فلنقتصد في لهونا ولعبنا

منذ 2013-10-17

خلق الله تعالى الدنيا والآخرة، وجعل لكل واحدة منها بنين؛ فأبناء الآخرة يعملون لها، ويجعلون الدنيا مطيتها، فلا يغترون بزخرفها، ولا يخدعون ببهرجها.. يعلمون أن العبد مهما علت منزلته، وقوي جاهه، وكثر ماله، واكتملت صحته؛ فإنه مفارقها


الحمد لله ولي المؤمنين، وأنيس الصالحين، وجابر المنكسرين، ومغيث المكروبين، ومجيب الداعين: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29].
نحمده في العافية والبلاء، ونشكره في السراء والضراء، ونثني عليه الخير كله؛ فلرب سراء أورثت غرورًا وبطرًا وكفرًا، ولرب ضراء استخرجت توبة ودعاء وتضرعًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الحكمة الباهرة في أفعاله، وله الحجة البالغة على عباده؛ لا يقضي قضاء لمؤمن إلا كان خيرًا له، فأهل الرضا ينعمون برضاهم، وأهل السخط يعود عليهم سخطهم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أتى بالبشارة والنذارة، فبشر من التزم الإسلام بالعز والرفعة والتمكين، وفي الآخرة بالفوز العظيم، وأنذر من تخلى عن دينه بالفشل والذل والهوان، وفي الآخرة بالعذاب والخسران، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعتصموا بحبله ولا تفرقوا، واستقيموا على دينه ولا تفلتوا، وأقيموا أمره ونهيه ولا تفرطوا، وقفوا عند حدوده ولا تعتدوا؛ فإن دين الله تعالى غالب، وإن أمره نافذ، وإن قدره في عباده ماض، فإما نفعوا أنفسهم بطاعته، وإما أضروها بمعصيته، ولن يبلغوا نفع الله تعالى ولا ضره: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح:17].

أيها الناس:
خلق الله تعالى الدنيا والآخرة، وجعل لكل واحدة منها بنين؛ فأبناء الآخرة يعملون لها، ويجعلون الدنيا مطيتها، فلا يغترون بزخرفها، ولا يخدعون ببهرجها.. يعلمون أن العبد مهما علت منزلته، وقوي جاهه، وكثر ماله، واكتملت صحته؛ فإنه مفارقها. وأما أبناء الدنيا فينسون ما خلقوا لأجله أو يجهلونه أو يغفلون عنه، فيجعلون الدنيا غايتهم، ومتاعها شغلهم، والتزود منها هدفهم، فهم أهل الغفلة واللهو واللعب؛ حتى إذا رأوا ما يوعدون لم يغن عنهم ما كانوا يمتعون.

إن اللهو واللعب مذكوران في القرآن وصفًا للدنيا في كثير من الآيات؛ وجاء ذلك بأسلوب القصر؛ ليفهم أهل القرآن أن الدنيا مهما ازدانت لأصحابها، وعظمت في قلوب طلابها، وكثر متاعها وزخرفها، وطال عمر العبد فيها فهي لا تعدو أن تكون لهوا ولعبا، وأن الدار الأخرى خير منها، وأكمل في لذاتها، وأطول في مقامها، وأن قليل الجنة وقليل العمل الموصل إليها يرجح بالدنيا كلها {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:17]. {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى:4]. فهذا خبر الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام بأن الآخرة خير وأبقى من الأولى، فلا عجب إذن أن توصف الدنيا بأنها لهو ولعب في كثير من الآيات: {وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنعام:32].
وفي آية أخرى: {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} [محمد:36]. وفي آية ثالثة: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد:20].

فاللهو هو: ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه.
واللعب: عمل أو قول في خفة وسرعة وطيش ليست له غاية مفيدة.. وأكثره أعمال الصبيان، ولذلك فهو مشتق من اللعاب، وهو ريق الصبي السائل، واللعب يكون بالجوارح، بأن يعمل الإنسان أعمالًا تصده عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، وأما اللهو فهو بالقلوب وهو الغفلة، وهذا أشد وأعظم، وغفلة القلب تفقد صاحبها جميع لذات الطاعة، وتحرمه آثارها لقول الله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف:28]. فلم يقل: أسكتنا لسانه عن ذكرنا، وإنما قال: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:48]. لنعلم أن اللسان قد يذكر الله تعالى والقلب في لهو وغفلة.

إن من نظر إلى واقع الناس اليوم وجد أن اللهو واللعب صار جزءًا لا يتجزأ من حياتهم، وضرورة من ضرورات عيشهم، يقلد فيه صغار الناس كبارهم، وقد رفعوه من مرتبة التحسينات والكماليات إلى مرتبة الضرورات والواجبات، فجل اليوم والليلة يقضى في اللهو واللعب إما مع الأقران، وإما بأجهزة الاتصال، وإما بمشاهدة الفضائيات. وكثير من إنفاق أرباب الأسر إنما هو على اللهو واللعب، حتى يستدينون لذلك، وبات تفكير الأفراد والأسر في الإجازات مُكرسًا في كيفية الاستمتاع فيها بقدر أكبر من اللهو واللعب.

وما ينفق على اللهو واللعب في حفلات التخرج والنجاح، في ليلة واحدة؛ يوازي ما ينفق على الناجح في تعليمة وتأهيله طوال العام، وربما فاقه.
وما يصرف في حفلات الأعراس على لهو النساء قد يوازي مهر العروس وجهازها أو يفوقه.
والسفر الذي فائدته أكثر من متعته قد حوله الناس إلى مراتع للهو واللعب، وصارت متعته غالبة على فائدته، فأماكن اللعب المحرم وغير المحرم هي من يرتادها المسافرون وتملأ بهم، ولا تحظى بزيارة واحدة دور العلوم والمعارف والمكتبات في البلد الذي يقصده السائحون.

كم ينفق في العالم العربي على ملعب رياضي، أو لاعب أو مدرب نصراني؟ وفي مقابله كم ينفق على مكتبة علمية أو معمل تجارب، أو مشروع تجربة أو بحث أو اختراع؟ وكم ينفق في العالم العربي على حفلة غنائية مملوءة بالموبقات؟ وكم ينفق على دورة علمية أو تدريبية؟

وفي العالم العربي كم هو دخل فقيه أو مفسر أو محدث، أو طبيب أو مهندس أو باحث في مقابل دخل مغن أو راقصة أو مهرج أو لاعب أو كاتب مقالة ساخرة، وكم ينفق رب الأسرة على بناء عقول أولاده وإصلاح أخلاقهم، وتزكية نفوسهم في مقابل ما ينفقه على ترفيه أجسادهم من لذائذ الأطعمة والأشربة والملابس والمراكب؟ وكم ينفق الأب على اللهو واللعب والترفيه في منزله في مقابل ما ينفقه على جلب العلوم والمعارف لأهله وولده؟ وكم ينفق الشاب على لعبه ولهوه في مقابل ما ينفقه على ما ينفعه وينمي عقله، ويزكي نفسه؟!

إن الثقافة الرأسمالية التي عظّمت شأن الدنيا؛ لأنها العالم المشاهد والمضمون حسب هذه الثقافة المادية، وألغت عالم الآخرة، وكل ما يتعلق به لأنه غيب وهم لا يؤمنون بالغيب.. هذه الثقافة المادية الاستمتاعية الاستهلاكية قد طغت على الدول والأمم، وأغوت جميع البشر إلا من رحم الله تعالى، ولم يسلم المسلمون من غلوائها، فصار اللعب واللهو أساسا في حياة الناس.

لقد كان الصحابة رضي الله عنهم أهل عبادة وجهاد وجد واجتهاد، وكان الواحد منهم يلهو مع أهله وولده اللهو المباح المعتاد، ويعمل في بستانه أو صنعته أو تجارته؛ ليطعم أهل بيته، فخشي الصحابة رضي الله عنهم أن يكون لهوهم هذا من النفاق، وعظم الأمر عليهم، حتى سألوا عنه النبي عليه الصلاة والسلام، فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: «نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (رواه مسلم).

رضي الله عن الصحابة وأرضاهم، خافوا من أنسهم مع أهلهم وأولادهم أن يكون لهوا محرما، وأن يكون مخالفا لحالة الخشوع والإخبات التي يكونون عليها عند النبي عليه الصلاة والسلام، فماذا نقول نحن، وجل أوقاتنا في اللهو واللعب والأنس، وأكثر اهتماماتنا لأجله، وجزء كبير من أموالنا يصرف عليه، وعقولنا مجهدة من التفكير في اختراع وسائل وأساليب جديدة لهذا اللهو واللعب؟!

فيا ليتنا نراجع أنفسنا في لهونا ولعبنا؛ فإننا ما خلقنا لذلك، وليست هذه دار النهاية حتى نكرس كل شيء لها؛ فإن الله تعالى أخبرنا أن اللاعب اللاهي في الدنيا يقول يوم القيامة: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر:24]. فهناك الحياة الحقيقة وليست هنا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:64].

بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ} [لقمان:33].

أيها المسلمون:
في كل صيف وفي كل إجازة تضيع الأوقات والأموال فيما لا نفع فيه من لهو ولعب، والعبد يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. فماذا سنقول لله تعالى عند مقدمنا عليه، ووقوفنا بين يديه، فيما نهدره من أوقات وأموال في لهو ولعب منه مباح ومنه محرم؟!

وفي الوقت الذي نلهو فيه ونلعب تحيق بأمتنا أخطار جسام، ويحيط بها الأعداء من كل مكان، يريدون تبديل دينها، ومسخ شريعتها، وإفساد أخلاقها، واحتلال دولها، ونهب ثرواتها، واستلاب عقولها.. يتآزر على ذلك أعداء الشرق وأعداء الغرب، من صهاينة وصليبيين وصفويين وبوذيين، ويقتسمون الأدوار فيما بينهم؛ لإنهاك هذه الأمة والقضاء عليها، وقد بان لكل ذي عينين مكرهم وكيدهم بأهل الشام؛ عجل الله تعالى فرجهم، وكبت أعداءهم.

وأمة تحيط بها هذه الأخطار، ويتربص بها الصفويون الشعوبيون للانقضاض عليها لأمة حقيقة بالحذر والجد لا باللهو واللعب، وأحداث التاريخ تنبئنا أن دولة بني العباس سقطت تحت حوافر التتر حين انتشر اللهو واللعب في بغداد، حتى إن قصر الخليفة محاصر وهو في لهو مع جواريه، فكانت عاقبة اللهو واللعب مريرة جدًا.

إننا يجب أن نستحي من الله تعالى أن نلهو ونلعب وإخواننا في الشام يذبحون ذبح النعاج، وتنتهك أعراضهم، وتدك بالصواريخ بيوتهم، ويمزق أطفالهم، ويعذب أحرارهم، وهم يستغيثون بنا مصبحين وممسين.. إننا يجب أن نستحي من الله تعالى أن نلهو ونلعب وهذا حالهم، ونستحي من التاريخ أن يدون في أيامه أن أمة تلهو وتلعب وإخوانها في الدين يعذبون ويقتلون.

لماذا لا نقتصد في لهونا ولعبنا، وفي إنفاقنا على اللهو واللعب؛ لنعيش مع إخواننا في كربتهم، ونخفف عنهم كلب عدوهم بما نبذله لهم؟! والذي جعل أخوة الدين حتما بيننا وبينهم، لو وفرنا شطر ما ننفقه على اللهو واللعب لأغرقناهم بالمال، ولأمددناهم بقيمة السلاح، ولآوينا مشرديهم، وأطعمنا جوعاهم، وعالجنا جرحاهم، وعلمنا جهالهم، وخففنا عنهم مصابهم.. كيف وقد استغل المنصرون كربتهم فوضعوا لهم عقائد التثليث والشرك بالله تعالى مع الطعام والدواء واللباس والغطاء؟!

إن غفلة قلوبنا ولهوها ولعبها هو الذي جردها من الإحساس بمصاب إخوانها، فكثرة اللهو واللعب أماتت القلوب والمشاعر والأحاسيس، فتشاهد الأعين مناظر الرعب في نشرات الأخبار ثم تدير الوجه عنها إلى آلة لهو أو لبحث خطة للهو ولعب في هذه الإجازة.. فلنتق الله تعالى في أنفسنا، وفي أوقاتنا، وفي أموالنا، وفي إخواننا المضطهدين؛ لئلا يحل بنا ما حل بهم، وإن الفرس الشعوبيين لن ينتهوا من إخواننا حتى يصلوا إلينا، قد امتلأت قلوبهم بالأحقاد علينا وعلى ديننا وجنسنا، ولن يردهم عنا بعد الله تعالى إلا وقوفنا مع إخواننا في أرض الشام المباركة.

اللهم يا غوث المستغيثين، ويا ناصر المستضعفين أغث إخواننا في الشام بنصر مبين، اللهم أمدهم بجندك، وأنزل عليهم نصرك.
اللهم يا مذل الجبابرة، ويا كاسر الأكاسرة، اخضد شوكة الروافض والنصيريين، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، وخالف بين قلوبهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وامنح إخواننا رقابهم.
اللهم قد تكالب عليهم عدو الداخل وأعداء الخارج، ورماهم الباطنية عن قوس واحدة، وأعانهم الصهاينة والصليبيون والبوذيون، وكادوا بهم كيدًا عظيمًا، ومكروا مكرًا كبارًا، اللهم فاجعل عاقبة أمر الباطنية وحلفائهم خسرا، وأحبط كيدهم، ورد عليهم مكرهم.
اللهم ضعف الرجاء إلا بك، وتقطعت حبال المدد إلا حبلك، اللهم فأمد إخواننا بجندك، واكتب لهم نصرك، وأيدهم بتأييدك.
اللهم إن تهلك عصابة المؤمنين في الشام يتمكن الباطنية والصهاينة من أمة الإسلام، اللهم نصرك المبين لعبادك المجاهدين، اللهم إنا نستنصر بك لهم فأيدهم بنصر مبين؛ فإنك نعم المولى ونعم النصير.

اللهم صل على محمد وآله وصحبه أجمعين.