قبل الخروج للحج

منذ 2015-09-18

على من عزم على الحج في عامه: أن يخلص النية لله، بأن يرجو من الله القبول، ولا يفرح بأنه سيحصل على لقب الحاج بعد عودته. وهذا يستوجب عليه قبل الخروج للحج أن يتوب إلى الله تعالى من جميع المعاصي والآثام، وأن يرد المظالم إلى أهلها، وأن يقضي ما أمكنه من ديونه، وأن يرد الودائع لأصحابها، وأن يكتب وصيته، وأن يترك لأهله ومن تلزمه نفقتهم مالًا يكفيهم إلى حين رجوعه؛ لأنه مسئول عنهم.

 

ذكر الفقهاء بعض الواجبات على من نوى الخروج للحج، من خلال النصوص الشرعية العامة والقواعد الفقهية، وأول تلك الواجبات: هو أن يتعلم أحكام الحج وكيفيته، قال الإمام النووي: وهذا فرض عين. إذ لا تصح العبادة ممن لا يعرفها.

ويستحب أن يستصحب معه كتابًا واضحًا في المناسك، وأن يديم مطالعته، ويكررها في طريقه، قال النووي: "ومن أخل بهذا خفنا عليه أن يرجع بغير حج لإخلاله بشرط من شروطه، أو ركن من أركانه، أو نحو ذلك، وربما قلد كثير من الناس بعض عوام مكة، وتوهم أنهم يعرفون المناسك فاغتر بهم، وهذا خطأ فاحش."

الواجب الثاني: على من عزم على الحج في عامه: أن يخلص النية لله، بأن يرجو من الله القبول، ولا يفرح بأنه سيحصل على لقب الحاج بعد عودته. وهذا يستوجب عليه قبل الخروج للحج أن يتوب إلى الله تعالى من جميع المعاصي والآثام، وأن يرد المظالم إلى أهلها، وأن يقضي ما أمكنه من ديونه، وأن يرد الودائع لأصحابها، وأن يكتب وصيته، وأن يترك لأهله ومن تلزمه نفقتهم مالًا يكفيهم إلى حين رجوعه؛ لأنه مسئول عنهم، ولا يظن بأن الحج يمحو كل الذنوب، كما يسمع من ظاهر ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «مَن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (صحيح الترمذي).

فهذا فيما يتعلق بحقوق الله تعالى، أما حقوق الناس فهي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، حتى ولو حج في كل عام؛ لما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين» (صحيح مسلم).

الواجب الثالث: على مَن عزم على الحج في عامه، أن يأخذ معه من المال ما يكفي نفقاته حتى لا يكون عالة على أحد، ويجب أن يكون هذا المال الذي يستعين به على الحج مالًا حلالًا خالصًا من الشبهة، فإن خالف ذلك وحج بمال فيه شبهة، أو بمال مغصوب، فقد ذهب الجمهور إلى صحة الحج في الظاهر مع الإثم. وذهب الإمام أحمد في المشهور عنه إلى أن الحج بمال حرام باطل، فهو والعدم سواء، لما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلي السماء: يا رب يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأني يُستجاب لذلك؟!

ويستحب قبل أن يخرج من بيته للحج أن يصلي ركعتين خفيفتين، ليكون آخر عهده ببيته صلاة، تيمنًا بأن الله تعالى يرعى له أهل بيته في سفره؛ كما يستحب أن يكثر من الدعاء؛ فقد أخرج أبو داوود بسند فيه انقطاع عن أم سلمة قالت: ما خرج النبي صلي الله عليه وسلم من بيته قط إلا رفع طرفه إلى السماء، فقال: «اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضَل، أو أزل أو أُزَل، أو أظلم أو أُظْلَم، أو أجهل أو يُجهَل علَيّ» (صححه ابن القيم) والله أعلم.