التنصير والبعث الأسدي

منذ 2013-12-21

الأستاذ "عصام مدير" فارس من فرسان الأمة البارزين في مواجهة المؤامرة التنصيرية، كيف لا وهو تليمذ للشيخ أحمد ديدات رحمه الله الذي أفحم المنصِّرين من خلال مناظراته الشهيرة، وطاردهم بالحجةِ القاطعة والمنطق السديد، ونسف أراجيفهم وأسقط مراوغاتهم المستندة إلى ركام من تحريف الكلم عن مواضعه.


الأستاذ "عصام مدير" فارس من فرسان الأمة البارزين في مواجهة المؤامرة التنصيرية، كيف لا وهو تليمذ للشيخ أحمد ديدات رحمه الله الذي أفحم المنصِّرين من خلال مناظراته الشهيرة، وطاردهم بالحجةِ القاطعة والمنطق السديد، ونسف أراجيفهم وأسقط مراوغاتهم المستندة إلى ركام من تحريف الكلم عن مواضعه.

ولذلك تحدّى الأستاذ "عصام" بابا الفاتيكان السابق بنديكتوس السادس عشر وطلب مناظرته على الهواء، عندما افترى البابا المذكور أباطيل شتى على الإسلام وعلى النبي الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

والأستاذ مدير يُشرِف على مدونة (التنصير فوق صفيح ساخن)، وله جهود محمودة في دعوة غير المسلمين وفي الإعلام الموجَّه إليهم، بالإضافة إلى إنتاج علمي يُركِّز على دفع شبهات المنصِّرين من خلال اطِّلاعه الغزير ودقةِ محاججته.

بين أيدينا اليوم كتاب رائع بكل معنى الكلمة؛ فموضوعه غير مطروق البتة، إلا عبر مقالات صحفية متناثرة هنا وهناك، وهو كتاب صريح من عنوانه: (التنصير وحزب البعث حرب صليبية بالوكالة)؛ وحِرصاً من المؤلف الكريم على تحديد نطاق كتابه، أضاف عنوانين فرعيين تحت العنوان الرئيسي، هما: "أخطر تقرير في أول كتاب إلكتروني من نوعه"، و: "تأييد المنصِّرين ودعم الكنائس لجرائم نظام بشار الأسد".

وصدق الباحث في وصفه لكتابه؛ فعلى امتداد 334 صفحة، يتابع بتوثيقٍ ممتاز مواقف الكنائس المختلفة المعادية لثورة الشعب السوري والمؤيدة علانية لمجازر العصابة الأسدية، فهو لا يُلقِي الاتهامات جِزافاً وإنما ينقل بأمانة، وأكثر المصادر التي ينقل عنها مصادر تنصيرية والبقية عبارة عن مصادر مفتوحة يسهل التأكد من أنها نَشرت ما يَنسِبه إليها، كالصحف والمجلات وهي علمانية أو مستقلة أو نصرانية كبعض الصحف الأمريكية "كريستيان ساينس مونيتور مثلاً".

النقطة المحورية في الكتاب القيِّم كشفه الغطاء عن تعتيم إعلامي مُضلِّل؛ جرى من خلاله الترويج لأسطورة استقرت في الأذهان لكثرة ترديدها وتبنِّيها من مختلف وسائل الإعلام العربية بالذات، وهي أن المنصِّرين صمتوا عن الفظائع التي يرتكبها نيرون الشام وشركاؤه في الإجرام من غلاة المهووسين طائفياً. هذا مع ملاحظة أن الصمت عن هذه المنهجية الدموية الوحشية يظل عاراً على كل إنسان ذي ضمير، فكيف بالذين يزعمون أن دينهم هو دين "المحبة"؟

بل إن القارئ سوف يُفاجأ بأن القوم لم يصمتوا وإنما شاركوا النظام الأسدي في جرائمه، من خلال مواقف متلاحقة منهم تدافع عن مجازر العصابة البعثية وتُبرِّر جرائمها المخزية، في حينٍ تعتبر الشعب السوري الثائر على الظلم "مؤامرة" سعودية قطرية!

وتبدو المفاجأة الكبرى في أن تلك المواقف المشينة مبكرة إذ إنها بدأت منذ انطلاق الثورة الشعبية السورية، يوم كانت سلمية 100% باعتراف طاغية سوريا ذاته!

ولم تكن مواقف العار تلك طارئة أو قليلة، وإنما كانت كثيرة ومنبثقة من تعصَّب طائفي ضد الشعب السوري وتحديداً ضد أكثريته الساحقة من أهل السنة والجماعة.

وقد تكبَّد المنصِّرون المنحازون إلى الطاغية المجرم مشاق السفر إلى أصقاع بعيدة، حيث انتشروا في عواصم الغرب والشرق لتسويق مجازر النظام والترويج لمفترياته، التي فضحها الناشطون في العالم كله، فكيف بأناسٍ يعيشون على الأرض ويعلمون عِلمَ اليقين أن الحقيقة هي نقيض مزاعمهم.

ويمضي الأستاذ "عصام" إلى نفر معدودين من النصارى الأحرار؛ الذين استفزهم تواطؤ رجال دينهم مع الظالم ضد الضحية، مثل المُعارض المعروف ميشيل كيلو الذي كتب مقالات جيدة في تعرية القسس الذين دفعهم الحقد على الإسلام إلى موالاة الطاغية ضد الأبرياء.

ومن مهازل هؤلاء المتاجرين باسم المسيح عليه السلام ثلاث نقائض يُلفِّقون بينها حتى تثير السخرية، فهم يدعون إلى نُظمٍ سياسيةٍ علمانيةٍ لكنهم يؤيدون نظام الأسد الذي يعترفون بأنه نظام طائفي، ثم يُلوِّحون للساسة الغربيين بمبايعة بشار إلى الأبد؟ ثلاث نقائض معاً!

إن الكتاب جدير بالقراءة وتعميمه على الناس كافة؛ ولا سيما أن مؤلفه -جزاه الله خيراً- وهب حق نشره مجاناً لكل من لا يتخذ منه تجارةً يبتغي من ورائها رِبحاً مالياً.
 


مهند الخليل