روحاني ومصالح خامنئي
حسن روحاني (64 عاما) لم يأتي من العدم ليفوز بحوالي 50.68 في المئة من أصوات الناخبين، الذين تجاوزت نسبة إقبالهم 72 في المئة، فقد كان في السابق أحد أشرعة النظام الإيراني، حيث شغل منصب مدير المجلس الوطني الأعلى للأمن حتى 2005، إلا أن خلافاته مع الرئيس السابق (أحمدي نجاد) أجبرته على الاستقالة، لينضم إلى حلف الرئيس السابق محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني.
اختصر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي على جهابدة التحليل السياسي الكثير من الوقت والجهد، ورسم بجملة قصيرة مسار السياسة الإيرانية في المرحلة المقبلة، خلال كلمته التي هنأ فيها الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني المحسوب على المعتدلين من المحافظين، وقال خامنئي في كلمة نشرتها وكالة فارس وبثها التلفزيون الإيراني: "إن الرئيس المنتخب هو رئيس لجميع الشعب، وعلى الجميع أن يبذلوا عونهم للرئيس وزملائه في الحكومة من أجل تحقيق المبادئ السامية التي يتمسك بها الجميع والكل مسؤولون لتحقيقها".
حسن روحاني (64 عاما) لم يأتي من العدم ليفوز بحوالي 50.68 في المئة من أصوات الناخبين، الذين تجاوزت نسبة إقبالهم 72 في المئة، فقد كان في السابق أحد أشرعة النظام الإيراني، حيث شغل منصب مدير المجلس الوطني الأعلى للأمن حتى 2005، إلا أن خلافاته مع الرئيس السابق (أحمدي نجاد) أجبرته على الاستقالة، لينضم إلى حلف الرئيس السابق محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني.
شارك الرجل الذي تعهد خلال حملته الانتخابية باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، في الإشراف على المحادثات النووية بين إيران والأسرة الدولية، ما أكسبه في الغرب لقب (شيخ الدبلوماسية).
ينحدر روحاني من منطقة سرخه بمحافظة سمنان جنوب شرق طهران. وهو يقول إنه حائز على شهادة دكتوراه من جامعة غلاسكو، متزوج وله أربعة أولاد، وحرص أن يكون شعار حملته الانتخابية ضد منافسيه (الإدارة الجديدة لشؤون الدولة)، بعيدا عن المشادات والصراعات السياسية، وكان يعتبر من أبرز المنافسين للمرشحين الآخرين، بحكم تجربته الطويلة في تسيير شؤون الدولة، واتزانه السياسي في نظر الإيرانيين.
وقال في أحد تصريحاته: "حكومتي لن تكون حكومة تسوية واستسلام (في الملف النووي)، لكننا لن نكون كذلك مغامرين"، مضيفا إلى أنه سيكون: "مكملا (لسياسات) رفسنجاني وخاتمي".
لروحاني الذي أعلنت الولايات المتحدة عن رغبتها بإجراء حوار مباشر معه، والتعاون مع الرئاسة الإيرانية وفق بيان نشره البيت الأبيض السبت، مسيرة نيابية بين عامي 1980 و2000، انتقل لعضوية مجلس خبراء القيادة، الهيئة المكلفة بالإشراف على عمل المرشد الأعلى علي خامنئي.
وبالرغم من مساحات التفاؤل التي وجدت مكانها في الصحف العربية والغربية صباح اليوم التالي لفوز روحاني، إلا أننا يجب أن لا ننسى بأن الرجل لا يزال ممثلا لمرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، بالإضافة إلى عضويته في مجمع علماء الدين (المجاهدين)، الذي يضم رجال دين إيرانيين محافظين، ومثل هذه المجالس لا تخرج عن النص الذي يكتبه خامنئي، وهذا يعطي لمحة بسيطة عن شكل السياسية الإيرانية الخارجية التي قد تركز على المراوغة دون تحقيق أي بادرة تصالح مع المحيط، فإيران كائن مختلف عن المحيطين به، لا يختلف في سياسته عن السياسة التي يمارسها الكيان الصهيوني مع العالم العربي، وفي جميع الأحوال فالغايات تتشابه للطرفين.
وكانت إيران وافقت على تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، وتطبيق البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، الذي يتيح عمليات تفتيش مباغتة للمنشآت النووية الإيرانية.
ويدعو روحاني إلى سياسة مرنة أكثر في المفاوضات مع الدول الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، إلى جانب ألمانيا)، لتسوية الملف النووي الإيراني لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران والتي تسببت بأزمة اقتصادية حادة.
الملف السوري:
تدعم الحكومة الصهيونية بعض الدول الأفريقية الفقيرة بالمال والمشاريع التنموية، لتشكل نفوذ لها بعد إنهيار أنظمة كانت توفر لها الأمن الاقليمي، لأنها كيان عدو في المنطقة العربية، وتعيش هاجس الأمن باستمرار، وإيران التي لها عداء تاريخي مع العالم العربي ومنطقة الخليج، لن تتوانى كذلك في السعي لتحقيق طموحها المتمثل في السيطرة على منطقة الخليج العربي، والاستفادة من ثرواتها النفطية، لا سيما وأنها دخلت هذه المعركة من بوابة العقيدة، واستطاعت أن تستغل بعض القضايا العربية لهذا السبيل، مثل القضية الفلسطينية والبحرين وغيرها.
ملخص ما يجب التأكيد عليه، أنه مع استلام الرئيس الجديد في إيران مقاليد الحكم، فإن أعقد ملفاته الخارجية الملف السوري، حيث لا يمكن التفاؤل بشأن اعتدال الرجل لكي يوقف الحرب على الشعب السوري، لأن إيران تتعامل مع هذا الملف انطلاقا من مبادئ عامة تتعلق بتوازن القوة في المنطقة بالإضافة إلى النفوذ الديني.
ولا يمكن التعويل كثيرا عليه بشأن المصالحة مع دول الخليج، ففي الوقت الذي يمكن أن يقبل الرجل أن ينظر للولايات المتحدة على أنها صديقة لبلاده من منطلق السعي وراء رفع الحصار الاقتصادي وتجميد الملف النووي، لا يمكن أن ينسى أطماع إيران في منطقة الخليج العربي، وخصوصا مع وجود الأقلية الشيعية في تلك المنطقة.
ومن الناحية العسكرية: فإن إيران ترى بأن الحرب في سوريا هي حرب تعنيها بالدرجة الأولى، ولكنها تدفع فقط فيها المال والسلاح دون أن تخسر الكثير من الدماء، وتتجنب خسائر الحرب الحقيقية في حال هاجمها الكيان الصهيوني أو غيره.
كما أن دور المرشد الأعلى الذي يقود السياسة الخارجية يجعل من دور الرئيس ضعيفا؛ حيث أنه لا يسيطر على تفاصيل تلك السياسة، رغم أنه بإمكانه في نهاية الأمر الإدلاء برأيه علنا مع ما يثير ذلك من نقاشات تقتضي بدورها توافقا داخليا بشأنها.
ومع وجود تحالف سني يتشكل مع فوز حكومات تتبع جماعة الإخوان المسلمين بفضل الثورات العربية، فإن انحسار السياسة الإيرانية نحو الشأن الداخلي سيكون الهم الأكبر للرئيس الإيراني الجديد، مع الأخذ بعين الاعتبار تقديم تنازلات من أجل رفع الحصار، والتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية في بلاده.
أحمد أبو دقة
- التصنيف: