خطاب مفتوح للناصريين

منذ 2013-09-15

لا ينكر أن عبد الناصر كان شخصية فذة ظهرت في منعطف تاريخي، في فترة انبرت فيه الشعوب العربية تتحرر من نير الاستعمار، وكانت بحاجة ماسة إلى من يداوي كرامتها الجريحة ويبعث فيها الآمل، وعبد الناصر كان يظهر نفسه على أنه ملائم لتلك المرحلة. وبالرغم من مناداته بالقومية وحثه المتكرر على الوحدة العربية، إلا أن السبيل الذي انتهجه أدى إلى نتائج عكسية مما أراد ومما رنت إليه الشعوب العربية.. وما تركه في نهاية المطاف هو الحطام والفشل والنكسة والخذلان! ولندع الحقائق الدامغة تتكلم..

 

(شؤول منشه) كاتب إسرائيلي
تلفزيون الـ(BBC) بالعربية استضاف السيد (عبد الباري عطوان) في لقاء مطول، امتدح فيه الضيف (جمال عبد الناصر) رحمه الله وأثنى عليه، هكذا!
وكأنه أنقذ العرب من المحيط إلى الخليج من الاستعمار والفقر والجهل والمرض..

لا ينكر أن عبد الناصر كان شخصية فذة ظهرت في منعطف تاريخي، في فترة انبرت فيه الشعوب العربية تتحرر من نير الاستعمار، وكانت بحاجة ماسة إلى من يداوي كرامتها الجريحة ويبعث فيها الآمل، وعبد الناصر كان يظهر نفسه على أنه ملائم لتلك المرحلة.

وبالرغم من مناداته بالقومية وحثه المتكرر على الوحدة العربية، إلا أن السبيل الذي انتهجه أدى إلى نتائج عكسية مما أراد ومما رنت إليه الشعوب العربية..
وما تركه في نهاية المطاف هو الحطام والفشل والنكسة والخذلان! ولندع الحقائق الدامغة تتكلم..

1- على الصعيد الداخلي:
عبد الناصر استهدف إصلاحا اقتصاديا اجتماعيا، انتهج سياسة التأميم والقطاع العام تحت شعار الاشتراكية العربية، إلا أن ذلك النهج أدى إلى فشل ذريع، أسلوب التأميم والقطاع العام فشل في مصر تماما كما فشل في دول الأصل كـ(الاتحاد السوفييتي والدول التابعة له)، ويذكر أن مشكلات مصر الاقتصادية في عهد عبد الناصر كانت أقل صعوبة من الزمن الحالي، فعندما استلم عبد الناصر دفة الحكم كان تعداد مصر 18 مليونا، أما حاليا فهو يقارب الـ(80 مليونا)، الفشل مرجعه افتقار عبد الناصر إلى أيديولوجية إصلاحية ذات مغزى، خلاصة القول: "عبد الناصر لم يكن محمد علي".

2– دائرة عدم الانحياز:
كتلة عدم الانحياز شملت ثلثي دول العالم، والأمل كان معقودا على أن الكتلة تتبنى دورا فعالا في المجال العالمي، عبد الناصر كان أحد أقطابها الثلاثة الكبار، والآخران هما (تيتو، ونهرو)، إلا أن هذه الكتلة تفرقت أيدي سبأ ومضى كل إلى غايته، ليبني هيكله الذاتي واقتصاده الوطني.. كتلة عدم الانحياز بالكاد تذكر في شؤون الساعة هذه الأيام.

3- دائرة القومية العربية:
عبد الناصر تبنى فكرة القومية العربية واستهدف الوحدة العربية، وكانت له خمس محاولات لتشييد الوحدة مع سورية وليبيا والسودان والعراق واليمن، كلها فشلت وذهبت أدراج الرياح لأن عبد الناصر استهدف من الوحدة التسلط، وهو الذي كان يتبجح بمقولته عن الزعماء العرب: "أنا لو تآمرت عليهم حاقضي عليهم في شهرين"! الدول العربية أجفلت من تهديداته وتمسكت بوطنيتها واستقلالها ونفطها، هكذا هو شعار: "من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر لبيك عبد الناصر" (شعار لم يتحقق).

4– تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني:
عبد الناصر أعلن عن هذا الهدف منذ عام 1952، وعندما أزفت الساعة عام 1967، طرد عبد الناصر قوات الأمم المتحدة من سيناء وأغلق مضايق تيران، وحشد مائة ألف جندي في سيناء وأعلن يوم (22 أيار 1967) أمام طياريه في سيناء: "أن المعركة ستكون شاملة والهدف تدمير الكيان الصهيوني"، وما نتج عن ذلك نكسة جديدة تضاف إلى نكسات العرب، حيث بدأت حرب حزيران التي انتهت باحتلال أراضي (سيناء، ولبنان، وسورية، وقطاع غزة)، والضفة المحتلة بما فيها القدس المحتلة إلى يومنا هذا.
 

المصدر: مجلة البيان