ماذا يريد الحوثيون؟
إن القارئ لصفحات تاريخ اليمن لا يمكن أن يجد للفكر الشيعي الاثني عشري وجود في اليمن إلا بعد التحوّل الكبير الذي أحدثه بدر الدين الحوثي -الذي ينتمي لفرقة (الجارودية) أقرب فرق الزيدية لأفكار الشيعة الاثني عشرية- في فرقة الزيدية، وخاصة بعد سفره لإيران ومكوثه هناك لسنوات طويلة إثر خلاف حاد بين أفكاره الشيعية الاثني عشرية والفكر الزيدي، وانشقاق ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق الزيدي، وتكوينه لجماعة خاصة به كانت نواة لجماعة الحوثيين الحالية.
لم يكن الهجوم الذي قام به الحوثيون على بلدة دماج الواقعة شرقي مدينة صعدة شمال العاصمة صنعاء باليمن هو الأول من نوعه، والظاهر أنه لن يكون الأخير، فالجماعة حاربت الحكومة اليمنية على مدى سنوات خلت، كما أنها لم تعد تخف طابعها الطائفي الشيعي الاثني عشري التابع والممول من إيران لمحاربة أهل السنة في المنطقة والعالم.
ومن المعلوم تاريخياً أن المذهب الزيدي هو الشائع والمنتشر باليمن منذ تأسيس اتحاد الشباب في صعدة عام 1986م، والذي تحوّل إلى حزب الحق في عام 1990م، وبالرغم من أن المذهب الزيدي هو أقرب إلى أهل السنة منه إلى الشيعة الاثني عشرية، إلا أن الشيعة الاثني عشرية استطاعوا اختراق الزيدية بصعدة وتحويلها إلى منطقة شيعية تابعة لملالي طهران.
إن القارئ لصفحات تاريخ اليمن لا يمكن أن يجد للفكر الشيعي الاثني عشري وجود في اليمن إلا بعد التحوّل الكبير الذي أحدثه بدر الدين الحوثي -الذي ينتمي لفرقة (الجارودية) أقرب فرق الزيدية لأفكار الشيعة الاثني عشرية- في فرقة الزيدية، وخاصة بعد سفره لإيران ومكوثه هناك لسنوات طويلة إثر خلاف حاد بين أفكاره الشيعية الاثني عشرية والفكر الزيدي، وانشقاق ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق الزيدي، وتكوينه لجماعة خاصة به كانت نواة لجماعة الحوثيين الحالية.
لقد بات من الواضح أن إيران تريد أن تكون مدينة صعدة التي يسيطر عليها الحوثيون محافظة خالصة للشيعة التابعين لإيران، ولا تريد أن يكون فيها أي مكون آخر غير الشيعة وخاصة من أهل السنة السلفيين، كما تريد أن تكون صعدة مركزاً لانطلاق الاضطرابات والمعارك الطائفية باليمن، وبؤرة من بؤر إيران الشيعية للتدخل في شؤون الدول المجاورة، وورقة ضغط على الدول السنية المجاورة عموماً وعلى المملكة السعودية خصوصاً تستخدمها وقت الحاجة والطلب.
ومما يدعم هذا التوجه لدى الحوثيين توقيت الهجوم الذي نفذوه على بلدة دماج السنية، حيث الحوار الوطني اليمني قد وصل إلى ملفات خطيرة وغاية في الأهمية لناحية استقرار اليمن واستعادة أمنه ألا وهو ملف استحقاق وضع السلاح لصالح الدولة، الأمر الذي لم يرق بالتأكيد للحوثيين الذين أرادوا التشويش على هذا الملف بشن الهجوم على بلدة دماج.
وهذا يكشف لمتابعي الشأن اليمني حقيقة موافقة الحوثيين الدخول في الحوار الوطني الذي لم يكن أكثر من خطوة تكتيكية لإخفاء حقيقة تنظيمه الإرهابي المعادي للدولة والمجتمع اليمني السني.
لقد ذكرت أنباء واردة من بلدة دماج بمحافظة صعدة اليمنية أن جماعة الحوثيين تحاول اقتحام البلدة، بعد هجوم بدأ يوم الأربعاء وما زال مستمراً حتى كتابة هذه السطور، وقد وصل عدد الشهداء الذين قضوا جراء القصف والهجوم الحوثي على البلدة إلى أكثر من 100 شهيد و200 جريح حسب أبو إسماعيل الحجوري الناطق باسم السلفيين في البلدة.
وقد أضاف الحجوري أن دماج كانت تحت حصار القوات الحوثية على مدى عدة أسابيع، متهماً إياهم بقصف البلدة بصواريخ، ما أدّى إلى اشتعال النيران في مساكن طلبة مدرسة دينية.
من جهته قال رئيس لجنة الوساطة الرئاسية في أزمة دماج يحيى أبو أصبع: إن جماعة الحوثي تقصف منطقة دماج بمختلف الأسلحة الثقيلة بما فيها الدبابات والصواريخ والمدافع، ووصف الوضع في دماج بأنه "خطير وكارثي" كما أكد أن القصف أدّى لمقتل وجرح العشرات من الرجال والنساء والأطفال والطلاب بمركز دار الحديث التابع للسلفيين، وقال: "إن الحوثيين رفضوا طلباً بالسماح لفريق من الصليب الأحمر بدخول المنطقة لإسعاف الجرحى ودفن القتلى".
إن ما يجري في بلدة دماج يثير كثيراً من الأسئلة في ذهن أي مسلم، وهي أسئلة تتكرر بتكرار مآسي المسلمين في أكثر من مكان في هذا العالم، وهي:
1- أين الحكومة اليمنية من هذا الذي يحصل في بلدة دماج؟! ولماذا لم تتحرّك حتى الآن لمواجهة هجوم الحوثيين؟! بينما تتحرّك جميع الحكومات العربية والإسلامية لمواجهة ما يُسمّى بتنظيم القاعدة إذا قام بأدنى تحرّك أو هجوم؟
2- رغم إعلان بعض الزيدية براءتهم من أفعال الحوثيين إلا أن السؤال لا يزال قائماً وهو: كيف استطاع الشيعة اختراق الزيدية في مدينة صعدة وتحويلها إلى مدينة شيعية رغم الفروق الجوهرية بين المذهب الزيدي والاثني عشري، حيث لا يُقر الزيدية بانحرافات الشيعة الاثني عشرية العقائديَّة الهائلة، ولا يوافقونهم على تحديد أسماء اثني عشر إماماً بعينهم، كما لا يوافقونهم في ادّعاء عصمة الأئمة الشيعة، ولا في عقيدة التقيَّة ولا الرجعة، ولا البداءة، ولا سبّ الصحابة، ولا غير ذلك من البدع المنكرة.
وأين المسلمون السنة من هذا التحوّل الكبير الذي حصل في هذه المدينة اليمنية؟ ولماذا لم يكونوا أسبق إلى الزيدية في صعدة مع وجود كثير من نقاط الاتفاق بينهما؟
3- إذا كانت إيران تدعم الحوثيين بكل هذه الأموال والأسلحة التي أعيت دولة اليمن في مواجهتهم بغض النظر عن عوامل صعوبة المنطقة الجبلية وغير ذلك فأين الدعم السني لأهل السنة في المناطق القريبة من صعدة كبلدة دماج وهم الأكثر قدرة على الدعم نظراً لكثرة عدد دول أهل السنة في مواجهة دولة شيعية واحدة.
أسئلة كثيرة طالما دارت وتدور في ذهن المسلمين في كل مواجهة بين الشيعة وأهل السنة في الآونة الأخيرة، تحتاج إلى إجابات عملية واقعية لا إجابات نظرية غالباً ما تبقى أسيرة الأفكار وبعيدة عن الواقع والتطبيق.
- التصنيف:
- المصدر: