الجنائز (سنن وآداب)

منذ 2014-01-01

لا شك أن الموت من أهم الحقائق التي تعني الإنسان، فهو يدرك جيداً أنه يولد ويعيش ويعلم لكنه لا يدرك أنه مفارق للحياة، لأنه مجبول على مدافعة الموت والإقبال على الحياة، قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر:1-2].

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.



لا شك أن الموت من أهم الحقائق التي تعني الإنسان، فهو يدرك جيداً أنه يولد ويعيش ويعلم لكنه لا يدرك أنه مفارق للحياة، لأنه مجبول على مدافعة الموت والإقبال على الحياة، قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر:1-2].



ويصاحب تناسي الموت جهل الأحياء بما يتعلق بالموت من آداب وسنن وما ينبغي، فعله مع من حضرته الوفاة، وكيف يُغسَّل ويُكفَّن... الأمر الذي أدَّى إلى شيوع البدع والخرافات التي تتعلق بهذا الشأن، مما أثار في داخلنا الغيرة على السنة والدفاع عنها باستجلائها وبيانها في هذه الرسالة القصيرة، كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من ذكر هادم اللذات» (رواه البخاري)، وذِكر ما يتعلق بالموت كذكر الموت.



تلقين المحتضر: 

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلقين المحتضر «لا إله إلا الله» فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله»" (رواه مسلم: [916]).  



وعن معاذ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»" (رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [6479]).



فيُسنُّ لمن حضر مريضاً يحتضر، ولم يسمعه يقول: "لا إله إلا الله" أن يلقنها له برفق، وبأسلوبٍ غير مباشر، حتى لا يكون نطقها طاعة لأمر، وإذا قالها مرة لا يُعيدها عليه.



أول ما يُقال ويُفعَل مع الميت: 

أول ما يفعل مع الميت، تغميض عينيه، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض؛ تبعه البصر»، فضج ناس من أهله فقال: «لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه»" (رواه مسلم: [920]).



يُستحب لمن مات له أحداً؛ أن يحمد الله على كل حال وأن يصبِر ويحتسِب ويسترجع، فمن فعل ذلك جزاه الله الجزاء الأوفى، وعوَّضه في مصيبته.



الاسترجاع وفضله: 

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة من الآية:156]، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله تعالى في مصيبته واخلف له خيراً منها»، قالت فلما توفي أبو سلمة، قلت ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف الله لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم" (رواه مسلم: [918]، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة).



الحمد وفضله: 

عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمِدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسمُّوه بيت الحمد» (رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني في الصحيحة: [1408]).



ثمرة الصبر والاحتساب: 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضتُ صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» (رواه البخاري: [6424]).



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصبر عند الصدمة الأولى» (رواه البخاري: [1252]، ومسلم: [926]).



بركة الدعاء عند الميت: 

ينبغي لمن حضر ميتاً؛ أن يدعو الله بالخير له وللميت، فإنه يُرجى له الإجابة، لتأمين الملائكة معه.



فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرتم المريض، أو الميت، فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، قالت: فلما مات أبو سلمة أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات قال:

«قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة» فقلتُ: فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمداً صلى الله عليه وسلم" (رواه مسلم: [919]، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة).



تحريم النياحة والدعاء بدعوى الجاهلية: 

قال النووي رحمه الله في الأذكار: "أجمعتْ الأمة على تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية، والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة" انتهى.



وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من أمثال هؤلاء؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ليس مِِنَّا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»"، وفي رواية مسلم: «ليس مِنَا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية» (رواه البخاري: [1294]، ومسلم: [103]).



وعن أبي بردة قال: "وجع أبو موسى رضي الله عنه فغُشِي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فأقبلت تصيح برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، برأ من الصالقة والحالقة والشاقة" (رواه البخاري: [1296] تعليقاً ووصلة: [104]).



"الصالقة: التي ترفع صوتها بالنياحة والندب، والحالقة: التي تحلق رأسها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها". ويؤخذ من الحديث أن من سمع أو رأى مثل هذه السلوكيات فعليه أن يرد ذلك ويتبرأ منه، كما تبرّأ منه رسول الله عليه وسلم.



وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة ألا ننوح" (رواه البخاري: [1306]، ومسلم: [936]).



وقد توعَّد الله من تعترِض على قضائه وتيأس من رحمته وتأتي بمثل هذه الأفعال وتقول بمثل هذه الأقوال بأشد وأفزع أنواع العقاب؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب» (رواه مسلم: [67]).



وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت»" (رواه مسلم: [934]).



كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم على المساعدة في النياحة؛ فعن أنس رضي الله عنه: قال: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن، ألا ينِحن، فقلت: يا رسول الله إن نساءً أسعدتنا في الجاهلية، أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال: «لا إسعاد في الإسلام»" (رواه أحمد، والنسائي، وصحَّحه الألباني في صحيح النسائي: [1852]، والإسعاد: هو المساعدة في النياحة).



جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة: 

يتجلّى من هذا التشريع مظهراُ من مظاهر الرحمة التي حث عليها الإسلام ووصى بها، فالإسلام ينهى عن الإسراف والتفريط في كل شيء حتى في المشاعر والأحاسيس، ويأمر بالاعتدال والتوسط في كل شيء.



فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: «هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»" (رواه البخاري: [7377]، ومسلم: [923]).



وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عيه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه؛ فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة»، ثم أتبعها بأخرى فقال: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا لِفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (رواه البخاري: [1303]، ومسلم: [2315]).



ويستفاد من هذه الأحاديث وغيرها؛ استحباب أن يُنفِّس الإنسان عنه حزنه بالبكاء، وبالكلام الذي يُرضي الله ولا يُغضبه. أما أن يكظم الإنسان حزنه بداخله بدون أي تنفيس؛ فهذا مجلب للأمراض، فقد ذهب بصر يعقوب عليه السلام من جرَّاء ذلك، ويوصي العلم الحديث اليوم بضرورة التعبير عن الحزن والابتعاد عنه لأنه رأس لكثير من الأمراض.



ما قيل في أن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه: 

عن عبد الله بن عمر أن حفصة بكت على عمر رضي الله عنهم فقال: "مهلاً يا بنيه! ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت ليُعذَّبُ ببكاء أهله عليه» (رواه البخاري: [1288]، ومسلم واللفظ له: [927]).



قال الألباني: "اختلف العلماء في مثل هذا؛ فتأوَّله الجمهور على من وصَّى بأن يُبكى عليه ويُناح بعد موته، فنُفِّذت وصيته، فهذا يُعذَّب ببكاء أهله عليه ونوحهم، لأنه بسببه ومنسوب إليه. قالوا: فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه؛ فلا يُعذَّب، لقول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. قالوا: ومن عادة العرب الوصية بذلك؛ فخرج الحديث مطلقاً، حِملاً على ما كان معتاد منهم، وقالت طائفة: هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح، أو لم يوصي بتركها، فمن أوصى بهما، أو أهمل الوصية بتركها، يُعذَّب بهما، لتفريطه بإهمال الوصية بتركهما، فأما من وصَّى بتركهما فلا يُعذَّب بهما، إذ لا صنع له فيهمل، ولا تفريط منه وحاصل هذا القول بإيجاب الوصية بتركهما، ومن أهملهما عُذِّب بهما. وقالت طائفة: معناه، أنه يُعذَّب بسماعه بكاء أهله ويرقُّ لهم".



"وقال القاضي عياض: وهو أوْلى الأقوال، واحتجوا بحديثٍ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر امرأة عن البكاء على أبيها وقال:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا بَكَى؛ اسْتَعْبَرَ لَهُ صُوَيْحِبَهُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لا تُعَذِّبوا إِخْوَانَكُمْ»، وقالت عائشة رضي الله عنها: "معنى الحديث أن الكافر أو غيره من أصحاب الذنوب يعذَّب في حال بكاء أهله عليه بذنبه لا ببكائهم"، والصحيح من هذه الأقوال ما قدَّمناه عن الجمهور وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوتٍ ونياحة لا مجرد دمع العين" انتهى (فقه السنة؛ الحاشية رقم 1، ص: [29]، الجزء الثاني).



تعجيل قضاء الدين عن الميت: 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نفسٌ المؤمن معلقة بدَيْنِه حتى يُقضى عنه» (رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني في المشكاة: [2915]).



وهذا يدل على حرص الشارع الحكيم على حفظ الحقوق بين الناس حتى بعد الممات، وعدم ضرر الحي بسبب موت المدين، فيبغضه ويكره بتأذيته منه، ويبدو منه مدى حرص الشارع على حفظ المودة والمحبة حتى بعد الوفاة.



كتمان المُغسِّل اذا رأى مكروهاً: 

لا شك أن الميت يرى عليه أثر عمله، إن كان من أهل الصلاح، وإن كان من أهل الضلال، فقد وصَّى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "المُغسِّل بأن يكتم ما يراه إن رأى منه مكروهاً"، فعن أسلم رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غسَّل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة» (رواه الحاكم في المستدرك، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، وصحَّحه الألباني في أحكام الجنائز: [69]).



الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه: 

أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز، وجعلها حقاً من حقوق المسلم على أخيه المسلم، وقد سبق الإشارة إلى هذه الأحاديث في عيادة المريض. وأما فضلها فعظيمح فعن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يُصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان»، قيل وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين»" (رواه البخاري: [1325]، ومسلم: [945]).



وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يُصلي عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط» (رواه البخاري: [47]).



كراهة اتباع النساء الجنائز: 

عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "نُهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا" (رواه البخاري: [1278]، ومسلم: [938]).



وذلك ما ذهب إليه جمهور الفقهاء إلا ابن حزم الظاهري رحمه الله.



استحباب تكثير الصفوف على الجنازة: 

ينبغي أن يحرص أهل الميت وحاضروه على تكثير عدد المصلين وتكثير صفوفهم في الصلاة، حتى ينال الميت شفاعتهم.



عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ميتٍ يُصلِّي عليه أُمَّة من الناس يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه»" (رواه مسلم: [2947]).



وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه»" (رواه مسلم: [948]).



استحباب الإسراع بالجنازة: 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسرعوا بالجنازة فإن تكُ صالحة فخير تقدِّمونها إليه، وإن تكُ سوى ذلك فشرٌ تضعونه عن رقابكم» (رواه البخاري: [1315]، ومسلم: [944]).



القيام للجنازة: 

أمر النبي صلى الله عليه وسلم من رأى جنازة بالقيام حتى تُخَلِّفه أو توضع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» (رواه البخاري: [1307]، ومسلم: [958]).



وقال أيضاً: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيَاً مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتىَّ يُخَلِّفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ» (رواه البخاري: [1308]، ومسلم: [958]).



ومرَّت بالنبي صلى الله عليه وسلم جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي فقال: «أليست نفساً» (رواه البخاري: [1312]، ومسلم: [961]).



وعظ الناس وتذكيرهم بعد الدفن: 

عن علي رضي الله عنه قال: "كُنَّا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد، وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس وجعل ينكت بخصرته، ثم قال: «ما منكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعده من النار ومقعده من الجنة»، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: «اعملوا فكل مُيسَّر لما خُلِقَ له»" (رواه البخاري: [1362]، ومسلم: [2647]).



القعود عند القبر للدعاء والاستغفار للميت: 

من السنن الغائبة التي تناساها بعض المسلمين؛ هي: "القعود عند القبر بعد الدفن والاستغفار والدعاء للميت".



فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل»" (رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني في المشكاة: [133]).



وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "إِذَا دَفَنْتُمُونِي، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ ربي" (رواه مسلم: [121]).



إيناس أهل الميت: 

من السنة إيناس أهل الميت وتسليتهم في مصابهم، بصنعِ الطعام لهم، لِما هم فيه من الشغل بالميت فقد يشغلهم ذلك عن إعداد الطعام والجلوس له، لذا سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السلوك من باب التكافل والمؤانسة بين المسلمين.



فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: "لما جاء نُعي جعفر؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآلِ جعفر طعاماً، فقد أتاهم ما يشغلهم» (رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، وصحَّحه الألباني في المشكاة: [1739]).



تعزية أهل الميت: 

من السنة تسلية أهل الميت والتخفيف عليهم، وتهوين المصيبة عندهم؛ فعن عمرو بن حزم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه ابن ماجة، والبيهقي، وحسَّنه الألباني في الترغيب والترهيب: [3508]).



وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

محمد سلامة الغنيمي

باحث بالأزهر الشريف