الحالة المصرية الوكيل الحصري ثورات الربيع

منذ 2014-01-03

الحالة المصرية -بدون شك- أصبحت الآن هي المؤشر النهائي لمصير ما يُسمَّى بثورات الربيع العربي، والسيسي الآن يقود بالنيابة عن أطراف كثيرة بالمنطقة وعالمياً.

 

الحالة المصرية -بدون شك- أصبحت الآن هي المؤشر النهائي لمصير ما يُسمَّى بثورات الربيع العربي، والسيسي الآن يقود بالنيابة عن أطراف كثيرة بالمنطقة وعالمياً.



اختطاف تلك الثورات ليس إلى ما كانت عليه الأمور قبل ثورات التغيير؛ بل تحويل المسار إلى مرحلة جديدة ما بعد الفوضى الخلاقة، لذا نجد أن إرهاصات الانقلاب تدور بشكلٍ مكثَّف بالكلام عن الإسلام والتطرُّف والدولة الدينية، والهوية، والجماعات الإسلامية.



وهو ما يكشف الهدف الحقيقي لما يحدث، ويمكن استخلاص مؤشرات القادم، وهذا لم يحدث من قبل بهذه الصورة الواضحة المباشرة، حتى أيام عبد الناصر كان الصراع ضد الإخوان كجماعة حركية فقط ولم يكن ضد توجهاتها، بل عبد الناصر -نفسه- كانت معظم خطبه المؤثرة من على منابر المساجد، وكذلك فعل السادات عندما أظهر أن خلفيته مسلمة "أنا رئيس مؤمن لدولة مسلمة"، وأرسل المشايخ إلى الوحدات العسكرية قبل حرب أكتوبر، فكان يُثبِت أو يظهر أن صراعه أيضاً مع جماعاتٍ حركيةٍ تنظيميةٍ سياسية، وليس مع خلفياتها أو هكذا كان الأمر!



ومبارك نفس الشيء؛ فحتى لائحة الحزب الوطني كانت مؤسَّسةً على أساس ديني بحت؛ برغم أن ممارساته كانت عكس ذلك، ولم يُعلِن حربه على الإسلام بشكلٍ فجٍّ ظاهر كما يحدث الآن.



أما الآن ولأن القادم كما هو مخطط له إدخال منطقة الشرق الأوسط في سياقات جديدة وصياغات مرتبطة بالتحولات العالمية والعالم أحادي القطبية، تم القفز على مجرد إظهار الصراح السياسي ضد الجماعات التنظيمية إلى الصراع مع الهوية الإسلامية نفسها؛ لأنها كانت ولا زالت هي الرابطة الأقوى التي تُمسِك بتجميع شعوب المنطقة بعد القضاء التام على رابطة القومية المفتعلة، وتحول دائماً ضد ما يُسمَّى بالفوضى الخلَّاقة.



وأقول هذا؛ ليس فقط بقراءة الوضع الداخلي المصري، بل بربطه بأحداث تحدُث في المنطقة برُمَّتها، والأمر لا يتسع لسردها في هذا المقال. لكن ربما الأخوة المتابعين من بلدانٍ شقيقةٍ سيشعرون بما أقوله؛ فما يحدث في سوريا وليبيا، والمغرب العربي، بل والعراق وحتى لبنان مؤخراًُ يربط السيناريو في مشهدٍ واحد، وحتى الخليج وموقفه مما يحدث وخصوصاً موقف المملكة السعودية يمكن أن يُضفي على ما سأقوله نوعاً من الأدلة القوية دون تفصيل.



ولذا نحن الآن أمام سيناريوهين:



الأول:

هو أن ينجح السيسي وعصابته ومن هم ورائه في تمرير الانقلاب وإحداث نوع من الاستقرار؛ وهنا لن يقف الأمر عند هذا الحد وستستمر باقي مراحل الخطة بإعادة صياغة المنطقة وإعادة تركيب الخريطة الجيوسياسية، وتقليص حجم وقوة التيارات الإسلامية وسينشط الإعلام بشكلٍ أكبر وفج لطمس الهوية الإسلامية، بل حتى الصحف والمقالات والكتب، ولذا تم تأمين ذلك في الدستور، ووضع مادة تسمح بذلك.

الثاني:



هو أن يفشل السيسي وعصابته في ذلك، وهنا لن يعد ذلك انتصاراً؛ بل تأجيل فقط للمخطط وسيُنقل الأمر إلى سيناريوهات أخرى أو على الأقل ستزيد محاولات الدفع إلى سيناريوهات أخرى منها الحرب الأهلية، أو تفتيت الجيش بالكلية كما حدث في العراق، وجعل البلاد في نظام قائم على توازن صراع القوى الأيديولوجي في حالةٍ شبه مستقرة هشةٍ يسهل كسرها، بل سيتم هدمها كل فترة وبناء غيرها -كما حدث في العراق- بمعنى مجالس رئاسية مؤقتة ثم تحالفات ضيقة... الخ.

الثالث:



وهو المرعِب بالنسبة لأمريكا والغرب؛ وهو أن يُعيد التيار الإسلامي بناء نفسه والتقاط أنفاسه وأن يتصالح مع شعوبه، ومن ثم يُمثَِّل كتلة صلبة ممانعة، ويقوم بإعادة صياغة الوضع الداخلي على نحو ممنهجٍ قوي، مستفيداً من حالة الرخاوة وأخطاء الانقلابيين القاتلة، كما فعلت الثورة الإيرانية -مع فارق الخلفية العقيدية-.



ولكن هذا السيناريو يحتاج فقط من التيارات الإسلامية مجتمِعةً أن تحاول عمل تغيير فجائي، في حالة وأنماط التفكير المدروسة جيداً لدى الغرب والخروج من حالة التكلس المألوفة تاريخياً، وعمل صدمة مباغتة أركانها التوحد التام أو الوحدة الشاملة.



والحق أنني أتوقّع أن يندمج السيناريو الثاني والثالث، وأن الأحداث تتجه إلى ذلك، أو بالأحرى أرجو أن يتوجه المسار إلى ذلك، معنى أن الفترة القادمة ستزيد الفوضي وسيفشل السيسي وعصابته لإحداث الاستقرار اللازم، وسيكون ذلك هو الحكم عليه بالإعدام من الشيطان الأكبر، ومن ثم تدخل البلاد إلى حالة الفوضى الأشمل كما في العراق وبعدها يحدث نضوج جزئي للتيارات الإسلامية والتيارات الوطنية الممانعة للبدء في السيطرة على الأوضاع واستلام زمام المبادرة من جديد.



إلا أني أجد أن هناك إلحاحٌ الآن أكثر من أي وقتٍ مضى بفتح قنوات اتصال بين الأشقاء في البلدان الربيع العربي، الآن دون الالتفات إلى الإرهاب المعمول به والمتعمد لقطع أواصر الاتصال.



ويبقى توقُّع الجدول الزمني للوصول إلى تلك الحالة -التي بلا شك- تحتاج إلى صبر وطول نفس ويقظة وصمود.



خلاصة مقالي:



أن يبني الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية والعربية والتحالف الوطني -في مصر خصوصاً- تحرُّكاتهم القادمة على تلك السيناريوهات الواردة في هذا المقال.
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام