أول طريق النجاح

منذ 2013-11-02

إن آفة العمل الإسلامي اليوم هو عدم رجوع بعض قادة وزعماء بعض الأحزاب والجماعات فيه عن خطئهم -وقد ظهر ذلك جلياً في أكثر من بلدٍ عربي وإسلامي- رغم وضوح الحق وجلائه كعين الشمس كما يقال، ورغم اجتماع معظم علماء وفقهاء العالم على هذا الرأي، بل رغم وضوح هذا الحق لعامة المسلمين وبسطائها، فضلاً عن علمائها ومفكريها وفقائها، فماذا يُسمّى ذلك غير تعصّب مرذول؟! ومخالفة للإجماع الإسلامي مذموم؟!

 



وقد ناظر الشافعي رحمه الله رجلاً من أهل العلم، فانتهت المناظرة بأن رجع كل منهما إلى قول صاحبه، الشافعي ترك قوله واقتنع برأي الآخر، والآخر ترك قوله واقتنع برأي الشافعي.

وهذا الشيخ الألباني رحمه الله يذكر تراجعه في الموضع نفسه الذي أخطأ فيه في كتبه، رغم أنه كان يستطيع أن يحذف القول الخطأ ويبقي القول الصواب قبل دفعه الكتاب إلى المطبعة، ومثال ذلك ما جاء في" (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ هامش رقم: 1، ص: [41]).

حيث قال الشيخ الألباني عن حديث: «اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم» (صحيح؛ أخرجه الترمذي، وأحمد، وابن أبي شيبة، وعزاه الشيخ محمد بن سعيد الحلبي في مسلسلاته: [1/2] إلى البخاري فوهم).


"ثم تبين لي أن الحديث ضعيف، وكنت اتبعت المناوي في تصحيحه لإسناد ابن أبي شيبة فيه، ثم تيسّر لي الوقوف عليه ؛ فإذا هو بيِّن الضعف، وهو نفس إسناد الترمذي وغيره" (راجع كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة المجلد الأول).

لقد كان الحق مرادهم وغايتهم، والوصول إلى الصواب سعيهم وطلبهم، فإذا ما ظهر هذا الحق، اتبعوه وانقادوا إليه، بكل يُسرٍ وسهولة، وتركوا ما كانوا عليه من الاجتهاد الذي بدا لهم عدم صوابه، فلم يتعصبوا لرأي، ولم يتحجروا لمذهب أو اجتهاد، ما دام القرآن والسنة الحكم والفيصل بينهم.

إن آفة العمل الإسلامي اليوم هو عدم رجوع بعض قادة وزعماء بعض الأحزاب والجماعات فيه عن خطئهم -وقد ظهر ذلك جلياً في أكثر من بلدٍ عربي وإسلامي- رغم وضوح الحق وجلائه كعين الشمس كما يقال، ورغم اجتماع معظم علماء وفقهاء العالم على هذا الرأي، بل رغم وضوح هذا الحق لعامة المسلمين وبسطائها، فضلاً عن علمائها ومفكريها وفقائها، فماذا يُسمّى ذلك غير تعصّب مرذول؟! ومخالفة للإجماع الإسلامي مذموم؟!

فإذا كان قادة العمل الإسلامي وواجهته من الدعاة والعلماء لا يتراجعون عن الخطأ إذا وقعوا فيه أو خالطوه، فكيف يمكن أن نطلب من عامة المسلمين التراجع عن أخطائهم؟!


وكيف يمكن أن نبني مجتمعاً إسلامياً في بلادنا العربية والحال كذلك؟!