أهل السنة والطوائف

منذ 2013-11-03

نحن السنة ليس في ديننا "تقية"، ما نقوله في السِرّ نقوله في العلن، وما نقوله في الرخاء نقوله في الشدة، وما نقوله وقت الثورة نقوله بعد الثورة، وليس في كتبنا وتراثنا صحائف سرية بل كلها منشورة منتشرة، وعلى رأسها كتاب الله أكثر الكتب انتشاراً في الدنيا وحفظاً في الصدور. إن كتاب الله وضع لنا قواعد في التعامل مع الناس جميعاً، لا نملك أن نحيد عتها، ولو فعلنا لاستجلبنا غضب الله علينا.

 



هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعايش معهم في المدينة، ولم يقتل يهود بني قريظة إلا بعد نقضهم ثلاث معاهدات، وبعد وقوع الخيانة العظمى للدولة منهم، فهو لم يقتلهم ليهوديتهم بل لغدرهم وخيانتهم.

ولا حجة بمقالات لأفراد يخالفون هذه الأصول الساطعة، فلا يزال في كل أمة أقوال شاذة لا تُمثِّل الرأي العام. فهذا اليمين المتطرِّف في أوروبا يدعو إلى إبادة المسلمين أو طردهم، وهذا قسيس في أمريكا يدعو إلى حرق القرآن، فهل نعمم ذلك على كل الأوروبيين و القساوسة؟


إنه بعد أن يزول النظام -وهو زائل عاجلًا بإذن الله- فليس ثم إلا العدل والإنصاف أيضاً. نعم؛ سيطالب الشعب بمحاسبة من استباح دمه وعِرضه وماله، ولكن ضمن قاعدة: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} فلا يؤخذ أحد بجريرة أبيه أو أخيه، فضلاً عن أحد من طائفته.

وسيُطالب الشعب بمحاربة الفساد المستشري في الدولة، وأن يُقام الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن ضمن قاعدة: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص من الآية:26]، ثم ليكن من شاء.

هذه قِيمُنا التي نقرؤها صبحَ مساء، ونعلنها في مساجدنا، ويتعلمها صغارنا في مدارسنا، وتسطَّر في كتبنا ومجلاتنا، وتتناقلها شاشات إعلامنا الإسلامي الناشئ.

وما ظهرت بعض المخالفات الفردية في حياتنا إلا بعد أن حاصرت النُّظم العربية البائدة تلك القيم، فبدّلت المناهج، وحَرمت المنصفين من الحديث في المساجد ووسائل الإعلام، وضيّقت على الجهود التربوية الناضجة، بحجة محاربة الإرهاب الذي بهذا أنشؤوه ورعوه وغذوه.