روح الشاعر
	
	مَا بَيْنَ خَافٍ مِنْ أَسَاهُ وظَاهِرِ *** يَحْيَا عَلَى أَمَلٍ نَدِيٍ زَاهِرِ
	صَقَلَتْهُ أَحْدَاثُ الزَّمَانِ فَصَاغَهَا *** لِلنَّاسِ عِقْدَ لآلِئٍ وَجَوَاهِرِ
	
	يَخْتَارُ مِنْ رَوْضِ الحَيَاة وَيَنْتَقِي *** أَفْوَافَ زَهْرٍ مِنْ هَوَىً وَمَشَاعِرِ
	يَشْدُو وَأَسْرَابُ الطُّيُوْرِ تَجَمَّعَتْ *** تُصْغِي لِلَحْنٍ عَبْقَرِيٍّ سَاحِرِ
	
	أَسَرَ القُلُوْبَ جَمَالُ مَا يَشْدُو بِهِ *** وَالقَلْبُ يُوْلَعُ بِالجَمَالِ الآسِرِ
	يَغْدُو وَخِنْجَرُ هَمِّهِ يَغْتَالُهُ مَا *** اهْتَمَّ لِلجُرْحِ العَمِيْقِ الغَائِرِ
	
	وَفُؤَادُهُ لِلحُزْنِ أَمْسَى مَسْرَحاً *** تَجْرِي عَلَيْهِ فُصُوْلُ حَظٍ عَاثِرِ
	يَجْتَرُّ آلاماً عِظَاماً لَمْ تَزَلْ *** أَنْيَابُهَا تُدْمِي جَنَاحَ الطَّائِرِ
	
	لَكِنَّهُ كَالصَّقْرِ ظَلَّ مُجَنِّحاً *** يَرْنُو إِلَى الدُّنْيَا بِمُقْلَةِ سَاخِرِ
	يَبْكِي وَيَضْحَكُ حَامِلاً هَمَّ الوَرَى *** أَلَماً وَآمَالاً بِقَلْبٍ صَابِرِ
	
	يَهْفُو إِلَى المَاضِي وَبَيْنَ ضُلُوْعِهِ *** ذِكْرَى يَرِقُّ لَهَا فُؤَادُ الذَّاكِرِ
	وَيَبِيْتُ مُعْتَبِراً بِهِ مُسْتَعْبِراً مِنْ *** خَشْيَةِ الآتِي وَذُلِّ الحَاضِرِ
	
	وَيَرَى الحَيَاةَ تَنَامُ فِي حِضْنِ الرَّدَى *** مَجْدٌ يُشَيَّدُ فَوْقَ مَجْدٍ غَابِرِ
	وَيَعِيْشُ فِيْهَا كَالغَرِيْبِ وَقَلْبُهُ *** أَضْنَاهُ شَوْقُ مُسَافِرٍ لِمُسَافِرِ
	
	وَيَظَلُّ يُسْرِجُ فِكْرَهُ بَيْنَ الدُّجَى *** قَبَساً يَتِيْهُ عَلَى الظَّلامِ الجَائِرِ
	أَوَ مَا تَرَاهُ كَشَمْعَةٍ رَقَصَتْ عَلَى *** كَفِّ الرَّدَى تَجْلُو دُرُوْبَ الحَائِرِ؟
	
	فَمُنَاهُ أَنْ تَبْقَى الحَيَاةُ كَرِيْمَةً *** يَحْيَا الأَنَامُ بِهَا حَيَاةَ الظَّافِرِ
	مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ البَدْرُ يَسْأَلُ نَجْمَةً *** حَيْرَى بِنَبْرَةِ مُسْتَبِدٍّ آمِرِ
	
	وَتَجَمَّعَتْ زُهْرُ النُّجُوْمِ وَقَدْ سَرَى *** رَجْعُ السُّؤَالِ لِيَسْتَقِرَّ بِخَاطِرِي
	
	فَهَمَسْتُ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ وَغَرَّدَتْ *** فَرَحاً حُرُوْفُ الشِّعْرِ فَوْقَ دَفَاتِرِي
	تَذْوِي الحَيَاةُ وَتَضْمَحِلُّ وَتَنْطَفِي *** أَنْوَارُهَا وَتُضِيْءُ رُوْحُ الشَّاعِرِ
	
	
	 
- التصنيف: