لماذا قال البابا ؟

منذ 2006-09-18

هذا سؤال ورد لفضيلة الشيخ حامد العلي حفظه الله :

فضيلة الشيخ : لماذا شنّ البابا هذا الهجوم على الإسلام في هذا الوقت ؟ وماذا وراء هذا الخبـر ؟ وجزاك الله خيراً عن الإسلام والمسلمين .

فكان الجواب :

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين ، وخاتمهم نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعــد :

عندما اقتبس زعيم النصارى الضالّ قبحه الله : " أرني ما الجديد الذي جاء به محمّد ؟ لن تجد إلاّ أشياء شريرة ، وغير إنسانية ، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشِّر به بحد السيف ".

وعلـّق على ذلك ، جيل كيبيل الخبير الفرنسي الشهير في الإسلام : أنّ البابا حاول الدخول في منطق النص القرآني ، لكنّه رأى أن النتائج تنطوي على مجازفة، يخشى عواقبهــا !!

لم يأتِ بجديد ، فإنّه ممن الملاحظ منذ إطلاق الرئيس الأمريكي لفظ ( الحرب الصليبية ) تزايد وتيرة مفردات الحروب الصليبية في الخطاب الغربي ، مع إظهار مكنون ما في النفوس من الحقد على الإسلام.

مصداقاً لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تعقلون } .

وقوله : { عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ، قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُوُر }

ولنذكر بـالأمثلة على ذلك :
مثل فرانكلين غراهام مستشار الرئيس بوش ، الذي قال: " إله الإسلام ليس إلهنا ، والإسلام دين شرير " ، وهو الذي أقام صلاة النصارى في حفل تنصيب الرئيس بوش عام 2001 م .

ومثـل القس الأمريكي " فيليب بينهام " - الحاصل على شهادتي بكالوريوس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، وعلى الماجستير في اللاهوت ـ فهو يتابع من خلال برامجه الوعظية ، حتى في الشوارع ، "الحملة الصليبية ضد الشر لإنقاذ الولايات المتحدة… عن طريق كشف كذبة اسمها الإسلام"!

كما يحلو له أن يكرر دائماً : أنّ "يسوع هو الحل" وأن " النبي محمّد ذبح الملايين منذ ظهوره مطلع القرن السابع " .

ومثل بات روبنسون - قبّحه الله - الذي تهجم على نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، بلغة بذيئة ، فقال : " رجل قاتل ، ومتطرف ، وذو عيون متوحشة ، وإنه كان سارقاً ، وقاطع طريق " .

وروبرتسون هذا ، قاد مع آخرين حملة سياسية ضخمة لمساندة بوش ، وأصدروا كتيبات شبه تبشيرية ، تدعو المؤمنين إلى عدم التصويت إلى ( الكافر ) جون كيري !

وكذلك من خلال الخطب السياسية في أيّام الآحاد في الكنائس ، إلى جانب تطويع شبكاتهم الإعلاميّة لصالح الدعاية لبوش . وزعموا بأنّ حرب العراق كانت بإرادة اللـّه.

وهـو أيضاً الموجِّه الروحي للرئيس بوش ، والمرتّل ( الخاشع ) ! للكتاب المقدِّس في البيت الأبيض ، ومن أقواله الشهيرة إعلانه بعد مرض شارون ، بأنّ الرب غاضب على شارون ، لأنه سلّم جزءاً من أرض الميعاد ( للكفار ) الفلسطينيين !!.

ومثل جيري فولويل ، الذي تهجّم على شخصيّة النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه بالإرهابي . وأتبـع ذلك بهجوم فاحشٍ على الإسلام والمسلمين .

والمقصود أنّ هذه الوتيرة لا تأتي عفوية ، وليست هي كلمات عابرة قــد زلّ بها اللسان ،

وإنما هي في سياق التهيئة العامة ، لاستمرار الحملة الصليبية على العالم الإسلامي ، وأن هذه الحـرب ستبقى وتشتـدّ ، فهو يضفي عليها تسويغاً وشرعيّة ، ويطمئِن حملة الخناجر الذين يذبحون المسلمين ، في شوارع العراق ، وأفغانستان ، وكذا يطمئن إخوانهم اليهود في فلسطين ، أنهم ليسوا سوى مقاتلين مقدَّسين ضدّ أمـّة تستحـق القتل !

إضافة إلى إلقاء العار على الغيـر ، على حدّ قول المثل : رمتني بدائها وانسلّت .

فالعالم الغربي النصراني ، بجرائمه ، ودعمه لجرائم الصهاينة ، غارق إلى أذنيه في دماء الشعوب الإسلاميـّة .

ومشاهد الدمار والدماء في العراق ، ولبنان ، وفلسطين ، وغيرها ، تعيد إلى الأذهان النمط المتوحش ، الذي لم يزل يُظهـر صورة الغرب الصليبي البربري ، فحاول البابا أن يلقي بالخِرقة الملطَّخة بعار الدماء الصليبية إلى العالم الإسلامي .

غير أنّ محاولته باءت بالفشل ، بل أظهر موقفه اليائس ما في قلبه من الحقد ، والغلّ ، والبغضاء ، إذ لــم يعد يطيق التكتم عليها في صدره ، بعد أن حاول منافقاً أن يُظهر النصرانية الحاقدة في صورة التسامح المزيف .

والله أعلم .

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية