إن الدين عند الله الإسلام

منذ 2014-01-10

إن أولى موضوعٍ نتكلمُ فيه، وأهم قضيةٍ نُذكر بها؛ لهو الموضوعُ الذي أرسلَ اللهُ لأجلهِ الرسل، ومن أجلهِ أنزل الكتب. بلْ؛ ولهي القضيةُ التي ما خلقَ اللهُ عز وجل الخلق إلا كي يقوموا بتحقيقها. لعلكم عَرَفْتم هَذِهِ القضيةَ أيها الأحبة؛ إنها (قضيةُ الدِّين).


الخطبة الأولى:

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

الحمد لله على نعمة النعم، ومنة المنن، الحمد لله على النعمة العظمى، والمنة الكبرى، الحمد لله على أعظم نعمة أنعم بها علينا، الحمد لله على أجل منة امتن بها علينا، الحمد لله على لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أرسل إلينا رسولاً منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة، وإن كنا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ، الحمد لله على كل رسولٍ أرسله، الحمد لله على كل حقٍ أحقه، الحمد لله على كل باطلٍ أزهقه، الحمد لله على كل مظلومٍ نصره، الحمد لله على كل ظالمٍ قهره، الحمد لله على كل جبارٍ قصمه، والله أكبر كبيرًا.

الحمد لله الذي جمعنا في هذه الساعة الطيبة المباركة في هذا اليوم الأزهر في بيتٍ من بيوت الله عز وجل نتدارس آيةً من كتاب الله عز وجل أو حديثًا من سنة نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد:

أيها الأحبةُ في الله:

إن أولى موضوعٍ نتكلمُ فيه، وأهم قضيةٍ نُذكر بها؛ لهو الموضوعُ الذي أرسلَ اللهُ لأجلهِ الرسل، ومن أجلهِ أنزل الكتبَ. بلْ؛ ولهي القضيةُ التي ما خلقَ اللهُ عز وجل الخلق إلا كي يقوموا بتحقيقها.

لعلكم عَرَفْتم هَذِهِ القضيةَ أيها الأحبة؛ إنها (قضيةُ الدِّين).

نعم أيها الأحبة في الله، تلك القضيةُ المقدسةُ التي يترتبُ عليها مصيرُكَ وَمُنتهاكَ في الدارِ الآخرةِ بعد الموت.

هناك حيثُ الجنةُ الخالدةُ رزقنا اللهُ إياها أو النارُ السرمديةُ أعاذَنَا اللهُ منها.

هذا الدينُ الذي انشغلنا عنه بالحياةِ الدنيا وما فيها من زخارفَ خادعةٍ، وبريقٍ خاطفٍ لا ينجذبُ إليها كيسٌفطنٌ ذكيٌ لبيبٌ، لا ينجذبُ إليها إلا سفيهٌ غبيٌ أحمقٌ، سُرعانَ ما ينكشفُ لَهُ أَمرُهَا على حقيقته؛ فيندمُ على المعاصي حين لا ينفعُ ندمٌ، ويتحسَّرُ على قلة طاعته لله؛ حيثُ لا تُجدي حسرةٌ.

أيها الأحبة في الله:

قد يتعجبُ البعضُ مما أقولُ فكل منا مهما كان تقصيره في طاعةِ اللهِ، وأيًا كان خوضُه فَي محارمِ اللهِ فهو محسنُ الظنِ بنفسهِ معتقدٌ أنه ممن يحبون الله ويحبُّهم، وأنه من أهلِ الجنةِ.

كلنا يعتقد ذلك مهما بلغ إعراضُهُ عن الله عز وجل، ومهما بلغ إعراضُهُ عن التعلمِ لدين اللهِ تعالى، وإني سائلكُم أحبتي في الله سؤالاً واحدًا يؤكدُ لنا جميعًا أننا لا نعلم أبسط وأيسر وأسهل أمورِ الدينِ، هذا السؤال هو: ما اسمُ الدِّينِ الذي يحبُّه اللهُ ويرضَاهُ، وَيُدْخِلُ أَهْلَهُ الجنةَ، وما اسمُ الرسولِ الذي أرسلهَ اللهُ بهذا الدين؟!

لعلكم تَسْخَرون مِنِّي!!! تقولون: سَلْهَذَا في روضة الأطفال؛ يجبيُكَ كُلُّ مَنْ فِيْها.

فالبعضُ يقولُ: إنَّ اللَه لا يحبُ دينًا واحدًا؛ بل يحب أديانًا ثلاثة: (اليهوديةَ، المسيحيةَ، الإسلام)، ورسولُ المسيحية هو عيسي عليه السلام، ورسولُ اليهودية هو موسى عليه السلام، ورسولُ الإسلام هو محمد عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعًا أشرف الصلاة والسلام.

وخطبتُنا أيها الأحبة تصحيحٌ لذلك الخطأ الفادح، وهذا الجُرْمَ الشنيع.

انظروا أيها الأحبةُ إلى الرسالة التي أرسلَ اللهُ بها نبيَّه نوحًا، وانظروا إلى اسم الدين الذي كان يدين به نوح عليه السلام ويدعو إليه.

قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ . فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس 
من الآيتين:71-72].
انظروا ماذا قال نوح عليه السلام لقومه: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، إذًا لقد كان نبي الله نوح عليه السلام يدين بدين الإسلام ويدعو إليه.

وانظروا ماذا قال الله تعالى عن دين أبي الأنبياء؛ خليل الله إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَ‌اهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَ‌انِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِ‌كِينَ} [آل عمران:67]، انظروا أحبتي في الله، لقد أخبرَ تعالى أنّ خليله إبراهيم عليه السلام كان يدينُ بدين الإسلام ويدعو إليه.

ثُمَّ تأملوا معي ما حكاه الله تعالى عن نبي الله لوطٍ عليه السلام، قال تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ . قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ . لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ . مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ . فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ} [الذاريات من الآية:31-37].

تأملوا كيف وصف اللهُ بيت لوطٍ عليهالسلام قائلاً: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}؛ إذًا لقد كان نبي اللهِ لوط عليه السلام يدين بدين الإسلام ويدعو إليه كذلك.

واسمعوا معي أحبتي في الله إلى ما حكاه الله تعالى عن دين نبي الله سليمان عليه السلام: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل:31]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل:38]، {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} [النمل:42]، وقال تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:44].

تأملوا معي ما حكاه الله تعالى عن كليمه موسى عليه السلام، فقال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس:84].

تأملوا معي أيها الأحبة ماذا قال موسى لقومه؛ قال: {إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}، ولم يقل: (إن كنتم يهودًا).

إذًا؛ لقد كان نبي الله موسى يدين بدين الإسلام ويدعو إليه، ولم يكن يهوديًّا يدعو لليهودية.

وتأملوا معي كذلك أيها الأحبة هذا المشهد الرهيب المهيب، عندما نصر الله الحقَّ وأهله، وأخزي الباطل وأنصاره، والتقطت عصى موسى عليه السلام كل العِصي التي ألقاها السَّحرة؛ فخرُّوا سجَّدًا لله، مؤمنين داعين، بما حكاه الله عنهم حيث قال: {وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَ‌بِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَ‌بَّنَا أَفْرِ‌غْ عَلَيْنَا صَبْرً‌ا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف:126].

تأملوا معي دعاءَ السحرة التائبين؛ حيث قالوا: {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}، ولم يقولوا: وتوفَّنا يهودًا، لماذا؟! لأنهم كانوا يعلمون ما يجهله معظمنا: أن نبيَّ الله موسى عليه السلام كان مسلمًا يدعو إلى الإسلام، ولم يكن يهوديًّا يدعو إلى اليهودية.

وتأملوا كذلك هذه اللحظة الحاسمة التي قضى الله فيها بنهاية هذا الظالم الطاغية الجبار الملعون، الذي ظنّ أنه يستطيع أن يعذِّب المؤمنين كما شاء، ولن يعذِّبه الله على ذلك، وغَرَّه إمهال الله وحلمه، حتى جاءت اللحظة التي يشتاق إليها المؤمنون المستضعفون في الأرض، تلك اللحظة التي يدفع فيها الظالم الثمن كاملاً.

هذه اللحظة؛ عندما أراد فرعون أن يقتل المؤمنين؛ فأغرقه الله، وجنوده، وكل مَنْ ساعدوه على الظلم والطغيان، وندم على ظلمه وقت لا ينفع الندم، وتحسر على طغيانه حين لا تجدي الحسرة، فقال قبل أن يغرق: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90].

تأملوا معي أيها الأحبة مقولة هذا الظالم قبل غرقه: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، ولم يقل: (وأنا من اليهود)؛ لماذا؟! لأنه كان يعلم تلك الحقيقة التي يجهلها معظمنا، لقد كان يعلم أن نبي الله موسى وأخاه هارون عليهما السلام كانا يدينان بدين الإسلام، يدعوان إلى الإسلام.

وانظروا ما حكاه الله تعالى عن عيسى عليه السلام، فقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:52].

تأملوا معي ماذا قال الحواريون وهم أتباع عيسى عليه السلام قالوا: {وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، وقال الله عنهم بموضع آخَر: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة:111].

وتأملوا معي قول الحواريين هنا أيضًا؛ حيث قالوا {وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}، ولم يقولوا في كلا الموضعَيْن: (واشهد بأنَّا مسيحيون)، أو: (واشهد بأنَّا نصارى). لماذا؟! لأنهم كانوا يعلمون الحقيقة التي يجهلها معظمنا، ألا وهي أن كلمة الله ورسوله وروحه عيسى بن مريم كان مسلمًا، يدين بدين الإسلام ويدعو إليه، ولم يكن نصرانيًّا يدعو إلى النصرانية، ولم يكن مسيحيًّا يدعو إلى المسيحية.

وتأملوا أيضًا قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ . وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الطلاق من الآيتين:6-7]، انظروا كيف أن نبي الله عيسى عليه السلام كان يبشر قوم بني إسرائيل برسالة أخيه محمدٍ صلى الله عليه السلام وكيف قال تعالى: {وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإسْلَامِ}، ولم يقل: (وهو يدعى إلى النصرانية)، ولم يقل: (وهو يدعى إلى المسيحية).

إذًا؛ لقد كان نبي الله عيسى عليه السلام مسلمًا، يدين بدين الإسلام ويدعو إليه.

وهذه العقيدة التي يجب أن يعمرَ بها قلبُك يا مَنْ ترغب في دخول الجنة؛ وهي: أن الله عز وجل ما أنزل كتابًا بغير الإسلام، وأن الله عز وجل ما أرسل رسولاً بغير الإسلام، وأن الدِّين الذي عند الله تعالى ويرضاه، ولا يدخل الجنةَ إلا مَنْ اتبعوه هو دين الإسلام؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلَامُ} [آل عمران:19]، وأن أي إنسانٍ يدين بغير الإسلام فلن يقبله الله منه، ولن يدخله الجنة؛ بل سيدخله جهنم وبئس المصير؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].

أيها الأحبة في الله:  

يجب علينا أن نؤمن بكل رسولٍ أرسله الله تعالى، كما يجب علينا أن نؤمن بكل كتابٍ أنزله الله؛ فنحن نؤمن بنوح، وهود، ويونس، ولوط، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وسائر النبيين كما نؤمن بمحمدٍ، عليهم جميعًا أشرف الصلاة والسلام. ونؤمن بزَبُور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى  عليهم الصلاة والسلام كما نؤمن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآن، وهذا ما أمرنا به الله تعالى في قوله: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136].

فالزبور، والتوراة، والإنجيل، والقرآن، وكل الكتب  نزلت من السماء، من عند الله تعالى، كلُها كانت تدعو لدينٍ واحدٍ هو الإسلام.

وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليهم جميعًا وسلم، وسائر النبيين والرسل الذين أرسلهم الله تعالى كانوا يدعون إلى دينٍ واحد هو دين الإسلام.

فالدين عند الله تعالى دينٌ واحدٌ فقط، هو دين الإسلام؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلَامُ} [آل عمران:19].

ومَنْ جاء في الآخِرة إلى الله بغير الإسلام؛ حرمه الله على الجنة، وأدخله النار؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].

وكما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة، يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلِتُ به؛ إلا كان من أصحاب النار».

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون كما قال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل الجنة إلا نفسٌ مسلمةٌ»، (حديثٌ صحيحٌ، أخرجه مسلم).

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون وحدهم، لا شريك لهم فيها.

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون وحدهم، لا شريك لهم فيها.

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون وحدهم، لا شريك لهم فيها.

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون وحدهم، لا شريك لهم فيها.

فلن يدخل الجنة إلا المسلمون وحدهم، لا شريك لهم فيها.

هذه عقيدتك التي لن تدخل الجنة ولن تشم لها رائحة حتى تعمِّرَ بها قلبك، فإياك أن يُضِلَّك عليها ضالٌّ؛ فتخسر الدنيا والآخِرة، ذلك هو الخسران المبين.

هدانا الله وإياكم الصراط المستقيم.

واستغفروا الله وتوبوا إليه.

الخطبة الثانية:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:

أيها الأخوةٌ الكرام، أيها الأحبة:

لعلنا في هذا الوقت الوجيز علمنا أهم ما ينبغي أن نتعلَّم: علم العقيدة الصحيحة، التي ينجينا الله تعالى بها من النار، ويدخلنا الله تعالى بها الجنة.

وعلمنا أيضًا أهمية طلب العلم الشرعي، وكيف أننا نجهل شيئًا من أمور الدين يكون سببًا في دخول النار والخلود فيها، والحرمان من الجنة  عياذًا بالله تعالى.

إذًا، فلنجتهد في طلب العلم الشرعي، عسى أن يهدينا الله لما فيه سعادتنا في الدنيا والآخِرة.

اللهم تُبْ علينا توبةً تُخرجنا بها من ذنوبنا كيوم ولدتنا أمهاتنا.

اللهم تُبْ علينا توبةً لا تعذِّبنا بها في الدنيا والآخِرة.

اللهم تُبْ علينا توبةً تُصلِح لنا بها الدنيا والآخِرة.

اللهم تُبْ علينا توبةً ترفع بها مَقْتَكَ وغضبك عنَّا.

وآخِر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.


أيمن عبد العظيم الأصبح