تقسيم العراق... الخطة إيرانية والاتهام لأهل السنة!

منذ 2013-09-15

اليوم في ضوء انسداد واضح وأكيد، يبدو أن طهران تخطط لتقسيم العراق، لكي تقتطع الجنوب وأوسع مساحة من الوسط، فيبقى هناك واجهة محلية عميلة من أدواتها الكثيرة المتناحرة على الفوز بالعبودية للمشروع الصفوي، وهو مكسب إستراتيجي كبير جغرافياً، وعلى تخوم الدول العربية في الخليج، فضلاً عن اختزان المنطقة ثروات نفطية هائلة!

 

عودة المياه إلى مجاريها (فجأةً) بين ساسة كردستان العراق وطاغية بغداد نور المالكي، لم تفاجئ متابعاً موضوعياً لمجريات السياسة في البلد المنكوب، في نطاق رؤية متكاملة تأخذ في حسبانها تأريخ العراق، ومكوناته السياسية المبنية غالباً على أبعاد عرقية، (كما عند الأكراد)، أو بحسب العمق الطائفي (في حالة أتباع ملالي قم).

فالزعامات الكردية شبت تاريخياً، وشابت على الانتهازية الرخيصة، والتبعية المهينة للقوى الأجنبية المتربصة ببلاد الرافدين، لكي تنهشها وتمزق أوصالها، وفقاً لحسابات يتداخل فيها المكسب الراهن، والحقد الموروث من عصور ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام، وفي المقابل فإن استرضاء الأكراد بأي ثمن يظل (أرحم) لدى خامنئي طاغية العراق الفعلي، وعند وكيله المحلي نور المالكي، من تقديم أي تنازل لأهل السنة، الذين لا يطالبون إلا بالحد الأدنى من الكرامة والعدالة!

وإذا كان من صفة موحدة لعلاقة القيادات الحالية للمكونات العراقية بجمهورها، فهي أن كل مكون جرى اختطافه من قبل حفنة من المتلاعبين بالعقول، حيث تصبح الطائفة أو القومية لعبة في أيدي محترفي السياسة، فالزعماء الأكراد يمارسون الفساد والاستبداد الناعم من خلال تأجيج المشاعر القومية للجمهور الكردي، واستغلال مظالم وقعت عليه كسائر العراقيين في نطاق النظم المستبدة، وفي الشارع الشيعي تبدو المسألة أيسر على رؤوس الإجرام المتربعين على مقاعد القيادة فيه، إذ يجري استثمار التجهيل المتعمد لعامة الشيعة في ظل هيمنة إيرانية مبرمجة، لا تترك أدنى فسحة لأي قوة لديها مسحة من الاستقلال في الرأي.

أما المعضلة الكبرى فتختص بها ساحة أهل السنة والجماعة، إذ إن المشاركين باسمها في اللعبة السياسية التي رسم بريمر والسيستاني حدودها ومعالمها الرئيسية، لم ينجزوا أي مكسب على غرار الكرد الذين حققوا شيئاً من الانتعاش الاقتصادي في إقليمهم، أو على غرار الرافضة الذين يشعرون بكثير من الارتياح، بعد أن تمكنوا من السيطرة على مفاصل القرار العراقي كله، في ميادين السياسة الداخلية والخارجية، وفي الاقتصاد والأمن والقضاء..

فأقصى ما حصل عليه المتصدرون لأهل السنة في المشهد، هو تحقيق مكاسب شخصية رخيصة على حساب تطلعات الجمهور المظلوم، فقد لعب هؤلاء دور شهود الزور، واستغلوا صدق الدافع الوطني عند جمهورهم الحريص وحده على وحدة العراق، ولم يقدموا له غير مزيد من الحرمان والتنكيل، من خلال عصابة المالكي التي سلطت عليهم قوانين الإرهاب واجتثاث البعث... وذلك لترويع الذين تشبثوا بأرضهم ممن لم تنجح مذابح فرق الموت الطائفية في استئصالهم، أو تشريدهم من ديارهم في أنحاء العراق نفسه، أو في أرض الله الواسعة خارجه!

لقد راهن نيرون العراق بالوكالة نور المالكي، على إرهاق ملايين العراقيين الثائرين على طغيانه، من خلال عنصر الزمن، مدعوماً بالتعتيم الإعلامي وشيء من الدموية المحسوبة، وشراء معدومي الضمير من المحسوبين على أهل السنة.. لكن ذلك كله ذهب أدراج الرياح، وما زال الحراك الاحتجاجي السلمي قوياً ومتماسكاً، بل ربما يصح القول: إنه ازداد صلابة في مواجهة غطرسة المالكي الذي وصف الحركة كلها بالفقاعة!

اليوم في ضوء انسداد واضح وأكيد، يبدو أن طهران تخطط لتقسيم العراق، لكي تقتطع الجنوب وأوسع مساحة من الوسط، فيبقى هناك واجهة محلية عميلة من أدواتها الكثيرة المتناحرة على الفوز بالعبودية للمشروع الصفوي، وهو مكسب إستراتيجي كبير جغرافياً، وعلى تخوم الدول العربية في الخليج، فضلاً عن اختزان المنطقة ثروات نفطية هائلة!

وقد يجري السيناريو الإجرامي عبر إشعار أهل السنة بالإحباط من حصول أي إصلاح حقيقي في النظام السياسي القائم على الجور والإذلال المتعمد، فلا يبقى أمام هؤلاء سوى الكي باعتباره آخر الطب، وهو في هذه الحالة المطالبة بحقهم الدستوري في إقامة إقليم، يعيد إليهم حقوقهم  المسلوبة، ويحفظ لهم هويتهم المهددة.

وهنا يجري تصوير الأمر على أنه نزعة انفصالية، وهو ما يصر عليه عملاء إيران منذ سنوات، إذ يعترضون بشدة على إقامة إقليم سني، ويصفونه بأنه خطوة لتمزيق العراق!! علماً بأن هذا التصرف هو من الحقوق المنصوص عليها في الدستور الذي قام الرافضة متواطئين مع الكرد  بتفصيله على مقاسهم، وفرضوه على الجميع!