احترام الخلق الحسن
تتجاذبُنا ثقافاتُنا، لكنَّنا ننزع إلى قناعاتنا، ونرضَى أحيانًا بما توارثناه عبْرَ سنواتنا حتى وإن كان مخالفًا لثوابتنا التي تعلَّمْناها وعَرَفْناها مِن خلال أوقات العُمر، هذه هي حالُ كثير منَّا ممن يعرفون أنَّ الحق هو أن يفعلوا كذا لكنَّهم يعمدون أحيانًا إلى مخالفته بسببِ الميل إلى العادَة والطبع الخاطِئ، أو يتناسون الصحيح تحتَ وطأة العُرف والهُوى!
قَالُوا سَكَتَّ وَقَدْ خُوصِمْتَ قُلْتُ لَهُمْ:
إِنَّ الجَوَابَ لِبَابِ الشَّرِّ مِفْتَاحُ وَالصَّمْتُ عَنْ جَاهِلٍ أَوْ أَحْمَقٍ شَرَفٌ
وَفِيهِ أَيْضًا لِصَوْنِ العِرْضِ إِصْلاَحُ
ولا يجب أن يسكُتَ الإنسان وهو على حقٍّ، لكن يجِب عليه ألاَّ يتخلَّى عن خُلقه والتزامه بالتوجيهات الكريمة، والإنسان بحاجةٍ دائمة للسُّكوت؛ لأنَّ السكوت يُعلِّم حُسن الاستماع؛ وبذلك سيكون المرءُ قادرًا على تمييز الكلام المفيد مِن الحشو واللغو، وحينها سيتمكَّن مِن إضافة فِكرة، أو خبرة، أو مفردة، أو أداة إلى محصوله المعرفي.
فليس السكوتُ عيبًا في الإنسان، ولا يَنبغي أن ننظُر إلى مَن يُفضلون السكوتَ على أنَّهم أصحاب نوايا خبيثة، ودسائس دَنيئة يُخْفُون وراءَ سكوتهم قلوبًا حاقدة، وضمائِر حاقنة بعدَ أن تَشكَّلت عندَ بعضنا صورٌ خاطِئة عن السكوت، وهي الصُّوَر المُشكَّلة بقول البعض: "احذر مِن الساكت"، "الساكتُ السُّم النَّاكت"!
وفي هذا ظُلمٌ كبير، وإجحافٌ كثير في حقِّ أناس ما سَكتوا إلا حين نفَّذوا أمر السكوت، وما امتنعوا عنِ الكلام السيِّئ إلا لخطئه وخَطله.
فعلينا أن نسكُتَ حين يكون السكوتُ مطلبًا، ونُحسن الظنَّ بالناس، ونتريَّث قبل إصدار الأحكام عليهم جُزافًا، وإلْقاء الكلام على عواهنه، وأن نعِي أنَّ الشخصيات تختلف والسلوكيات تتعدَّد، أمَّا النَّوايا فهي في الضمائر، وليس البشَر هم من يَطَّلعون إلى النوايا، ويحاسبون الناس عليها، فلنُوقف إصدار الأحكام على الآخَرين، وليكن عملنا هو إصلاح أنفسنا فهو الأجدر والأجْدى، وألاَ نرَى في الصَّدَّاعين المُكثرين من الكلام السقيم أمثلة تُخلَّد، ونماذج تُقلَّد!
ماجد محمد الوبيران
- التصنيف:
- المصدر: