قتلتَ لَمؤمنا *** حلت عليك عقوبة المتعمد

فجعك الله في نفسك، وطمس على مالك، وشد على قلبك، وأراك من عز الدين ما يسوؤك ويقطع قلبك المظلم حسرة.

2- الحركات التمردية والأحزاب السياسية وأزلامها الخاسرون في الانتخابات والمحرضون على القتل والعنف والذين خسروا صناديق الاقتراع فلجأوا إلى صناديق الذخيرة وساندوا الجيش الغاشم بكل قوة.

3- الممولون والداعمون بسخاء لأجل ضرب الشعب وقتله كما ظهر ذلك من تغريداتهم وأقوالهم.

4- المشاركون في الانقلاب وأخص منهم أحزاب الزور والدستور وكل من شارك من المشايخ ما لم يعلن براءته الواضحة واستنكاره لسفك الدماء، فإن فعل وبين وأصلح ما أفسد ووقف مع إخوانه وقفة صادقة واضحة وتبرأ من الانقلاب ومجرميه فعسى ذلك أن يخفف عنه.

5- المنتسبون للدعوات الإسلامية المتلصقون بالسلفية من الجانحين إلى الإرجاء مع الفجار والكفار والخروج مع الولاة الأخيار، ومرة أخرى شعرت بالاشمئزاز والقشعريرة وأنا أستمع من هذا الصنف لخطيبين مشهورين أفردا خطبتين لمناصرة السيسي باعتباره حاكما متغلبا وتقولا على الله ورسوله بنسبة ذلك إلى أهل السنة والجماعة، ودعوا بكل حماس إلى (قتال أهل البغي والفتنة) زعما؛ يقصدان (أهل رابعة والنهضة) ولا أدري أيهما كانت أسبق إعلان الانقلاب أو خطبتاهما من فرط حماسهما وتفلتهما على إخوانهما وحقدهما الدفين، ولا عجب فلقد رأيت بعيني وسمعت بأذني أحدهما في ملأ من أصحابه يحاضر فيقول: "الشعب السوري يستحق ما أصابه من بشار فلا نأسى عليه" هذا عجب لا أعجب منه إلا نسبة ذلك لمنهاج النبوّة الذي قال الله عنه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، وقال عن أتباعه في منهاجه: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29 ]، {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54]. ومنتهى العجب حينما انتخب الرئيس مرسي فوجدوا أنفسهم أمام أمرٍ لم يتوقعوه فإنْ عارضوه خالفوا الهدى، وإن أيدوه خالفوا الهوى، وبعد إلزامات وإحراجات من خصومهم وترددات وتلكؤات من قبلهم وعلى استحياء وتردد أيدوه وما كادوا يفعلون. وكأني بهذا الصنف وهذين الخطيبين وبعد كل هذه المجازر والمحارق والدماء والأشلاء سيشعلون المنابر جلدا للضحايا ولوما لهم ولمشايخهم وقادتهم المحبوسين، ودفاعا وتبرئة للقتلة والله الموعد {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزحرف: 19]. اللهم إنا نبرأ إليك من سلفيتهم وطريقتهم ونبرأ إليك مما فعله القتلة ونحتسب عندك أرواح إخواننا، ونسألك أن يكونوا شهداء عندك يرزقون، ونسألك أن تقتل كل قاتل وتحرق كل محرق وتذيقه في الدنيا عذاب الحريق، وتنتصر وتنتقم لكل مفجوع مظلوم وتجعل الدولة والجولة لعبادك الأخيار وأوليائك الأبرار آمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وهذه مرثيَّة في ضحايا المجزرة عامة والأخت (الشهيدة بإذن الله ورجائه ورحمته) أسماء البلتاجي وعزاء لأبيها البطل المجاهد فرج الله له وإخوانه.

 

لا تأس إن سبقتْك يا بلتاجي *** هي في الجنان بحُلْيها والتاج
وغدا تُكَلِّلُ بالوقار جبينكم *** نورا تلَأْلَأَ مثل ضوء سراج

أسماءُ غابت عن سَماك شهيدة *** شمسٌ توارت بالحجاب الساجي
لكنْ لتشرق في مدار خلودها *** في طلعةٍ غرّاءَ مثل العاج

أسماء بين يديكمو جثمانها *** مثل العروس تزفّ ليلَ زواج
أكفانها حلل وريح حنوطها *** مِسك ودهن ألُوَّةٍ بزجاج

هذي روائحها وأما روحها *** فلربها عَرجت بلا مِعراج
تتسابق الأملاكُ في تشييعها *** للعالمِ الأعلى بكلِ فِجاج

أسماء غادرت الدنا وتنفست *** صُعُدا من الأكدارِ والأحراج
تركت لنا كبَدَ الحياةِ وحُزنها *** والعيشَ بين مخالبٍ ولجاج

برصاصةٍ في القلب عجّل فوزها *** وحش تنمّر من قطيع نعاج
قيدومه سيسي ومن قيدومه *** سيسي فبؤسا من عقول دجاج

مَنْ حارسٌ للأمن يقتل شعبه *** -يا للورى- بالجَمْل والأفواج
لا مسلم لا عاقل لا الشهم من *** غجر ولا زنج ولا أعلاج

إلا المديَّث فكره وولاؤه *** في جسم أمتنا كما الخُرّاج
فهو الغثا وهو الخنا وهو الضنى *** وهو الصديد وفاسد الإخماج

وهو الجبان الفسل لا من شيمةٍ *** أو قيمةٍ وسلامةِ المنهاج
لولا الخيانة والفهاهة والغبا *** قارنته في السفكِ بالحجاج

جبناء في يوم الكريهة كلهم *** مثل النعام الفُتخ والدرّاج
وإذا يهودُ أروهمو طرف العصا *** لاذو بكل مغارة ورتاج

حمرا منفّرة دهاها قسور *** وإذا رأيت ترى ستار عجاج
هذي النياشين التي بصدورهم *** شارات رقّ نخاسة وخراج
بيعوا بها وشُرُوا بلا ثمن سوى *** بذل الكرامة عاجلا لخواج

جيش الكرامة راهنوك وكنت مَنْ *** كسب الرهان فمنك هل مِن ناج
بطلَ العبور لقد رفعت رؤوسنا *** بالنصر في عدوية (البلطاج)

فبأي معجزة سحقت عجائزاً *** وذبحت كل صبية مغناج
لم يبق يا بطل العبور لحقدكم *** إلا رعال (الإفِّ) و (الميراج)

لله درك يا فريق فعلتها *** فاهنأ وزير الحرب والإنتاج
سيسي (السويس) السوس أنت فمالكم *** وسياسة يا بغلة الإسراج

السنة الغرّاء يُذبح أهلها *** في الشام من رفض وفي دمّاج
أولى بمصر وجيشها أن ينصروا *** إخوانهم لا ذبح شعب لاجِ

يا أحمقٌ ستثورُ مِصرُ جميعها *** من شطّ سيناء إلى سوهاج
سيثور بركان وتغضب أمة *** من شرق عالمنا إلى قرطاج

بؤ بالدماء الحمر في عدوية *** وبنهضة بؤ بالدم الثجاج
بؤ بالدعاء تصبه مفجوعة *** بالشيخ والأبناء والأزواج

بؤ باللعائن كلما زاروا الحمى *** من ألسن العُمّار والحُجّاج
سيقول عنك وأدعياءِ سياسة *** مثل البرادع أو صباحي الداجي

سيقولها التاريخ هم من حرقوا *** قوما مسالمة لظى وهاج
قُتلوا كما الأخدود يلعن أهله *** من كل قارئ سورة الأبراج

يا أهلنا في مصر من نجد الهدى *** هاكم عزاء محمد الفراج
 



محمد بن أحمد الفراج