هل نسينا سوريا؟

منذ 2013-12-15

في خِضَمّ الأحداث التي تمرُّ بها المنطقة العربية والصراعات التي تندلع هنا وهناك، حشد الأسد وعصابته وأولياؤه من حزب الله قواتهم حول حمص في محاولة لاقتحامها والتنكيل بأهلها، مستغلين انشغال العالم العربي بما يحدث في مصر وغيرها من بؤر التوتر.


في خِضَمّ الأحداث التي تمرُّ بها المنطقة العربية والصراعات التي تندلع هنا وهناك، حشد الأسد وعصابته وأولياؤه من حزب الله قواتهم حول حمص في محاولة لاقتحامها والتنكيل بأهلها، مستغلين انشغال العالم العربي بما يحدث في مصر وغيرها من بؤر التوتر.

لقد نقلت مصادر عن أمين عام حزب الله حسن نصرالله، أنه دعا أنصاره للإسراع في اقتحام حمص وأنظار الناس متجهة لما يحدث في مصر من أحداث حتى يستطيعوا الإجهاز على ضحاياهم في صمتٍ ودون صخب إعلامي كالذي حدث في القصير.

إن دلائل وعلامات نسيان سوريا وتجاهل محنة أهلها بدأت في الازدياد، مع تراجع الدعم العربي والدولي للشعب السوري وللثوار الذين يقاتلون قوات الأسد مع الصمت الرهيب عما يحدث في حمص، من قتلٍ وتدميرٍ عن طريق القصف المكثَّف بالصواريخ والمدفعية الثقيلة والمستمر منذ فترة طويلة.

لقد أطلق العديد من الناشطين السوريين صيحات الاستغاثة والتحذير من مجازر متوقعة، تتجاوز في بشاعتها ما حصل في القصير وفي غيرها من المناطق السورية، ومع ذلك لم نجد حتى الآن آذاناً صاغية تتعدى تصريحات الشجب والاستنكار إلى أفعالٍ حقيقية على الأرض.

لقد خرجت دول أوروبية كانت تؤيد وبشدة مدَّ الثوار بالسلاح لتتراجع خطوات إلى الخلف، وتُعرِب عن قلقها من تصاعد حدة المعارك إذا وصلت أسلحة متطورة لأيدي الثوار وبدأ الكلام يَكثر عن إسلاميين و"متطرفين" مرةً أخرى.

أما إذا نظرنا على الصعيد العربي، فقد فَقَدَ الثوار ولا شك حليفاً قوياً بمصر عندما عزل الجيش الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي -قبل عزله بأيام- قطعَ العلاقات مع نظام الأسد، وأعلن دعمه للثوار بكل الوسائل، وهو الأمر الذي تراجع عنه الانقلابيون فيما بعد وأعادوا العلاقات مع نظام الاسد جزئياً في اعتراف ضِمني بمذابحه البشعة ضد الشعب السوري.


واتضح أن موقف الرئيس مرسي ومؤيديه من نظام الأسد كان من الأمور التي سرّعت من الانقلاب على حكمه ليس هذا فحسب، فلقد خرج إعلامي في أحد القنوات المناهضة للإسلاميين وللرئيس مرسي لكي يُحرِّض على طرد اللاجئين السوريين من مصر، والتنكيل بهم لمجرد أن بعضهم يؤيد الرئيس مرسي، كما أوقف النظام الانقلابي دخول اللاجئيين السوريين إلى مصر دون تأشيرة وهو النظام الذي كان معمولاً به في عهد الرئيس مرسي.

أما على مستوى بقية الدول العربية، فلاشك أن زخم التأييد والدعم للثورة السورية بدأ يقل عن ذي قبل رغم تفاقم الأزمة ودخولها مرحلة حرجة.


إن بعض الدول بدأت تُفكِّر هل الثورة في سوريا ستنتهي إلى ما آلت إليه الثورة في مصر وتونس مثلاً؟

وهو أمر لا يعجب بعض الدول التي لا ترتاح للتعامل مع الإسلاميين.

إن التعامل مع الشعب السوري المضطهد والمشرَّد أصبح قائماً على حسابات ضيقة وخلافات سياسية أيديولوجية لا تقيم للمعايير الإنسانية أي اعتبار مع الأسف الشديد.

إننا لو نظرنا لجبهة الداعمين للرئيس الأسد التي تضم روسيا وإيران وحزب الله وحكومة المالكي في العراق، نجدها متماسكة مُصِرَّة على تحقيق أهدافها. تتقدَّم للأمام بدعمٍ مادي وعسكري بشكلٍ شبه علني، دون خوف من لومِ لائم أو قدح قادح أوتهديدات من هنا أو هنا، رغم أن المشهد يبدو وكأن العالم كله ضدهم؛ بينما نجد الجبهة الداعمة لحق الشعب السوري في الحياة الكريمة تتخبّط وتتراجع حِيناً وتتقدَّم حِيناً، وتخشى أن تُضبَط وهي تُقدِّم من السلاح والعتاد ما يُمكِّن الشعب من الدفاع عن نفسه وعِرضه وهو أقل ما تُبيحه جميع الشرئع والقوانين.


 

خالد مصطفى