(قال فرعون) (وقال الملك)
يلاحظ القارئ لأسفار (العهد القديم) أنها تستعمل لقب (فَرْعُه) -أي: فرعون- للإشارة إلى ملوك مصر القديمة، يستوي في ذلك مَلك مصر في زمن يوسف عليه السلام ومَلكها في زمن موسى عليه السلام. لكنّ الحال تختلف مع كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
الكلام في موضوعه مقصور على أهل الاجتهاد الذين يُحيطون بالعلوم الشرعية كـ (علوم القرآن والحديث، وأصول الفقه ومقاصد الشريعة...)، والفنون الآلية وعلى رأسها العلم باللسان العربي، إضافة إلى فقه الواقع، علماً بأن علماءنا حصروا نصوص الوحي المتعلقة بهذا الجانب في كتب مُستقلة للتعريف بها، َوسمََّوها بكتب تفسير آيات الأحكام، وكُتب أحاديث الأحكام "من أشهرها: كتاب أحكام القرآن لابن العربي، وأحكام القرآن للجصاص، وأحكام القرآن للكيا الهراسي؛ بخصوص القرآن الكريم، وعمدة الأحكام لابن قدامة المقدسي، وبلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، ومنتقى الأخبار لابن تيمية رحم الله الجميع؛ بخصوص السنة".
أما بخصوص المجال الثاني الذي يُشَكِّلُ الجانبَ الأكبرَ من الوحي:
فإن نصوصه في الغالب ما تكون واضحة ومُيسرة وبتعبير مُقتَبَس عن إمام المقاصد الشاطبي: هي نصوص أُمِّية؛ أي: معناها العام مُيسَّر ليفهمه كل إنسان عربي اللسان؛ لأنها لا تحتمل إلا معنىً واحداً وإنْ اختلفت قراءاتها إذا كانت قرآناً أو رواياتها إذا كانت حديثاً، ولا يُمكن أن يختلف في مُقتضاها العلماء بَلْه العوام الذي لا يعرفون دقائق العلم، وهذا عكس آيات وأحاديث الأحكام التي يُؤدي اختلاف القراءة أو الرواية أو الحركة الإعرابية للكلمة فيها إلى تغاير الآراء الفقهية المستنبطَة منها.
السبب الثاني: هو الخلط الحاصل بين مفهوم التدبر ومفهوم التفسير والشرح والتبيين: لأن التفسير والبيان يقف عند حدود الفهم أما التدبر فهو بداية تفعيل الفهم؛ حيث تتولد عنه الحسرة في نفس العبد على التفريط في الالتزام بهدي الوحي والفرحة عند الموافقة له والتوفيق فيه، ولما كان القسم الأكبر من الوحي مُتوجه نحو الآداب والأخلاق العامة التي لا يتوقف فَهْمُها على الغَوْر في نصوص الوَحي المُيَسَّرة؛ فإنه تكفي المعرفة العامة بظواهر كلماتها وألفاظها ليُنَزِّلَها كُلُّ واحد مِنَّا على نفسه.
أخيراً: إذا ما استوعبنا سَبْرَ حقيقة هذه الشبهة التي هي تلبيس عارض على (تدبُّر الوحي) فإننا سنُقْبِلُ عليه دون خوف أو وجَل؛ إقبال المريض المتلهِّف للشفاء، والظمآن المتعطش للماء، وستكون الثمرة هي: خروج كلِّ واحد منا "عن داعية هواه حتى يكون عبدَ الله اختياراً، كما هو عبد الله اضطراراً" (الموافقات؛ للإمام الشاطبي: [2/168]، كتاب المقاصد، المسألة الأولى: من قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة).
ــــ
المراجع:
(*) انظر دراسة مفصلة قيمة لهذا الموضوع على الرابط التالي: http://www.islamic-a...sephdetail.html
1- Kitchen, K. A. The Bible in Its World: Archaeology and the Bible Today (Exeter: The Paternoster Press, 1977), p. 74.
2- F. F. Bruce et al. Nelson>s Illustrated Bible Dictionary (Thomas Nelson Publishers, 1986), p. 324.
3- The Jewish Encyclopedia (London & New York: Funk & Wagnalls Company, 1916) vol. VII, p. 252.
4- The Interpreter>s Dictionary Of The Bible (Nashville: Abingdon Press, 1996) vol. II, p. 985.
5- The Universal Jewish Encyclopedia, (New York: Ktav Publishing House, Inc., 1969), p. 4.
6- I. Shaw & P. Nicholson. British Museum Dictionary of Ancient Egypt (London: British Museum Press, 1995), p. 222.
7- Nelson>s Illustrated Bible Dictionary, p. 828.
8- Wilkinson, T. The Thames & Hudson Dictionary of Ancient Egypt (London: Thames & Hudson, 2005), p. 186.
9- (نظرات في المصطلح والمنهج؛ للدكتور الشاهد البوشيخي، ص: [29]، الطبعة الثالثة سنة 2004م، مطبعة آنفو - برانت، فاس - المغرب).
10- (مختار الصحاح؛ للرازي مادة: دبر، وجاء في كتاب: العين؛ للخليل الفراهيدي مادة (دبر): والتدبير: نَظَرٌ في عَواقِبِ الأمور).
11- (وذلك اعتباراً بمصدرها المُنزَّه والمُقدس، عكس كلام الإنسان الذي يعتريه النقصان).
12- (يُنظر: الموافقات؛ لأبي إسحاق الشاطبي: [3/9]).
13- (أحبّ أن أذكِّر في هذا المقام بكتاب في السنة ينصح به العلماء نظراً لصحته وشمول مواضعه ويُسْرِ تداوله؛ وهو كتاب: رياض الصالحين؛ للإمام النووي، رحمه الله).
- التصنيف: