حوار مع الجنرال أول (الجزء الأول)

منذ 2013-10-02

أجرى الحوار: خالد غريب


المحاور:
سيدي الجنرال بعد التحية... دعنا ندخل في الحوار مباشرة؛ ما هو مفهومك الشعب، والمؤسسات، والسياسة، والدولة؟

الجنرال:
مفهومي عن الشعب هو تلك المجموعات البشرية بتنوعاتها الفكرية والثقافية بل والاقتصادية والطبقية المكونين في مجموعهم نسيج مجتمعي قابل للحكم ولكن بالشكل الذي يناسب تلك التركيبة.

ومفهومي عن المؤسسات هي ذلك المجتمع الوظيفي المجتزأ من تلك التجمعات البشرية؛ والذي يقوم على تسيير الحياة اليومية للشعب، ومفهومي عن السياسة هو السيطرة على إدارة الشعب والمؤسسات، ومفهومي عن الدولة هي مجموع ما سبق.

المحاور:
إذاً هناك تسلسل في تلك المفاهيم ويبدو أن هذا التسلُّسل يعتمد على وظيفة كل قسم على الأقل في الحقوق والواجبات وقبل هذا كله مدى تأهيل القائمين على كل قسم مما سبق هل توافقني في هذا؟

الجنرال:
لا أستطيع أن أرفض هذا المنطق ولا أستطيع أن أقبله أيضاً؛ لأن قضية التأهيل هي قضية نسبية تعتمد على تركيبة الجموع المراد حكمها؟

المحاور:
وما هي تلك المعايير؟

الجنرال:
أقصد أن البعض قد يفهم التأهيل على أنها الخبرة الأكاديمية أو تراكم التجارب... إلخ، ولكن الحقيقة هي أن التأهيل والمعيار يتوقف على طبيعة النسيج المكون لتلك المجتمعات البشرية وتراكيبها النفسية.


المحاور:
سيدي الجنرال... إذاً أنت ترجع فلسفة نظام الحكم إلى ما كتبه نيكولا ميكافيللي في كتاب (الأمير) الذي يُعتبر مرجع لمعظم السياسيين في العصر الحديث حيث ذكر ميكافيلي عن الحكم: "أن الدولة غاية بذاتها والقبض على زمام الحكم هدف برأسه ولا داعي للخوض فيما وراء ذلك".

ورأى الفصل التام بين السياسة وبين الدين والأخلاق فقد رسم ميكافيللي للسياسة دائرة خاصةً مستقلة بمعاييرها وأحكامها وسلوكها عن دائرة الدين والأخلاق وفرّق ميكافيللي تمام التفريق بين دراسة السياسة ودراسة الشؤون الأخلاقية وأكد عدم وجود أي رابط بينهما.

وإن الغاية تبرر الوسيلة: وهذه هي القاعدة العملية التي وضعها ميكافيللي بديلاً عن القواعد الدينية والأخلاقية.

هل توافق على تلك الفلسفات وتتبناها وتعتبرها منطلقاتك الفكرية؟
الجنرال:
الحقيقة أنه بالفعل هذا ما أعتقده تماماً ولذا ذكرت لك أن قضية التأهيل ومعايير الحكم نسبية وتتوقف على تركيبة الجموع المراد حكمها، ولذا فإن فلسفة ميكافيللي تضع قواعد عامة تختلف من مجتمع إلى آخر؛ فمثلاً عندنا في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً في مصر تركيبة الشعوب تركيبة خاصة وخاصة جداً؛ تعتمد على القوة في الإدارة ولديهم سلوك الخضوع الفطري للأقوى سلوكاً رئيسياً بل يزيد انصياعهم وخضوعهم كلما زادت ممارسة القوة والألم معهم والعكس هو أكبر أبواب الفوضة.

المحاور:
سيدي الجنرال أولاً؛ ألا ترى أن في تلك الرؤية صادمة إلى حدٍ كبير، وربما تخالف جوهر العقيدة والهوية المكونة لشعوب المنطقة وهي العقيدة الإسلامية وربما كان هذا مقصود مباشراً من ميكافيللي لتدشين ما يُسمّى علمنة السياسة وإبعاد الناس عن دياناتهم ومعتقداتهم وِفق الصراع الحضاري التاريخي؟

الجنرال:
ها أنت ترجع إلى معضلة السياسة والدين، وأنا أُؤمن بفصل السياسة عن الدين كما قال ميكافيللي.

المحاور:
إذاً أنت ميكافيللي الفكر أو بمعنى آخر علماني التوجه والعقيدة؟

الجنرال:
إذا كانت العلمانية هي تلك المفهوم فالإجابة نعم.

المحاور:
بالتأكيد هي عين تلك المفهوم، دعنا سيدي ندخل في تفاصيل القضية الحالية.

يتهمُّك البعض بأنك قمتُ بانقلاب عسكري دموي وممارسات غاية في العنف إلى الدرجة التي فاقت جرائم بينوشيه التي قام بها في تشيلي من إقالة رئيس منتخب، وإلغاء الدستور والقانون، وفرض أحكام عسكرية مصحوبة بمجازر عسكرية طبيعية كتبعات للإطاحة بالشرعية؛ ألا تخشى أن يكون مصيرك كمصير بينوشيه، الذي تم إعدامه بعد فترة؟

الجنرال:
الحقيقة أنا لم أفكر في هذا يوماً ما؛ أنا أنظر إلى الأمور بمنظور آخر وهو التعامل المباشر مع الأحداث، وعادةً ما أدرس الخصم جيداً قبل أن أخطو الخطوة التالية وأحسب ردود أفعالها جيداً.

المحاور:
سيدي ألا تتصور أن هذا أيضاً ما كان عليه الجنرال (بينوشيه) بل حتى هتلر؟! أقصد أن فلسفتك هذه هي مقترنة بالفكر العسكري الحربي وهو قتال بين طرفين وهذا الفكر له محاوره الخاصة؛ وبالطبع يختلف عن المواجهات السياسية التي يتعلق بها مصير شعوب وأجيال وتاريخ وحضارة؟

الجنرال:
أعود بك إلى ما قاله ميكافيللي وهو القبض على السلطة ولا داعي للخوض فيما دون ذلك.

المحاور:
وصفك بعض المقربين إليك الذين عاصروا حياتك منذ الصغر بأنك كنتَ انطوائي إلى حدٍ كبير أو بمعنى آخر غريب الأطوار ما تعليقك على هذا؟

الجنرال:
نعم هذا حقيقي والسبب هو إنني كنت دائماً اشعر بأني أفهم الآخرين جيداً ولكنهم لا يفهموني بل لن يستطيعوا فهمي أصلاً.

المحاور:
ألا ترى سيدي أن هذه تُعد -وسامحني على هذا التعبير- من قبيل الخلل النفسي؟ ولا سيما أن إجماع علماء النفس والاجتماع أجمعوا على أن الشخص الغبي جداً هو من يشعر أنه أذكى من الآخرين حتى وإن كان كذلك فعلاً؟

الجنرال:
الحق هو أن ذلك هو شعوري فعلاً بغض النظر عمّا قاله الخبراء بل أزيدك أن هذا الشعور مستمر معي حتى الآن.

المحاور:
ألا ترى سيدي أن هذا من قبيل الخلل الذي يمكن توظيفه وتوجيهه من قبل القوى العالمية كما حدث في السابق مع جمال عبد الناصر والسادات ومبارك والقذافي وصدام وبن علي. وغيرهم وهو ما ذكره مايلز كوبلاند الكاتب الأمريكي الشهير ومؤسس السي آي آيه في أنهم كانوا يُعِدّون دراسات نفسية دقيقة وعقلية لبعض العسكريين في الشرق الأوسط ومن ثم التحكم الكامل فيهم عبر توجيههم السلوكي لتنفيذ خططهم وأهدافهم ويصنف ذلك عندهم من قبل العمالة أو التجنيد السياسي الخفي وهو ما أكد عليه مؤخراً الفيلسوف وعالم اللغويات المعاصر نعوم تشوميسكي؟

الجنرال:
لا أُخفيك سِراً أني لا أعبئ بمثل تلك الترهات كما ذكرت لك أنا أتعامل مع الأحداث مباشرة.

المحاور:
ولكن؛ هذا سيدي يتنافى تماماً مع المنطق السليم الذي يضع كل الاحتمالات على الطاولة، وهو ما يُسمّى بالعلوم الاستراتيجية وحساب النتائج ودراسة كافة المعلومات وتحليلها، ثم إعادة صياغتها في مشهد متكامل وبناءاً عليه يتخذ القرار أما ما ذكرته سيادتكم من تعامل مباشر مع الأحداث ربما يمكن تفهمه في إطار مفهوم العسكرية لأن طبيعة العمل العسكري هو تنفيذي تكتيكي بحيث تسير الأمور على شاكلة تُلقي أوامر ثم تنفيذها.

وجرت العادة التاريخية على أن الأوامر الاستراتيجية العليا تصدر من السلطة السياسية ومن ثم تتلقاها المؤسسة العسكرية وتضع لها خطة التنفيذ وعلى تلك الأسس وضعت العلوم والفنون العسكرية. لذا من شأنها أن تخلق عقل ربما يمتلك مهارات جيدة تكتيكية في إطار تنفيذ استراتيجية عليا لم يشارك في وضعها وربما لا يملك أصلاً أدوات وضعها ومن ثم إذا ترك أو تعدى حاجز الأعمال التنفيذية تنفرط منه الأمور ويغرق ويتخذ قرارات خاطئة لا محالة.

لذلك؛ ثبت بالتجربة فشل أي حكم عسكري عبر التاريخ وربما كانت تلك الحكومات العسكرية بقائها مرهون فقط بقوتها وعنفها الذي عادةً ما تحاول أن تستعيض بتلك الدموية عن الأفق الاستراتيجي أو السياسي.

واسمح لي بهذا التشبيه (لتبسيط الفكرة) الأمر يُشبه الرجل المريض جنسياً وغير قادر على إشباع زوجته في هذا الاتجاه تجده يعاملها عادةً بمنتهى القسوة والعنف لتعويض ذلك النقص... ما ردك على كل ما ذكرت؟

الجنرال:
ردي ببساطة أنت تتكلم عن المثالية أو بشكلٍ مثالي كما كانت تفعل (جماعة الإخوان المسلمين) وتخضع أفكارك للقيم النظرية؛ ولكنك تبتعد كثيراً عن الواقع. أمّا نحن فخبراتنا تعتمد كما كرَّرتُ لك كثيراً على الواقع والتعامل مع الحدث كما هو وليس كما ينبغي أن يكون.

المحاور:
سيدي أدهشتني إجابتك فعلاً بشكلٍ كبير! لعدة أسباب:

الأول: هو كلامك عن الواقع كما هو! وليس كما ينبغي أن يكون؟

في حين أنه من المفترض أن يكون دور الحكام المخلصين هو الوصول بشعوبهم إلى الواقع الذي ينبغي أن يكون!

وإلا فيكفي الدول والشعوب أن تُشكِّل قوات مسلحة فقط وأن تسير الأمور ذاتياً من خلال المجتمعات نفسها دون مؤسسات ودون حكومات مركزية من خلال جمعيات أهلية خاصة، وما لفت نظري فعلاً هو أن تلك المفاهيم موروثة من الفكر الشيوعي أو بصورة أدق من غلاة الفكر الشيوعي وهم من ينادون بإسقاط الحكومات المركزية وتفتيت أي سلطة موجودة وترك المجتمعات تُدير نفسها ذاتياً. وهذا هو عين الفوضى ويتنافى مع المنطق السليم وحتى يتنافى مع التجارب التاريخية لمثل تلك النماذج التي طبقت في بعض الدول المجتمعات الريفية الفرنسية، واليتوبيا... إلخ، التي تحوّلت الآن إلى مزارات سياحية.

ثانياً: كلامك عن جماعة الإخوان المسلمين ووصفك لهم بأنهم كانوا مثاليين أي إصلاحيين وليسوا كما تصفهم أنت الآن بإرهاب وخلافه، وسؤالي المباشر؛ حول إجابتك المدهشة هذه.

المحاور:
هل أنت شيوعي؟ كيف ترى بشكلٍ حقيقي وصريح جماعة الإخوان المسلمين؟

الجنرال:
عن السؤال الأول أقول أنتم دائماً تَقيسون الأمور بمنظوركم الديني! فأنا لا أُنكر أنني أميل إلى المفاهيم الشيوعية ولا سيما نشأتي في عصر عبد الناصر وتأثري بالمفاهيم الشيوعية التي انتشرت تلك الحقبة؛ ولكني لم أصل إلى غلاة الشيوعية الذين اندمجوا في ذلك الفكر إلى درجة الإلحاد؛ ولكن لا أُنكر أنهم الأقرب إلى أفكاري وهم الآن الركيزة التي أقف عليها لقيادة المرحلة سياسياً.

وربما هذا ما يُفسِّر لك موقف الولايات المتحدة من الانقلاب الذي قمتُ به، فبينما لم يخفي السوفييت دعمهم وترحيبهم بهذا الانقلاب من اللحظة الأولى إلا أن الولايات المتحدة برغم علاقاتي المتينة معهم بل والمتشابكة جداً -كما سأشرح فيما بعد- ولكنهم في النهاية ليبراليين يمينيين لديهم مشكلة حضارية مع الشيوعية كفكر قلقين من ميولي الشيوعية فلازالوا يتعاملون معي بحذر ولا سيما أنه يلوح في الأفق تجديد الصراع الشيوعي مع اليمين الأمريكي.

وبخصوص السؤال الثاني؛ بالتأكيد جماعة الإخوان المسلمين جماعة مثالية إصلاحية لا يمكن أن أُنكر ذلك كنت أعلم هذا حتى قبل ثورة يناير وتأكدت منه أكثر بعد الثورة ولا سيما بعد أن قربت منهم ومن كوادرهم؛ هم فعلاً إصلاحيين ونموذجيين في كل شيء وهذا ما تسبّب في فشلهم وتسبّب أيضاً في اعتراضي على آدائهم.

هم يتعاملون مع شعوب المنطقة وينظرون إليهم بشكلٍ نموذجي على غير نظرتي أنا كما ذكرت لك سابقاً، وكثير ما كنت أحذِّرهم من ذلك وأنهم دلّعوا الشعب وأن الشعب غير مؤهل للحرية والكرامة وكل الكلام النظري الإعلامي هذا. وأن شعوبنا لا تنتظم إلا بالضغط وحبس الحريات بل والألم الذي لا يصل إلى حدٍ الموت. ولكنهم لم يقبلوا كلامي وكان ذلك من أهم أسباب إقدامي على هذا الانقلاب أني لن أترك ذلك الشعب الفوضوي يُدمِّر نفسه بنفسه. ولكني أؤكد أن الإخوان المسلمين نموذجيين ومثاليين ولديهم عبقرية التنظيم والتخطيط الجيد، وبالتأكيد سأستفيض بالكلام حول الإخوان المسلمين وتجربتي معهم في الحكم ربما في الجزء الثاني من هذا الحوار.

المحاور:
أدهشتني إجابتك سيدي للمرة الثانية التي ربما تعكس بعض الممارسات التي أعقبت الانقلاب من عمليات قتل مباشرة وسفك دماء بريئة سواء أطفال أو نساء أو شيوخ... إلخ؛ تعلم سيادتكم جيداً أنها كانت سلمية وعلى سجيتها وأيضاً ممارسات الاعتقالات لشخصيات لا يمكن قبول أنها متهمة أساساً لأنهم كما ذكرتم سيادتكم أنها نماذج مثالية معظمهم من أرقى طبقات المجتمع الثقافية أساتذة جامعات وسياسيين ومثقفين وقادة رأي وخلافه، إذاً هل لديك ردود مباشرة على قيامك بمجازر رابعة والنهضة وإبادة بعض التجمعات السكنية على حدود إسرائيل وتدمير بعض القرى المصرية مثل دلجا وكرداسة... إلخ؟

الجنرال:
بالطبع لدي ردود وإلا لَما قمتُ بتلك الممارسات؛ اسمع أيها المحاور هناك قرارات معينة يمكن أن تتخذها أنت بإرادتك ولكن تبِعاتها تكون بالتأكيد خارج حدود إرادتك فهي مترابطة تماماً؛ بمعنى إذا القيت نفسك في النيل مثلاً ستكون النتيجة أحد الحالتين أما أن تعوم أو أن تغرق ولكن خيار العودة إلى القرار الإرادي غير وارد، وهو القفز إلى النيل بمعنى حتى لو أنني بعد أن شعرت بخطورة القرار وشعرت ببرودة المياه لن أستطيع العودة فعلي أن أعوم لأني بديهياً لن أستسلم للغرق. فأيٍ كانت دوافعي لقرار الانقلاب ولكنه اتخذ فعلاً فعليك إذاً أن تعوم ولو قتلت أضعاف ما قتلت، فلا يوجد وقت للتفكير ولو للحظة في العودة ولا سيما أن هناك من الحمقى من يمسح خطاياك ويرغبون في إنقاذك من الغرق حتى ولو كانت أسبابهم لا تعنيني.

المحاور:
من تقصد بهؤلاء القوم الذين يريدون إنقاذك هل هم قوى داخلية أم خارجية؟

الجنرال:
بالطبع أنا لا أعبئ بالقوى الداخلية إذا كنتَ تقصد القوى السياسية؛ فأنت تعلم والجميع يعلم أن غالبيتهم من المرتزقة وهم فعلاً كما تصفوهم بعبيد البيادة كناية عن خضوعهم الذاتي والفطري للقوة كما جاء في مقدمة ابن خلدون وهؤلاء يُسمُّون عبر التاريخ بالأوباش وهي مخلفات الحضارة الإنسانية، وهؤلاء بالنسبة لي تكفيني بذلتي للسيطرة عليهم وتحريكهم في أي اتجاه أما عن الشعب وما أشيع بعد ثورة يناير من قوة الحشد الشعبي الوليدة فسأفاجئك بأني من صنعت تلك الفكرة وروجت لها نظراً لرغبتي الحقيقية في عمل الانقلاب الناعم على نظام مبارك للأسباب التي وردت في مذكرات بعض العسكريين السابقين للأسف وهذا ما أغضبني منه لأنه فضح ما فعلته من أجل ذلك الانقلاب الناعم الذي رفضه المشير.

إذا لا تُصدِّق فكرة الحشد والمظاهرات فأنا من مرّرتها للخلاص من ذلك العجوز المحسوب علينا والذي بلغ أرذل العمر مما أطمع البعض في الاستيلاء على السلطة ليس آخرهم ابنه جمال؛ وهذا مالا يمكن قبوله. فكان من السهل جداً إحباط مظاهرات يناير وفبراير حيث لم يكن ليكلفنا ذلك قتل نصف ما قتلناه في رابعة والنهضة تحت غطاء جهاز التوجيه المعنوي الذي كان ولازال وسيظل مسيطر على الفضائيات التي يمتلكها من تسميهم أنت عبيد البيادة باعتبار الفضائيات أحد أسلحة القوات المسلحة الاستراتيجية.

أما من أتحدّث عنهم هم القوى الخارجية التي بالفعل تمتلك أدوات قلب الطرابيزة وهم بالنسبة لي أمريكا، وروسيا وإسرائيل والمعادلة ببساطة أن تلك القوى لديها أهداف استراتيجية في المنطقة يكفيك أن تضع نفسك في اتجاه تلك المصالح لتضمن الإنقاذ السريع، وإذا سألت كيف توزن هذا الكلام مع اختلاف مصالح أمريكا مع السوفييت أُجيبك بأن السرّ في إسرائيل فهي المنطقة الخضراء بين تلك القوتين.

المحاور:
سيدي الجنرال؛ لماذا تخوّفكم الكبير من التيار الإسلامي برغم اتساقه الكامل مع مزاج الشعب المصري، وأنتم تعلمون ذلك جيداً؛ بغض النظر عما يدور في الإعلام هذه المرحلة؟ وبغض النظر عن الأقلية الملحدة المسيطرة على الإعلام، ولماذا تشويه فكرة المشروع الإسلامي ووصفها بأنها فكرة أممية تتعدى حدود الوطن في حين أن الجميع الأن فكرهم بل وممارساتهم أممية بِدءاً بالولايات المتحدة مروراً بالاتحاد الأوروبي والشيوعية الروسية وليس نهاية بإسرائيل الكبرى وكذلك بلاد فارس الرافضة؟ وما مفهومكم الصريح عن معنى الإسلام الوسطي الذي تُكرِّره دائماً إعلامياً؟ برغم ادّعاء سيادتكم أنك مسلم وادّعاء البعض إنك متدين شيء ما؟

الجنرال:
اسمح لي أنا مرتبط بمواعيد وسؤالك الأخير يتطلب وقت طويلاً للإجابة واستفاضة في الشرح فأذن لي أن نؤجله إلى الحلقة القادمة من هذا الحوار في الجزء الثاني.

المحاور:
سيدي الجنرال أول كلامك فعلاً خطير هذا الجزء من الحوار وحتى لا أُطيل عليكم ولا على القارئ سأستكمل هذا الحوار في حلقات قادمة بإذن الله وسأبدأ الحوار القادم بالسؤال السابق وبعض المحاور والأسئلة الأخرى مثل:

- يَعتبر البعض ما قمتم به -فضلاً عن كونه انقلاباً عسكرياً دموياً- إلا أن ما يزيد من سلعته الأخلاقية هو مشاركة سيادتكم كوزير مختار لمنصب حسّاس للنظام المنقلب عليه مما يُعد سابقة لا أخلاقية وغدر بالمفاهيم الإنسانية يخجل منه الكثير؟

- اتهام سيادتكم بخلفيتكم اليهودية ومن ثم ولائكم المباشر لإسرائيل؟

- علاقتكم ببشار الأسد وبعض المنظمات العسكرية في لبنان؟

- علاقتكم السابقة والمباشرة بمبارك؟

- رؤيتكم لفكرة الشرق الأوسط الكبير ودوركم فيه؟

- مدى خوفكم وتوقعكم من تحرُّك داخل الجيش للإطاحة بكم ولاسيما تسرُّب أخبار حول استياءٍ كبير بين أوساط الضباط والجنود برغم ما اتخذتموه من احتياطات وتعاملكم القاسي مع هذه الحالة؟

- مدى قدرتكم على الاحتفاظ بتشابك مساركم مع مصالح الدول العظمى وعدم توظيفكم لمرحلة قصيرة ثم الخلاص منكم؟

- كيفية تعاملكم مع تيارات الإسلام السياسي في الأيام المقبلة بعد عمليات تقليم الأظافر التي لازالت مستمرة أم ستظل فكرة الإقصاء هي المسيطرة على الممارسات؟

- علاقتكم مع طارق نور الإمبراطور الإعلامي الخفي والذي تحوم حوله شبهات صهيونية خطيرة؟

- الحديث عن شركات الأمن الخاصة مثل بلاك ووتر وعلاقة نجيب سويرس بها وبكم وبالمشهد؟ وعلاقة تلك الشركات بما يُسمّى فرسان مالطا أو فرسان الصليب (الدولة الوهمية التي لها سفارات في العالم وليس لها أرض ولا شعب)؟

- تفاجئ الشعب المصري بعد الثورة بهرولة بعض شركات الإعلانات الضخمة المارونية اللبنانية والسيطرة على شبكات معظم القنوات الفضائية؟

- والعديد من الأسئلة الأخرى.

وختاماً: أشكر لسيادتكم سعة صدركم على أمل استكمال اللقاء والحوار (الجزء الثاني) في القريب العاجل.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام