الرضيع... عالم من الأسرار (2)

منذ 2013-11-29

أتابع معكم الإبحار في بحر أسراري، فأنا قد دخلت للتو في النصف الثاني من عامي الأول، وأبدأ حديثي عن شهري السابع حيث كنت أجلس لفترة من الزمن وظهري مستقيم، وأتخذ وضعية الزحف، وأحرك (الخشخيشة) بشكل جيد، وعندما أوضع على ظهري أدني قدمي من فمي، وأغلق فمي عندما أشبع، وقد بدأت وقتها بلفظ (دا، با)، وبدأت ببعض أنواع الطعام بالإضافة لصدر أمي ولكن بشكل لطيف ومتدرج.


أتابع معكم الإبحار في بحر أسراري، فأنا قد دخلت للتو في النصف الثاني من عامي الأول، وأبدأ حديثي عن شهري السابع حيث كنت أجلس لفترة من الزمن وظهري مستقيم، وأتخذ وضعية الزحف، وأحرك (الخشخيشة) بشكل جيد، وعندما أوضع على ظهري أدني قدمي من فمي، وأغلق فمي عندما أشبع، وقد بدأت وقتها بلفظ (دا، با)، وبدأت ببعض أنواع الطعام بالإضافة لصدر أمي ولكن بشكل لطيف ومتدرج.

وخلال الشهر الثامن كنت أجلس بشكل ثابت لمدة عشر دقائق، وفي وضعية الجلوس أنحني للأمام لمسك لعبة ثم أعاود الجلوس، وكان بإمكاني مسك زر صغير بإبهامي وسبابتي، وكنت أستطيع إخراج مكعب صغير من داخل فنجان، وأحمل زجاجة الحليب الخاصة بي، وأشرب من الكأس إذا قدم لي، وبدأت بإطعام نفسي، وكنت أفهم معنى كلمة (لا) بالصوت العالي، وأستجيب لذكر اسمي، وأرتكس بحذر اتجاه الغرباء، وأتجاوب بألفة مع أهلي، وأضحك أكثر مما أبكي والحمد لله.

أما في شهري التاسع فقد كان وزني (9كغ)، وطولي (72سم)، وكنت أجلس جيداً لمدة غير محددة من دون مساعدة، وأستطيع أن أتخذ وضعية الجلوس انطلاقاً من وضعية أخرى، وأزحف جيداً، وألوح بيديّ مقلداً، وأقول: (ماما، دادا) دون تحديد مباشر للشخص المطلوب، وأستجيب لكلمة (لا)، وأشير لما حولي بالسبابة، وأمسك بالسبابة والإبهام، وأحمل الزجاجة لوحدي، وأضع الطعام في فمي، وأقف مستنداً على الأثاث، وأقلد بعض الحركات، وأحب لمس كل شيء أراه أو أصادفه.

لقد بدأت خلال الشهر العاشر بالمشي مستنداً إلى أثاث المنزل، وكنت أمسك الأشياء الصغيرة بالإبهام والسبابة، وأمسك مكعبين معا كتقليد لغيري، وألوح بيديّ إن طلب مني ذلك أو مودعاً (باي باي)، وأقول كلمة ذات معنى بعينه (دادا مثلاً).

وفي الشهر الحادي عشر كنت أقف للحظات، وأمشي إذا مسكت من يدي، وأضع مكعباً في الفنجان دون أن أتركه إذا رأيت من يفعل ذلك، وأرفع المكعب لاكتشاف اللعبة المخبأة تحته حيث كانت ذاكرتي البصرية جيدة، وأفضل اللعب الصغيرة مقارنة بالكبيرة، وأرفع قدمي كمساعدة أثناء اللباس.

بعمر السنة صار وزني (10كغ)، وطولي ثلاثة أرباع المتر، وكنت أقف من دون مساعدة، وأمشي عدة خطوات، وأزحف صاعداً الأدراج، وأتسلق كرسياً صغيراً وأجلس عليه، وأساعد في تقليب صفحات الكتاب، وأرمي الكرة، وأكتشف اللعبة المخبأة تحت الورقة، وأستطيع أن أضع زراً صغيراً في داخل زجاجة، وأتابع كرة صغيرة تتدحرج لعدة أمتار، وأقلد (الشخبرة) على الورق، وأحضن اللعبة، وأرمي الكرة أثناء اللعب، وأقول ثلاث كلمات (بابا، دادا، ماما)، وأساعد أثناء اللبس، وأقلد ضرب ملعقة مع شوكة، وأحرك ملعقة في فنجان، وأضحك إذا قلد أخي أمامي صوت القطة، وأتمتع باللعب البلاستيكية التي تصدر أصواتاً، وأمزق الورق، وأحب أن أصفق بكلتا يديّ إذا شجعوني، وكنت أيضًا ألفت النظر إليّ بالصراخ أو بأصوات أخرى (دا دي)، وقد ذكرت لي جدتي أنني كنت أعبر عن مشاعر الغيرة أو الحب أو الغضب بالصراخ، وكان أهلي سعداء بذلك، ورغم أنني كنت أتناول معظم الأطعمة والأشربة إلا أنني لم أترك يوماً صدر أمي.

وبإتمامي لعامي الأول من عمري تكون قصتي كرضيع قد انتهت لتبدأ أيام طفولتي، وتكبر معها أسراري التي ما هي إلا نعم من الله تعالى.

تلك هي نقاط ليس أكثر من بحار آيات الله في خلقه، فنمو الطفل بحد ذاته يشكل عوالم من الأسرار البديعة والألغاز البهيجة التي يحلو التسامر حولها، إن هذا النمو يرتبط بعوامل عديدة منها ما يرتبط بكينونة الطفل الخاصة، ومنها ما يتعلق بعوامل البيئة المحيطة بمفاهيمها المتعددة، والتي نرجو أن تتضافر كلها باتجاه ذرية سعيدة صالحة، وبالتالي مجتمع رائع بإذن الله، وختاماً هناك ولدان ورضع تكتظ بهم أرض الشام فقدوا أهلهم ومسكنهم ولباسهم وأكلهم فهل من مغيث لهم لتكتمل الصورة التي ننشدها ونحظى برضوان الله تعالى.


عبد المطلب السح